إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [392]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: إذا حلف الإنسان, قائلاً: عليّ عهد الله أن أفعل كذا, أو عليّ نذر لله أن أفعل كذا, ثم حنث, ولم يف بهذا العهد, هل عليه كفارة؟ وما هي؟

    الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه إلى أن النذر الذي يلتزم به الإنسان مكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه, وقال: (إنه لا يأتي بخير, وإنما يستخرج به من البخيل ) حتى إن من أهل العلم من قال: إن النذر محرم؛ لأن الإنسان يلزم نفسه بما لا يلزمه, فيشق على نفسه, وربما يتأخر عن إيفائه, فيعرض نفسه للعقاب العظيم الذي ذكره الله تعالى في قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77].

    وقد أشار الله عز وجل إلى كراهة النذر وإلزام الإنسان نفسه, فقال تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53] ثم إننا نسمع دائماً عن أناس نذوراً معلقة على شرط من الشروط, كأن يقول: إن شفى الله مريضي, فلله علي نذر أن أصوم كذا, أو أن أتصدق بكذا, أو إن شفاني الله, أو ما أشبه ذلك ثم يحصل له ما علق النذر عليه, ولا يفي به، وهذا كما أشرت إليه آنفاً, تعريض من الإنسان لنفسه أن يقع في هذه العقوبة العظيمة, أن يعاقبه الله نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، وإذا ابتلي الإنسان فنذر, فإن كان النذر نذر طاعة, فإنه يجب عليه الوفاء به, ولا يحل له أن يدعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه )، ولا فرق بين أن يكون النذر طاعة واجبة, كأن يقول الإنسان مثلاً: لله عليّ نذر أن أؤدي زكاتي, أو نذر طاعة مستحبة, كأن يقول: لله عليّ نذر أن أصلي ركعتين، ولا فرق بين أن يكون هذا النذر مطلقاً غير معلق بشيء, أو يكون معلقاً بشيء.

    فالأول: كأن يقول: لله عليّ نذر أن أصوم الإثنين والخميس, والثاني: أن يقول: إن شفى الله مريضي, أو إن شفاني الله فلله عليّ نذر أن أصوم الإثنين والخميس.

    وعلى كل حال فإن كل نذر طاعة فإنه يجب عليه الوفاء به, ولا يحل له أن يدعه ويكفر, ولو فعل كان آثماً، أما إذا كان النذر غير طاعة, فإن كان نذر معصية, فإنه لا يجوز الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، ولكنه يجب عليه كفارة يمين, كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كفارة النذر كفارة يمين ) وهذا عام, فكل نذر لا تفي به, فإن عليك فيه كفارة يمين، وكفارة اليمين بينها الله تعالى في قوله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]. وهذه الثلاثة على التخيير فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، وبناء على هذه القاعدة؛ يلزم على السائل الذي قال: لله علي نذر أن أفعل كذا وكذا ولم يفعله, يلزمه أن يكفر كفارة يمين, فيطعم عشرة مساكين, أو يكسوهم, أو يعتق رقبة، والإطعام كيفيتان:

    الكيفية الأولى: أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً, ويدعو إليه عشرة مساكين فيأكلوه, والثانية: أن يفرق عليهم طعاماً, كالرز مثلاً ويحسن أن يجعل معه لحماً يؤدمه, حتى يكون إطعاماً ومقدار الواجب من الأرز إذا أراد أن يفرقه بدون طبخ, مقدار ربع صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم, وهو خمس صاع بصاعنا الموجود حالياً, ولو أخرج إنسان للعشرة عشرة كيلو، لكل واحد كيلو لكان أدى الواجب وزيادة، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088458745

    عدد مرات الحفظ

    776850494