إذا ابتلي المسلمون بعدو دون أن يتمنوا لقياه فعليهم أن يصبروا ويثبتوا ويتحينوا مناسبة الوقت للقتال فإن ذلك من أسباب النصر، والرباط في سبيل الله له فضل عظيم وأجر كبير لما فيه من حراسة المسلمين من العدو ومخاطرة بالنفس في سبيل ذلك، ومن خرج مجاهداً مخلصاً لله
قال المؤلف رحمه الله: [ولـ
مسلم : (
مثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم)]، هذا فيه فضل عظيم وكبير للمجاهد، وأنه مثل الصائم الذي لا يفطر، ومثل القائم الذي لا يفتر.
وقوله: (والله أعلم بمن يجاهد في سبيله)، إخبار بعلم الله عز وجل وهذا فيه فائدتان:
الفائدة الأولى: تأكيد الجزاء، وأن الله سبحانه وتعالى يعلم هذا الذي يجاهد في سبيل الله عز وجل، وفائدة ذلك أن جزاءه مؤكد عند الله سبحانه وتعالى.
والفائدة الثانية: البعث أو التحريض على هذه العبادات.
قال: (وتوكل الله للمجاهد في سبيله)، يعني: تكفل الله للمجاهد في سبيله، (إن توفاه أن يدخله الجنة, أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة)، يعني: وغنيمة.
وفي هذا كما تقدم: فضل الجهاد وما رتب عليه من أجر عظيم إلى آخره.
وأيضاً فيه: أن كون الإنسان يأخذ شيئاً من الغنائم لا ينقص أجره عند الله عز وجل، ما دام أنه خرج مخلصاً لله عز وجل، وكونه جاءه شيء من الغنائم هذا لا ينقص أجره عند الله عز وجل.
فإن قيل: كيف الجواب عما ثبت في الصحيح، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من سرية تغزو فيغنمون إلا تعجلوا ثلثي أجرهم)؟
الجواب عن هذا أن يقال: بأن هذه السرية التي خرجت للجهاد التفتت قلوبها للغنيمة، وعلى هذا فالإنسان ينبغي ألا يلتفت قلبه لعرض الدنيا، وإنما يعلق قلبه بالله عز وجل، فالتفات القلوب إلى أعراض الدنيا مما ينقص الأجر عند الله عز وجل.