إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [288]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: أريد أن أؤدي العمرة، ما هي شروط العمرة؟ وهل من الممكن أن أهبها لروح والدي المتوفى؟

    الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    العمرة من شعائر الله عز وجل: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، ولها واجبات وأركان.

    وصفتها: أن الإنسان إذا وصل إلى الميقات اغتسل كما يغتسل للجنابة، ولبس إزاراً ورداءً، والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين، وتطيب في رأسه ولحيته دون إزاره وردائه، وقال: لبيك اللهم عمرة، لبيك اللهم لك لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ولا يزال يلبي حتى يشرع في الطواف، فإذا وصل إلى المسجد الحرام دخله مقدماً رجله اليمنى قائلاً: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. ثم يتقدم إلى الحجر الأسود فيستلمه بيده اليمني -أي: يمسحه ويقبله-، وهذا إن تيسر، فإن لم تيسر فإنه يشير إليه، ثم يجعل الكعبة عن يساره ويطوف سبعة أشواط، يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى منها، والرمل أن يسرع في المشي مع مقاربة الخطى بدون أن يهز الكتفين، ويضطبع في جميع الطواف في كل الأشواط، وصفة الاضطباع أن يخرج كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر، وهذا الاضطباع لا يشرع إلا في الطواف فقط، وليس مشروعاً من حين الإحرام كما يظنه العامة، بل إذا شرعت في الطواف فاضطبع إلى أن تنتهي منه فقط، وفي طوافك تدعو بما شئت، وتذكر الله عز وجل، إلا أنك إذا مررت بالحجر الأسود تكبر كلما مررت به، وتقول بينه وبين الركن اليماني: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

    وقد شاع عند كثير من الناس كتيبات فيها أدعية مخصوصة لكل شوط، وهذه الأدعية المخصوصة لكل شوط ليست من السنة، بل هي بدعة، فلا ننصحك بها، بل ادع الله سبحانه وتعالى بحاجتك التي في قلبك، والتي تريدها أنت وتعرف معناها، وتتضرع إلى الله عز وجل في تحقيقها، أما هذه الأدعية المكتوبة فإن كثيراً من الناس يتلوها وكأنها حروف هجائية لا يعرف معناها أبداً.

    فإذا فرغت من الطواف فصل ركعتين خلف مقام إبراهيم قريباً منه إن تيسر، وإلا ولو بعيداً، تقرأ في الركعة الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]. بعد الفاتحة، وفي الثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، بعد الفاتحة، وتخفف هاتين الركعتين، ولا تجلس بعدها بل تنصرف إلى المسعى.

    واعلم أنه ليس هناك دعاء عند مقام إبراهيم؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغت من الركعتين فاتجه إلى المسعى، فإذا قربت من الصفا فاقرأ قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]. أبدأ بما بدأ الله به، ثم اصعد إلى الصفا واستقبل القبلة وارفع يديك كبر واحمد الله، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثم ادع الله بما شئت، وأنت لا تزال واقفاً على الصفا، ثم أعد الذكر مرة أخرى، ثم أعد الذكر مرة ثالثة، ثم انصرف إلى المروة تمشي مشياً معتاداً إلى أن تصل إلى العلم الأخضر -العمود الأخضر-، فإذا وصلت إلى هذا العمود الأخضر فاسع -يعني: اركض ركضاً شديداً-، بشرط أن لا تؤذي أحداً حتى تصل إلى العلم الأخضر الثاني، ثم تمشي مشياً معتاداً إلى المروة، فإذا وصلت المروة فإنك تقول مثل ما قلت على الصفا، هذا شوط، فإذا رجعت من المروة إلى الصفا فهو شوط آخر، فإذا أتممت سبعة أشواط فقد تم السعي، وحينئذٍ تحلق رأسك أو تقصره، ويكون التقصير شاملاً لكل الرأس وليس لجزء منه أو لشعيرات منه، وبهذا تمت العمرة وحللت منها، فألبس ثيابك.

    فإن رجعت إلى بلدك من فورك فلا وداع عليك، وإن تأخرت في مكة فلا تخرج من مكة حتى تطوف للوداع بدون سعي، تطوف للوداع بدون سعي وعليك ثيابك، لا تحتاج إلى ثياب الإحرام في هذه الحال، وتخرج، وتجعل طواف الوداع آخر أمورك، هذه صفة العمرة.

    قال أهل العلم: وأركانها: الإحرام، والطواف، والسعي. وواجباتها: أن يكون الإحرام من الميقات، والحلق أو التقصير.

    وقول السائل: هل يجوز أن أهدي العمرة إلى روح أبي؟ نقول في جوابه: إن كنت قد أديت العمرة عن نفسك فلا حرج عليك أن تجعل العمرة لأبيك، وإن كنت لم تؤدها عن نفسك فأبدأ بنفسك أولاً. على أننا نقول: إذا لم تكن العمرة واجبة على أبيك فالأفضل أن تدعو لأبيك وأن تجعل العمرة لك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى الدعاء دون هبة الثواب، فقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ). ولم يقل صلى الله عليه وسلم: أو ولد صالح يعتمر له، أو يحج له، أو يصوم له، أو يصلي له، ولو كان هذا أفضل لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يدع خيراً يعلمه إلا دل أمته عليه، لكمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه وشفقته على أمته، وأنت سوف تحتاج إلى العمل، بل أنت محتاج إلى العمل حتى في الدنيا؛ لأن في العمل صلاح القلب واستنارته وزيادة الخير، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17]. وقال الله عز وجل: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا [مريم:76]. فاجعل الأعمال الصالحة لنفسك، ولمن تحب اجعل له الدعاء، فهذا هو الأحسن والأفضل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088455155

    عدد مرات الحفظ

    776835586