إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الوقف [4]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الهبة ثابتة في الكتاب والسنة والإجماع والنظر، ولا تصح في الشيء المجهول أو المعدوم أو المطلق، وتثبت بصيغة الإيجاب والقبول، والسنة قبولها وعدم ردها، ولا يجوز أن يعود فيها إلا الوالد، وتنفذ الهبة في إبراء ذمة المدين من الدين ولو لم يقبل، ويجب العدل بين الأبن
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الهبة والعطية: وهي التبرع بتمليك ماله المعلوم الموجود في حياته غيره، فإن شرط فيها عوضاً معلوماً فبيع، ولا يصح مجهولاً إلا ما تعذر علمه، وتنعقد بالإيجاب والقبول والمعاطاة الدالة عليها، وتلزم بالقبض بإذن واهب إلا ما كان في يد متهب، ووارث الواهب يقوم مقامه، ومن أبرأ غريمه من دينه بلفظ الإحلال أو الصدقة أو الهبة ونحوها برئت ذمته ولو لم يقبل، ويجوز هبة كل عين تباع وكلب يقتنى.

    فصل: يجب التعديل في عطية أولاده بقدر إرثهم، فإن فضل بعضهم سوى برجوع أو زيادة، فإن مات قبله ثبتت].

    تقدم لنا آخر مباحث الوقف، وذكرنا من ذلك: أن الوقف عقد لازم، وأنه لا يجوز فسخه بإقالة ولا غيرها، وهل يجوز الرجوع فيه بالشرط؟ وقد تكلمنا عن هذه المسألة، وكذلك إذا ظهر دين على الواقف، فهل له أن يرجع في وقفه، أو ليس له ذلك؟ وما يتعلق ببيع الوقف، متى يجوز ومتى لا يجوز؟ وكذلك ما يتعلق بما فضل على الوقف أو ما فضل عن ريع الوقف، تكلمنا عن هذه المسائل، وبقيت عندنا مسألة في الوقف، وهي ما يتعلق بتغيير شرط الواقف.

    تقدم أنه يجب العمل بشرط الواقف، وذكرنا دليل ذلك من قول الله عزّ وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] وإيفاء العقد يتضمن إيفاء أصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، وكذلك أيضاً حديث أبي هريرة الذي علقه البخاري : ( المسلمون على شروطهم )، وحديث عقبة : ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )، فالأصل هو العمل بشرط الواقف، وهذا واجب، ولا يجوز تغييره، لكن ما يتعلق بتغيير شرط الواقف، نقول بأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: أن يغير شرط الواقف من أدنى إلى أعلى، فهذا جائز ولا بأس به، أو الأصل أنه موضع خلاف، ولكن الصواب أنه جائز ولا بأس به، فإذا غيره من أدنى إلى أعلى، كما لو قال: هذا وقف على العباد في هذا المسجد، ثم صرفه إلى طلبة العلم، أو إلى من يحفظون القرآن، ونحو ذلك، فهنا الآن غير الشرط من أدنى إلى أعلى؛ لأنه لا شك أن طلب العلم عبادة، وزيادة على ذلك أن العلم نفعه متعد، بخلاف العبادة القاصرة كالصلاة، والاعتكاف والقراءة ونحو ذلك.

    فهنا نقول: يجوز أن يغيره، ودليل ذلك: ما تقدم من الأدلة الدالة على جواز تغيير الوقف للمصلحة، وذكرنا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن قومك حديث عهد بكفر، لهدمت الكعبة، وألزقتها بالأرض، وبنيتها على قواعد إبراهيم ) فهو أراد أن يغير للمصلحة، وحديث جابر أيضاً تقدم لنا في قصة الرجل الذي قال: (يا رسول الله! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: صل ها هنا )، فنقله هنا من المفضول إلى الفاضل.

    القسم الثاني: أن يغير شرط الواقف من مساوٍ إلى مساوٍ له، فهذا لا يجوز؛ لأن الأصل هو العمل بشرط الواقف، فإذا غيره من مساوٍ إلى مساوٍ له، نقول: بأن هذا غير جائز، لماذا؟ لأن الأصل هو العمل بشرط الواقف، فمثلاً لو قال: هذا وقف على العباد في هذا المسجد فصرفه إلى العباد في المسجد الآخر، أو قال: هذا وقف على طلاب العلم في هذا المسجد، فصرفه على طلاب العلم في مسجد آخر، نقول بأن هذا غير جائز؛ لأن الأصل وجوب العمل بشرط الواقف.

    القسم الثالث: أن يغيره من أعلى إلى أدنى، وهذا لا خلاف في أنه لا يجوز، فلو قال: هذا وقف على طلاب العلم، فصرفه إلى العباد أو قال: هذا وقف على فقراء الأقارب فصرفه إلى فقراء الأجانب، نقول بأن هذا لا يجوز.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089198221

    عدد مرات الحفظ

    782704387