إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [8]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حكم الخروج على الإمام متوقف على حال الإمام وحال الخارجين عليه، فإن كان الإمام كافراً جاز الخروج عليه مع القدرة وأمن حصول مفسدة أكبر، وأما إن كان الإمام فاسقاً فلا يخرج عليه ولكن يناصح، وإذا كان الإمام عادلاً فلا يجوز الخروج عليه، ومن فعله فهو من البغاة ول
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن دخل منزل رجل متلصصاً فحكمه كذلك.

    باب قتال أهل البغي:

    إذا خرج قوم لهم شوكة ومنعة على الإمام بتأويل سائغ فهم بغاة، وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها، فإن فاءوا وإلا قاتلهم، وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى.

    باب حكم المرتد:

    وهو الذي يكفر بعد إسلامه، فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته، أو صفة من صفاته أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا، أو جحد بعض كتبه أو رسله، أو سب الله أو رسوله فقد كفر، ومن جحد تحريم الزنا أو شيئاً من المحرمات الظاهرة المجمع عليها بجهل عرف ذلك، وإن كان مثله لا يجهله كفر.

    فصل: فمن ارتد عن الإسلام وهو مكلف مختار، رجل أو امرأة دعي إليه ثلاثة أيام وضيق عليه فإن لم يسلم قتل بالسيف ولا تقبل توبة من سب الله أو رسوله ].

    تقدم لنا شيء من أحكام المحاربين، وتقدم من أحكامهم: الفرق بين حد الحرابة والقصاص، وأن القصاص تشترط فيه المكافأة وأما حد الحرابة فإنه لا تشترط فيه المكافأة، وكذلك أن القتل في حد الحرابة متحتم لأنه حد وأما في القصاص فليس متحتماً.

    كذلك أيضاً بينا من القواعد المهمة في هذا الباب: أن حد الحرابة حد مستقل بذاته لا يلحق بغيره من الحدود.

    وتقدم لنا أيضاً ما يتعلق بأحكام المحاربين وأن العلماء رحمهم الله لهم في ذلك مسلكان:

    المسلك الأول: مسلك الترتيب.

    والمسلك الثاني: مسلك التخيير.

    وأن الذين ذهبوا إلى مسلك الترتيب قالوا: إنه ترتب العقوبات على حسب الجنايات، وسبق أن ذكرنا أن الأقسام عندهم ستة أقسام.

    وأما الذين قالوا بمسلك التخيير فقالوا: إن الإمام مخير كما في الآية: إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ [المائدة:33]، فالإمام مخير إما أن يقتل، وإما أن يقتل ويصلب، وإما أن يقطع اليد والرجل، وإما أن يشرد حسب المصلحة.

    وتقدم لنا أنه إذا تاب فإن حقوق الله تسقط، وأما حقوق الآدميين فإنها لا تسقط إلا أن يعفى عنها.

    وتقدم أيضاً ما يتعلق بالصائل وأنه يجب على الإنسان أن يدفع عن نفسه وعن نفس غيره، ويجب أيضاً أن يدفع عن حرمته وعن حرمة غيره، وذكرنا الأدلة على ذلك.

    وهل يجب عليه أن يدفع عن ماله أو لا يجب عليه؟ فيه خلاف للعلماء رحمهم الله، وقلنا: في ذلك رأيان، وتقدم الكلام على هذه المسألة.

    ويستثنى من وجوب الدفع -كما تقدم- مسألتان:

    المسألة الأولى: إذا كانت المدافعة لا تجدي شيئاً وإنما وجودها كعدمها فإنها لا تجب حينئذ عليه، فمثلاً: لو هجم عليه جمع كثير فوجود المدافعة كعدمها، لكن له أن يدافع، ولا يحرم عليه، وأيضاً لا يجب عليه؛ لأن المدافعة هنا لا يترتب عليها شيء.

    المسألة الثانية: إذا كان ذلك في الفتنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل). وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كن كخيري ابني آدم ). وعلى هذا تحمل قصة عثمان رضي الله تعالى عنه؛ فإن عثمان رضي الله تعالى عنه لم يأذن للصحابة رضي الله تعالى عنهم الذين أرادوا أن يدافعوا عنه لما هجم عليه الخوارج؛ خشية الفتنة وتوسع الشر وكثرته.

    قال رحمه الله: (ومن دخل منزل رجل متلصصاً فحكمه كذلك).

    إذا دخل شخص منزل شخص متلصصاً أي: دخل لصاً للسرقة يقول المؤلف رحمه الله : حكمه كذلك، الإشارة تعود إلى الصائل، بمعنى أنه يدفع بالأسهل فالأسهل، فيأمره بالخروج فإن خرج لم يضربه وإلا ضربه، وعلى هذا فقس. وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أنه يدفع بالأسهل فالأسهل وأن هذا حكمه حكم الصائل، وهذا فيه نظر؛ لأن هذا ليس صائلاً هذا معتد، الصائل يريد أن يعتدي، لكن هذا في العدوان، فالصحيح أنه لا يأخذ حكم الصائل بل هذا معتد فلك أن تعاقبه مباشرة.

    ونظير ذلك: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن اطلع على خصائص البيت فإن لصاحب البيت أن يفقأ عينه؛ لأن هذا من باب عقوبة المعتدي.

    ففرق بين المعتدي وبين الصائل الذي يريد أن يعتدي. فالصواب في هذه المسألة: أنه على خلاف ما ذكر المؤلف رحمه الله. فنقول: هذا معتدٍ فلك أن تعاقبه مباشرة. لكن على الإنسان أن يتقي الله عز وجل وليس له أن يسفك دمه ما دام أنه يستطيع أن يرد عدوانه بأقل من القتل كالضرب -مثلاً- ونحو ذلك؛ لكن -كما تقدم لنا- إن خشي صاحب البيت أن يبدره هذا اللص بالقتل فله أن يبدره بالقتل.

    فلو أن صاحب البيت قتله بعد أن دفعه ولم يندفع فالمشهور عند الفقهاء رحمهم الله تعالى أنه لابد من البينة: ( لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر). فلابد من البينة عند الفقهاء. وإلا كان ذلك وسيلة لكل أحد أن يقتل شخصاً ويدعي أنه دخل بيته.

    وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه لا حاجة إلى البينة في مثل هذه المواضع وإنما يرجع إلى القرائن، فإذا عرفنا من حال الشخص أنه لا يمكن أن يقدم على هذا القتل إلا وهو صادق فيما يدعيه، وأنه لا يمكن أن يتجرأ على القتل لورعه وصدقه وأمانته وأنه اقتحم عليه منزله ونحو ذلك، ودفعه ولم يندفع، إذا عرفنا ذلك من حال الشخص فهنا نصير إلى القرينة، أما القول بأنه لابد أن يأتي ببينة فهذا صعب جداً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089188361

    عدد مرات الحفظ

    782558905