إسلام ويب

شرح سنن النسائي - كتاب تقصير الصلاة في السفر - باب الصلاة بمنىللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ثبت في سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الحاج يقصر الصلاة الرباعية في منى، وعليه كان الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وصدراً من خلافة عثمان، وإنما أتم عثمان بعد ذلك لئلا يظن الأعراب أن الصلاة قصرت إلى ركعتين طوال العام.

    شرح حديث حارثة بن وهب: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ... ركعتين)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة بمنى.

    أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس وأكثره ركعتين].

    يقول النسائي رحمه الله: باب الصلاة في منى، المراد بهذه الترجمة بيان: أن الصلاة في منى في الحج أنها قصر وأنها ركعتان، ومعلوم أن الناس مقيمون في منى، بعدما يرجعون من عرفة، يبقون فيها يوم العيد، ويومين أو ثلاثة بعد يوم العيد، إن تعجلوا فتكون إقامتهم في منى ثلاثة أيام، وإن تأخروا فتكون أربعة أيام، يوم العيد وثلاثة أيام من بعده.

    فالمقصود من الترجمة: أن الناس بمنى المطلوب منهم أن يصلوا الرباعية ركعتين، وأن الصلاة في منى إنما تكون كذلك، ولو كان هناك إقامة، ولو كانوا مقيمين غير مرتحلين، وإنما هم مستقرون في منى هذه الأيام، فالمسافر يقصر ويصلي الرباعية ركعتين.

    وقد أورد النسائي عدة أحاديث تتعلق بالصلاة في منى، وأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بمنى ركعتين في حجة الوداع، الرباعية يصليها ركعتين مدة إقامته بمنى، يوم العيد ويوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر؛ لأنه تأخر عليه الصلاة والسلام ولم يتعجل، وقد أورد النسائي حديث حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه، قال: ( صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس وأكثره ركعتين )، يعني: أن النبي عليه الصلاة والسلام قصر في منى ركعتين مع وجود الأمن وكثرة الناس، فليس القصر مقيد بالخوف كما جاء في الآية الكريمة: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101]، قد مر في بعض الأحاديث أن ابن عباس، أو ابن عمر، قال: أنه خرج مع صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وكان يصلي ركعتين لا يخاف إلا رب العالمين، معناه: أنه ليس هناك خوف من الناس، وإنما كان أمن، وإنما فيه الخوف من الله الذي يكون دائماً وأبداً، فكذلك أيضاً في منى مع وجود الأمن، ومع وجود كثرة الناس، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين، فدل هذا على أن صلاة المسافر أنها ركعتان، سواءً كان هناك خوف، أو كان هناك أمن.

    تراجم رجال إسناد حديث حارثة بن وهب: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ... ركعتين)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا أبو الأحوص].

    هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو الأحوص توفي سنة 179هـ وهي السنة التي مات فيها مالك. وقتيبة يروي عن مالك، ويروي عن أبي الأحوص. وقتيبة، من المعمرين؛ لأنه ولد سنة 150هـ، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة، وولد فيها الإمام الشافعي، سنة 150هـ، والشافعي توفي سنة 204هـ وعمره أربعاً وخمسون سنة، وأما قتيبة فعمر إلى سنة 240هـ، فصار عمره تسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، وهو من الطبقة العاشرة ويروي عن أبي الأحوص، وهو من الطبقة السابعة، بين طبقته وطبقة أبي الأحوص، طبقتين، والسبب في هذا كونه عمر فأدرك المتقدمين، فصار من في العاشرة يروي عن من في السابعة، وذلك لما حصل لقتيبة من طول في العمر، إذ ولد سنة 150هـ فأدرك مالك، وأدرك الشافعي، وأدرك من كان أيضاً قبلهما في الوفاة؛ لأن عمر قتيبة عند وفاة أبي الأحوص ومالك تسع وعشرين سنة، كان عمره عنده وفاتهما تسعة وعشرون سنة، فهذا هو السبب الذي يجعل شخص مثلاً متأخر في طبقة، يروي عن شخص متقدم عنه بطبقتين أو أكثر، وهذا هو الذي جعل الثلاثيات للبخاري، بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص: صحابة، وتابعين، وأتباع تابعين، فكون البخاري يروي عن أتباع التابعين، فتختصر الطبقات، والسبب كون الشخص يكون معمراً.

    [عن أبي إسحاق].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، وهو ثقة مكثر، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن حارثة بن وهب الخزاعي].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وهذا الإسناد: قتيبة، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن وهب، أربعة أشخاص، فهو من الرباعيات التي هي من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن النسائي، أعلى ما عنده الرباعيات، وأنزل ما عنده العشاري، الذي هو عشرة أشخاص، بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلى ما عنده الرباعيات، وهذا منها، وحارثة بن وهب الخزاعي، من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو ابن زوجة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه؛ لأن عمر تزوج أمه.

    حديث حارثة بن وهب: (صلى بنا رسول الله بمنى... ركعتين) من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا شعبة حدثنا أبو إسحاق، ح، حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان أخبرني أبو إسحاق عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين).

    أورد النسائي حديث حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو بمعنى الطريق السابقة، ومفيد ما أفادته الطريقة السابقة.

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو الفلاس، المحدث، الناقد، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من المتكلمين في الرجال جرح وتعديلاً، وكثيراً ما يأتي ذكره بـالفلاس، فيقال: ضعفه الفلاس، وثقه الفلاس، قال فيه الفلاس كذا، وأحياناً يأتي بنسبته ونسبه، فيقال: عمرو بن علي كما هنا، فهو عمرو بن علي الفلاس.

    [حدثنا يحيى].

    هو يحيى بن سعيد القطان البصري، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، هو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا أبي إسحاق].

    هو السبيعي، وقد مر ذكره.

    [ح حدثنا عمرو بن علي].

    و(حاء) هذه للتحويل، أي: التحول من إسناد إلى إسناد آخر عند النسائي ؛ لأنه ذكر الإسناد الأول، ثم وقف في أثنائه ورجع من جديد بإسناد آخر، وأتى بكلمة حاء، أو بحرف حاء الذي: هو يدل على التحول من إسناد إلى إسناد، فيكون الإسنادان يلتقيان، ثم يتحدان بعد ذلك، فيكون طريقان مفترقان، ثم يلتقيان عند شخص، ثم يستمران من ذلك الشخص، وملتقى الإسنادين هو: أبو إسحاق السبيعي؛ لأن هذا الإسناد عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة بن الحجاج، والطريق الثاني: عمرو بن علي، يروي عن يحيى بن سعيد القطان، ويروي عن سفيان، ثم سفيان يروي عن أبي إسحاق، وسفيان هنا يحتمل الثوري، ويحتمل ابن عيينة؛ لأن يحيى بن سعيد القطان روى عنهما جميعاً، لكن أبو إسحاق كوفي والثوري كوفي، فالأقرب أن يكون الذي روى عن أبي إسحاق السبيعي هو: الثوري؛ لأن كلاً منهما كوفي، ثم أيضاً من حيث البلد، فالبصرة والكوفة متقاربتان، يحيى بن سعيد القطان بصري، والبصرة قريبة من الكوفة، ويحيى بن سعيد القطان روى أيضاً عن ابن عيينة، وهو مكي، لكن أبو إسحاق كوفي، فيكون من حيث البلد، ومن حيث كثرة الاتصال، يكون بين الثوري وبين أبي إسحاق أكثر مما يكون بين ابن عيينة وأبي إسحاق.

    فالطرق التي يعرف بها المهمل: أن يُنظر إلى التلاميذ والشيوخ والبلد، وأيضاً ينظر إلى الأسانيد الأخرى فقد يكون فيها نسبة المهمل، وبيان نسبه، وأنه فلان بن فلان، فيتبين أنه أحد الاثنين، وسفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، ثبت، حجة، إمام فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، مثل: شعبة بن الحجاج، كلاً منهما وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث.

    [عن حارثة بن وهب الخزاعي].

    وقد تقدم في الإسناد الذي قبل هذا.

    شرح حديث أنس: (صليت مع رسول الله بمنى ومع أبي بكر وعمر ركعتين ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن بكير عن محمد بن عبد الله بن أبي سليم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال:(صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، ومع أبي بكر وعمر ركعتين، ومع عثمان ركعتين صدراً من إمارته).

    أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر، وعمر، أي: صلى مع كل منهما في منى ركعتين، ومع عثمان صدراً من إمارته، يعني في أولها، ثم إنه بعد ذلك أتم رضي الله تعالى عنه، صار يتم في منى، والسنة في منى أن الصلاة الرباعية تصلى ركعتان؛ لأن هذا هو الذي فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفعله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان مدة من خلافته، ثم بعد ذلك أتم عثمان رضي الله عنه، فصلى الرباعية أربعاً.

    وقد ذُكر أسباب عديدة كون عثمان أتم الصلاة الرباعية ولم يقصرها ويصليها ركعتين في منى، من أوضحها سببان: أحدهما: أنه رأى أن القصر إنما يكون في حال السفر الذي هو: السير، والانتقال، وأما في حال الإقامة فإنه يكون الإتمام، والسبب الثاني، أو الوجه الثاني: أنه رأى أن الحج يحضر فيه كثير من الناس، وأعراب، ويكثر فيهم الجهل، فإذا صلوا أو رأوا الإمام يصلي ركعتين، ظنوا أن هذه هي السنة في جميع أيام السنة، وأن الصلاة تكون ركعتين، فصلى أربعاً حتى لا يحصل من بعض الأعراب هذا التوهم، بسبب الجهل، هذان هما أحسن ما قيل في تأويل، أو بيان سبب كون عثمان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه أتم. ومن المعلوم أن ما جاءت به سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعمل الخليفتين من بعده، وعمل عثمان في أول خلافته، أنه هو الذي وافق السنة، وهو المطابق للسنة. ومن المعلوم أن السنن تبين للناس، وتوضح للناس، وعثمان رضي الله عنه إنما أتم.. قالوا: لهذين السببين ولغيرهما، فالمشروع والحكم بالنسبة للمسافر في منى أنه يصلي ركعتين، ولا يصلي أربعاً، وهذا هو الذي يتفق مع ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعن الخليفتين الراشدين من بعده، وكذلك في أول خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    تراجم رجال إسناد حديث أنس: (صليت مع رسول الله بمنى ومع أبي بكر وعمر ركعتين ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وقد مر ذكره.

    [حدثنا الليث].

    هو ابن سعد المصري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن بكير].

    هو ابن عبد الله بن الأشج المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمد بن عبد الله بن أبي سليم].

    وعندكم في الكتاب: ابن أبي سليمان، وهو محمد بن عبد الله بن أبي سليم المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي.

    [عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

    شرح حديث ابن مسعود: (صليت بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا عبد الواحد عن الأعمش حدثنا إبراهيم سمعت عبد الرحمن بن يزيد ح وأنبأنا محمود بن غيلان حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه قال: صليت بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين].

    ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: (صليت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام بمنى ركعتين)، وهذا دال على ما دلت عليه الأحاديث المتقدمة من أن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام هي: أن الصلاة تكون ركعتين للصلاة الرباعية، فجماعة من الصحابة جاء عنهم أنهم صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وبعضهم يقول: إنه صلى مع أبي بكر وعمر بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومع عثمان في أول خلافته رضي الله تعالى عن الجميع.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (صليت بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وقد مر ذكره.

    [حدثنا عبد الواحد].

    هو ابن زياد، وهو ثقة في حديثه، لين عن الأعمش، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، في حديثه مقال عن الأعمش.

    [عن الأعمش].

    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا إبراهيم].

    هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [سمعت عبد الرحمن بن يزيد].

    هو ابن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ح وأنبأنا محمود بن غيلان].

    (ح) هذه تحول من إسناد إلى إسناد، محمود بن غيلان هو المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.

    [حدثنا يحيى بن آدم الكوفي].

    ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سفيان].

    هو الثوري، وهو يروي عن الأعمش، وتلميذه وشيخه كل منهما كوفي، الذي هو سفيان الثوري، وتلميذه يحيى بن آدم وشيخه الأعمش كوفيان، وسفيان الثوري، مر ذكره قريباً. والأعمش أيضاً كذلك.

    [عن إبراهيم].

    هو ابن يزيد بن قيس النخعي، وقد مر ذكره.

    [عن عبد الرحمن بن يزيد].

    وقد مر ذكره أيضاً في الإسناد الذي قبل هذا.

    [عن عبد الله بن مسعود].

    وهذا هو ملتقى الإسنادين من حيث الإظهار، وإلا فإن الإسنادان ملتقيان عند الأعمش؛ لأن الأول عبد الواحد عن الأعمش، والثاني سفيان عن الأعمش، فملتقى الإسنادين الأعمش.

    فقوله: [عن عبد الله بن مسعود].

    هو عبد الله بن مسعود الهذلي، من المهاجرين، ومن علماء الصحابة، وكانت وفاته سنة 32هـ في أواخر خلافة عثمان، وليس هو من العبادلة الأربعة؛ لأنه متقدم، وليس من كبار الصحابة الذين هم في سن واحد، والعبادلة الأربعة ليس هو منهم، بل هم من صغار الصحابة، وأما هو فهو من كبارهم ومن متقدميهم.

    شرح حديث ابن مسعود: (صليت مع رسول الله ركعتين) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن خشرم حدثنا عيسى عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد صلى عثمان بمنى أربعاً حتى بلغ ذلك عبد الله فقال: لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين].

    حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه بلغه أن عثمان رضي الله عنه صلى أربعاً، وقيل له: إنه صلى أربعاً، فقال: لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، في بيان أن ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو القصر وليس الإتمام، ففيه بيان السنة، وأن عثمان رضي الله عنه، لما حصل منه الإتمام متأولاً، أن الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والخليفتين من بعده، وكذلك أيضاً هو في أول خلافته، إنما هو القصر وليس الإتمام، ولهذا بين عبد الله أنه لما حصل من الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الإتمام بمنى، قال: صليت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام بمنى ركعتين، فهذه هي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعثمان تأول.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (صليت مع رسول الله ركعتين) من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا علي بن خشرم].

    هو المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وهو من المعمرين، وجاء عنه أنه قال: صمت ثمانية وثمانين رمضاناً، وهو قارب المائة، معناه: أنه صام هذه السنين الكثيرة، ويحتمل أن يكون بعضها صامه وهو قبل البلوغ؛ لأنه قارب المائة، ثمانية وثمانين سنة وهو يصوم رمضان.

    [حدثنا عيسى].

    وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أخو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الأعمش].

    وقد مر ذكره، سليمان بن مهران، والأعمش لقبه، وقد مر قريباً.

    [عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد].

    وقد مر ذكرهما.

    [عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه].

    وكذلك أيضاً مر في الإسناد الذي قبل هذا.

    شرح حديث ابن عمر: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد أخبرنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر رضي الله عنه ركعتين، ومع عمر رضي الله عنه ركعتين)].

    أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وكذلك مع أبي بكر في زمن خلافته، ومع عمر في زمن خلافته، وكلٌ يصلي ركعتين يقصر الرباعية ولا يتمها، فحديث عبد الله بن عمر، دال على ما دلت عليه الأحاديث السابقة عن جماعة من الصحابة في أن السنة أو أن الذي فعله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بمنى هو صلاة الرباعية ركعتين.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ...)

    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].

    هو السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، ويقال له: سني لأنه أظهر السنة في بلده، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.

    [أخبرنا يحيى].

    هو ابن سعيد القطان، وقد تقدم ذكره.

    [عن عبيد الله ].

    هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، وهو المصغر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع].

    هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله].

    هو ابن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم الذين جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    شرح حديث ابن عمر: (صلى رسول الله بمنى ركعتين ...) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصلاها أبو بكر ركعتين، وصلاها عمر ركعتين، وصلاها عثمان صدراً من خلافته)].

    أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله، إلا أن فيه زيادة أن عثمان رضي الله عنه صلاها ركعتين صدراً من خلافته، أي: ثم بعد ذلك أتمها، فالحديث دال على ما دل عليه الذي قبله، وفيه هذه الإضافة وهي: أن عثمان أيضاً صدراً من خلافته صلاها ركعتين.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (صلى رسول الله بمنى ركعتين ...) من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].

    هو المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وقد مر أن محمد بن سلمة الحراني الذي هو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وذكرت أنه إذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي مباشرة، فالمراد به المصري، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي بواسطة بينه وبينه شخص، فالمراد به الحراني.

    [حدثنا ابن وهب].

    هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن يونس].

    هو ابن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن شهاب].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قام بجمع السنة، بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وهو الذي قال فيه السيوطي في الألفية:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر

    [أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عمر].

    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [يروي عن أبيه عبد الله بن عمر].

    وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

    لا ذاك متأخر، ذاك يروي عن نافع، وأما هذا يروي عن أبيه، ونافع يروي عن عبد الله بن عمر، فهذا عبيد الله ابنه؛ لأنه عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وأما ذاك عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088796634

    عدد مرات الحفظ

    779099657