الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن هذا سؤالٌ عظيمٌ جداً يحتاج الجواب فيه إلى أمرين:
الأمر الأول: توجيه النصيحة إلى أهليكم الذين وصفتموهم بهذه الأوصاف التي لا ينبغي أن تكون ممن ينتسب إلى الإسلام؛ من ترك الصلاة والنهي عن المعروف، وغير ذلك مما ذكرتم في السؤال:
إن نصيحتي إلى هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل ويخافوه، ويرجعوا إلى دينهم الذي ينتسبون إليه، فهم ينتسبون إلى الإسلام، والمسلم يجب أن يستسلم لله تعالى ظاهراً وباطناً، بالإخلاص له، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أهم ذلك الصلاة التي هي عمود الدين، والتي لا دين للإنسان إلا بها، فإن الصلاة هي العمود لهذا الدين الإسلامي، ومن المعلوم أن العمود إذا سقط سقط البناء الذي يحمله هذا العمود، ولهذا جاءت النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم بأن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة.
فمن أدلة ذلك في كتاب الله قوله تعالى في المشركين: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة:11]، فاشترط الله سبحانه وتعالى للأخوة في الدين هذه الشروط الثلاثة: التوبة من الشرك وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن المعلوم أنه إذا تخلف الشرط تخلف المشروط، ومن المعلوم أيضاً أن الأخوة في الدين لا تنتفي إلا إذا خرج الإنسان من الدين بالكلية؛ لأن الأخوة في الدين لا ينفيها الفسق والمعاصي ولو عظمت، فها هو قتل المؤمن عمداً من أكبر الكبائر، ومع ذلك لا تنتفي به الأخوة الدينية، قال الله سبحانه وتعالى في آية القصاص: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178]، فجعل الله سبحانه وتعالى القاتل أخاً للمقتول مع عظم جريمته، وكونها من أكبر الكبائر.
وقال الله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:9-10]، فجعل الله تعالى الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين إخوةً للطائفة الثالثة المصلحة بينهما، مع عظم اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض.
وأما السنة فمن أدلتها قوله صلى الله عليه وسلم فيما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ).
وفيما رواه أهل السنن من حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ).
ففي هذين الحديثين نصٌ واضح على أن تارك الصلاة كافر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها حداً فاصلاً بين الإيمان والكفر، ومن المعلوم أن الحد يميز بين المحدودين، ويخرج أحدهما من الآخر فلا يتداخلان، وهذا واضحٌ جداً في أن المراد بالكفر المذكور في الحديثين الكفر المخرج عن الملة؛ لأن الكفر الذي دون الإخراج من الملة لا يكون فاصلاً بين الإيمان والكفر، إذ قد يجتمع في الإنسان خصالٌ من الكفر وخصالٌ من الإيمان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة ).
وأما الآثار عن الصحابة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. و(حظ) بمعنى: نصيب، وهو هنا واقعٌ بعد (لا) النافية للجنس الدالة بنفيها على انتفاء مدخولها انتفاءً كاملاً، وإذا انتفى النصيب انتفاءً كاملاً من الإسلام لمن ترك الصلاة، لم يبقَ إلا أن يكون كافراً.
بل قد قال عبد الله بن شقيق أحد التابعين المشهورين: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفرٌ غير الصلاة. ومثل هذه الصيغة تقتضي حكاية الإجماع منهم.
ثم إن المعنى والقياس والنظر الصحيح يقتضي ذلك، أي يقتضي أن يكون تارك الصلاة كافراً بالله عز وجل كفراً مخرجاً عن الملة، جاعلاً الإنسان من أهل الردة والعياذ بالله؛ وذلك لأن من عرف عظم شأن الصلوات وأهميتها عند الله عز وجل، وعرف ثواب من حافظ عليه وعقاب من استهان بها، فإنه لا يمكنه أن يدعها وفي قلبه شيءٌ من الإيمان بالله عز وجل، وليس الإيمان مجرد الاعتراف بوجود الله عز وجل، وأنه هو الخالق الرازق، فإن هذا الاعتراف موجودٌ في المشركين الذين استحقوا النار، وحرموا من دخول الجنة، فإن الله تعالى يقول عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] ، ولم ينكروا شيئاً من أفعال الله عز وجل التي لا يفعلها إلا هو، فهم مقرون بالله، مقرون بربوبيته، ومع ذلك فهم كفار، فهذا الذي يدعي بأنه مؤمن وهو تاركٌ للصلاة، لأنه يقر بالله عز وجل، نقول له: إن هذا الإقرار لا ينفعك؛ لأنه لا بد في الإيمان من القبول والانقياد والإذعان، ومن لم يذعن الله تعالى في أعظم الأعمال البدنية وهي الصلاة، فكيف يقال: إنه مؤمن؟!
وعلى هذا فنقول لهؤلاء الذين وصفوا في السؤال: اتقوا الله عز وجل في أنفسكم، ارجعوا إلى دينكم، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان وحجوا بيت الله، واستعينوا بالله عز وجل على القيام بهذه الطاعات، وأنتم إذا صدقتم النية وصممتم وعزمتم واستعنتم بالله عز وجل، فإن الله تعالى ييسر لكم الأمور، أما إذا أبيتم واستكبرتم وتركتم ما أمر الله به، وما فرض الله عليكم، فلم تعانوا على هذا على طاعات الله أبداً؛ لأن الله يقول: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [الصف:5].
ومن المعلوم أننا لو سألناكم وقلنا: أتحبون أن تكونوا بعد الموت من أهل الجنة التي عرضها السموات والأرض، والتي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، والتي يحل فيها رب العزة رضوانه على أهلها فلا يسخط عليهم أبداً، والتي ينظر فيها أهل الجنة إلى الله عز وجل كما يشاء الله تعالى؟
لو خيرتم بين أن تكونوا من أهل هذه الدار أو من دارٍ عذابها عظيم أليم شديد، يصلى أهلها ناراً، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب، وإذا استغاثوا أُغيثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه، يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22]!
لو خيرتم بين هاتين الدارين لاخترتم -إن كنتم عقلاء- أن تكونوا من أهل الدار الأولى، ولا يمكن أن تحصلوا على هذه الأمنية وهذا الاختيار إلا إذا قمتم بما أمركم الله به ورسوله.
فعليكم أن تتقوا الله عز وجل، فإن أبيتم إلا الإصرار على ما أنتم عليه من ترك الصلاة وانتهاك الحرمات، فاحذروا أن تعتدوا على غيركم من عباد الله عز وجل بمنعه من طاعة الله، ومنعه من أسباب سعادته، ومنعه من المعروف، فتكونون ممن قال الله فهم: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67].
لا تعتدوا على عباد الله بمنعهم من الصلاة أو الصيام أو الصدقة أو طلب العلم أو غير ذلك، فإن هذا عدوانٌ منكم وظلمٌ لهم.
هذا هو الأمر الأول الذي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يصل إلى مسامع أهليكم، وأن ينفعهم بذلك، وأن يجعلنا وإياهم من عباد الله الصالحين المخلصين الذين ليس للشيطان سلطانٌ عليهم وعلى ربهم يتوكلون.
أما بالنسبة لكم، فعليكم أن تصبروا وأن تحتسبوا الأجر من الله، وأن تنتظروا الفرج منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ).
وإذا نهوكم عن شيء من المعروف، كالصيام والصلاة، فإنه لا تجب عليكم طاعتهم؛ لأنكم إذا قمتم بذلك قمتم بشيء نافعٍ لكم غير ضارٍ لهم، والوالدان لا تجب طاعتهما في أمرٍ ينفع الولد ولا يضر الوالد؛ لأن كونهما ينهيان عن أمرٍ ينفع الولد ولا يضرهما دليلٌ على أنهما إنما أرادا بذلك الإضرار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ضرر ولا ضرار ).
نعم ينبغي لكم أن تداروهم بأن تحرصوا على كتمان ما تفعلون من الخير عنهم، حتى لا يحصل بذلك جفاءٌ وبغضاءٌ وعداوة بينكم.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يجعل فيهم الخير والبركة والدلالة على الرشد، إنه جوادٌ كريم.
الجواب: الذي ينبغي للخاطب الذي يريد خطبة امرأة أن ينظر إليها نفسها لا إلى أهلها وأوليائها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
ولم يقل صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لدين أهلها وأوليائها! ومن المعلوم أن الله عز وجل يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، وأنه قد يخرج من القوم الفاسقين من هم من أعدل الناس وأقوم الناس لدين الله، بل قد يخرج من الكافرين من هم مؤمنون بالله ورسوله، وهاهم الرجال الذين أسلموا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ممن كان آباؤهم من المشركين، أسلموا وحسن إسلامهم، وصار فيهم مصلحة عظيمة للإسلام والمسلمين.
فأنصح إخواني من الذين يريدون الزواج من امرأةٍ صالحة أن لا يهتموا بأهلها وأوليائها، فإن صلاحهم لأنفسهم وفسادهم على أنفسهم، المهم أن تكون المرأة التي يريد الزواج بها صالحة، فإذا كانت صالحة فليقدم على خطبتها، وليستعن بالله عز وجل.
ولكن هنا عقبةٌ قد تعترض، وهو أن بعض الأولياء إذا تقدم إليهم رجلٌ صالح تريده المرأة ويريدها، أبوا أن يزوجوها؛ لأنهم يريدون أن يزوجوها من كان على شاكلتهم من الفسق، وفي هذه الحال نقول لهؤلاء الأولياء:
إن هذا حرامٌ عليكم، وإنكم آثمون ومعتدون؛ ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه )، ولأن الزواج حقٌ للمرأة نفسها ليس لأوليائها فيه في حق، هي التي تريد أن تتزوج، هي التي تريد أن تخالط هذا الرجل وليس إياكم، فعليكم أن تتقوا الله عز وجل، وأن لا تمنعوهن من تقدم إليهن من الأكفاء في دينه وخلقه.
وإذا قدر أن الولي الأقرب امتنع أن يزوجها خاطباً كفؤاً لها في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل منه إلى من يليه من الأولياء، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو المعروف عند الناس، لا يحب أحدٌ أن يتقدم على من هو أولى منه لتزويج ابنته أو ما أشبه ذلك؛ إن أبوا فقال الأخ مثلاً: لن أزوج أختي مع وجود أبي، وقال العم: لن أزوج ابنة أخي مع وجود أخي، وما أشبه ذلك، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، وعلى الحاكم الشرعي أن يزوجها من خطبها ممن تريده، وهو كفؤٌ في دينه وخلقه، لكن ينبغي للحاكم الشرعي قبل أن يتقدم بتزويجها أن يخاطب أولى أوليائها بالتزويج ويقول له: زوجها، فإن أبى فليخاطب من يليه، حتى إذا لم يقدم أحدٌ على تزويجها فإنه يجب عليه -أي على القاضي الحاكم الشرعي- أن يزوجها، ولا يمكن أن تترك هؤلاء النساء الطيبات المؤمنات بدون زواج بسبب احتكار أوليائهن، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعين كل من يريد الخير، وكل من كان يريد الإصلاح على ما أراد، وأن يكفينا جميعاً شر أشرارنا.
الجواب: رأينا في هذه القضية أن هذا لا أصل له، فإن مرض الزوجة أو الزوج وفقد الأولاد لا يترتب على عدم صحة النكاح، والواجب أن ينظر في عقد النكاح، سواءٌ حصل مثل هذا المرض والفقد للأولاد أم لم يحصل، الواجب أن ينظر فيه إذا كان الإنسان في شكٍ منه، فإن كان مطابقاً للشريعة فلا حاجة لإعادته، وإن كان مخالفاً للشريعة بأن عقد في زمن الجهل على وجهٍ ليس بصحيح، فإنه يعاد العقد، وتبقى زوجة له بدون طلاق، هذا رأينا في هذه المسألة.
وأما مسألة الطلاق بلا نية، فهذه مسألةٌ فيها خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من يقول: يشترط لوقوع الطلاق أن يكون منوياً من قبل الزوج، فإن أطلق الكلمة -أعني قوله: أنت طالق- بدون أن ينوي الطلاق فإنه لا يقع الطلاق.
وقال بعض أهل العلم: يقع الطلاق ما لم يرد غيره، فإن أراد غيره فإنه لا يقع، أي: أنه إذا قال لزوجته: أنت طالقٌ طلقت، إلا أن يريد غير الطلاق، بأن يريد بقوله: أنت طالقٌ، أي: طالقٌ من قيد من وثاق وما أشبه ذلك، فإنها لا تطلق، وفي هذه الحال لو حاكمته إلى القاضي فإن القاضي سيحكم بمقتضى هذا اللفظ وهو طلاق الزوجة؛ لأن القاضي إنما يقضي بنحو ما يسمع.
فإذا وقعت مشكلة بين الزوج والزوجة بأن قال الزوج: لم أرد الطلاق، وهذا يقع أحياناً فيما إذا أصرت الزوجة على الزوج بأن يطلقها، وطلبت منه الطلاق وأصرت على ذلك، فإن بعض الأزواج يقول لها: أنت طالق. ويريد أنت طالق أي: أنت غير مقيدة بالحبال وموثقة بها، فيقع هنا إشكالٌ بين الزوجين، هي تقول: إنك طلقت، وهو يقول: أنا لم أنو الطلاق، فهل الأولى أن ترافع الزوجة زوجها إلى الحاكم، أو الأولى أن تأخذ بنيته وتصدقه فلا يقع الطلاق، أو الأولى أن تصدقه وتأخذ بما نوى فلا يقع الطلاق؟
نقول: إذا كانت المرأة تعرف من زوجها أنه مؤمن متق لله عز وجل، لا يدعي خلاف الواقع، فإنه لا يجوز لها أن ترافعه إلى القاضي، أما إذا كانت تعرف أن زوجها ضعيف الإيمان، ضعيف الخوف من الله عز وجل، لا يهمه أن تكون زوجته حلاً له أم حراما عليه، ففي هذه الحال يجب عيها أن ترافعه إلى القاضي ليحكم القاضي بالفراق؛ لأن القاضي كما أسلفت ليس أمامه إلا ما يظهر من كلام الزوج؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما أقضي بنحو ما أسمع).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر