إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [17]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • فيما يتعلق بضمان الأيدي المستولية على مال الغير فهي تنقسم إلى أقسام؛ فإما أن تكون يد يمكن أن تملك ما استولت عليه فهذه لا ضمان عليها، وإما أن تكون يد قبضت مالاً بغير إذن مالكه لكن بولاية شرعية أو لمصلحة فهذه لا ضمان عليها، وإما أن تكون يد قبضت مالاً بغير إ
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الثامنة والثمانون: في الانتفاع وإحداث ما ينتفع به في الطرق المسلوكة في الأمصار والقرى وهوائها وقرارها.

    أما الطريق نفسه فإن كان ضيقاً وأحدث فيها ما يضر بالمارة فلا يجوز بكل حال، وأما مع السعة وانتفاء الضرر: فإن كان المحدث فيه متأبداً كالبناء والغراس: فإن كان لمنفعة خاصة لآحاد الناس لم تجز على المعروف من المذهب، وإن كان لمنفعة عامة ففيه خلاف معروف، منهم من يطلقه، ومنهم من يخصه بحالة انتفاء إذن الإمام فيها.

    وإن كان غير متأبد ونفعه خاص كالجلوس وإيقاف الدابة، ففيه خلاف أيضاً.

    وأما القرار الباطن: فحكمه حكم الظاهر على المنصوص.

    وأما الهواء: فإن كان الانتفاع به خاصاً بدون إذن الإمام فالمعروف منعه, وبإذنه فيه خلاف، ويندرج تحت ذلك مسائل كثيرة:

    منها: حفر البئر في الأسواق، وبناء المساجد وغيرها، واختصاص الجلوس في محل واحد، والحفر في الطريق، وإشراع الأجنحة والساباطات والخشب والحجارة في الجدار إلى الطريق].

    تقدم لنا من القواعد ما يتعلق بالنماء، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى قاعدةً تتعلق بالنماء المتصل، وكذلك أيضاً قاعدةً تتعلق بالنماء المنفصل، وما يندرج تحت ذلك من أقسام، وكذلك أيضاً سبق لنا قاعدة في الحمل، وكذلك أيضاً قاعدة في الحقوق وأنواعها، وقاعدة أخرى في الأملاك وأنواعها، وما يقبل النقل منها والمعاوضة، وما لا يقبل النقل والمعاوضة.

    ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: (القاعدة الثامنة والثمانون: في الانتفاع وإحداث ما ينتفع به في الطرق المسلوكة في الأمصار والقرى وهوائها وقرارها).

    هذه القاعدة في الانتفاع والتصرف في الطرق العامة، وهذه الأمور مرجعها إلى البلديات، فشؤون البلديات هي التي تنظم مثل هذه الأشياء، وما الذي يجوز أن ينتفع به من الطريق ويتصرف فيه، وما الذي لا يجوز، وعلى كل حال فنقول: الانتفاع والتصرف بالطرق العامة ينقسم إلى أقسام كما أورد المؤلف رحمه الله تعالى في هذه القاعدة:

    الإحداث في الطرق الضيقة

    القسم الأول: الطرق الضيقة، فهذه لا يجوز إحداث شيء فيها ولو بإذن الإمام؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (أما الطريق نفسه فإن كان طريقاً ضيقاً وأحدث فيه ما يضر بالمارة فلا يجوز بكل حال)، أي: لا يجوز الإحداث فيه لما يترتب عليه من إضرار المارة.

    الإحداث المتأبد في الطرق الواسعة

    القسم الثاني: أن يكون الطريق واسعاً ولا ضرر، والمحدث متأبد كالبناء والغراس، كما لو بنى في الطريق أو غرس فيه.

    قال المؤلف: (إن كان لمنفعة خاصة لآحاد الناس لم تجز على المعروف من المذهب)، يعني: أن الطريق إن كان واسعاً ولا ضرر، والإحداث متأبد، فقال: (إن كان لمنفعة خاصة) كما لو بنى لنفسه، ولنفرض أنه بنى دكةً في الطريق؛ لكي يجلس عليها، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا يجوز، (وإن كان لمنفعة عامة ففيه خلاف)، والأقرب في ذلك: أنه راجع إلى إذن الإمام إن كان لمنفعة عامة، ومثال المنفعة العامة: بناء المساجد، كما لو بنى في الطريق الواسع مسجداً لكي يصلي فيه الناس، فهذا موضع خلاف، (منهم من يطلقه، ومنهم من يخصه بحالة إذن الإمام فيها).

    إذاً: خلاصة القسم الثاني: أن يكون الطريق واسعاً، وأن ينتفي الضرر، وأن يكون الإحداث متأبداً، فإن كان لمنفعة خاصة فإنه لا يجوز، وإن كان لمنفعة عامة فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، ومثال المنفعة الخاصة -كما ذكرنا-: لو غرس لنفسه أو بنى لنفسه، ومثال المنفعة العامة: كما لو غرس لعموم المسلمين، أو بنى لعموم المسلمين.

    الإحداث غير المتأبد في الطرق الواسعة

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإن كان غير متأبد ونفعه خاص كالجلوس وإيقاف الدابة ففيه خلاف أيضاً).

    القسم الثالث: أن يكون الطريق واسعاً ولا ضرر، وأن يتصرف تصرفاً غير مؤبد، فإن كان النفع عاماً فهذا جائز، وإن كان النفع خاصاً فيقول المؤلف رحمه الله: فيه خلاف، والصحيح أنه جائز ما لم يكن هناك ضرر، وكان النفع عاماً، وإن كان النفع خاصاً كالجلوس وإيقاف الدابة، فما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر فهذا جائز ولا بأس.

    التصرف في باطن الطريق

    القسم الرابع: قال رحمه الله: (وأما القرار الباطن: فحكمه حكم الظاهر على المنصوص).

    مثال القرار الباطن: كحفر البئر في الطريق، فباطن الطريق هذا حكمه حكم الظاهر كما تقدم في الأقسام السابقة.

    الانتفاع بهواء الطريق وبناء الساباط

    القسم الخامس: (وأما الهواء فإن كان الانتفاع به خاصاً بدون إذن الإمام فالمعروف منعه، وبإذنه فيه خلاف).

    الهواء مثل الساباط، والساباط: هو البناء الذي يكون بين البنائين، فهذان جاران وبينهما طريق، فإذا أتى هذا الجار وبنى ساباطاً أي مد خشبة إلى جدار جاره، فهو الآن تصرف في هواء الطريق، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ ومثله أيضاً: إشراع الأجنحة وإخراجها، والمراد بالأجنحة ما يسمى عندنا بالبلكونة، أي: أن يخرج أطراف الخشب، أو أطراف الصبة، ويستفيد من هواء الطريق، فهل يجوز هذا التصرف في هواء الطريق، أو لا يجوز؟

    قال المؤلف رحمه الله: إن كان الانتفاع بهذه الأجنحة والساباطات خاصاً وبدون إذن الإمام فإنه ممنوع، وبإذنه فيه خلاف، والصحيح أنه راجع إلى إذن الإمام، وهذا إذا كان خاصاً.

    وأما إذا كان عاماً لمنفعة المسلمين، كأن يجعل مظلة لمنفعة الناس وليس لمنفعته الخاصة فهذا جائز ولا بأس به؛ لأن المقصود بذلك هو مصلحة الناس.

    ثم ذكر المؤلف رحمه الله الصور، وسبق الإشارة إليها في هذه الأقسام.

    فتلخص لنا: أن التصرف في الطرقات العامة والانتفاع بها ينقسم إلى هذه الأقسام الخمسة: وأن يكون الطريق ضيقاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف مؤبداً، فهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف غير مؤبد، وهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، والتصرف في باطن الطريق، والتصرف في هواء الطريق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088553480

    عدد مرات الحفظ

    777288834