إسلام ويب

عمدة الأحكام - كتاب البيوع [6]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بينت الأدلة أن من تصدق بكل ماله بعد وفاته فإن وصيته لا تنفذ إلا بالثلث. وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام اللقطة، والواجب على الإنسان في ذلك. وأجمع العلماء على أن الكافر لا يرث المسلم، أما أن يرث المسلم الكافر غير الحربي فالأقرب أنه يرثه، ويصح تملك أهل مكة، ورباع مكة تباع وتؤجر على الصحيح من أقوال أهل العلم.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ باب اللقطة

    وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه أنه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب أو الورق فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه. وسأله عن ضالة الإبل، فقال: ما لك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. وسأله عن الشاة، فقال: خذها فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب )].

    قوله: (باب اللقطة). اللقطة: المال الضائع الذي لا يعرف صاحبه.

    واللقطة تنقسم إلى أقسام:

    القسم الأول: لقطة لا تتبعها همة أوساط الناس، مثل القلم بريال أو نصف ريال، فهذا لا يلزم فيه التعريف، وله أن ينتفع به، ومثل أن يجد خمسة ريالات أو عشرة ريالات في الطريق فله أن يأخذها وله أن يتصدق بها، وإن تصدق بها فهو أفضل، هذا إذا لم يعلم صاحبها، أما إذا علم صاحبها أو عرف صاحبها بعد ذلك، فيجب عليه أن يردها لصاحبها، فلو وجدت في المدرسة أو في الجامعة قلماً بعشرة ريالات لا تتبعه همة أوساط الناس، فأخذت وبدأت أكتب، فرآني صاحبي، فقال: يا أخي! هذا قلمي بحثت عنه منذ يومين، فيجب علي أن أرجعه.

    القسم الثاني: لقطة الإبل ومثلها البقرة، فإن لقطة الإبل التي تمنع نفسها من السباع لا يجوز أخذها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعها مالك ولها، فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر )، يعني: أنها لا يمكن أن تضيع، فأنت إنما تأخذ لقطة مال صاحبك لأجل أن تردها إليه خوف الضياع، فإذا كانت الإبل لا تضيع، ولا يمكن أن تهلك في الغالب؛ لأن معها حذاءها ومعها عفاصها ترد الماء وتشرب وتأكل الشجر حتى يأتيها صاحبها؛ لأنك لو أخذتها فإن صاحبها لا يعرف أين هي؛ لأنه يعرف أنها ضاعت في الصمان أو ضاعت في التنهات فسوف يبحث عنها، فإذا أخذتها من التنهات أو من الصمان وأدخلتها في البلد كيف يعرفها، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وعلى هذا فإذا أخذها الإنسان فإنه يضمنها، ولو عرفها بعد ذلك، فلو جاء صاحبها بعد ذلك قال: والله! إنها ماتت قلنا: تضمنها، فليس لك حق أن تأخذها من البر.

    القسم الثالث: هو الذهب والورق الكثير، وكذلك البهائم التي لا تمنع نفسها من صغار السباع، أو صغار البهائم التي لا تمنع نفسها من السباع: كالشاة والماعز ونحو ذلك، فهذه اللقطة هي المقصودة في باب اللقطة في الغالب، فهذه يأخذها صاحبها إذا وثق من نفسه الأمانة والتعريف، حفاظاً لأموال الناس؛ لأن أموال الناس معصومة، ( والناس سواسية يسعى بذمتهم أدناهم ).

    فحينئذ إذا أخذها يجب عليه أن يعرفها سنة، والتعريف لا يلزم أن يعرفها كل أسبوع في المساجد أو كل أسبوعين هكذا مثل ما ذكر الفقهاء؛ لأن التعريف مبني على العرف، فإذا كان التعريف بالإنترنت أو بالصحف أو بالمبوبات الصحفية أو نحو ذلك، فهذا كاف والله أعلم، وإن أعطاها الدولة إذا كانت الدولة ترعى مثل هذا فإنه لا حرج عليه حينئذ وهو أفضل، ثم هو إن أخذها وقد عرفها سنة، أو كان مثلها يهلك قبل سنة، مثل: الطعام أو صغار البهائم إذا كانت مريضة، فإننا نقول: أنت بالخيار، إما أن تبيعها وتحفظ المال، وإما أن تبيعها وتأكل المال، وإما أن تبيعها وتتصدق بالمال عن صاحبها، فإن جاء قلت: تصدقت بها، فإن صدقك فالأجر له، وإلا فإنك تعطيه ويكون الأجر لك، وإما أن تبقيها عندك وتنتفع بلبنها وضرعها, وهذه الزيادة على البهائم, وأما النقود فهي ثلاثة: إما أن تتصرف فيها بالمصلحة العامة أو تنتفع بها أو تأكلها.

    والسؤال: هل الأفضل أخذ اللقطة أم تركها؟

    ذهب ابن عباس و ابن عمر إلى أن الأفضل تركها، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا وثق الإنسان من نفسه وخشي أن تضيع هذه اللقطة فإن الأفضل أخذها حفاظاً لمال الغير.

    القسم الرابع: لقطة الحاج ( فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج )، كما روى مسلم في صحيحه، وعلى هذا فإذا وجد الإنسان محفظة في الحج والعمرة، فإنه لا يجوز أن يأخذها، لكنه إن أخذها ليعطيها صندوق الأمانات فهذا مأجور غير مأزور؛ لأن هذا إنما نهي عنه لأجل أنه يعرف صاحبها، فإذا وضعها في صندوق الأمانات فقد حفظها وهذا هو الأولى والأحرى، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088790711

    عدد مرات الحفظ

    779061305