بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقدم قول المؤلف رحمه الله: [اعلم أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل:
الأولى: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام.
الثانية: العمل به].
المسألة الثانية: العمل بالعلم
المسالة الثالثة: الدعوة إليه
المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه
الدليل على هذه المراتب
قال: [والدليل قوله تعالى].
يعني: الدليل على هذه المراتب الأربع: العلم، والعمل، والدعوة، والصبر.
[قوله تعالى:
وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
[العصر:1-3] ].
فهذه الآية اشتملت على هذه المراتب الأربع: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)، الإيمان من مقتضياته العلم، الإيمان لا بد فيه من العلم وإلا لا يكون الإنسان مؤمناً، فلا بد أن يعلم حتى يكون مؤمناً، فقوله: (آمَنُوا) هذه يستدل بها عن العلم؛ لأنه لا إيمان إلا بعد علم، ولا يمكن أن يكون هناك إيمان إلا بعلم، فلا بد أن تعلم ما لله وما لرسوله صلى الله عليه وسلم، وما يجب... إلى آخره.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هذه المرتبة الثانية، (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) هذه هي المرتبة الثالثة والدعوة (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). هذه هي المرتبة الأخيرة.
[قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله حجةً على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم].
الشافعي هو محمد بن إدريس الشافعي الهاشمي ، ولد رحمه الله في غزة سنة خمسين ومائة للهجرة، وتوفي رحمه الله سنة أربع ومائتين للهجرة، توفي وهو صغير ومع ذلك هو إمام، لكن هذا كله مبعثه حسن القصد والنية، إذا كان الإنسان عنده نية وعنده قصد فإن الله عز وجل يبارك في عمره، وإذا كان تربص الإنسان لله وإرادة وجه الله عز وجل فإن الله عز وجل يبارك في عمره.
الشافعي رحمه الله إمام الآن، وأتباعه كثر، ومع ذلك لم يعمر إلا أربعةً وخمسين عاماً رحمه الله.
قال: [لو ما أنزل الله حجةً على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم].
يعني: مراده رحمه الله: أن هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين الله، في إيجاب الإيمان، إيجاب العمل الصالح، إيجاب الدعوة، إيجاب الصبر، فهذه السورة دالة على الإيمان، إذا آمن الإنسان فإنه سيعمل، دالة على العمل الصالح، دالة على الدعوة، دالة على الصبر.
قال: [وقال البخاري رحمه الله تعالى].
البخاري اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ولد رحمه الله سنة أربع وتسعين ومائة للهجرة، وتوفي رحمه الله سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة، فعمره يساوي اثنين وستين عاماً، وهو إمام كبير من أئمة الحديث.
قال البخاري رحمه الله: [باب: العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
[محمد:19] فبدأ بالعلم قبل القول والعمل].
استدل البخاري رحمه الله بهذه الآية على وجوب البداءة بالعلم قبل العمل، فالإنسان لا بد له أن يبدأ أولاً بالعلم، ثم بعد ذلك يعمل، ولا يمكن أن يعمل الإنسان على ضلالة، وأن الذي يعمل على ضلالة فيه شبه بالنصارى، والذي يعصي بعد العلم هذا فيه شبه باليهود.
قال رحمه الله: [اعلم رحمك الله أنه يجب].
تقدم لنا هذه الصيغة.
[أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل والعمل بهن].
الأولى: أن الله هو الخالق
الثانية: أن الله عز وجل لا يرضى أن يشرك معه أحد