السؤال: نحن من البدو ولكننا غير متنقلين بل مقيمون بوادي، وبه مقبرة قديمة لا زال يقبر فيها حتى وقتنا الحاضر، وهي على الطريق بين ضلعين يقسمها طريق للسيارات بحيث تصبح نصفين وهي مقبرة واحدة، ويتخللها أيضاً بعض الطرق الصغيرة للمواشي وللسير على الأقدام وقد فتحنا طريقاً للسيارات، ولم نستطع أن نصرف الناس الذين يسكنون في هذا الوادي من استعمال تلك الطرق المذكورة لعدم استجابتهم لنصائحنا المتكررة، كذلك الحيوانات تسير عليها كل وقت كالبقر والغنم وغيرها، فكيف التخلص من هذه المشكلة عندما نسير عليها كل وقت؟ هل نأثم بذلك أم لا؟
الجواب: قبل الجواب على سؤال الأخ أود أن أبين أن لأصحاب القبور حقوقاً لأنهم مسلمون، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يوطأ على القبر وأن يجلس عليه، وقال: ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده خير له من أن يجلس على القبر )، وكما نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن امتهان القبور فإنه نهى أيضاً عن تعظيمها بما يفضي إلى الغلو والشرك، فنهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه.
وهذه القضية التي ذكرها السائل عن هذه المقبرة القديمة التي أصبحت ممراً وطريقاً للمشاة والسيارات ومرعىً للبقر والمواشي يجب عليهم أن يرفعوا أمرها إلى ولاة الأمور لاتخاذ اللازم في حمايتها وصيانتها وفتح طرق حولها يعبر الناس منها إلى الجهات الأخرى، والحكومة وفقها الله لا تقصر في هذا الأمر، وعلى الرعية أن يبينوا للحكومة ما يكون فيه مصلحة الإسلام والمسلمين ليكونوا متعاونين على البر والتقوى.
السؤال: هناك امرأة قريبة لي كانت تسكن في بيتنا وعندها أملاك ورثتها عن والدها ووالدتها وزوجها وأولادها المتوفين، وقد أمرتني أن أبحث لها عن موضعين يكون ريعهما وقفاً لإعادة بناء مسجد قديم مهدم، وقد عينت الموقعين، وحينما أرادت الذهاب لمشاهدتهما والتوقيع على المستندات الخاصة بذلك حصل لها حادث سيارة توفيت على إثره، فهل يلزم ورثتها الوفاء بهذا الوقف، ففيهم من يعارض ذلك، وأشدهم معارضة زوج ابنتها، فهل يملك ذلك؟ وهل يلزم موافقتهم على إتمام الوقف أم يؤخذ من تركتها رغماً عنهم وإن لم يكن لدي شهود على إيقافها آنذاك؟
الجواب: حسب ما ذكره السائل أنه لم يتم الوقف حتى الآن بأن الوقف يتوقف على مشاهدتها للمكان وعلى تنفيذها له، وهذا الأمر لم يحصل، وعليه؛ فإن ذلك يكون ملكاً للورثة إن كان قد تم شراؤه، وإن لم يتم شراؤه فإن الأمر فيه واضح، ولكن ينبغي للورثة في مثل هذه الحال أن يوافقوا على ما نوته هذه الميتة التي ورثوا المال من قبلها لأجل أن يكون النفع لها بعد مماتها فيما نوته من التقرب إلى الله تعالى بمالها.
أما إذا كانت المرأة هذه قد وكلته بالشراء والتوقيف فاشتراه ووقفه وتوقف الأمر على مشاهدتها للاطمئنان فقط فإن الوقف حينئذٍ يكون نافذاً ولا حق لأحد في المعارضة فيه لأنه قد تم بواسطة التوكيل لهذا الوكيل المفوض والذي أمضى ما وكل فيه إلا أنه أراد أن تطمئن هذه الموقفة على المكان الذي عينه ونفذ فيه الوقف.
مداخلة: لو فرضنا أن المضي في إثبات الوقف كان يترتب على زيارتها تلك فوافق الورثة جميعهم ما عدا زوج هذه البنت، هل يملك الحق في المعارضة؟
الشيخ: زوج البنت لا يملك الحق في المعارضة، لأنه لا حق له في هذا المال، وإنما الحق لزوجته لأنها ابنة المتوفاة، وزوجته أيضاً لا يلزمها طاعته في هذا الأمر، أي: لو قال لها: لا تنفذي هذا فإنه لا يلزمها طاعته فيه؛ لأن الزوجة حرة في مالها، وليس محجوراً عليها فيه، بل هي تتصرف فيه كما شاءت إذا كانت رشيدة، وإذا لم يثبت ما ذكر ببينة -أي: ما ذكره السائل من أن هذه المرأة وكلته على الحصول على أرض توقفها إذا لم يثبت هذا ببينة- فإنه لابد من تصديق الورثة لدعوى هذا الوكيل، فإن لم يصدقوه لم يثبت شيء.