إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الصلاة - (باب فرض القبلة) إلى (باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد)

شرح سنن النسائي - كتاب الصلاة - (باب فرض القبلة) إلى (باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان الصحابة أشد الناس امتثالاً واتباعاً لما جاء عن الرسول الكريم، وتجلى ذلك عند تحولهم من جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة وهم في الصلاة حين أخبروا بأن القبلة قد حولت، واستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، ومن اليسر الذي جاءت به الشريعة جواز التنفل على الراحلة في السفر وعدم استقبال القبلة في السنن والرواتب خلافاً للفرائض.

    شرح حديث البراء في صرف النبي إلى القبلة بعد صلاته نحو بيت المقدس لأشهر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فرض القبلة.

    أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان حدثنا أبو إسحاق عن البراء رضي الله عنهما قال: (صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، شك سفيان، وصرف إلى القبلة)].

    يقول النسائي رحمه الله: باب: فرض القبلة، المقصود من ذلك: هو إيجاب استقبال الكعبة المشرفة، التي وجه إليها النبي صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة، وكان عليه الصلاة والسلام، لما فرضت عليه الصلوات الخمس بمكة قبل الهجرة بثلاث سنوات يصلي إلى بيت المقدس، ثم لما هاجر إلى المدينة صلى سبعة عشر شهراً أو ستة عشر شهراً، ثم إنه حول وصرف إلى الكعبة المشرفة.

    وقد أورد النسائي في ذلك حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر إلى المدينة، صلى إلى بيت المقدس نحواً من ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، ثم إنه صرف إلى الكعبة المشرفة فاستقبلها، وصارت هي قبلة المسلمين التي حولوا إليها بعد أن كانوا قبل ذلك يتجهون إلى بيت المقدس، وصارت الكعبة المشرفة في مكة المكرمة هي قبلة المسلمين يستقبلها الناس من كل مكان، فالذين هم عندها يستديرون حولها، والذين هم في أقطار الأرض يتجهون إليها.

    تراجم رجال إسناد حديث البراء في صرف النبي إلى القبلة بعد صلاته نحو بيت المقدس لأشهر

    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].

    ومحمد بن بشار، هو الملقب بـبندار، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري؛ لأن وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، حيث توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].

    وهو يحيى بن سعيد القطان، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، القدوة، الذي هو من أئمة الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وسبق أن ذكرت الكلمة التي قالها الذهبي عنه وعن عبد الرحمن بن مهدي: أنهما إذا اجتمعا على جرح شخص، فهو لا يكاد يندمل جرحه، يعني: أنهما يصيبان الهدف، وأن كلامهما معتبر، ولا يكاد يخطئ، بل هما مصيبان إذا اتفقا على جرح شخص، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سفيان].

    وسفيان هنا مهمل غير منسوب، وهذا يسمى عند المحدثين في أنواع علوم الحديث المهمل، أي: الذي يذكر اسمه ولا يذكر نسبه ولا اسم أبيه، أو يذكر اسمه واسم أبيه، ولكن يشترك معه أشخاص في الاسم واسم الأب ويفترقون فيما وراء ذلك، هذا يسمى المهمل، ومعرفة تمييز المهمل ونسبته تعرف: بالتلاميذ والشيوخ بكون الإنسان مكثراً عنه إذا اتفق في الأخذ عنه، فينظر من له به اختصاص ومن له ميزة، وهنا سفيان يحتمل: ابن عيينة ويحتمل: الثوري، ويحيى بن سعيد القطان روى عن سفيان بن عيينة، وعن سفيان الثوري كليهما، وأبو إسحاق السبيعي روى عنه السفيانان: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، فروى السفيانان عن أبي إسحاق السبيعي، وروى يحيى القطان عن السفيانين.

    وإذاً: فكيف يميز أحدهما وقد اتفقا في أن يحيى القطان أخذ عنهما، وأنهما أخذا عن أبي إسحاق السبيعي؟ ينظر لمن له اختصاص من حيث القرب والاتصال.

    فإذا نظرنا إلى الثوري وجدنا أنه كوفي، ووجدنا أن أبا إسحاق السبيعي كوفي، ويحيى القطان بصري، والبصرة قريبة من الكوفة، وشيخ سفيان في الإسناد هو أبو إسحاق السبيعي وهو كوفي، وسفيان بن عيينة مكي، معنى هذا: أن يحيى بن سعيد القطان يروي عن سفيان في حال سفر، وأما بالنسبة للثوري فإنه عنده؛ لأن البصرة قريبة من الكوفة، ثم أيضاً من ناحية أن سفيان الثوري هو من أهل الكوفة، وشيخه أبو إسحاق السبيعي من أهل الكوفة، فإذاً: الأقرب أن يكون سفيان الثوري، لكن كما عرفنا: إذا تردد الأمر بين شخصين وهما ثقتان فلا يؤثر لو جهل تعيين أحدهما فإن الإسناد صحيح، سواء كان هو هذا أو هذا؛ لأن كلاً من السفيانين من الثقات الأثبات الأجلاء، لكن من حيث الاحتمال الأقرب، وقد اتفقا في أن القطان أخذ عنهما، وأنهما أخذا عن أبي إسحاق السبيعي، يكون من كان من أهل البلد أو قريباً من البلد أولى، فإذاً: الأولى أن يكون سفيان الثوري وهو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، الثقة، المحدث، الفقيه، وهو ممن وصف بأمير المؤمنين في الحديث، وهو لقب رفيع، لم يظفر به إلا عدد قليل من المحدثين، منهم: سفيان الثوري، وسفيان الثوري خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا أبو إسحاق].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، الهمداني نسبة عامة والسبيعي نسبة خاصة؛ لأن سبيع بطن من همدان، ولكنه مشهور بالنسبة الخاصة: أبو إسحاق السبيعي، وهو ثقة يدلس، وحديثه خرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن البراء].

    وهو البراء بن عازب، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وعن أبيه؛ لأنه صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وقد قال في آخر الحديث: شك سفيان، الذي قلنا: إن الأرجح أن يكون الثوري، هو الذي شك وتردد بين سبعة عشر أو ستة عشر، يعني: المدة التي صلاها رسول الله عليه الصلاة والسلام والمسلمون معه بعدما هاجروا إلى المدينة إلى بيت المقدس، وبعدها حولوا إلى الكعبة المشرفة.

    شرح حديث البراء في صرف النبي إلى القبلة بعد صلاته نحو بيت المقدس لأشهر من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم إنه وجه إلى الكعبة، فمر رجل قد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من الأنصار، فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة)].

    أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، ولكن لا يوجد شك بين الستة عشر والسبعة عشر شهراً وإنما هي ستة عشر، وهذا من طريق أبي إسحاق السبيعي، لكن من غير طريق سفيان، وإنما من طريق زكريا بن أبي زائدة الكوفي، ففيه الجزم بأنها ستة عشر شهراً، فهذا يقوي أحد الاحتمالين اللذين شك فيهما سفيان، وهو الستة عشر شهراً.

    ثم ذكر في آخر الحديث أنه ذهب رجل إلى جماعة من الأنصار وهم يصلون، فأخبرهم بأن النبي عليه الصلاة والسلام أنزل عليه القرآن وأنه وجه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى جهة الكعبة وهم في صلاتهم، فكانوا ابتدءوها إلى جهة بيت المقدس، وأكملوها إلى جهة الكعبة؛ وذلك باستدارتهم من جهة الشمال إلى جهة الجنوب، والإمام كما هو معلوم كان في جهة الشمال، ولا شك أنه اتجه وخرق الصف وتقدمهم، وأكمل بهم الصلاة إلى جهة الكعبة، وهذا يدل على أن فعلهم الذي فعلوه من كونهم استداروا واتجهوا إلى الكعبة، يدل على سرعة امتثالهم واتباعهم لما جاء عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن قيامهم بذلك، إنما حصل بعد تحققهم من حصول ذلك الخبر بواسطة ذلك الشخص الذي جاء وأخبرهم.

    وفيه دليل على الأخذ بأخبار الآحاد، وأن الشخص الواحد إذا أخبر بخبر، أو حدث بحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه يعتمد ويعول عليه، وكان هذا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا شك أنه علم بذلك، وأنه قد أقره، فحصول ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وبفعل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، يدل على اعتبار خبر الواحد وقبوله، وأنه حجة يعول عليه؛ لأن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم قبلوا خبره واتجهوا إلى الكعبة، وكانوا قبل ذلك في أول صلاتهم متجهين إلى بيت المقدس.

    وفيه دليل على أنه إذا جاء الحكم الشرعي فإنه يعتبر بعد العلم به وليس قبل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وهم صلوا متجهين إلى بيت المقدس بعدما حصل النسخ، لكنهم ما علموا إلا في أثناء الصلاة، ومن أجل ذلك استداروا، فكان جزء من صلاتهم التي كان أولها إلى بيت المقدس، ولكنه بعدما حصل النسخ، لكن علمهم بالناسخ هو الذي تأخر، فهذا يدل على أن الذي أخذ بالمنسوخ وعمل به، ثم جاء الناسخ؛ فإنه معذور في عدم عمله بالناسخ بعد ثبوته وقبل علمه، أي: علم ذلك الشخص الذي بلغه الخبر فاستدار إلى الكعبة، ولو كان الأخذ بالمنسوخ أو الأخذ بالناسخ من حيث ثبوته، لكان عليهم أن يعيدوا الصلوات التي صلوها قبل ذلك، وأن يستأنفوا تلك الصلاة التي هم في آخرها، لكن لما استداروا في آخرها، وكان أولها إلى بيت المقدس، وكان النسخ قد حصل قبل صلاتهم، دل ذلك على أن المعتبر هو وقت علمهم بالناسخ.

    تراجم رجال إسناد حديث البراء في صرف النبي إلى القبلة بعد صلاته نحو بيت المقدس لأشهر من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].

    وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية، أبوه إسماعيل وهو المشهور بـابن علية؛ لأن هذا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، والمعروف بـابن علية وهو إسماعيل، يعني: معروف بنسبته إلى أمه، يقال له: ابن علية، وهو مشهور بهذه النسبة، فابنه هذا هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم. ومحمد هذا ثقة خرج له النسائي وحده، لكن هناك شخص آخر ابن لـإسماعيل، وهو سيئ وجهمي ومنحرف عن مذهب أهل السنة، وهو: إبراهيم بن إسماعيل، ذاك لما ترجم له الذهبي في الميزان قال: جهمي هالك، وهو الذي عرف بالشذوذ في مسائل الفقه، حيث يقال: قال فيها ابن علية، وليس المقصود ابن علية الذي هو الأب؛ الذي هو إسماعيل؛ فهو إمام من أئمة أهل السنة، ثقة، ثبت، وأما الذي يقال له: ابن علية، وله في مسائل الفقه شذوذ، فهو إبراهيم بن إسماعيل أخو محمد هذا الذي معنا.

    ومن المسائل التي شذ فيها هو وأبو بكر الأصم، أن الإجارة حرام لا تجوز. وكيف يستغنى عن الإجارة؟ ما أحد يستغني عن الإجارة أبداً؛ لأن الإنسان يحتاج إلى الناس، والناس ما يقومون ببذل ما عندهم بالمجان. والقرآن جاء أيضاً في شرع من قبلنا في قصة الخضر وموسى: قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77]، وجاء في السنة في أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله، وكذلك المسلمون اتفقوا عليها، ولم يخالف فيها إلا ابن علية الجهمي، وأبو بكر الأصم المعتزلي، وهما من أهل البدع، فقد أنكرا الإجارة وقالا: إنها لا تصح ولا تجوز، وهذا شذوذ واضح.

    [حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق].

    إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن زكريا بن أبي زائدة].

    هو زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتبة الستة.

    [عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب].

    وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088543663

    عدد مرات الحفظ

    777231736