إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [10]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • العقود الفاسدة لها أقسام ثلاثة: جائزة، ولازمة، وجائزة من طرف ولازمة من طرف، ولكل قسم أحكام مترتبة عليه. وكل عقد يجب الضمان في صحيحه فإنه يجب في فاسده، وكل عقد لا يجب الضمان في صحيحه فإنه لا يجب في فاسده. والعوض والمعوض يُملكان في وقت واحد، أما وقت تسليم ا
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي، والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح].

    سلف لنا جملة من قواعد هذا الكتاب، فمن القواعد التي طرقناها: ما يتعلق بإخراج الواجبات وأدائها إلى ملاكها، ومتى يكون على سبيل الفور؟ ومتى يجوز التراخي؟

    وكذلك أيضاً: ذكرنا وذكر المؤلف رحمه الله جملة من القواعد المتعلقة بالأمناء، وذكرنا تعريف الأمين، ومن القواعد المتعلقة بالأمين: هل يضمن بالتلف أو لا يضمن؟ وهل يقبل قوله في نفي التعدي والتفريط؟ وهل يقبل قوله في الرد؟

    وذكرنا أن المؤلف رحمه الله تعالى قسم الأمين إلى ثلاثة أقسام، وذكرنا حكم كل قسم من هذه الأقسام.

    كذلك أيضاً من القواعد التي طرقناها: ما يتعلق بتوارد العقود بعضها على بعض.. إلى آخر ما تقدم.

    ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (القاعدة الخامسة والأربعون، عقود الأمانات، هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي، والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح).

    معنى هذه القاعدة هو: زوال الائتمان من الأمين بالتعدي.

    أقسام الأمانة

    ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن الأمانة تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أمانة محضة.

    والقسم الثاني: أمانة غير محضة.

    الأمانة المحضة: هي التي قبضت لنفع مالكها فقط، مثل: الوديعة، قبضها المودع لمصلحة المالك المودع.

    والأمانة غير المحضة: هي التي قبضها الأمين لمصلحته هو، مثل: العارية، والصحيح أن العارية هي أمانة، والصواب أنها غير مضمونة، فالعارية قبضها المستعير لمصلحته هو.

    أما مال المضاربة فقبضه الأمين المضارب لمصلحتهما جميعاً؛ لمصلحة المالك ومصلحة المضارب.

    فيقول المؤلف رحمه الله: (الأمانة المحضة تبطل بالتعدي)، مثال ذلك: رجلٌ أُودِع وديعة كسيارة، والأصل في الوديعة أن يحفظها في حرز مثلها وأن لا يتصرف فيها.

    فالمودع تعدّى؛ أخذ هذه السيارة وجعل يستعملها للغير لا لمصلحته. حينئذٍ نقول: ائتمانه قد بطل لما تعدى، لكن هل يعود ائتمانه بإعادة الوديعة إلى حرزها أو أنه لا بد من عقد جديد؟

    فذكر المؤلف رحمه الله أنه لا بد من عقدٍ جديد؛ فهذا الرجل لما تعدى في الوديعة زال ائتمانه، وحينئذ لكي يكون أميناً، ولا يضمن إذا تلفت هذه الوديعة، عليه أن يذهب إلى المودع ويجدد معه عقد الوديعة مرة أخرى. وهذا الرأي الأول.

    والرأي الثاني في المسألة: أنه إذا تاب وأعادها إلى حرزها وترك التعدي فإن ائتمانه يعود.

    ومن الأمثلة على ذلك أيضاً: الوكيل؛ فأنت إذا وكلته أن يبيع سيارة، فأخذ السيارة وجعل يستعملها والأصل أنه لا يستعمل السيارة، لكنه هنا تعدى، فنقول بأن ائتمانه قد زال، أما تصرفه فهو نافذ، فإذا باع السيارة فإن التصرف نافذ لوجود الإذن، لكن إذا تلفت السيارة فإنه يضمن بسبب تعديه.

    ولكي يعود ائتمانه لابد من عقد جديد، حتى لو ترك التعدي فإنه يضمن؛ لأن ائتمانه قد زال.

    وعلى هذا لو تلفت السيارة تحت يده -سواء تعدى أو لم يتعد، فرط أو لم يفرط- يضمن بكل حال، بخلاف ما إذا لم يتعد ثم تلفت تحت يده، فلا ضمانة عليه؛ لأن السيارة تحت يد الوكيل حكمها حكم الأمانة، ولا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.

    ومثل ذلك أيضاً: الشريك إذا تعدى في أموال الشركة، واستخدم أموال الشركة في غير مصلحة الشركة، نقول: زال ائتمانه، وإذا تلف هذا المال تحت يده يضمن، لكن لو ترك التعدي فنقول: بحسب الخلاف.

    الخلاصة في هذه القاعدة: أن الأمين إذا تعدى في الأمانة كأن يستعملها لغير مصلحتها زال ائتمانه، ويكون ضامناً بكل حال، لكن لو ترك التعدي، هل نقول بأن ائتمانه يعود، أو لا بد أن يجدد العقد مرة لكي يعود ائتمانه؟

    هذا على حسب الخلاف، والذي يظهر والله أعلم أنه إذا ترك التعدي وأرجع الأمانة إلى حرزها فإن ائتمانه يعود، كما هو قول مالك رحمه الله تعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089189081

    عدد مرات الحفظ

    782581149