إسلام ويب

طاغوت العرفللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من أعظم منن الله تعالى على عباده أن أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب؛ ليبين لهم الخير من الشر، والخطأ من الصواب، وقد عارض أقوام هذه المنن، وحاولوا إيجاد شريعة حاكمة تتسم بالعرف والعادة، فحكموها واستساغوها ورفضوا دعوة الأنبياء والرسل بحجة (إنا وجدنا آباءنا)، وكانت هذه الشريعة الطاغوتية سبباً في دخولهم النار والخلود فيها، وهي ليست شريعة قاصرة على مجال معين بل في كل المجالات منها: مجال علاقة الرجل بالمرأة في النكاح واللباس والاجتماع وغيرها. وهي لا شك باطلة مهلكة موجبة النار.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين! اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

    سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    إخوتي الكرام! إن نعم الله جل وعلا مهما كثرت وتعددت وتنوعت لا تخرج عن نوعين اثنين: نعمة خلق وإيجاد، ونعمة هداية وإرشاد.

    وإن أعظم نعم الله علينا هي نعمة الهداية والإرشاد، بأن أرسل إلينا الرسل، وأنزل علينا الكتب ليخرجونا من الظلمات إلى النور، ولولا أن الله منّ على هذه الأمة ببعثة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لكانوا أحط دركة من الأنعام، فهذه النعمة -أعني نعمة الهداية والإرشاد، نعمة إرسال الرسل إلى العباد- هي أعظم منن الله ونعمه على عباده، وهذه النعمة من انتفع بها واسترشد بها وأقبل عليها في هذه الحياة حفظ من الضلالة في الدنيا، وحفظ من الشقاء والضياع والهلاك في الآخرة، كما قال الله جل وعلا: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:123-126].

    ثبت في تفسير ابن أبي حاتم، وتفسير ابن المنذر، والأثر إسناده صحيح، ورواه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، وسعيد بن منصور في سننه، والحاكم في مستدركه، وإسناده -كما قلت- صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أجار الله قارئ القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة، ثم تلا قول الله جل وعلا: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ [طه:123] -أي: في هذه الحياة- فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى [طه:123]، أي: لا يهلك ويعذب بعد الممات.

    وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من قرأ القرآن وعمل بما فيه فلا يضل في الدنيا، ويقيه الله سوء الحساب يوم القيامة، ثم تلا قول الله جل وعلا: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى [طه:123].

    فهذه النعمة العظيمة الجسيمة، وهي إرسال الرسل عليهم صلوات الله وسلامه إلى العباد؛ ليخرجوهم من الظلمات إلى النور، هي أعظم منن ونعم الله على عباده، وهذه النعمة من عكف عليها وأقبل عليها وانتفع بها ذاق لهذه النعمة حلاوة عظيمة، تتضاءل بجانبها جميع اللذائذ والحلاوات، كما ثبت في مسند الإمام أحمد، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، والحديث عن العباس بن عبد المطلب عم نبينا عليه الصلاة والسلام ورضي الله عن العباس وعن سائر الصحابة الكرام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا )، فإذا أقبل على هذه النعمة سيذوق لها حلاوة وبهجة، فسيطمئن قلبه وينشرح صدره وتسكن نفسه: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

    وهذه النعمة نعمة عظيمة جليلة، هي أعظم نعم الله على عباده، من انتفع بها سعد في هذه الحياة، وسعد بعد الممات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089473566

    عدد مرات الحفظ

    785465578