إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [6]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المال الخارج على وجه العبادة إذا طرأ عليه ما يمنع إجزاءه أو وجوبه فلا يعود إلى مخرجه، ومن شرع في عبادة لازمة ثم فسدت فيجب قضاؤها على الصفة التي أفسدها. ومن أحكام الاستثناء أن اللفظي منه يشترط فيه أن يكون معلوماً في عقود المعاوضات، ولا يشترط ذلك في عقود ال
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الثامنة والعشرون: إذا حصل التلف من فعلين أحدهما مأذون فيه والآخر غير مأذون فيه، وجب الضمان كاملاً على الصحيح، وإن كان من فعلين غير مأذون فيهما فالضمان بينهما نصفين، حتى لو كان أحدهما من فعل من لا يجب الضمان عليه لم يجب على الآخر أكثر من النصف].

    ذكرنا أن القاعدة السابعة والعشرين تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن يكون النفع فيمن أتلف نفساً أو أفسد عبادة يعود إلى المتلِف، وحينئذ لا ضمان عليه.

    مثاله: إذا أتلف نفساً كأن صال عليه آدمي أو حيوان سواء بدنه، أو ماله، أو حرمته فدافعه بالأسهل فالأسهل فتلف فإنه لا ضمان عليه.

    ومثاله إذا أفسد عبادة: كالحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان خوفاً على أنفسهما، فلا كفارة عليهما ولا ضمان، لكن يجب عليهما القضاء كالمريض.

    القسم الثاني: أن يكون النفع عائداً إلى غير المتلِف، فإذا أتلف نفساً أو أفسد عبادة بنفع غيره فإنه يضمن.

    مثاله إذا أتلف نفساً: صال صائلٌ على الغير، كأن صال على بدنه أو ماله أو حرمته، فجاء شخص ودافع عن الغير حتى أتلف الصائل، فهل يضمن أو لا يضمن؟

    المؤلف رحمه الله يقول بأنه: يضمن، والصواب أنه لا يضمن؛ لأن الصحيح أنه يجب عليه أن يدافع عن نفسه، وعن غيره، وأيضاً عن عرضه، وقال شيخ الإسلام أيضاً: وعن ماله. يعني: يجب عليه أن يدافع عن مال الغير.

    وهذا هو الصواب في هذه المسألة، وإذا كان يجب عليه ذلك فماذا يترتب على مأذون غير مضمون؟! الصواب أنه لا ضمان عليه.

    وأما بالنسبة لإفساد العبادة فإنه يضمن، فالحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على ولديهما فالفقهاء رحمهم الله يقولون: يجب مع القضاء كفارة، فهنا يكون الضمان، وهو الكفارة؛ لأنهما أفسدتا العبادة لنفع الغير.

    أما في الأقسام الثلاثة فلا ضمان، يعني: إذا أتلف نفساً، أو أفسد عبادة بنفع نفسه، أو أتلف نفساً بنفع غيره.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (القاعدة الثامنة والعشرون: إذا حصل التلف من فعلين أحدهما مأذون فيه والآخر غير مأذون فيه وجب الضمان كاملاً على الصحيح، وإن كان من فعلين غير مأذون فيهما فالضمان بينهما نصفين).

    هذه القاعدة تنقسم إلى قسمين:

    حصول التلف من فعل مأذون فيه وغير مأذون فيه

    القسم الأول: أن يحصل التلف من فعل مأذون فيه وغير مأذون فيه.

    فالضمان يكون للفعل الذي لم يؤذن فيه، أما الفعل الذي أذن له فيه فإنه لا ضمان عليه.

    ومن صور هذه القاعدة: أن حد القذف ثمانون جلدة، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور:4]. فلو أن الجلاد زاد سوطاً، يعني: بدلاً من أن يجلد ثمانين جلدة جلد واحداً وثمانين أو اثنين وثمانين.. إلى آخره، ثم بعد ذلك تلف المجلود، أو فسد عضو من أعضائه، أو تلفت منفعة من منافعه.

    فهنا اجتمع عندنا فعلان: فعلٌ مأذونٌ فيه وهو الثمانون الأولى، وفعل غير مأذون فيه وهو السوط الزائد.

    فنقول: الضمان على من يكون؟

    الثمانون وهي الفعل الأول لا يتعلق به ضمان، إنما الذي يتعلق به الضمان هو السوط الأخير، فهنا حصل التلف بفعل مأذون فيه وفعل غير مأذون فيه، فنقول: بأن الضمان لا يتعلق بالفعل المأذون فيه، وإنما يتعلق بالفعل غير المأذون فيه.

    وعلى هذا: عندنا القاضي وعندنا الجلاد، فلو قال القاضي للجلاد: اجلد ثمانين، والجلاد زاد سوطاً، فالثمانون التي حكم بها القاضي وأذن فيها ليس فيها ضمان، ويبقى الضمان على الجلاد الذي زاد السوط.

    لكن لو كان بأمر القاضي أي أن القاضي هو الذي أمره وألزمه بذلك، فنقول: الضمان على القاضي الذي قضى بثمانين، والجلاد قضى بفعل مأذون فيه فلا ضمان عليه.

    قول المؤلف: (حتى لو كان أحدهما من فعل من لا يجب الضمان عليه لم يجب على الآخر أكثر من النصف).

    يعني: الآن لما هلك المجلود، أو تلفت منفعة من منافعه، أو فسد طرف من أطرافه نقول: بأن هذا ضمان الآن؛ فلو فرضنا أنه مات فديته مائة من الإبل، فهل يلزم الجلاد مائة من الإبل أو نقول: يلزمه النصف؛ لأنه اجتمع عندنا الآن فعلان؟ قال المؤلف رحمه الله: ما نلزمه بأكثر من النصف؛ لأن التلف حصل بفعلين مأذون فيه وغير مأذون فيه.

    لو أنه جُلد ثمانين جلدة ثم مات، فالعلماء يقولون: الحق قتله، هدر لا ضمان فيه، لكن ما دام أنه زاد سوطاً فنقول: هنا يضمن الجلاد الذي زاد، وأما الفعل المأذون فيه وهو الثمانون الأولى التي حكم بها القاضي فهذه لا ضمان فيها.

    ولا يضمن الجلاد أكثر من النصف؛ لأن عندنا فعلين أحدهما مأذون فيه والآخر غير مأذون فيه، فعليه لا يأخذ أكثر من النصف.

    ومثال ذلك أيضاً: لو استأجر سيارة لكي يحمل عليها بضاعة، وهذه السيارة تأخذ مثلاً مقدار مائة كيلو، فالمستأجر زاد إلى مائة وعشرة ثم حصل تلف في السيارة، انفجر الإطار أو خرب محرك من المحركات.. إلى آخره، فالآن حصل التلف من فعلين: مأذون فيه وغير مأذون فيه، فالمائة الكيلو هذه مأذون فيها، أما الزيادة فغير مأذون فيها. وعلى هذا فقس.

    حصول التلف من فعلين غير مأذون فيهما

    القسم الثاني: أن يحصل التلف من فعلين غير مأذون فيهما، ولهذا قال المؤلف: (وإن كان من فعلين غير مأذون فيهما فالضمان بينهما) فإذا حصل التلف من فعلين غير مأذون فيهما فالضمان عليهما جميعاً.

    مثال ذلك: رجل ضربه رجلان، فكل منهما ضربه ضربة وهلك، أو فاتت منفعة، أو فسد طرف، فالضمان عليهما جميعاً؛ لأن هذا الفعل ليس مأذوناً فيه.

    مثال آخر: هذا الصيد جرحه هذا المحرم وجرحه هذا المحرم، فنقول: الضمان عليهما جميعاً. وعلى هذا فقس.

    ويقول المؤلف رحمه الله: (نصفين) هذا إذا تساوت الأفعال، لكن إذا كثرت أفعال أحدهما فإنه يضمن حسب كثرة أفعاله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534780

    عدد مرات الحفظ

    777184414