إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب النكاح
  7. شرح سنن النسائي - كتاب النكاح - باب التزويج على نواة من ذهب - باب إباحة التزوج بغير صداق

شرح سنن النسائي - كتاب النكاح - باب التزويج على نواة من ذهب - باب إباحة التزوج بغير صداقللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المهر لا بد منه، ويكون بالقليل والكثير، ولا حد لأكثره ولا لأقله، ولكن حذر الشارع من المغالاة في المهور؛ لأن فيها مشقة وضرراً ولأنها تمثل عقبة كبيرة حائلة بين الرجال والنساء. وللمرأة أن تتزوج بغير صداق مسمى؛ فالعقد صحيح والنكاح يجوز؛ لأن لها مهر مثيلاتها.

    شرح حديث أنس بن مالك في التزويج على نواة من ذهب

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [التزويج على نواة من ذهب.

    أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ لـمحمد عن ابن القاسم عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبه أثر الصفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره أنه تزوج امرأةً من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كم سقت إليها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أولم ولو بشاة)].

    يقول النسائي رحمه الله: التزويج على نواة من ذهب. فالنواة من الذهب قيل: إن المقصود بها مقدار من الذهب قيمته خمسة دراهم، قيل: هذا هو المقدار من نواة من الذهب، والأصل أن النواة هي: ما تكون في داخل التمرة التي هي أصلها يقال لها: نواة، والمراد من النواة من الذهب مقدار من الذهب يعادل ويساوي خمسة دراهم، كما يقال للأوقية: أربعين درهماً، وللنش عشرين درهماً، قالوا: فيقال للخمسة الدراهم أو ما يعادل خمسة دراهم من الذهب يقال له: نواة.

    وقد أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: أنه تزوج امرأةً من الأنصار، وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (كم سقت إليها؟)، أي: كم دفعت إليها مهراً؟ فقال: قدر (زنة نواةٍ من ذهب)، يعني: مقداراً من الذهب يوازي نواةً، وهي خمسة دراهم، أي: ما يعادل خمسة دراهم من الفضة من الورق، قال عليه الصلاة والسلام: (أولم ولو بشاة)، الحديث يدل على أن المهر لا بد منه، وعلى أنه يكون بالقليل؛ لأن زنة نواة من ذهب هو شيء قليل، ولا حد لأقله، أي: المهر، كما أنه لا حد لأكثره؛ لأنه ليس هناك تحديد لأوله ولا لآخره، لكن لا تنبغي المغالاة، وكثرته الكثرة التي يكون فيها مشقة، وفيها ضرر كبير على الزوج، ويجوز باليسير والقليل، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي طلب منه أن يزوجه الواهبة التي وهبت نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له بها حاجة، قال: (التمس ولو خاتماً من حديد)، فهذا الحديث وذاك الحديث يدلان على أن الزواج يتم بالمهر اليسير والقليل؛ لأن الخمسة الدراهم شيء يسير، ومقدار نواة من الذهب شيء يسير، وبعض العلماء قال: إنه لا يكون أقل من عشرة دراهم، ومنهم من قال: لا يكون أقل من خمسة دراهم، وليس هناك دليل يدل على هذا التحديد الذي أنه لا ينقص عنه، ولا يكون دون هذا المقدار، بل الأمر في ذلك واسع، ويكون المهر بكل ما يتمول، ولو كان يسيراً، ولو قل عن عشرة دراهم، ولو قل عن خمسة دراهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمس ولو خاتماً من حديد).

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، كذلك لا حد لأكثره، والله عز وجل ذكر ذلك في كتابه: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [النساء:20]، يعني: أنه لو أعطي لهن شيء كثير جداً، والإنسان أراد أن يترك المرأة، ويبحث عن امرأة أخرى، فإنه يطلقها ولا يأخذ منها شيئاً، فلا حد لأقله، ولا حد لأكثره، لكن لا تصلح المغالاة في المهور، وتكون عقبةً حائلةً بين الرجال والنساء، وبين الزواج الذي لا بد منه في حق الرجال، وفي حق النساء.

    قوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، فيه، مشروعية الوليمة واستحبابها، وأنها تكون ولو بالشيء اليسير، ولو بشاة في حق الموسرين، وفي حق من كان موسراً يولم ولو بشاة.

    المقصود من ذلك: أن الإرشاد إلى الوليمة ولو كانت قليلة، قوله: (ولو بشاة)، هي إشارة إلى الحد الأدنى فيما يذبح من النعم، وقوله: (ولو بشاة)، يعني: إشارة إلى الشيء القليل، لكن هذا في حق الموسرين، وتجوز أن تكون بشيء غير اللحم كما حصل في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم على صفية، وجعل وليمةً ليست من اللحم، فتجوز أن تكون بغير اللحم، وأن تكون أقل من ذلك، لكن في حق الموسر تكون بهذا المقدار الذي هو لا يقل عن شاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، وهذا اللفظ يشعر بالقلة، ومثله في الإشارة إلى القلة: (ولو خاتماً من حديد)، الذي مر بنا، ومثله أيضاً في القلة ما جاء في الحديث (من بنى لله مسجداً ولو كان كمسحة قطاة)، إشارة إلى الصغر، وكذلك (لا تحقرن جارةً جارتها ولو ظلف شاة)، يعني: ولو كان شيئاً يسيراً، فمثل هذه العبارات تأتي في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يراد بها القلة، ولا يراد بها الكثرة، يعني (أولم بشاة)، أن هذا الحد الأقصى أو الحد الأعلى؛ لأن هذا اللفظ ما عرف في التكثير، وإنما عرف في التقليل، ونظائره كثيرة، ومنها ما أشرت إليه من الأحاديث التي هي مثل هذا الحديث في الإشارة إلى القلة في استعمال لو، (ولو خاتماً من حديد) (ولو فرسِ شاة) (ولو كمسحة قطاة)، (ولو بشاة)، وهكذا.

    وقوله (وبه أثر الصفر)، يعني: الذي هو طيب النساء، وقد استدل به أو فهم منه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تزوج، فسأله: (هل تزوجت؟ قال: نعم، قال: ما سقت عليها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب، قال: أولم ولو بشاة).

    تراجم رجال إسناد حديث أنس بن مالك في التزويج على نواة من ذهب

    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].

    هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    الحارث بن مسكين].

    هو الحارث بن مسكين المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [عن ابن القاسم].

    هو عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.

    [عن مالك].

    هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.

    [عن حميد الطويل].

    هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أنس].

    هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخادمه، خدمه عشر سنوات، وكان من أكثر الصحابة حديثاً عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله عن أنس، وعن الصحابة أجمعين.

    شرح حديث عبد الرحمن بن عوف في التزويج على نواة من ذهب

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل حدثنا شعبة حدثنا عبد العزيز بن صهيب سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: قال عبد الرحمن بن عوف: (رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بشاشة العرس، فقلت: تزوجت امرأةً من الأنصار، قال: كم أصدقتها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب)].

    ثم أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه طلاقة العرس)، يعني: طلاقة الوجه، على إثر الزواج، وعلى إثر العرس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجت؟ قال: (نعم امرأةً من الأنصار)، فقال: (كم أصدقتها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب)، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، التزويج على نواة من ذهب، أي: مقدار نواة من ذهب يعادل خمسة دراهم من الورق.

    تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن عوف في التزويج على نواة من ذهب

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

    هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

    [حدثنا النضر بن شميل].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا عبد العزيز بن صهيب].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [سمعت أنساً].

    هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.

    [قال عبد الرحمن].

    هو عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، حيث قال عليه الصلاة والسلام في حديث: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)، كل واحد منهم أخبر بأنه في الجنة، مبتدأ وخبر في كل واحد منهم، فلان في الجنة، وفلان في الجنة، وفلان في الجنة، وفلان في الجنة، ولهذا قيل لهم: العشرة المبشرين بالجنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سردهم في حديث واحد.

    وذكر العشرة لا مفهوم له بأنه ما بشر في الجنة إلا عشرة، ولكن المقصود أنهم سردوا في حديث واحد، وإلا فقد ثبتت البشارة في الجنة لغيرهم من الصحابة كثيرين، كـالحسن، والحسين، وفاطمة، وكـعكاشة بن محصن، وكـثابت بن قيس بن شماس، وبلال، وعدد من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام جاء تبشيرهم بالجنة في أحاديث، لكن غلب على هؤلاء العشرة لقب العشرة، وحديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (أيما امرأةٍ نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هلال بن العلاء حدثنا حجاج قال ابن جريج: حدثني عمرو بن شعيب، (ح)، وأخبرني عبد الله بن محمد بن تميم سمعت حجاجاً يقول: قال ابن جريج: عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما امرأةٍ نكحت على صداقٍ أو حباءٍ أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطاه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، اللفظ لـعبد الله].

    ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أيما امرأةٍ نكحت على صداقٍ أو حباءٍ أو عدةٍ قبل عصمة النكاح فهو لها)، (أيما امرأةٍ أنكحت على صداقٍ)، يعني: على مقدار معين، هو صداق لها، (أو حباء)، عطية أعطيت إياها من أجل الزواج، (أو عدة)، وعدت بأنها ستعطى كذا وكذا، وكان هذا قبل الزواج فهو لها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه، يعني: سواءً أعطيت هي، أو أعطي أبوها، أو أعطيت أمها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه؛ لأن ما يعطى قبل الزواج هو من أجل المرأة، ومن أجل الحصول على المرأة، وبعد الزواج يكون المهر قد حصل، ويكون ما يعطى إما لها أو لغيرها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه.

    (وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، يعني: أنه إذا أعطي شيئاً، وأكرم من أجل ابنته وأخته، أن هذا حق، وأنه يبر، ويحسن إليه، ويعطى من أجل أخته وابنته، حيث كان الإنسان تزوج منه، وكان صهراً له، فإذا أعطاه بعد الزواج شيئاً، فإنه لا بأس بذلك، هذا هو معنى الحديث، وقد أورده النسائي تحت نواة من ذهب، وهو لا يدل على الترجمة، ولكنه يدل من حيث المعنى على أن ما أعطيت المرأة من صداق هو لها، لكن ليس فيه تحديد ذلك الصداق، ولا بيان مقدار ذلك الصداق، لا أنه زنة نواة ولا أكثر ولا أقل، وإنما هو مطلق.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أيما امرأةٍ نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها...)

    قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء].

    صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا حجاج].

    هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [قال ابن جريج].

    هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني عمرو بن شعيب].

    هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.

    ثم ذكر حاء التحويل، وهي التحول من إسناد إلى إسناد، فقال:

    [أخبرني عبد الله بن محمد بن تميم].

    هو: عبد الله بن محمد بن تميم المصيصي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.

    [سمعت حجاجاً يقول: قال ابن جريج عن عمرو بن شعيب].

    وقد مر ذكرهم.

    [عن أبيه].

    هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وفي جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.

    وهنا قال: [عن عبد الله بن عمرو بن العاص]، ما قال: عن جده، وفهم من هذا كما جاء هنا، وكما جاء في بعض الروايات أنه يصرح بالجد فيقال: عبد الله بن عمرو بن العاص، ففهم منه أن شعيباً يروي عن جده الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص، وليس يروي عن أبيه الذي هو جد عمرو، وهو: محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأنه لو كان كذلك يكون مرسلاً؛ لأن محمداً لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فلو انتهى الإسناد إليه فصار عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، يعني جده هو وليس جد أبيه، فيكون الحديث مرسل؛ لأن محمداً لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن عمرو بن شعيب يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن جده، وهو نفس جد عمرو بن شعيب؛ لأن جد أبيه جد له، فهي سواءً قال: عن جده هو أو جد أبيه هو جده؛ لأن جد أبيه جد له، وآباء الأب وأجداده هو أجداد لأبنائه، ففي هذا وغيره من الأحاديث التي فيها التصريح باسم الجد، وأنه عبد الله بن عمرو بن العاص الذي هو جد شعيب، وهو نفسه أيضاً جد لـعمرو بن شعيب، يدل على أن الجد في الأحاديث المجملة التي فيها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، المراد به عبد الله بن عمرو، وعلى هذا فالحديث متصل، وليس بمنقطع، لكن لو كان المقصود به محمد بن عبد الله بن عمرو، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيكون مرسلا؛ لأن التابعي إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فهو مرسل، وعلى هذا فتسميته تدل على أن الجد هو عبد الله بن عمرو، وقد قال الحافظ ابن حجر: وقد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وقالوا: إن الحديث إذا صار صحيحاً إلى عمرو بن شعيب فهو لا يقل عن درجة الحسن؛ لأن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هي من قبيل الحسن؛ لأن كل منهما صدوق، عمرو صدوق، وأبوه صدوق، فحديثهم حسن، لكن هذا إذا كان الإسناد إلى عمرو سليم، أما إن كان فيه علة انقطاع أو ضعف أو ما إلى ذلك، فالأمر كما يذكر في حق الرجال، لكن إن كان سليماً ومستقيماً إلى عمرو بن شعيب فهو يكون حسناً؛ لأن حديث عمرو حسن، وحديث أبيه شعيب حسن؛ لأن كل منهما صدوق، أي: حديثه من قبيل الحسن.

    أما عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فهو صحابي جليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الذين هم من صغار الصحابة، والحديث ضعفه الشيخ الألباني، وذكره في السلسلة الضعيفة في رقم ألف وسبعة، وحكم بضعفه من أجل أن في إسناده ابن جريج وقد رواه بالعنعنة، لكن كما نرى عند النسائي في الطريق الأولى أنه صرح بالتحديث؛ لأن ابن جريج قال: حدثني عمرو بن شعيب، فهو لم يعنعن عنعنة في الطريقة الثانية التي هي طريق عبد الله بن محمد بن تميم، وأما طريق هلال بن العلاء، فإنه صرح بالتحديث، قال ابن جريج: حدثني عمرو بن شعيب، وعلى هذا فيكون لا تدليس فيه، وزال احتمال التدليس الذي فيه، والشيخ ذكر من خرجه من الأئمة، ومنهم الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وقال: إنه ضعيف؛ لأن فيه ابن جريج، وهو مدلس وقد عنعنه، لكن الطريق الأولى التي معنا فيها التصريح بالتحديث وليس بالعنعنة، فيزول احتمال التدليس، وإنما احتمال التدليس في الطريق الثانية، لكن المدلس إذا صرح بالسماع في موضع من المواضع، فإنه لا يكون مدلساً، لا يكون الحديث مدلساً أو الإسناد مدلساً، وإنما يكون متصلاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088790329

    عدد مرات الحفظ

    779059756