إسلام ويب

خمس خصال في شهر رمضانللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن لهذا القرآن الكريم خصائص لم تكن في الكتب السماوية السابقة، منها نزوله في شهر رمضان الذي فرض الله صيامه على عباده المؤمنين، وقد خص الصائمون بخصائص وفوائد عاجلة وآجلة في هذا الشهر الكريم، ومن أبرزها أن الله ينظر إلى الصائمين، ولا ينظر الله إلا لمن رضي عنهم، وقد خصص لهم في الجنة باب يقال له الريان يدخلون منه. والصوم يكفر الذنوب ويباعد عن النار، ويستجيب الله دعاء الصائمين، ورائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونؤمن به ونتوكل عليه, ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهد الله فهو المهتد, ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله رب العالمين, شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً, وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة, وهو اللطيف الخبير.

    اللهم لك الحمد كله, ولك الملك كله, وبيدك الخير كله, وإليك يرجع الأمر كله, أنت رب الطيبين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين, وخالق الخلق أجمعين ورازقهم, وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله, أرسله الله رحمة للعالمين, فشرح به الصدور وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً, فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبينا عن أمته, ورضي الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    معشر الإخوة الكرام! تقدم معنا أن شهر رمضان هو سيد شهور العام وأفضلها عند ذي الجلال والإكرام, وقد فرض الله فيه الصيام على هذه الأمة المرحومة المباركة وعلى الأمم التي سبقتها, كما أنزل الله في هذا الشهر الكريم القرآن العظيم, وكذلك أنزل سائر كتبه على جميع النبيين المتقدمين على نبينا وعليهم صلوات الله وسلامه.

    إخوتي الكرام! وقد اختص الله القرآن الذي نزل في شهر رمضان بخصائص حسان لا توجد في الكتب السابقة التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله على نبينا وعليهم جميعاً الصلاة والسلام.

    فمن تلك الخصائص: أن القرآن العظيم نزل في شهر رمضان مرة واحدة ودفعة كاملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا, ونزل جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه بخمس آيات أيضاً من سورة العلق في شهر رمضان على نبينا الصلاة والسلام, ثم نزل القرآن بعد ذلك مفرقاً يساير الحوادث والوقائع في ثلاث وعشرين سنة.

    وهذه الخصيصة خص الله به قرآنه الذي أنزله على أفضل أنبيائه ورسله على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه, فالكتب السابقة كانت تنزل جملة واحدة على أنبياء الله ورسله على نبينا وعليهم صلوات الله وسلامه, أما القرآن فحصل فيه هذا المعنى عندما نزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا, ثم فرق في ثلاث وعشرين سنة، وهذه خصيصة لنزول القرآن لم يشاركه في ذلك أي كتاب سماوي نزل قبل القرآن, وقد أشار ربنا الرحمن إلى هذا, فلما ذكر اعتراض المشركين على نزول القرآن مفرقاً على نبينا عليه الصلاة والسلام وأرادوا أن ينزل جملة واحدة وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا [الفرقان:32].

    هذا الكتاب يمتاز على الكتب السابقة, فلا بد أن يختلف في كيفية نزوله عن نزول الكتب السابقة, وما قال الله جل وعلا: هذه سنتي في الكتب التي أنزلتها على الأنبياء قبل محمد على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه, ولذلك عندما اعترض المشركون على بشرية نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأنه بشر مثلهم وينبغي أن ينزل عليهم ملك، قال الله جل وعلا: وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا [الفرقان:20] فنبينا عليه الصلاة والسلام من البشر, وهكذا سائر أنبياء الله ورسله عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه من البشر.

    أما القرآن فنزل بكيفية وطريقة تختلف عن نزول الكتب السابقة.

    وهكذا اختص الله القرآن أيضاً بحفظه, ولم يتعهد الله بحفظ الكتب السابقة, قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].

    ومن حفظ الله لكتابه أن يسر حفظه على الأمة التي نزل عليها هذا القرآن، فقال ربنا الرحمن أربع مرات: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17]. فأناجيل هذه الأمة صدورهم, وهذا القرآن موجود في قلوبهم, بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:49].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089440291

    عدد مرات الحفظ

    785062971