إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد الرحيم الطحان
  5. المرابطون في بيوت الله
  6. المرابطون في بيوت الله [14] - التفريط في جنب الله في باب المأمورات

المرابطون في بيوت الله [14] - التفريط في جنب الله في باب المأموراتللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن قيام العبد بكل المأمورات واجتنابه لجميع المنهيات لا يخرجه من إطار الخوف من الله ورجائه؛ لأنه لا يعلم إن كان قد قبل عمله أو لا، وحتى يكون العمل مقبولاً عند الله فلابد له من أمرين: أن يكون صالحاً، وأن يكون خالصاً، ويشترط في العامل أيضاً أن يكون تقياً، وأن يحافظ على عمله من الحبوط والبطلان قبل أن يأتي يوم تصبح فيه الأعمال هباءً منثوراً.
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد, ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة, وهو اللطيف الخبير.

    اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله, أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور، وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوب غلفاً, فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته, ورضي الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد: معشر الإخوة الكرام! أكيس البشر من يعمرون بيوت الله عز وجل, فقد وصفهم الله جل وعلا في كتابه بأنهم هم الرجال, ونعتهم بأربع خصال, لا تلهيهم البيوع والتجارات عن طاعة رب الأرض والسموات, يصلون لله ويسبحونه, ويشفقون على عباد الله ويحسنون إليهم, ويكونون على استعداد للقاء رب العباد في يوم المعاد, فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37].

    وكنا نتدارس الصفة الرابعة من صفات هؤلاء العباد الأكياس الطيبين, ألا وهي خوفهم من رب العالمين, وكنا نتدارس في الموعظة السابقة وما قبلها أسباب خوف المكلفين من رب العالمين, وقلت: إنها كثيرة وفيرة, ويمكن أن تجمع في ثلاثة أسباب:

    أولها: إجلال الله وتعظيمه, وقد مضى الكلام على هذا السبب.

    وثاني الأسباب: خشية تفريط العباد في حق ربهم جل وعلا.

    وثالث الأسباب: الخوف من سوء الخاتمة.

    وكنا نتدارس السبب الثاني من أسباب خوف المكلفين من رب العالمين وهو خشيتهم من التفريط في حق الله جل وعلا، وهذه الخشية تكون نحو ما أمر به ونهى عنه, فما نهانا عنه ينبغي أن نجتنبه على وجه التمام والكمال، وإذا لم يقع منا الاجتناب كذلك فحقيقة أمرنا على خطر, ونحن نخطئ بالليل والنهار في حق الله عز وجل، وتقدم معنا أن المحقرات التي نحتقرها قد تردينا في أسفل الدركات، ونسأل الله أن يعاملنا بفضله ورحمته وجوده وكرمه وامتنانه؛ إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

    وقد تقدم معنا ما يتعلق بهذا الأمر, أعني: تقصيرنا وتفريطنا نحو ما حرمه الله علينا, وكيف وقعنا في كثير منه نسأل الله أن يتوب علينا.

    وأما الأمر الثاني: التفريط فيما أمر الله باكتسابه, فكما فرطنا فيما أمر الله باجتنابه كذلك فرطنا فيما أمر الله باكتسابه مما أمر بفعله, أي: بطاعته عز وجل عن طريق القيام بالمأمورات على وجه التمام والكمال.

    وتقدم معنا أن الإنسان لا يسلم من المنهيات ومن التقصير فيها إلا إذا اجتنبها كلها صغيرها وكبيرها, سرها وعلنها, وهكذا لا يسلم الإنسان من التقصير في حق المأمورات إلا إذا فعلها كلها واجبها ومستحبها, ظاهرها وباطنها, سرها وعلنها، فلا يتحقق الإيمان في الإنسان على وجه التمام إلا إذا قام بجميع ما أمر به ذو الجلال والإكرام, يقول الله جل وعلا في سورة الأنفال مقرراً هذا الأمر: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4].

    فتأمل -أخي الكريم- هذه الصفات, هل اتصفت بها لتكون من المؤمنين حقاً عند رب الأرض والسموات؟ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2], خافت القلوب واقشعرت الجلود ودمعت العيون هذه صفات عباد الله عندما يذكر الله. وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2]. أي: ثقة بربهم, وهذه هي حقيقة التوكل. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:3-4]. وعليه فمن لم يتصف بهذه الصفات فقد فرط في درجات الإيمان، وقصر في حق الرحمن, وهكذا يقول رب الأرض والسموات في سورة الحجرات: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15]. فهل تحقق هذا فينا على وجه التمام والكمال؟ كل إنسان على نفسه بصيرة.

    وتأمل هذه الآية التي في سورة البقرة وكيف شرط الله أموراً كثيرة فيها لحصول التقوى, ولا ينجي العبد من عقاب الله إلا إذا كان من المتقين, يقول الله جل وعلا: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177]. فهؤلاء الصادقون, وهؤلاء هم المتقون الذين يتصفون بهذه الصفات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089343812

    عدد مرات الحفظ

    783902061