إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (988)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز!

    الشيخ: حياكم والله وبارك فيكم!

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: (ح. ف) سوداني من المنطقة الغربية، أخونا له سؤال يقول فيه:

    أعرفكم أنا في كل ليلة جمعة أصلي في الليل تسعاً وأربعين ركعة، ثم في شهر رمضان أصلي تسعاً وتسعين ركعة، أفيدوني عن صلاتي هذه ما حكمها؟ هل أستمر أم توجهوني إلى شيء آخر؟ جزاكم الله خيراً!

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام، بل أطلقها للعباد، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4]، والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام.

    وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فلم يحدد عدداً معلوماً، بل قال: (صلاة الليل مثنى مثنى)، يعني: ثنتين ثنتين، فله أن يصلي عشراً، وله أن يصلي مائة، وله أن يصلي أكثر أو أقل، ثم يختم بركعة واحدة قبل الصبح.

    لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام، مع العناية بإطالة الركوع والسجود والقراءة؛ فهذا أفضل، وإن زاد وصلى عشرين كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر ، مع الإيتار بثلاث الجميع ثلاث وعشرون، أو صلى تسعاً وأربعين، أو ثلاثاً وأربعين، أو إحدى وأربعين، أو أكثر أو أقل، أو تسعاً وتسعين، أو مائة وواحدة، أو أكثر من هذا؛ كل ذلك لا حرج فيه، فإنه يصلي ما يسر الله له، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط، لا في رمضان ولا في غيره، غير محدودة، وليس لأحد أن يحدد شيئاً ما شرعه الله؛ فإن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدد شيئاً في الليل أو النهار بغير حجة شرعية.

    قال الله جل وعلا لأهل الكتاب لما قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة:111]، قال لهم سبحانه: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111].

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد)، متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، أي: مردود، فمن قال: إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة، أو على ثلاث عشرة أو أقل أو أكثر، فليس عنده دليل؛ بل هو غالط في ذلك، لا يجوز تقليده ولا اتباعه في ذلك في هذا الغلط.

    ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله له، يصلي ثلاثاً.. يصلي واحدة.. يصلي خمساً.. يصلي سبعاً.. يصلي تسعاً.. يصلي إحدى عشرة.. يصلي ثلاث عشرة.. يصلي غير ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى)، زاد أهل السنن: (صلاة الليل والنهار)، بإسناد جيد.. (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، وهكذا فهم الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس بعد الأنبياء، قد صلوا ثلاثاً وعشرين، وصلوا أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع، ليس فيه تحديد، هذا هو الحق.

    وأنت أيها السائل! الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بالركود والطمأنينة في الركوع والسجود، وإطالة القراءة والتدبر، هذا هو الأفضل، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك والحمد لله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088791342

    عدد مرات الحفظ

    779067028