إسلام ويب

شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي [13]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجوز للمرء أن يؤدي عن أخيه حقاً مراعاة لحاله، ويجوز له أن يطالبه عند سعته بما أداه عنه إن لم ينو التبرع له، وقد جعل الله في طبيعة العبد ما يدعوه إلى الخير والإحسان، ويزعه من الشر والنكران، والوازع قسمان: شرعي، وطبعي -أي جبل عليه كاستقذار النجاسات- فإذا اج
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ومن يؤد عن أخيه واجباً له الرجوع إن نوى يطالبا

    والوازع الطبعي عن العصيان كالوازع الشرعي بلا نكران

    والحمد لله على التمام في البدء والختام والدوام

    ثم الصلاة مع سلام شائع على النبي وصحبه والتابع].

    كان آخر ما تكلمنا عليه قول المؤلف رحمه الله:

    (وكل مشغول فلا يشغل مثاله المرهون والمسبل).

    ثم قال المؤلف:

    (ومن يؤد عن أخيه واجباً له الرجوع إن نوى يطالبا).

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى في هذا البيت: من أدى عن أخيه واجباً من الواجبات، والمقصود بذلك الواجبات المالية، وهذا يشمل ما إذا كان الواجب حقاً لله عز وجل، أو كان حقاً للمخلوق كالدين، فمثلاً: إذا قضى الدين عن غيره فإن له أن يطالب من عليه الدين؛ لأنه أدى عنه هذا الواجب.

    ومثال آخر: لو أنفق على أهل زيد لغيبة زيد فإن المنفق له أن يطالب زيداً بالنفقة إذا رجع لأنه رب البيت.

    ومثال ذلك فيما يتعلق بحقوق الله عز وجل: لو أخرج كفارة اليمين عن غيره فله أن يطالب من وجبت عليه الكفارة، أو أخرج عنه زكاة .. إلى آخره.

    وقول المؤلف: (له الرجوع إن نوى يطالبا)، هذه المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: أن ينوي التبرع، فهذا لا يجوز له أن يطالب، ويدل لذلك حديث ابن عباس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه )، فما دام أنه نوى التبرع نقول: هذا لا يجوز له؛ لأنه أصبح الآن في مقام الهبة ولا يجوز الرجوع في الهبة، فإذا قضى الدين عن غيره ينوي التبرع، أو أنفق على أهل زيد ناوياً التبرع وعدم الرجوع فلا يجوز له أن يرجع.

    القسم الثاني: أن ينوي الرجوع فنقول: له أن يرجع، ولهذا قال المؤلف: (له الرجوع إن نوى يطالبا)، أي: إذا نوى أن يرجع لقول الله عز وجل: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91]؛ ولأن الأصل هو بقاء الحق، وهنا لم يخرج المال على وجه التبرع، وإنما أخرجه على وجه القضاء والرجوع.

    القسم الثالث: أن يطلق فلا ينوي التبرع، ولا ينوي الرجوع، فهذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يرجع؛ لأنه خصص الرجوع بنية الرجوع، أي: إذا نوى المطالبة، فظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يملك الرجوع.

    والرأي الثاني: أنه يملك الرجوع ما دام أنه لم ينو التبرع؛ لأن هذا هو الأصل، وهو الصواب في هذه المسألة، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088550355

    عدد مرات الحفظ

    777275522