إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب التطبيق - (تابع باب نوع آخر من الدعاء في السجود)

شرح سنن النسائي - كتاب التطبيق - (تابع باب نوع آخر من الدعاء في السجود)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، لذا يستحب أن يكثر المصلي من الدعاء، ويلح على الله عز وجل، تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام.

    شرح حديث عائشة في دعاء النبي في السجود: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في السجود، وقال: نوع آخر.

    أخبرنا محمد بن قدامة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف قالت عائشة رضي الله عنها: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضجعه، فجعلت ألتمسه، وظننت أنه أتى بعض جواريه، فوقعت يدي عليه وهو ساجد، وهو يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)].

    فالتراجم هذه تتعلق بالدعاء في السجود، وقد مر بعض الأحاديث المشتملة على الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في السجود، وقد عرفنا من قبل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن السجود يكثر فيه من الدعاء، وأن الركوع يعظم فيه الرب، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم).

    وقد وردت أدعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود، وقد عقد النسائي عدة تراجم بهذه الأنواع من الأدعية، وقد مر بعضها وهو الدعاء الذي فيه: (اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً..)، إلى آخره، والدعاء الذي فيه -أيضاً- التعظيم لله عز وجل وهو حديث عائشة، أنه ( كان يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي )، وهو مشتمل على دعاء، وعلى ثناء على الله عز وجل، ثم بعد ذلك جملة من التراجم المشتملة على أنواع من الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود، ومن هذه الأنواع هذا الحديث، أو ما اشتمل عليه هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها: أنها سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء، وكان ذلك في مناسبة حصلت لها، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها، وكان في مضجعه، فتنبهت وإذا هو ليس في مضجعه، فظنت أنه ذهب إلى بعض جواريه، وهذا فيه بيان ما كانت عليه النساء من الغيرة على الأزواج، فبحثت عنه عليه الصلاة والسلام، فوجدته ساجداً، وهو يدعو في سجوده ويقول هذا الدعاء: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، يعني أنه قام من مضجعه يصلي عليه الصلاة والسلام، وكان يدعو في سجوده بهذا الدعاء: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) وهذا من الجوامع، أن العبد يسأل الله عز وجل أن يغفر له سره وعلانيته، ما حصل له في السر، وما حصل له في العلانية، ومن المعلوم أن أحواله تنقسم إلى قسمين: سر وعلانية، فالمصلي عندما يدعو ربه بهذا الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسأل الله عز وجل أن يغفر له ما أسره وما أعلنه، وهذا من جوامع الأدعية التي كان يدعو بها الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في دعاء النبي في السجود: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].

    وهو محمد بن قدامة المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا جرير].

    وهو ابن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن منصور].

    وهو منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن هلال بن يساف].

    ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [قالت عائشة...].

    وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها في آيات من سورة النور، وهي من أوعية السنة، وممن حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنها روت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما الأحاديث المتعلقة بأحوال البيوت، والتي تجري بين الرجل وبين أهله، فإنها حفظت الشيء الكثير في ذلك وفي غيره، رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    ومن المعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام هم الذين حفظوا السنن وتلقوها وأدوها إلى من بعدهم، فمن أخذ وعمل بتلك السنن التي جاءت عن طريق الصحابي، أو عن طريق الصحابية، كالذي جاء عن طريق عائشة رضي الله عنها وأرضاها من السنن، فإن أي عامل يعمل بتلك السنن، فإنه مأجور على عمله الذي جاء عن طريقه ذلك، والذي استفاد عن طريقه ذلك، يكون مأجوراً مثل أجور ذلك العامل، ولهذا فإن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم مأجورون على أعمالهم، ومأجورون على ما يعمله العاملون من السنن التي جاءت عن طريقهم، فإن الأحاديث التي يروونها هم الواسطة وهم السبب فيها، فكل من عمل بتلك السنة، فإنه يكون مأجوراً على عمله بها، ويكتب الله عز وجل لمن كان هو الدليل، ولمن كان واسطةً في ذلك، وهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل أجور العاملين، وكذلك يكتب لمن بعدهم والذين كانوا سبباً في حفظها، أي: حفظ السنن، مثل أجور من عمل بها؛ لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: (من دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)، وكذلك: (من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله)، ومعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، هم الذين دلوا على هذا الخير، الذي تلقوه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا صاروا أفضل الناس، وصاروا خير الناس، ولهم مثل أجور من جاء بعدهم ممن أخذوا عنهم السنن، وممن عملوا بتلك السنن التي جاءت عن طريقهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ولهذا فإن محبتهم علامة الإيمان، وبغضهم أو بغض أحد منهم علامة النفاق، وعلامة الخذلان، وليس هناك أعظم خذلاناً ممن يبتلى بأن يكون في قلبه غل على أصحاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم، والله عز وجل أخبر في سورة الحشر أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: المهاجرين، والأنصار، والذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار، سائلين الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، فهذه هي علامة الإيمان، وعلامة الهداية، والناس ثلاثة أصناف لا رابع لها، الناجون، والذين هم على الحق والهدى، هم هؤلاء الأصناف الثلاثة: المهاجرون، والأنصار، والذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم، سائلين الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، وحقداً عليهم، ومن كان في قلبه حقد وغل على أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن هذه هي العلامة الواضحة على أنه مخذول، وعلى أنه جنى على نفسه، وعلى أنه جر البلاء إلى نفسه؛ لأن هؤلاء الأخيار، وهؤلاء الصفوة المختارة، لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، وقد جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في حق الأنصار: (أن آية الإيمان: حب الأنصار، وآية النفاق: بغض الأنصار)؛ وذلك لأنهم نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أظهر الله على أيديهم دينه، وكذلك المهاجرون مثلهم؛ لأنهم تركوا بلادهم، وجاءوا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وللجهاد معه، فمن يحب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام سعى إلى جلب الخير إلى نفسه، ومن كان في قلبه بغض لهم، أو لأحد منهم، فإنه جنى على نفسه، وجلب المصائب على نفسه، ونادى على نفسه بأنه مخذول ممن خذله الله.

    فـعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، ممن حفظ الله تعالى بها سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيرها من الصحابة، الذين حفظ الله تعالى بهم السنة، وكانوا هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمسلمون لا يربطهم بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا الصحابة، ولا يعرفون شيئاً جاء عن رسول الله، إلا عن طريق الصحابة، فإذا قطعت الصلة بالرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بالقدح في الصحابة، وبالنيل من الصحابة، فإن هذا علامة الخذلان، وأن الإنسان لا صلة له بالرسول صلى الله عليه وسلم أصلاً، ولا علاقة له بالرسول، ولا تربطه به أي علاقة؛ لأن فيه رد للشريعة، ورد للكتاب والسنة؛ لأن القدح في الناقل قدح في المنقول، وقد قال أبو زرعة الرازي رحمة الله عليه، وهو من علماء القرن الثالث الهجري، ومن أئمة الجرح والتعديل، ومعروف بكلامه في ذلك، كان يقول كلمة رواها عنه الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية بإسناده إليه، أنه قال: إذا رأيتم أحداً ينتقص أحداً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق، ثم بين ذلك فقال: وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة، أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء -يعني يشير إلى الذين يقدحون فيهم- يجرحون شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، وذلك أن القدح في الناقل قدح في المنقول، القدح في الصحابة قدح للكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة ما جاء إلا عن طريق الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، ثم قال: والجرح بهم أولى وهم زنادقة، وإذا كان من خذله الله عز وجل لا يقدر الصحابة، ولا يعرف فضل الصحابة، بل يذمهم، ويعيبهم، ولا يقبل ما جاء عن طريقهم، فما هو الحق الذي في يده؟! إنه ليس في يده إلا الخذلان، وليس في يده إلا الحرمان، وليس في يده إلا الوقوع في حبائل الشيطان.

    شرح حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (رب اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظننت أنه أتى بعض جواريه، فطلبته، فإذا هو ساجد يقول: رب! اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)].

    ثم ذكر الحديث من طريق آخر، وهو مثل الذي قبله إلا أنه بلفظ: (رب! اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، بدل: (اللهم اغفر لي) فهو رب، يعني: يا رب، و(اللهم)، يعني: يا ألله؛ لأن (اللهم) معناها يا ألله، يعني حذفت ياء النداء وعوض عنها ميم في الآخر، والروايتان جاءتا بلفظ واحد إلا في هذا اللفظ، ولا فرق بين اللفظين؛ لأن (اللهم) هي بمعنى يا رب، أو بمعنى رب.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (رب اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].

    وهو أبو موسى الملقب بـالزمن، كنيته أبو موسى، وهو العنزي الملقب بـالزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، إذ كانت وفاته قبل البخاري بأربع سنوات، فـالبخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد ذكرت فيما مضى أن هناك شيخين للبخاري، هما مثل محمد بن المثنى في كونهم من صغار الشيوخ، وكونهم ماتوا في سنة واحدة، وهما: محمد بن بشار بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فإن هؤلاء الثلاثة: محمد بن المثنى الذي معنا، ومحمد بن بشار بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، هؤلاء الثلاثة روى لهم أصحاب الكتب الستة مباشرةً وبدون واسطة، وهم من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

    [حدثنا محمد].

    غير منسوب، والمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، إذا جاء محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى يرويان عن محمد غير منسوب، فالمراد به ابن جعفر الذي هو: غندر، وكذلك إذا جاء محمد يروي عن شعبة غير منسوب، فالمراد به محمد بن جعفر غندر، فمحمد هذا غير منسوب وهو ابن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا شعبة].

    وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وما بعد شعبة قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا منصور بن المعتمر، وهلال بن يساف، وعائشة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088783471

    عدد مرات الحفظ

    779007295