إسلام ويب

دروس من وصايا لقمان لابنه [1]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأدب القرآني ما جاء على ألسنة بعض الصالحين كلقمان الحكيم الذي أوصى ابنه بعدة وصايا تنفعه في دينه ودنياه، من ذلك توالي شكر النعم قولاً وعملاً وقلباً، والحذر من الشرك الأكبر بأنواعه، كتسوية غير الله به فيما هو من خصائصه كالدعاء، واعتقاد وجود مدبر غيره س
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل الله، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    عباد الله! لقد تضمن كتاب الله عز وجل وصايا نافعة، وتوجيهات مفيدة، وقواعد كلية، وأسباباً للسعادة والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ومن هذه الوصايا ما قصه الله عز وجل علينا في كتابه في سورة لقمان، يقول الله عز وجل في هذه السورة: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:12-19].

    حقاً عباد الله! إنها وصايا نافعة، وقواعد كلية، حري بالمسلم وجدير به أن يأخذ بها، وأن يربي نفسه عليها، وأن يربي أولاده على هذه الوصايا التي هي أسباب الفلاح والنجاح، وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12].

    لقمان عبد من عباد الله الصالحين، ليس نبياً من الأنبياء، لكنه عبد من العباد، امتن الله عز وجل عليه بالحكمة.

    قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان عبداً حبشياً، وقيل: بأنه من سودان أهل مصر، هذا الرجل لقمان امتن الله عز وجل عليه بالحكمة، والحكمة هي الفقه في الدين، معرفة أحكام الله عز وجل، والعمل بها، وقد ثبت في الصحيح من حديث معاوية رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).

    فنأخذ من هذا عباد الله أن أحكام الشريعة نعمة يمتن الله عز وجل بها على من يشاء من عباده، فحري بالمسلم وجدير به أن يخصص شيئاً من وقته للفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكي يتعلم شيئاً من أحكام الله عز وجل.

    ولنعلم عباد الله أن الله لا يعبد إلا على بصيرة، وقد ذم الله عز وجل الذين يعبدونه على ضلالة غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، والضالون هم كل من عبد الله على جهل وضلال، فيجب على المسلم أن يتعلم من أحكام دينه ما تصح به عباداته ومعاملاته، وما تصح به عقيدته، وليس معذوراً أمام الله عز وجل، والعلم فضله عظيم وأجره كبير، قال الله عز وجل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9]، وقال سبحانه: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].

    وقال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا أعلم مرتبةً بعد مرتبة النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه، وكانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، أي: ترعاهم وتقوم بمصالحهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي آخر، أما هذه الأمة فإنه لا نبي بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الله جعل أهل العلم يقومون مقام الأنبياء في بني إسرائيل، فالعلماء في هذه الأمة بمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل، إذ إنهم يقومون على رعاية الناس ورعاية مصالحهم بتعليمهم أحكام دينهم، فحري بالمسلم وجدير به أن يخصص شيئاً من وقته لتعلم أحكام كتاب الله عز وجل.

    كذلك أيضاً نأخذ من هذه الآيات درساً آخر: وهو أن يقوم المسلم على أولاده، وأن يربيهم على هذه الوصايا النافعة، فإن الله سبحانه وتعالى لم يذكر هذه الوصايا عن لقمان إلا لكي نحتذيها، ونفعل كما فعل لقمان ، وأن نوصي بذلك أولادنا من البنين والبنات بهذه الوصايا النافعة، والتوجيهات السديدة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088456232

    عدد مرات الحفظ

    776839136