قال: (فإن قل عدده فإما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى إمام ذي صفة علية كـ
)، يعني: كلما قل عدد رجال الإسناد فإنه يكون أقرب إلى الصحة، ولهذا حرص عليه أهل العلم في الزمن السابق.
قال: (فالأول العلو المطلق)، العلو المطلق هو الذي قل عدد رجاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى سند آخر، يرد به ذلك الحديث، ومن ذلك: ثلاثيات
البخاري ، فيكون في سند بينه وبين
البخاري ثلاثة أو أربعة.. إلى آخره، ولهذا كان الرجل يرحل لطلب علو الإسناد لكي يسقط الواسطة، هو يرويه عن شيخ، وشيخ شيخه موجود، فلكي يسقط الواسطة بينه وبين شيخ شيخه يرحل لكي يأخذ عن شيخ شيخه، وهذا يكون طلباً لعلو الإسناد، كما سيذكر المؤلف رحمه الله، والحقيقة أن الأولى هو الاهتمام بالتضعيف والتصحيح، وأما مثل هذه الأشياء وإن كان فيها شيء من الفائدة إلا أن الأفيد هو العناية بالتصحيح والتضعيف؛ لأن الإسناد قد يكون عالياً رجاله يقلون، لكنهم ليسوا في الضبط والثقة بمنزلة هذا الإسناد النازل.. إلى آخره.
قال: (والثاني النسبي)، يعني: العلو النسبي، والعلو النسبي قال المؤلف رحمه الله: (أو إلى إمام ذي صفة علية كـ
شعبة)، يعني: القرب من إمام من أئمة أهل الحديث وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل القرب من
شعبة كما ذكر المؤلف رحمه الله، أو
الأعمش أو
ابن جريج أو
مالك أو غيرهم.
قال: (والثاني النسبي، وفيه الموافقة)، يعني: من أنواع العلو النسبي قال المؤلف: (فيه الموافقة)، وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه، المصنفين مثل: البخاري ، مسلم ، النسائي ، أبو داود ، الترمذي ، ابن ماجه .. إلى آخره، فيصل إلى شيخ البخاري من غير طريق البخاري .
مثال ذلك: ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله: البخاري روى عن قتيبة عن مالك حديثاً، يقول ابن حجر رحمه الله: فلو رويناه من طريقه -يعني: من طريق البخاري - كان بيننا وبين قتيبة ثمانية. لأن قتيبة هو شيخ البخاري .
يقول: لو رويناه من طريق البخاري كان بيننا وبين قتيبة ثمانية، ولو روينا الحديث نفسه من طريق أبي العباس السراج كان بيننا وبين قتيبة سبعة، فحصلت الموافقة للبخاري في شيخه من غير طريقه، وشيخه هو قتيبة مع علو الإسناد إليه، فيقولون: وافقنا البخاري بعلو. هذا يسمى الموافقة.
أيضاً من ذلك قال: [وفيه البدل، وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك]. في الصورة السابقة الوصول إلى شيخ البخاري ، وهنا إلى شيخ شيخ البخاري ، يعني: أن يقول شيخ شيخ المصنف من غير طريقه، هذا يسمونها البدل.
قال ابن حجر : [كأن يقع علينا ذلك الإسناد بعينه من طريق أخرى إلى القعنبي ]، والقعنبي هذا شيخ شيخ البخاري .
قال: [... إلى القعنبي عن مالك فيكون القعنبي بدلاً عن قتيبة]. يعني: البدل هو الوصول إلى شيخ شيخ المصنف، فالمصنف هو البخاري وشيخ شيخه هو القعنبي فيصل إلى القعنبي عن غير طريق البخاري .
قال: [وفيه المساواة: وهي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين]. قال ابن حجر : كأن يروي النسائي حديثاً بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشر نفساً فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر، بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفساً، فنساوي النسائي من حيث العدد.
إذاً: المساواة: استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره إسناد أحد المصنفين، كما ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى.