ليس التوحيد مقصوراً على نطق الشهادتين دون العلم بمعناها والعمل بمقتضاها، ففاعل هذا مثله مثل من يتكلم بلغة ويرددها ولا يعرف ما ترمي إليه، بل التوحيد يتضمن إفراد الله بالعبودية والطاعة والمحبة والإنابة والتوكل ... إلخ. والكفر بكل ما يعبد من دون الله، والبعد
قال رحمه الله: (وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم). في الصحيح أي: في صحيح
مسلم .
[أنه قال: ( من قال لا إله إلا الله )] تقدم تفسير الشهادة.
قال: ( وكفر بما يعبد من دون الله ). يعني: سوى الله.
( حرم ) يعني: امتنع.
( ماله ودمه ). امتنع أخذ ماله وامتنع سفك دمه بناءً على التوحيد؛ لأن التوحيد يعصم صاحبه.
( وحسابه على الله عز وجل ) أي: الله عز وجل هو الذي يتولى محاسبته، لنا الظاهر والله يتولى السرائر.
أو يكون المعنى: نحن لنا الظاهر والله عز وجل يتولى السرائر؛ لأن أمر الدنيا على الظاهر، لكن أمر الآخرة على البواطن والسرائر،
يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
[الطارق:9] هذا أمر الآخرة.
أو يكون المعنى: ( وحسابه على الله ). يعني: من تلفظ بهذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد فإن الله سبحانه وتعالى يحاسبه على حسب نيته واعتقاده ويجازيه على ذلك.
قال رحمه الله: [وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب].
ترجمة الكتاب والباب: فاتحته، والمقصود بقوله بالترجمة تفسير التوحيد، فالمقصود: الترجمة: ما ترجم له المؤلف رحمه الله من هذا الباب: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.
ووجه الشاهد يعني: ما بعدها من الأبواب: كل الأبواب هذه التي ستأتينا تفسر التوحيد، فإنه سيبين فيها المؤلف رحمه الله التوحيد وما يضاد التوحيد من الشرك.
فوجه الشاهد أو وجه الاستشهاد لما ترجم به المؤلف: أن معنى لا إله إلا الله: هو الكفر بما يعبد من دون الله عز وجل؛ ولهذا قال: ( من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله ). فلا يكون محققاً لهذه الكلمة العظيمة إلا إذا كفر بما يعبد من دون الله.
وسبق أن هذه الشهادة لها ركنان: الإثبات، والنفي، فلو أنه قال: أنا أثبت أن الله سبحانه وتعالى مألوه معبود لكن لا أنفي. هل يصلح هذا أو لا؟ لا يصلح، إذ لا بد أن يكفر بما يعبد من دون الله عز وجل.
قال رحمه الله: [باب من الشرك].
قوله: (من الشرك) (من) هذه تبعيضية، يعني: بعض الشرك.
[لبس الحلقة والخيط] الحلقة: كل شيء مستدير، والخيط معروف.
و[نحوهما] من الحجارة والودع والتمائم الشركية وغير ذلك مما يعلق، والخرز ونحو ذلك.
[لرفع البلاء]، يعني: لرفعه بعد نزوله، والبلاء: المرض ونحوه من عين ونحو ذلك.
[أو دفعه] يعني: منعه قبل نزوله. (لرفعه) يعني: بعد نزوله، (أو دفعه) أي: قبل نزوله.