السؤال: إني فتاة في التاسعة عشرة من عمري من العراق، أشكو من كثرة الوسواس ومن عدم قدرتي على السيطرة على نفسي من كثرة التفكير والوسواس الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد الكفر، حتى عند أدائي للصلاة وعند قراءتي للقرآن الكريم، وإني دائمة الاستغفار ولكن لا جدوى منه. إني أتعذب من هذا الوسواس فأرشدني أثابك الله؟
الجواب: فإن الوسواس في الغالب يحدث من الفراغ النفسي والفكري، بل والجسمي؛ لأن الإنسان إذا انشغل اهتم بما يشتغل به، فبعد عن الأفكار والوساوس الرديئة. ولكن مع ذلك قد يحدث الوسواس حتى مع وجود ما يشغل الفكر والجسم والنفس، والطريق إلى التخلص منه:
أولاً: عدم الالتفات إليه والاهتمام به:
لا يلتفت إليه المرء ولا يهتم به ولا يجعل له شأناً في نفسه، حتى لو وسوس فليوطن نفسه على أن هذا الأمر ليس بحقيقة، ثم يدع التفكير فيه، وهذه طريقة التخلي، أن يخلي نفسه منه وألا يهتم به ولا يلتفت إليه.
الطريق الثاني للتخلص منه:
أن يستعمل الأسباب المنجية منه، وذلك بكثرة التعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن الوساوس، ويكون حين التعوذ مستشعراً بأمرين:
أحدهما: الافتقار إلى الله تبارك وتعالى الافتقار الكامل من جميع الوجوه؛ بحيث يتبرأ الإنسان في هذه الحال من حوله وقوته، ويفوض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.
الثاني: أن يشعر بأن الله تعالى قادر على إزالة ذلك لأنه:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
[يس:82].
وينبني على هذا الأمر الثاني: قوة الرجاء لله سبحانه وتعالى وحسن الظن به، حتى يتخلص من هذا الداء الذي أصابه في نفسه.
الطريق الثالث للتخلص من هذا الأمر:
أن يكون حين اشتغاله بأمور دينه ودنياه جاداً فيها، بمعنى أن يحضر قلبه عند العمل للعمل، وحينئذ إذا انصرف القلب عن الوساوس والخمول الفكري إلى الجد في العمل والنظر إلى الأمور بعين الجدية، فإن القلب يتحرك وينصرف ويتجه إلى هذه الأعمال، وبذلك ينسى ويزول عنه تلك الوساوس والأفكار الرديئة.
الطريق الرابع للتخلص منه:
أن يعلم بأن هذا الأمر، ولا سيما الوساوس في العقيدة وفيما يتعلق بالله تبارك الله وبأسمائه وصفاته، يعلم أن هذا قد ورد على من هم أكمل منا إيماناً وأرقى منا حالاً وهم الصحابة رضي الله عنهم، وقد شكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرهم أن يستعيذوا بالله وتعالى في ذلك، وأن ينتهوا عنه.
وبهذه الطرق الأربعة التي تحضرني الآن يمكنك أن تتخلصي من هذه الوساوس التي أصابتك، وأسأل الله أن يعافيك منها ويعافي جميع المسلمين.
السؤال: هل الصلاة والأعمال الخيرة التي تقوم بها المرأة السافرة أو غير المحجبة حرام ولا يجازي الله سبحانه وتعالى عليها؟ أي: هل هذه الأعمال الصالحة حرام أم لا؟
الجواب: الأعمال الصالحة عرفنا أنها صالحة، ولا يمكن أن تكون حراماً إذا كانت واردة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن تكون صالحة إلا إذا كانت على المنهج السليم المبني على الأخلاق والمتابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكأن السائلة تقول: هل هذه الأعمال الصالحة تنفع مع عدم الحجاب، هذا هو الظاهر الذي تريد..
فنقول لها: نعم الأعمال الصالحة تنفع مع الأعمال المحرمة، وعلى هذا تكون المحاسبة والموازنة بين الأعمال يوم القيامة، فيعمل الإنسان عملاً صالحاً ويعمل عملاً سيئاً
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
[التوبة:102]، فهي تؤجر على الأعمال الصالحة وتنتفع بها، ولكن لا يجوز لها الإصرار على المعصية، بل يجب عليها أن تتخلص منها، حتى تكون بذلك كاملة، تدع المحرمات وتقوم بما تيسر من المأمورات.
السؤال: هل يجوز للمسافر إذا أراد الخروج من مكانه الذي كان مقيماً فيه أن يقصر ويجمع مثل العصر مع الظهر إلى آخره؟
الجواب: أولاً: المسافر له رخص معلومة وهي قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، فلا يجوز للمسافر أن يقصر إلا إذا خرج من بلده، فمادام في بلده ولو كان عازماً على السفر، ولو كان قد حَّمَل متاعه وعفشه فإنه لا يجوز له أن يقصر حتى يخرج من البلد.
وأما الجمع فإنه ليس من خصائص السفر، بل الجمع تبيحه الحاجة إليه، سواء كان الإنسان في السفر أو كان الإنسان في الحضر.
وعلى هذا فإذا كان الإنسان يعرف أنه لا يمكنه أن يصلي في سفره لكونه مثلاً في طائرة، والطائرة لا يتأتى له أن يصلي فيها، فيقول: سأجمع العصر إلى الظهر حتى لا يبقى علي صلاة إلا المغرب مع العشاء، لنفرض مثلاً: أن سفر الطائرة سيكون ست ساعات وهو الآن في وقت الظهر وهو في بلده، فيجب أن يجمع العصر إلى الظهر، ثم يجمع المغرب إلى العشاء جمع تأخير، يكون في الظهر والعصر جَمَع جمع تقديم، ولو كان في بلده ولا حرج عليه في هذا؛ لأن صلاة العصر في وقته لا يتسنى له وهو في الطائرة ويكون عليه فيه حرج.
وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس وأيضاً من حديث جابر : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر)، وسئل ابن عباس عن ذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته.
فعلى هذا نقول: هذا الرجل الذي يلحقه حرج بترك الجمع له أن يجمع، ولكنه لا يقصر الصلاة لأنه لم يخرج من بلده.
السؤال: إذا أردت أن أقيم في مكان يومين أو ثلاثة هل يجوز لي أقصر وأجمع؟
الجواب: إذا كنت تريد أن تبقى في مكان وأنت على سفرك مدة يومين أو ثلاثة، فلا حرج عليك أن تقصر، بل هو أفضل لك من الإتمام.
وأما الجمع فهو جائز لك، ولكن الأفضل عدمه حيث لا حاجة.
إلا أننا نقول: إذا كنت مقيماً في بلد وأنت تسمع النداء فلابد أن تجيبه، ما لم يكن في ذلك حرج عليك وتضيق في سفرك، فلا حرج أن تصلي في رحلك. وإلا فمادمت تسمع النداء فيجب عليك الحضور وتصلي مع المسلمين تماماً بدون جمع.