من الأدوية التي أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم التداوي بالعود الهندي، وذكر أن فيه سبعة أشفية، ومن ذلك التداوي بالحبة السوداء، فهي شفاء من كل داء إلا السام، ومن ذلك التداوي بالتلبينة والتداوي بالعسل، فإن لها فضلاً في علاج بعض الأمراض.
قال: [وحدثنا
عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال: حدثني أبي عن جدي قال: حدثني
عقيل عن
ابن شهاب عن
عروة عن
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع بذلك النساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (
التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن)].
التلبينة: عبارة عن حساء من الدقيق أو من النخالة.
قولها: (ببرمة). البرمة نوع من أنواع القدور.
(من تلبينة فطبخت). التلبينة كما ذكرنا هي الحساء، ثم صنع ثريد، فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: (كلن منها).
الثريد: هو الخبز، وقد يكون معه لحم، ثم قالت: كلن منها فإني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن )، يعني: التلبينة هذه هي الحساء من الدقيق أو من نخالة الدقيق أو نحو ذلك، أو من الشعير، وأقرب شيء عندنا ما يسمى بالشوربة اليوم.
هذا المرق قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن )، يعني: تذهب الحزن والهم عن فؤاد المريض. هذا الحديث فيه مسائل:
من مسائله: اجتماع النساء أو اجتماع أهل الميت، وهذه المسألة موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله هل يجتمع للعزاء أو لا يجتمع للعزاء؟
هذا الحديث يدل على أنه لا بأس بالاجتماع للعزاء، وهذا اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
والرأي الثاني: أن الاجتماع للعزاء غير مشروع، وأن المصاب يتلقى في المساجد وفي الأسواق ويعزى ولا يجتمع للعزاء، وهذا ذهب إليه بعض أهل العلم كـالنووي رحمه الله ومحمد بن عثيمين رحمه الله، واستدلوا على ذلك بحديث جرير بن عبد الله البجلي ، قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنع الطعام من النياحة )، والأقرب في هذه المسألة وما ذهب إليه القائلون بأن الاجتماع لا بأس به، ويدل له حديث عائشة رضي الله عنها: (إذا مات الميت من أهلها فاجتمع بذلك النساء)، يعني: اجتمعوا للموت، مما يدل على أن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
لكن يحذر ما يكون في هذه الاجتماعات من التجمعات وعمل الأطعمة الكثيرة، بحيث بدلاً من أن تكون الاجتماع لتسلية المريض والعزاء يكون كفرح، المشروع هو صنع الطعام للمصابين إذا كانوا مصابين، أما إذا كانوا غير مصابين فلا يشرع لهم الطعام، أما تجمع الناس أو دعوة غير المصاب لكي يحضر على الطعام، فنقول: بأن هذا غير مشروع.
قال: (إلا أهلها وخاصتها). وفي هذا أيضاً أن صنع الطعام إنما يكون لأهل الميت وخاصتها.
قال: (أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها)، يعني: على هذا الثريد.
(ثم قالت: كلن منها) الثريد نوع من الخبز صب عليه هذا الحساء، فإذا صب عليه هذا الحساء حصل ترطيب لهذا الثريد، ثم قالت: كلن منها، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن).
في هذا أنه يشرع مثل هذه التلبينة للمريض، إذا حصل له هذا المرض.
وكذلك فيه: أنه إذا حصل الحزن في موت أو نحو ذلك أنه يصنع لمن أصابه الحزن هذه التلبينة، فإن هذه التلبينة أيضاً مجمة لفؤاد المريض وتذهب عنه الحزن.