إسلام ويب

بلوغ المرام - كتاب الطهارة [24]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الدماء التي تخرج من المرأة دم الحيض، وهو دم يخرج من المرأة إذا بلغت حسب العادة في كل شهر، وأقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً، فإن زاد على ذلك واعتادته المرأة كان حيضاً، وإن لم يكن عادة عندها يكون استحاضة؛ وهو الدم الخارج من المرأة على غير العادة، فإذا أصاب المرأة الحيض لزمها أن تترك الصلاة والصوم وغيرها من العبادات إلى أن تطهر، وإن أصابها الاستحاضة فإنها تترك العبادة بقدر أيام الحيض ثم تغتسل وتصلي ولو استمر نزول الدم.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم ربي أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم.

    أما بعد: فقد شرعنا في كتاب الحيض، وقرأنا حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن حمنة بنت جحش .

    وتكلمنا على الحديث وقلنا: إن أهل العلم اختلفوا في إسناده، والأقرب والله أعلم أن هذا الحديث لم يتفرد بحكم مستقل، وإن كان عبد الله بن محمد بن عقيل ممن يضعف في الحديث، ولكنه إذا أتى بما يوافق عليه غيره أو الثقات فإنه يقبل، ولأجل هذا قلنا: إن الإمام أحمد رحمه الله رجع إلى آخر الأمرين إلى حديث حمنة بنت جحش ، وأن الإمام البخاري رحمه الله له روايتان: مرة قال: حديث صحيح، كما نقل ذلك الترمذي ، ومرة قال: إن عبد الله بن محمد بن عقيل روايته عن إبراهيم بن محمد بن طلحة لا أدري أهي من قديم حديثه أم من حديثه.

    يعني: هل هذه الرواية من القديم أو من الجديد؟ إن كان من الجديد لم يقبله، وإن كان من القديم قبله.

    قال: وكان أحمد يقول: هو حديث صحيح، فهذا يدل على أن إسناد الحديث إن شاء الله لا بأس به، خاصة أنه لم يأت بما يتفرد به، ولا أقول: صحيح، إنما أقول: هو حسن في الجملة.

    وأما مسألة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن تجمع بين الصلاتين، فهذا الأقرب والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً بأن تغتسل، كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله، وهذه فائدة، وهي أن الإنسان والعالم قد يرى أن الحديث حسن، لكنه حسن في الجملة، فيأخذ بما يوافق القواعد العامة، وإن كان أصله لا يحتج به، وهذه الطريقة وجدت أن عامة أهل العلم -خاصة أهل الحديث- عليها.

    ولهذا الإمام البخاري رحمه الله في كتاب أفعال العباد، عندما ذكر قال: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام قال: ( إن كلام الله يسمعه القريب، كما يسمعه البعيد )، قال البخاري : فدل ذلك على أن كلام الله كلام يليق بجلاله وعظمته، ليس ككلام المخلوق، فالمخلوق يفرق بين البعيد والقريب، فجعل البخاري هذه الرواية -وإن كان إسنادها ضعيفاً- تفرقة بين كلام الله وكلام المخلوق، وأن كلام الله ثابت أصلاً بالقرآن.

    أما مسألة أن كلام الله غير كلام المخلوق، فهذا أمر مجمع عليه؛ لأن المخلوق لا يشابه خالقه، ولأن الله سبحانه وتعالى كامل الصفات، بخلاف المخلوق فإنه ممكن الوجود، ناقص الصفة ولو كانت صفة كمال، هذه قاعدة، وعلى هذا فهذا أمر تداوله الأئمة في القديم والحديث في الفروع وغيره.

    وحينما نقول هذا فإنه لا ينبغي أن نقول: هذا يخالف القاعدة التي ثبتت عند أهل العلم: ألا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله بالأحاديث الصحيحة، كما نقل ذلك الإمام أحمد ، نعم هذا صحيح، ولا نخالف هذه القاعدة؛ لكن بيان المعنى الصحيح الثابت في الجملة بحديث ضعيف لا حرج فيه؛ ولهذا من قرأ كتاب الإمام أحمد في رده على الجهمية، وجد بعض الآثار عن الزهري ، وبعض الآثار المقطوعة، كيف أن أحمد احتج بها! كل هذا من أجل أن يبين لك: أن هذه الآثار تبين أصلاً ثابتاً عند السلف؛ ولهذا في قصة ( موسى عندما قال له: يا رب! أريد أن أكلمك قال: لن تستطيع أن تتحمل كلامي ) كما روى ذلك الزهري.

    هذا حديث لا يصح، لكن الإمام أحمد ذكر هذا من باب أن كلام الله ليس ككلام المخلوق، والله أعلم.

    إذا ثبت هذا فإن هذا الحديث الذي معنا فيه مسألة والحديث الذي بعده فيه مسألة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464780

    عدد مرات الحفظ

    776886523