إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [510]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟ وأيهما الذي يقدم؟

    الجواب: الخوف والرجاء كلاهما من العبادات العظيمة التي تحمل المرء على الاستقامة، فبالخوف يكون الفرار من المعاصي، وبالرجاء يكون الإقدام على الطاعات؛ لأن الإنسان كلما قوي رجاؤه بالله عز وجل حسن ظنه بالله سبحانه وتعالى، وزاد نشاطاً في طاعة الله، وكلما قوي خوفه من الله عز وجل ازداد كراهةً لما يكرهه الله عز وجل فتجنب المعصية، وقد اختلف علماء أرباب السلوك: أيهما أفضل أن يقدم الإنسان: الرجاء، أو يقدم الخوف؟

    فقال بعض العلماء: إنه ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه على حد سواء، قال الإمام أحمد رحمه الله: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواءً، فأيهما غلب هلك صاحبه.

    وقال بعض أهل العلم: بل الأفضل أن يقدم الرجاء؛ لأن الرجاء يحمل على حسن الظن بالله، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ( أنا عند ظن عبدي بي )، وقال بعض العلماء: ينبغي أن يقدم الخوف؛ لأنه أشد تأثيراً على النفس في عدم المخالفة، وقال بعض العلماء: ينبغي أن يقدم الخوف إذا كان صحيحاً؛ حتى يحمله على ترك المحرمات، وعلى التزام الواجبات، وفي حال المرض يقدم الرجاء ليموت وهو محسن الظن بالله عز وجل.

    وقال بعض أهل العلم: يقدم الرجاء عند فعل الطاعة ليحسن الظن بالله عز وجل في قبولها وعدم ردها، ويقدم الخوف إذا حدثت نفسه بالمعصية حتى يهرب منها ولا يفعلها.

    وهذه الأقوال كلها تلحظ جانباً من جوانب سلوك المرء ومعاملته لربه عز وجل، والذي يظهر لي أنه إن لم نقل: بأنه يقدم الرجاء إذا فعل الطاعة والخوف إذا هم بالمعصية، إذا لم نقل بذلك فإننا نقول: عامل نفسك بما تقتضيه الحال، ففي بعض الأحيان قد يكون الرجاء أفضل، وفي بعض الأحيان قد يكون الخوف أفضل، والإنسان طبيب نفسه، هذا الذي يظهر في هذه المناسبة، ولكن المهم أنه يجب على الإنسان أن يكون دائماً خائفاً راجياً؛ حتى يستقيم على دين الله عز وجل على الوجه الذي أراد الله منه؛ لأنه إن غلب الرجاء فإنه يخشى عليه أن يأمن من مكر الله، فيستمر في المعاصي وهو يقول: يغفر الله لي، والله غفور رحيم، والله واسع المغفرة، وما أشبه ذلك من اتخاذ الأماني على الله عز وجل، وربما يستدرج من حيث لا يعلم والعياذ بالله.

    وإن غلب الخوف خيف عليه أن يقع في القنوط من رحمة الله فييأس ويستحسر، ويقول: إنه هلك ولا حاجة أن يعمل، ولا حاجة أن يتقرب إلى الله، وما أشبه ذلك من القنوط من رحمة الله، فعلى المرء أن يكون دائماً ملاحقاً نفسه ملاحظاً قلبه، وأن يسد القلب عن كل ما يهواه إذا لم يكن في طاعة مولاه، نسأل الله لنا ولكم التوفيق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088452896

    عدد مرات الحفظ

    776826063