إسلام ويب

الأمن مطلب الجميع [1]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأمن مطلب عزيز وكنز ثمين، اعتنى به الإسلام أشد العناية، فشرع الأوامر، ونهى عن المفاسد والشرور، وشرع الحدود والزواجر لحفظ الأمن، وفي الأمن تقام الصلاة والصوم والزكاة والحج والحدود. وعند فقدانه تظهر الفتن ويكثر الخبث وتعم الفوضى، فحري بالمسلمين أن يحققوا و
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    أوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله ما استطعتم، فمن ابتغى غنى من غير مال وعزاً من غير جاه، ومهابة من غير سلطان فليتق الله، فربكم سبحانه معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، سبحانه وبحمده لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه، لا إله غيره ولا رب سواه.

    عباد الله! الأمن مطلب عزير وكنز ثمين، هو قوام الحياة كلها، وأساس الحضارة المدنية أجمعها، تتطلع إليه المجتمعات، وتتسابق لتحقيقه السلطات، وتتنافس في تأمينه الحكومات، وتسخر له الإمكانات المادية والوسائل العلمية، والدراسات الاجتماعية والنفسية، وتحشد له الأجهزة الأمنية، وتستنفر له الطاقات البشرية، فمطلب الأمن يسبق طلب الغذاء، وبغير الأمن لا يستساغ طعام ولا يهنأ عيش ولا يلذ بنوم، ولا ينعم براحة.

    قيل لحكيم: أين تجد السرور؟ قال: في الأمن، فإني وجدت الخائف لا عيش له.

    في ظل الأمن تحفظ النفوس وتصان الأعراض والأموال، وتؤمن السبل وتقام الحدود ويسود العمران، وتنمو الثروات وتتواصل الخيرات، ويكثر الحرث والنسل.

    في ظل الأمن تقوم الدعوة إلى الله عز وجل، وتعمر المساجد، ويفشو المعروف ويقل المنكر ويحصل الاستقرار.

    إن نعم الله على الخلق كثيرة لا تعد ولا تحصى، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34].

    وأعظم النعم بعد الإيمان العافية والأمن، فالأمن ضد الخوف، والأمن طمأنينة القلب وسكينته وراحته وهدوؤه، فلا يخاف الإنسان مع الأمن على الدين، ولا على النفس والعرض والمال.

    الأمن أصل من أصول الحياة البشرية، لا تزدهر إلا به، وما قيمة المال إذا فقد الأمن؟ وما طيب العيش إذا انعدم الأمن، وكيف تنتعش مناشط الحياة بدون الأمن؟

    فالأمن تنبسط معه الآمال، وتطمأن معه النفوس على عواقب السعي والعمل، وتتعدد أنشطة البشر النافعة، ويتبادل الناس في ظلاله المصالح والمنافع، وتكثر الأعمال المتنوعة التي يحتاج الناس إليها في حياتهم.

    في الأمن تحقن الدماء وتحفظ الأموال وتتيسر الأرزاق، وتسعد وتبتهج الحياة في جميع مجالاتها، وقد امتن الله على الخلق بنعمة الأمن، وذكرهم بهذه النعمة، ليشكروا الله عليها وليعبدوه في ظلالها، فقال سبحانه: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [القصص:57]، وقال سبحانه: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:3-4].

    وروى عبيد الله بن محسن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) رواه الترمذي وحسنه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089179593

    عدد مرات الحفظ

    782486752