قال: (وإن وجد متن يشبهه فهو الشاهد). المتابع كما تقدم معنا: الحديث الذي رواته يوافقون رواية الحديث الفرد لفظاً ومعنى أو معنى مع الاتحاد في الصحابي، والشاهد: هو الحديث الذي يشارك رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى أو معنى فقط مع الاختلاف في الصحابي، ومن أمثلة ذلك: حديث
ابن عباس : (
فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) ، هذا يسمى شاهداً لوجود الاختلاف في الصحابي.
قال: (وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار).
يعني: النظر. عندنا الآن الغرابة هذه: الغرابة النسبية.. الفرد النسبي، أثناء السند، والبحث في الطرق لكي ننظر: هل أحد تابع هذا الراوي على رواية هذا الحديث أو ليس هناك متابع؟ هل هناك شاهد أو ليس هناك شاهد لهذا الحديث؟ هذا يسمى بالاعتبار. فإذا كان عندنا حديث انفرد بروايته راو واحد، فتتبع الطرق هل شاركه في هذه الرواية أحد غيره أو لا؛ يسمى بالاعتبار.
قال: (ثم المقبول إن سلم من المعارضة فهو المحكم). المحكم في اللغة: المتقن. وأما في الاصطلاح: فهو الحديث المقبول الذي سلم من معارضة مثله.
قال: (وإن عورض بمثله؛ فإن أمكن الجمع فمختلف الحديث، أو ثبت المتأخر فهو الناسخ، والآخر المنسوخ، وإلا فالترجيح ثم التوقف).
كما تقدم لنا المحكم: هو الذي سلم من معارضة مثله.
مختلف الحديث: هو الذي عورض بمثله وأمكن الجمع، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله تعالى: أن مختلف الحديث هو الذي عورض بمثله وأمكن الجمع.
والرأي الثاني: أن مختلف الحديث هو الذي عورض بمثله سواء أمكن الجمع، أو لم يمكن الجمع، فالمحكم: هو المقبول الذي لم يعارض بمثله، وعلى كلام الحافظ رحمه الله تعالى أن مختلف الحديث: هو الذي عورض بمثله وأمكن الجمع.
والرأي الثالث: أن مختلف الحديث هو الذي عورض بمثله سواء أمكن الجمع أو لم يمكن الجمع.
إذا تعارض نصان فالتعارض هذا في الظاهر، وإلا فإن الأدلة الشرعية لا تعارض بينها؛ لكن فيما يظهر للمجتهد يحصل التعارض؛ لكن الأدلة الشرعية هذه لا تعارض بينها، فإذا تعارض نصان فلدرء هذا التعارض عندنا طرق.
الطريق الأول: الجمع بين الدليلين
الطريق الأول: طريق الجمع، إذا أمكن الجمع فإنه يصار إليه؛ لأن في الجمع إعمالاً لكلا الدليلين بخلاف النسخ، القول بالنسخ أو الترجيح فيه إبطال لأحد الدليلين، والأصل في الدليل إعماله لا إهماله، فنقول: إذا أمكن الجمع فإننا نصير إلى الجمع.
ومن أمثلة ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ) النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العدوى، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لا يورد ممرض على مصح ) ففي الحديث الأول النبي صلى الله عليه وسلم نفى العدوى، وأثبتها بقوله: ( لا يورد ممرض على مصح ) فكيف الجمع بين هذين الحديثين؟
نقول: الجمع بين الحديثين أن نفي العدوى المقصود بذلك: ما كان يعتقده أهل الجاهلية في أنها تعدي بذاتها، وهذا لا شك أنه باطل، فكل شيء بمشيئة الله وقدره.
وقوله: ( لا يورد ممرض على مصح ) فيه إثبات العدوى، يقول: العدوى ثابتة؛ لكن الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم هي ما يعتقده أهل الجاهلية من وجود العدوى بذاتها ، وإلا لا شك أن إيراد المريض على الصحيح سبب للإصابة بهذا المرض. هذا الطريق الأول وهو: طريق الجمع.
الطريق الثاني: النسخ
الطريق الثاني: إذا تعارض من كل وجه، ولم نتمكن من الجمع، وثبت التاريخ فنقول بأن المتأخر ناسخ للمتقدم، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) هنا أمر بالزيارة، ونهى عن الزيارة، وهنا تقابل من كل وجه ولا يمكن الجمع، وعرفنا المتأخر منهما فنقول بأن المتأخر ناسخ للمتقدم.
الطريق الثالث: الترجيح