إسلام ويب

شرح عمدة الأحكام - كتاب الرضاع [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في باب الرضاع يؤخذ بقول المرأة في رضاع الصبي منها وعدد الرضعات ومدة الرضاع؛ لأن مثل هذه الأشياء لا يطلع عليها غالباً إلا النساء، والحضانة هي حفظ صغير ومجنون ومعتوه عما يضره والقيام بمصالحه، وجهة الأمومة مقدمة على جهة الأبوة في هذا الباب عند الجمهور.
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه: ( أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب , فجاءت أمة سوداء, فقالت: قد أرضعتكما, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: فأعرض عني، قال: فتنحيت, فذكرت ذلك له، قال: كيف؟ وقد زعمت أن قد أرضعتكما ).

    عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني: من مكة - فتبعتهم ابنة حمزة , تنادي: يا عم, فتناولها علي فأخذ بيدها, وقال لـفاطمة : دونك ابنة عمك, فاحتملتها، فاختصم فيها علي وجعفر وزيد ، فقال علي : أنا أحق بها, وهي ابنة عمي، وقال جعفر : ابنة عمي, وخالتها تحتي. وقال زيد : ابنة أخي. فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها, وقال: الخالة بمنزلة الأم. وقال لـعلي : أنت مني وأنا منك. وقال لـجعفر : أشبهت خلقي وخلقي، وقال لـزيد : أنت أخونا ومولانا ) ].

    الشرح:

    تقدم لنا جملة من شروط الرضاع المحرم، وذكرنا من ذلك: أنه يشترط أن يكون خمس رضعات, وأن يكون في الحولين, وهل يشترط أن يكون اللبن ثاب عن حمل أو وطء يعني: تجمع بسبب الحمل أو الوطء؟ هذا موضع خلاف, المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يشترط أن يكون ثاب عن حمل أو وطء، وعلى هذا لو تجمع في صدر بكر لم توطأ فإنه لا يحرم على المشهور من المذهب, والصواب في ذلك أنه يحرم لعمومات الأدلة: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]... إلخ, ولا يشترط في اللبن أن يمصه الرضيع, فلو أنه أكله مع طعام آخر، مادام أن اللبن لا يزال باقياً، يعني: ما خلط معه ولم يغلب على أجزائه, أما إن غلب على أجزائه واضمحل فإنه لا يكون محرماً, وسواء شربه عن طريق الفم أو عن طريق الأنف.. إلخ, فإنه يكون محرماً.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه: (أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب , فجاءت أمة سوداء, فقالت: قد أرضعتكما, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: فأعرض عني. قال: فتنحيت, فذكرت ذلك له. قال: كيف؟ وقد زعمت أن قد أرضعتكما).

    فيه أنه يؤخذ بقول المرأة فيما يتعلق بأصل الرضاع, وعدد الرضعات، وضابط الرضعة المحرمة؛ لأن مثل هذه الأشياء لا يطلع عليها إلا النساء غالباً، فلما كان لا يطلع على مثل هذه الأشياء إلا النساء غالباً اعتبر قول المرأة في هذه المسألة.

    ومن فوائده: أنه إذا ثبت الرضاع فإن النكاح ينفسخ, حتى ولو حصل نكاح فإنه إذا ثبت أن هناك رضاعاً فإن النكاح ينفسخ، كما جاء في هذا الحديث.

    وفيه أيضاً دليل للقاعدة الفقهية: أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً, والطلاق العلماء رحمهم الله تعالى يقولون: إن الطلاق لا يثبت إلا بشاهدين, وهنا ثبت وحصلت الفرقة بين الزوجين في الرضاع بقول امرأة واحدة فقط, فهذا جاء على وجه التبع؛ لأننا قبلنا قولها في إثبات الرضاع فترتب على ذلك, وما يتعلق بفسخ النكاح لا بد فيه من ذكرين, لكن هنا اعتبر قول امرأة واحدة، وهذا على وجه التبع، فهي لو جاءت وشهدت بالطلاق أو شهدت بالخلع, ما قبل قولها، لكن نقبل قولها في الرضاع، فيترتب على ذلك فسخ النكاح, وهذا جاء على وجه التبع لا على وجه الاستقلال.

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( كيف وقد قيل, كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما ..) إلخ، فيه الإنكار على من حاول البقاء على ما ثبت أنه خلاف للنص.

    وفي هذا أيضاً: أن وطء الشبهة لا يترتب عليه حكم, فـعقبة بن الحارث رضي الله تعالى عنه وطئ امرأته وهي أخته من الرضاع, وهذا الوطء بشبهة، ومع ذلك ما رتب عليه النبي صلى الله عليه وسلم حكماً, وإنما أمر بالمفارقة, فصاحبه معذور.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089148155

    عدد مرات الحفظ

    782187969