إسلام ويب

شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي [9]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رفع الله الإصر والإثم عمن أخطأ أو نسي، ولكن عليه الضمان لحقوق الآدميين، وبعض الأمور تثبت في حال دون حال، هذا وإن من قواعد الشريعة الكلية: تحكيم العوائد والأعراف بشرط عدم مخالفة الشريعة، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، ومن قواعد الشريعة الحكيمة: من استعجل ا
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال الناظم رحمه الله تعالى:

    [لكن مع الإتلاف يثبت البدل وينتفي التأثيم عنه والزلل

    ومن مسائل الأحكام في التبع يثبت لا إذا استقل فوقع

    والعرف معمول به إذا ورد حكم من الشرع الشريف لم يُحد

    معاجل المحظور قبل آنه قد باء بالخسران مع حرمانه

    وإن أتى التحريم في نفس العمل أو شرطه فذو فساد وخلل].

    قال المؤلف رحمه الله:

    (لكن مع الإتلاف يثبت البدل وينتفي التأثيم عنه والزلل).

    ذكرنا أن الإثم مع الخطأ والنسيان والإكراه ينتفي، لكن لا بد من الضمان، وهذا تقدم الكلام عليه، وقلنا: إنه يضمن في حقوق الآدميين، يعني: لا يسقط الضمان في الخطأ والإكراه والنسيان والجهل فيما يتعلق بحقوق الآدميين، وأما ما يتعلق بحقوق الله فإنه يفرق بين باب الأوامر والنواهي، أما ما يتعلق بباب النواهي فيسقط الضمان، وأما ما يتعلق بباب الأوامر فإن الضمان لا يسقط إلا في الجهل، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: حتى في باب الأوامر يسقط الضمان؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، وقال سبحانه وتعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] .

    قال رحمه الله:

    (ومن مسائل الأحكام في التبع يثبت لا إذا استقل فوقع).

    هذه قاعدة فقهية وهي: أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، بمعنى: أن بعض الأحكام أو بعض المسائل إذا انفردت يكون لها حكم، وإذا كانت تابعةً لغيرها يتغير حكمها من حيث الصحة والبطلان، والنجاسة والطهارة، والحل والحرمة، وهذا له أمثلة كثيرة:

    منها أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النظير، ولو أخذ الإنسان حشرة وحرقها بالنار لكان حراماً؛ لأنه ( لا يعذب بالنار إلا رب النار )، لكن لو احتاج إلى أن يحرق مزرعته لكي تعود خصوبة الأرض، مع أن الأرض فيها كثير من الحشرات، ويؤدي ذلك إلى إحراق هذه الحشرات، نقول: هذا جاء على وجه التبع، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.

    ومن أمثلته: أن الإنسان في صلاة المغرب -مثلاً- يتشهد تشهدين، وقد يتشهد أكثر من تشهدين إذا جاء وقد سبقه الإمام بركعتين وبقي له من صلاة الإمام ركعة واحدة يصلي مع الإمام، يجلس مع الإمام للتشهد الأول ثم يقوم ويصلي مع الإمام ركعة، هي بالنسبة له الأولى، ثم يجلس مع الإمام، مع أن جلوسه مع الإمام يكون بعد الركعة الثانية بالنسبة له، لكنه يجلس مع الإمام متابعة له، فيكون تشهد الآن تشهداً ثانياً، ثم يقوم ويأتي بركعة ويجلس تشهداً ثالثاً، ثم يقوم ويأتي بالثالثة ويجلس يتشهد تشهداً رابعاً، فهنا الآن أتى بأربعة تشهدات في صلاة المغرب، كل ذلك متابعة للإمام، ولو فعل ذلك دون أن يكون متابعاً مستقلاً لبطلت صلاته، فنقول: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.

    ومثل: الدود، العلماء يقولون: لو أكل الثمرة وفيها دود جاز ذلك تبعاً للثمرة؛ لأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، وعلى هذا فقس.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551608

    عدد مرات الحفظ

    777282545