إسلام ويب

شرح متن الورقات [9]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • النهي هو استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، وله صيغ منها: الفعل المقترن بلام النهي، ونفي الحل، ولفظ التحريم. والنهي يقتضي شيئين، أولاً: التحريم، وثانياً: فساد المنهي عنه إذا عاد إلى ذات المنهي عنه. والسكران يدخل في خطاب الشرع على الراجح، وا
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    تقدم لنا من يدخل في خطاب الله تعالى ومن لا يدخل؛ فذكر المؤلف أنه يدخل المؤمنون، والمراد بذلك المكلفين، وتكلمنا عن الساهي هل هو داخل تحت الخطاب أو ليس داخلاً؟ وأن الساهي فيما يتعلق بحقوق الله عز وجل ليس داخلاً، لكنه قد يطالب بالقضاء وقد لا يطالب، أما فيما يتعلق بحقوق الآدميين فإنه داخل.

    وما يتعلق بالمجنون وما يتعلق بالصبي، وما يتعلق بالنائم وما يتعلق بالغضبان، هؤلاء ذكرنا فيهم تفصيلات، هل هم داخلون أو ليسوا بداخلين؟ وهل هم مكلفون أو ليسوا مكلفين؟ وبقي علينا السكران، هل هو داخل في خطاب الله عز وجل فهو مكلف أو ليس مكلفاً؟

    نقول: السكران لا يخلو من حالتين:

    الحالة الأولى: أن يكون معذوراً بسكره؛ كما لو شرب شيئاً يظنه مباحاً فتبين أنه محرم وأنه مسكر، بل ليس داخلاً تحت الخطاب، فهذا نقول: بأنه لا إثم عليه، لكن فيما يتعلق بحقوق المخلوقين فيجب عليه أن يضمن، إلا فيما يتعلق بأقواله مثل: لو قذف أو باع أو اشترى أو طلق زوجته أو نحو ذلك فهذا ليس مكلفاً.

    كذلك فيما يتعلق بأفعاله، فلو أتلف مالاً أو قتل أو ضرب ونحو ذلك نقول: هذا ليس مكلفاً ولا يأثم، لكن فيما يتعلق بالضمان فهذا يجب عليه أن يضمن؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة.

    الحالة الثانية: أن يكون غير معذور بسكره، فهل هو مكلف أو ليس مكلفاً؟ اختلف فيه العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك، فالمشهور من المذهب أنه مكلف، وعلى هذا لو طلق زوجته فيقولون: بأن طلاقه ينفذ، ولو قذف فإنه يؤاخذ بذلك، وهذا هو الرأي الأول.

    والرأي الثاني: رأي الظاهرية قالوا: بأنه ليس مكلفاً.

    أما الذين قالوا: بأنه مكلف فاستدلوا بأدلة، ومن هذه الأدلة قالوا: بأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أقاموه مقام الصاحي، فقالوا: إذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون، لكن هذا لا يثبت.

    وكذلك أيضاً: قالوا: بأنه ورد عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم الحكم بإيقاع طلاق السكران، وهذا مما اختلف فيه الصحابة رضي الله تعالى عنهم بالنسبة لطلاق السكران هل يقع أو لا يقع؟

    وكذلك قالوا: بأن سكره محرم، فلا يكون سبباً للتخفيف، فكوننا نقول: بأنه غير مكلف هذا يكون سبباً للتخفيف، فلا يكون المحرم سبباً للتخفيف.

    وأما الذين قالوا: أنه غير مكلف لا بأقواله ولا بأفعاله -وهذا مذهب الظاهرية- استدلوا على ذلك بأدلة، ومن هذه الأدلة قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43] ، فقال: (حتى تعلموا ما تقولون) فدل ذلك على أن السكران لا يعلم ما يقول، فإذا كان لا يعلم ما يقول، فليس مكلفاً.

    واستدلوا أيضاً: بقصة حمزة رضي الله تعالى عنه لما شرب حتى ثمل واحمرت عيناه، فقام إلى شارف علي رضي الله تعالى عنه فبقر بطونهما، فذهب علي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبره بما صنع حمزة فقال: وهل أنتم إلا أعبد لأبي، ومع ذلك لم يؤاخذه النبي عليه الصلاة والسلام.

    وكذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق )، ويدخل في ذلك السكران، وكذلك ما ورد عن الصحابة في عدم إيقاع طلاق السكران، وهذا القول هو الصحيح.

    وعلى هذا نقول: أقواله ليست معتبرة، وأفعاله ليست معتبرة، وأقواله لا يترتب عليها شيء لا من الطلاق، ولا من البيع، ولا من الوقف، ولا من التبرع، فهذه كلها لا يترتب عليها شيء، كذلك أفعاله لا تعتبر، فلو أنه قتل فإنه لا يحد، ولو سرق وهو سكران فإنه لا يقطع، ولو زنى وهو سكران فلا يحد.

    فلا يكلف بالأفعال، ولا يؤاخذ عليها ولا يأثم، لكن لو أنه أتلف مالاً، فما الحكم؟ نقول: لا يؤاخذ بأفعاله إلا إن سكر لكي يفعل؛ فهذا يؤاخذ لا شك في ذلك، فمثلاً: لو شرب المسكر لكي يقتل، أو شربه لكي يسرق أو لكي يقذف أو لكي يطلق، فنقول في هذه الحالة: يؤاخذ، أما ما عدا ذلك فإنه لا يؤاخذ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088529468

    عدد مرات الحفظ

    777151584