إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. محاضرات الحج
  6. كتاب مناسك الحج
  7. شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب ترك التسمية عند الإهلال) إلى (باب إذا أهل بعمرة هل يجعل معها حجاً)

شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب ترك التسمية عند الإهلال) إلى (باب إذا أهل بعمرة هل يجعل معها حجاً)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجوز للمحرم ترك تسمية النسك عند الإهلال، ولهذا يجوز للمحرم أن يقول: أهللت بما أهل به فلان، ومن أحرم بالعمرة له أن يدخل عليها الحج فيصير قارناً.

    شرح حديث جابر في ترك التسمية عند الإهلال

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك التسمية عند الإهلال.

    أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال: (أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فحدثنا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكث بالمدينة تسع حجج، ثم أذن في الناس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاج هذا العام، فنزل المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويفعل ما يفعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لخمس بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه، قال جابر: ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بين أظهرنا عليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا، فخرجنا لا ننوي إلا الحج)].

    يقول النسائي رحمه الله: ترك التسمية عند الإحرام. المراد بالتسمية في هذه الترجمة كما يظهر من الحديثين اللذين أوردهما تحتها: هو ترك إعلان النسك، أو تسمية النسك الذي يحرم به، ومن المعلوم: أن الإحرام يكون بالنية، نية النسك، والتلفظ ليس بلازم، يجوز التلفظ بما نوى، بما يتعلق بالإحرام بالحج، أو العمرة، أو القران، ولا يجوز التلفظ في النية في شيء من العبادات إلا في النسك، فلا يتلفظ بالنية في الصلاة، ولا في الطواف، ولا في أي قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل، ويقول: نويت كذا وكذا إلا الحج، فإنه جاء فيه كون الإنسان يذكر ما نوى بأن يقول: لبيك عمرة، أو لبيك عمرة وحجاً، أو لبيك حجاً، فإن هذا سائغ، لكن التسمية للنسك، وذكرها على اللسان ليس بلازم، بل المعتبر هو النية، وكون الإنسان يعقد قلبه وعزمه في قلبه على أنه داخل في النسك فإنه يكون بذلك دخل في الإحرام، وليس من شرطه أو مما يجب فيه أن يسمي ما يحرم به من الأنساك، فلا يلزمه أن يقول: لبيك عمرة، أو يتلفظ بالعمرة، أو بالحج، أو بالعمرة والحج، بل يكفي أن ينوي بقلبه أنه دخل بالعمرة إن كان متمتعاً، أو دخل بالحج إن كان مفرداً، أو دخل بالحج والعمرة إن كان قارناً.

    وعلى هذا فالواضح أن المقصود من قوله: (ترك التسمية)، أي: تسمية النسك الذي يريده من عمرة، أو حج، أو عمرة وحج مع بعض، الذي هو: القران، وبه يعلم أن المقصود أن التسمية ليست بلازمة، وأن المهم هو النية والنية محلها القلب والتلفظ بها بدعة في العبادات إلا في الحج والعمرة فيجوز التلفظ بما نوى، هذا هو المقصود من ذكر التسمية أو ترك التسمية هنا، وليس المقصود من ترك التسمية، يعني: بسم الله الرحمن الرحيم، أنه لا يأتي بـ بسم الله الرحمن الرحيم، ليس هذا هو المقصود؛ لأنه أولاً لا يؤتى بالتسمية عند الإحرام، وإنما الإنسان ينوي بقلبه ويقول: لبيك عمرة، أو لبيك حجاً؛ لأن المقصود بالتسمية هو كون العمل يبدأ بذكر الله، والتلبية هي ذكر لله عز وجل، مثل الخطبة تبدأ بالحمد لله، ولا يلزم أن تبدأ بـ بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن الحمد ثناء على الله عز وجل، وذكر لله سبحانه وتعالى، ومثل باقي الصلاة بالله أكبر، فإنه ذكرٌ لله عز وجل، ولا يؤتى بالتسمية، قبل ما يقول: الله أكبر يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو قبل أن يقول: لبيك عمرة يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو قبل أن يأتي بعمل يبدأه بالبسملة أو الخطبة يبدأها بـ بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن الخطبة تبدأ بالحمد، والحمد ثناء، والصلاة تبدأ بالتكبير، والتكبير ثناء، والحج أو العمرة يبدآن بلبيك عمرة، أو لبيك حجاً إذا تلفظ وهو ثناء.

    فإذاً: ليس المقصود من الترجمة ترك التسمية يعني: ترك بسم الله الرحمن الرحيم عند الإحرام، وإنما المقصود ترك تسمية النسك الذي هو عمرة، أو حج، أو قران، ولهذا أورد النسائي الحديثين وفي كل واحد منهما: (لا ننوي إلا الحج)، والنية محلها القلب، معناه: أن نيتهم، وعقد عزمهم وما عقدوا عليه قلوبهم، إنما هو الحج، فما جاء في الحديث: (لا ننوي إلا الحج)، أي: أنهم نووا في قلوبهم أنهم حجاج، أو أنهم يريدون الحج، وهذا هو المقصود من الترجمة، وهذا هو محل الشاهد من الحديثين للترجمة.

    أورد أولاً حديث: جابر بن عبد الله في قصة خروجهم مع النبي عليه الصلاة والسلام للحج، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أراد الحج، أو أنه مكث تسع حجج تسع سنوات، والحجج هي السنوات، ومنه قول الله عز وجل في حق موسى وصهره: عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27]، يعني: ثمان سنوات، فيطلق على السنة حجة؛ لأنه يكون في كل سنة حجة، والحج مرة واحدة في السنة، مثل ما يقال عن الأسبوع: جمعة، فيطلق لفظ الجمعة ويراد به الأسبوع، هنا ذكر حجة، أي: سنة؛ لأن الحج يأتي في السنة مرة واحدة، فإذا قيل: تسع حجج، يعني: تسع سنوات، والرسول صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنوات، ثم أعلن في السنة العاشرة قبيل الحج في شهر ذي القعدة بأنه حاج، والحديث: (أعلن أن الرسول صلى الله عليه وسلم، حاج هذا العام)، وهنا (في حاجٍ هذا العام)، و(في) هذه زائدة، الموجود في السنن الكبرى بدون (في)، ولا معنى لوجود (في) في الحديث، وإنما (أعلن أن النبي صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام)، ولو كانت (في) موجودة بعد (حاج) لاستقام المعنى، يعني: (حاج في هذا العام)، لكن الذي في السنن الكبرى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام)، بدون حرف (في) الذي هو قبل كلمة (حاج).

    فلما أعلن أن النبي صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام، نزل إلى المدينة خلق كثير، توافدوا إلى المدينة يريدون أن يصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته وفي حجته، ويقتدون به ويتلقون عنه كيفية الحج، فتوافدوا إلى المدينة، وكثر الواردون إليها ليصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى الحج، فخرج عليه الصلاة والسلام لخمس بقين من ذي القعدة، وخرج بعد أن صلى الظهر في المدينة أربع ركعات، ثم جاء ذا الحليفة وصلى فيه العصر ركعتين، وجلس فيه يوماً وليلة، وصلى فيه خمسة فروض: العصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، والظهر، وبعد صلاة الظهر ارتحل وأحرم صلى الله عليه وسلم، وذكرت فيما مضى أنه فعل ذلك، وأنه مكث هذه المدة ليلحق الناس به، وليجتمع الناس، وليتوافد الناس إلى ذلك المكان فيكونون مع النبي صلى الله عليه وسلم من حين ما يبدأ بالحج الذي يبدأ بالإحرام.

    إذاً فالذهاب إلى ذي الحليفة والمكث فيه يوم وليلة، ليس هذا سنة، وأنه يستحب للإنسان أن يجلس في ذي الحليفة يوم وليلة إذا أراد أن يحج؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام، هو إمام المسلمين، وقد جلس في ذلك المكان ليلحق به الناس، وليجتمع عليه الناس، وليصحبه الناس من أول عمل يقوم به في الحج؛ لأنه لو ذهب ماراً بذي الحليفة ومشى رأساً، ما لحقه الناس، وما تمكن الناس من أن يرافقوه من أول دخوله في النسك، بل من كان معه وقريباً منه هذا هو الذي يتمكن، والذين في المدينة لم يلحقوا من أول الرحلة، لكنه صلى الله عليه وسلم مكث يوماً وليلة ليلحق به الناس وليجتمع الناس عليه، ثم يحرم وينطلق بهم، ويبدءوا بمعرفة أعمال الحج من بدايتها وهم معه صلى الله عليه وسلم.

    قوله: [قال جابر: (ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرنا، عليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا)].

    والرسول صلى الله عليه وسلم ينزل عليه القرآن، وهو يعرف تأويله، أي: تفسيره، ومن المعلوم أن القرآن يبينه القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخير ما يفسر به القرآن القرآن والسنة، كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هو الذي يفسر به كلام الله، ثم يلي ذلك تفسير الصحابة وسلف هذه الأمة، لكن خير ما يفسر به القرآن، القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال جابر: (ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، ينزل عليه القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا)، يعني: فنحن نقتدي به، وهو ينفذ ما جاء في القرآن، ويطبق ما جاء في القرآن، وينفذ ما أمر به في القرآن، ونحن نتابعه فيما يأتي به.

    ومن المعلوم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء أثر عن عائشة: (كان خلقه القرآن)، يتأدب بآداب القرآن، ويمتثل ما جاء في القرآن، ولهذا جاء عنها أنها قالت: (لما نزل: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن أنزلت عليه هذه السورة إلا وهو يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، يتأول القرآن)، أي: ينفذ، ويطبق ما جاء في القرآن؛ لأنه قيل له: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:3]، فكان يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي)، (سبحانك اللهم وبحمدك)، تنفيذاً لقوله: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، وقوله: (اللهم اغفر لي)، تنفيذاً لقوله: وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:3]، وهو يعلم تأويله من حيث تفسيره، ومن حيث تطبيقه، ويأتي به تفسيراً، وإيضاحاً، وبياناً، ويأتي به تطبيقاً وتنفيذاً، وهنا في قول عائشة: (يتأول القرآن)، يعني: ينفذ ما جاء في القرآن.

    قوله: [(فخرجنا لا ننوي إلا الحج)].

    وهذا هو محل الشاهد (لا ننوي إلا الحج)، يعني: بقلوبنا، وفسر بأن هذا كان في أول الأمر، أنهم خرجوا من المدينة منطلقين لا يريدون إلا الحج، ولا ينوون إلا الحج؛ لأن هذا زمن الحج وهم خرجوا حجاجاً لأداء الحج، ففسر بأنهم لا ينوون إلا الحج، أو أن المقصود بذلك أنهم وإن كان فيهم من هو قارن، وفيهم من هو متمتع، وعائشة كانت متمتعة، لكن لما كان المقصود الأصلي بالخروج هو الحج، والعمرة قرنت أو أتي بها قبله، فيكون المقصود من ذكر الحج لكونه المقصود الأصلي للخروج؛ لأن هذه رحلة حج، لكنه قد يكون حج مفرداً، وقد يكون حج معه عمرة، أو حج مسبوقاً بعمرة، أو أن المقصود من ذلك ما حصل من غالبية الصحابة الذين كانوا محرمين بالحج، أو قارنين إليه العمرة، وعائشة رضي الله عنها، كانت متمتعة ومحرمةً بالعمرة، وحصل لها الحيض، وجاء الحج وهي لم تطهر، فأمرها بأن تدخل الحج على العمرة وتكون قارنة.

    إذاً: فمحل الشاهد من إيراد الحديث في باب: ترك التسمية عند الإهلال، أي: ترك تسمية النسك؛ لأنه قال: (لا ننوي إلا الحج)، والنية تكون محلها القلب، وقد عرفنا أن النية في القلب لا بد منها، وأن التلفظ جائز، وليس بواجبٍ، ولا شرطٍ، ولا لازم، ولو لم يتلفظ جاز، لكن لو لم ينو بقلبه أنه دخل بعمرة، أو بحج، أو بحج وعمرة، ما يعتبر دخل في النسك؛ لأن الأعمال بالنيات، (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، والنية محلها القلب، إذاً هذا هو المقصود من قول النسائي: ترك التسمية عند الإهلال، ومحل الشاهد قوله: (لا ننوي إلا الحج).

    تراجم رجال إسناد حديث جابر في ترك التسمية عند الإهلال

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].

    وهو: يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].

    وهو: يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا جعفر بن محمد].

    وهو: جعفر بن محمد الملقب الصادق، وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، فقيه، إمام، وهو إمام من أئمة أهل السنة، ينزلونه منزلته التي تليق به، وهو إمام من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يغلون بهم، ويصفونهم بصفات لا يوصف بها الأنبياء والمرسلون، حيث يفضلونهم على الأنبياء والمرسلين كما جاء عن زعيمهم الذي هلك قبل سنوات وهو الخميني، حيث قال في كتابه الحكومة الإسلامية، وفي صفحة اثنين وخمسين يقول: وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل!، هذا هو الغلو المتناهي وتجاوز الحدود، حيث جعلوهم أفضل من الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، وكيف يكون ذلك وهم إنما حصل لهم الهدى عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، يصل الأمر إلى أن يكونوا خيراً من الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، هذا هو الضلال المبين، وهذا هو الباطل الواضح الجلي، وهذا هو الغلو المتناهي، أما أهل السنة فيتولون أهل البيت، وينزلونهم منازلهم، ومن كان منهم صحابياً يحبونه لصحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كان منهم غير صحابي، وهو من المؤمنين المتقين، يحبونه لتقواه، ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب الصادق، صدوق، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [حدثني أبي].

    وأبوه: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب الباقر، وهو إمام من أئمة أهل السنة، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو إمام من الأئمة الإثنا عشر للرافضة، الذين قالوا فيهم ما قالوا، والذين غلوا فيهم، وتجاوزوا الحدود فيهم، وذكرت الكلمة التي قالها فيهم الخميني، وهي المقتضية تفضيلهم على الأنبياء، والمرسلين، والملائكة المقربين.

    [أتينا جابر].

    وهو: جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    وهذا الإسناد الذي هو جعفر عن محمد عن جابر هو الذي جاء فيه حديث جابر الطويل في صفة حجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا قطعة منه، وحديث جابر في صفة حجة الرسول صلى الله عليه وسلم، هو أطول حديث في حجة الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي جمع، وبين ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، من البداية حتى النهاية.

    شرح حديث عائشة: (خرجنا مع رسول لا ننوي إلا الحج ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ لـمحمد قالا: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرجنا لا ننوي إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا أبكي، فقال: أحضت؟ قلت: نعم. قال: إن هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي المحرم غير أن لا تطوفي بالبيت)].

    ثم أورد النسائي حديث: عائشة رضي الله عنها، قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ننوي إلا الحج)، وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث؛ لأنه نفس اللفظ الذي جاء في حديث جابر: (لا ننوي إلا الحج)، أي: أن المعتبر هو النية، والمعتبر ما يقوم بالقلب، والتلفظ بما نواه في الحج جائز وليس بلازمٍ ولا واجب، فالتلفظ بما نوى في الحج سائغ، وأما في غير الحج فهو بدعة، فكون الإنسان يتلفظ بنية الصلاة، أو يتلفظ بنية الطواف، أو يتلفظ بأي قربة يتقرب بها ما عدا الحج، فإن هذا من البدع، لكن التلفظ ليس بلازم، بل العبرة بما يكون بالقلب، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات)، والنيات محلها القلوب، وليست محلها الألسنة، لكن يجوز التلفظ بما نوى بما يتعلق بالأنساك، ولا يجوز التلفظ بما نوى في القربات الأخرى التي في غير الحج، وعائشة رضي الله عنها وأرضاها كانت متمتعة، ولما كانوا بسرف حاضت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال: (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)، يعني: لا تبكي، وهذا شيءٍ ليس إليها وليس بيدها، وإنما هذا شيء مكتوب وقدره الله وقضى بأنه يكون، والمقصود بالكتابة هنا: الكتابة القدرية، وليست الكتابة الشرعية؛ لأن الكتابة تأتي بمعنى القدر، وتأتي بمعنى الشرع، فهنا: (كتبه الله على بنات آدم)، أي: قدر وقضى أنه يحصل لبنات آدم أنهن يحضن، وأما الكتابة الشرعية: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]، فرض عليكم القصاص، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183]، فرض عليكم الصيام، هذه كتابة شرعية، وكتابة كونية قدرية هي هذه، لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]، يعني: كتابة قدرية، وهنا (شيء كتبه الله على بنات آدم)، يعني: كتابة قدرية، قدر وقضى أن النساء يكن على هذا الوصف قضاءً وقدراً، فهو يهون عليها حين بكت، وقال: (إن هذا شيء مكتوب، وعليك أن تعملي ما يعمل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)، يعني: كل ما يعمله الحاج تفعلينه، ولما جاء الحج ولم تطهر، أمرها بأن تدخل الحج على العمرة وتكون قارنة؛ لأن العمرة نوتها من الميقات، والحج نوته عندما جاء وقت الحج فأدخلته على العمرة فصارت قارنة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ومحل الشاهد كما ذكرت: (لا ننوي إلا الحج)، وهو نفس الذي جاء في حديث جابر: (لا ننوي إلا الحج).

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (خرجنا مع رسول الله لا ننوي إلا الحج ...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].

    وهو: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.

    الحارث بن مسكين].

    الحارث بن مسكين، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ لـمحمد]

    واللفظ لـمحمد يعني هذا على خلاف الغالب على عادة النسائي أنه عندما يأتي الحارث بن مسكين ومعه غيره يكون اللفظ للحارث بن مسكين، لكن هنا اللفظ ليس للحارث بن مسكين بل هو لـمحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ الأول للشيخ الأول؛ لأنه يذكر غالباً عندما يذكر النسائي الحارث بن مسكين ومعه شخصاً آخر، يبدأ بالشخص الآخر ويثني بـالحارث بن مسكين، ويقول: قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، غالباً ما يقول هذا، لكنه هنا قال: قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ لـمحمد، أي: الشيخ الأول، فهذا على خلاف الغالب المعتاد عند النسائي من أن اللفظ يكون للحارث بن مسكين عندما يقرن معه شخصاً آخر، هنا اللفظ لـمحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي.

    [حدثنا سفيان].

    وهو: سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الرحمن بن القاسم].

    وهو: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    وهو: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    وهي: عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها مما رميت به من الإفك في آياتٍ تتلى من سورة النور، وهي الصحابية التي وعت الكثير، وحفظت الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088796409

    عدد مرات الحفظ

    779098015