إسلام ويب

المرابطون في بيوت الله [9] - تعريف الخوف ومنزلتهللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الخوف من الله من أعظم صفات من يعمرون بيوته حيث قال الله فيهم: (يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)، وقد كان الصحابة والتابعون أعرف الناس بالله وأشد الناس خوفاً منه. ثم إن منزلة الخوف في الإسلام عظيمة، وقد جمع الشرع بين الخوف والرجاء والمحبة؛ لكي لا يقنط الناس من رحمة الله، وتعتبر هذه الثلاثة الأمور أركان العبادة التي تقوم عليها. ثم إن الأدلة قد وردت بحرمة صرف الخوف لغير الله؛ لأنه من العبادة.
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهد الله فهو المهتدي, ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.

    اللهم لك الحمد كله, ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله, أنت رب الطيبين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين, وخالق الخلق أجمعين ورازقهم, وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله, أرسله الله رحمةً للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً, فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71] .

    أما بعد: معشر الإخوة المؤمنين! إن أفضل بقاع الأرض وأحبها إلى الله جل وعلا المساجد, ففيها نوره وهداه، وإليها يأوي الموحدون المهتدون, وقد نعت الله الذين يعمرونها بأنهم رجال لا تلهيهم البيوع والتجارات عن الغاية التي خلقهم من أجلها رب الأرض والسماوات, وهم الذين يصلون لله, ويذكرونه في الغدو والعشيات, وهم الذين يحسنون إلى عباد الله, ويشفقون على المخلوقات, وهم الذين يبذلون ما في وسعهم استعداداً للقاء ربهم.

    قال الله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37] .

    إخوتي الكرام! قد عشنا في نور هذه الآية الكريمة وقفات متعددة, وتدارسنا الصفات الثلاث الأولى من صفات هؤلاء الرجال الأبرار.

    فتدارسنا الصفة الأولى وهي: لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ [النور:37] .

    وتدارسنا الصفة الثانية لهم وهي: يذكرون الله, عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ [النور:37].

    وتدارسنا الصفة الثالثة لهم وهي: وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:37].

    وبقيت الصفة الرابعة لهؤلاء العباد الطيبين وهي: يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:37].

    فهذه الصفات التي نعت الله بها من يعمرون بيوته في هذه الحياة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089154539

    عدد مرات الحفظ

    782239619