إسلام ويب

مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [4]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعتبر الخشوع في الصلاة هو روحها وأعظم مطلوب منها؛ لذلك شرع لنا الدين الحكيم أموراً تعين على تحقيقه، منها: السترة التي يضعها المصلي أمامه بحيث لا يمر أحد أمامه، بل وتوعد الله من مر بين يدي المصلي بالوعيد الشديد، ومنها: النهي عن الصلاة بحضرة طعام، والتثاؤب والاختصار ومسح الحصى في الصلاة وغيرها.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: التغليظ في المرور بين يدي المصلي.

    حدثني بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم رضي الله عنه يسأله: ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ قال أبو جهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه ) قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة؟ ]

    هذا الحديث متفق عليه.

    خطورة المرور بين يدي المصلي

    وفي الحديث مسائل:

    منها المسألة الأولى: عظم خطورة المرور بين يدي المصلي، يعني: أنه لا بد أن يكون بين المصلي وبين القبلة سترة، وهذا يدل على أن المار قد وقع في إثم لكن هل هذه تعد كبيرة؟

    المعروف عن كثير من السلف كما روي عن ابن عباس وهو قول سفيان الثوري وهو مذهب الإمام أحمد و أبي العباس بن تيمية أن كل ما ختم الله سبحانه وتعالى فيه من الوعيد بلعنة أو غضب أو نار فإن ذلك يعد كبيرة، وهذا هو مذهب الشافعية أيضاً، وعلى هذا فإنه جاء في غير رواية الصحيحين: ( ماذا عليه من الإثم ) وهذا يدل على أنها كبيرة، وبعضهم يقول: إنها ما زالت صغيرة لأنه لم يحدد ذاك الإثم، والذي يظهر والله أعلم أنه قد وقع في جرم عظيم، ولا أدل على ذلك من أنه يقاتل كما جاء في حديث أبي سعيد وغيره: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليمنعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ).

    حالات المرور بين يدي المصلي

    المسألة الثانية: أن مرور الشخص بين يدي المصلي لا يخلو من أحوال:

    الحالة الأولى: إذا لم يكن بين المصلي وبين القبلة سترة فهل يمنع من المرور لأنه هو الذي لم يؤد ذلك الواجب؟ الذي يظهر أنه لا يحق للمار أن يمر قبل مسافة ثلاثة أذرع من أصل رجل المصلي؛ وذلك لأن هذه المسافة حقه، وقد استدل العلماء على ذلك بما جاء في حديث ابن عمر أنه سأل بلال بن رباح : (أخبرني عن مكان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الكعبة؟ فقال: هنا، قال ابن عمر: فقدرت ما بين موضع قدمه إلى الجدار مسافة ثلاثة أذرع)، فقال العلماء: إن هذا حقه، وما زاد فليس للمصلي حق، والله أعلم.

    الحالة الثانية: إذا وضع المصلي سترة بعد أكثر من ثلاثة أذرع، فهل يحق للمار أن يمر بين الثلاثة أذرع وبين السترة؟ الذي يظهر أن له ذلك؛ لأنه ليس للمصلي حق فيما زاد على ثلاثة أذرع.

    وقال بعضهم: ليس للمصلي حق فيما زاد على موضع الجبهة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها)، وقد كان بين مصلاه وبين القبلة ممر شاة، ومعنى مصلاه: موضع سجوده، وأنت ترى أنه إذا كان بين موضع سجوده وبين القبلة ممر شاة فإن الذي يظهر أن ما بين قدميه إلى السترة ثلاثة أذرع وهذا حق للمصلي، وما زاد فليس له حق فيه هذا أظهر والله أعلم.

    الحالة الثالثة: أن المرور بين يدي المصلي ولو وضع سترة موضع النقاش فيها إذا أمكن للمار أن يجد طريقاً غير هذا، فأما إذا لم يجد طريقاً غير هذا فإنه يرفع عنه الإثم؛ لأن غاية الواجبات تسقط مع العجز وعدم الإمكان، مثل الذين يصلون في صحن الحرم، فالراجح أنه ليس لخصوصية الحرم وإنما لخصوصية الزحام، فدل ذلك على أنه متى ما وجد زحام ولو في غير الحرم لدخل في حكمه، والله أعلم.

    وعلى هذا: فإن كان المصلي قد صلى في مكان يشق على المارة أن يمتنعوا من المرور وهو قادر على أن يصلي في غيره فهو آثم والمار غير آثم، فإن لم يجد مكاناً إلا ذاك جاز للمار المرور وجاز للمصلي الصلاة، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540707

    عدد مرات الحفظ

    777219043