إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [561]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: لقد تركت والدي ووالدتي منذ زمن، وذلك للأسباب التالية؛ أولاً -وهو المهم- لأن إخواني جميعهم شباب بالغين، ولكنهم لا يصلون، وكل أمور اللهو المفسدة عندهم موجودة، وقد نصحهم أبي وأمي ونصحت لهم أنا ولكن لا فائدة من ذلك، ثانياً: إنني أريد أن أتزوج إن شاء الله قريباً، والبيت صغير جداً، يقولون كما تعلمون: لا يجوز أن تكشف زوجتي لإخواني، هل أنا آثم حين تركت والدي ووالدتي؟ وإذا كنت آثماً ماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أوجه نصيحة إلى إخوان السائل، الذين وصفهم بأنهم لا يصلون، وأن جميع آلات اللهو الفاسدة عندهم، أقول لهم: هداهم الله، إنكم لم تخلقوا في هذه الدنيا عبثاً تتمتعون كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقتم لعبادة الله سبحانه وتعالى، وأجل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة الصلاة، فإنها عمود الإسلام، ومن أقامها وحفظها حفظ الله عليه دينه، وكانت سبباً في حفظه من الفحشاء والمنكر، لقول الله تبارك وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، وإضاعتها من أسباب الغي والهلاك والشقاء، وإضاعتها كفر مخرج من الملة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، وإضاعتها سبب لضيق النفس وضيق الصدر وضيق الرزق، ولهذا قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]، وإضاعتها سبب لإضاعة غيرها من العبادات؛ لأن من أضاع صلاته مع أهميتها وخفتها وقلتها، فهو لما سواها أضيع، وإضاعتها بتركها بالكلية سبب لرد الأعمال الصالحة سواها، وذلك أن الكافر لا يقبل له عمل صالح حتى يؤمن، فلو قدر أن هذا الرجل التارك للصلاة صام أو تصدق أو حج أو اعتمر، فإن صيامه وصدقته وحجه وعمرته لا تقبل منه، لقول الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54]، فأقول لهؤلاء الذين ذكر عنهم أخوهم ما ذكر: اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أمكم وأبيكم وأخيكم، اتقوا الله في مجتمعكم؛ لأن معاصيكم قد تكون شؤماً على المجتمع كله، لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:25].

    ثم بعد ذلك أقول للسائل: إذا كان لا يمكنك تغيير المنكر في البيت، ولا التخلص منه، بحيث يكون البيت صغيراً ولا يمكنك أن تنفرد بحجرة أو غرفة، فإن الواجب عليك أن تخرج من البيت، سواء تزوجت أم لم تتزوج، وأما إذا كان بقاؤك في البيت يمكنك أن تتخلص من المنكر، ويكون بقاؤك تخفيفاً وتوسعة لصدر أبيك وأمك فابق في البيت، وخفف المنكر ما استطعت، وربما يكون في مداومة نصيحتك لإخوانك ما يزول به المنكر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089197955

    عدد مرات الحفظ

    782701548