إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
وبعد:
كنا قد توقفنا عند ذكر شروط النكاح عند جمهور أهل العلم، وذكرنا أنها خمسة، والراجح أنها ثلاثة أو أربعة على الخلاف باعتبار شرط الكفاءة وتقسيماته، وقد ذكرنا نكاح السر، وبينا أن حكم نكاح السر عند المالكية يختلف عن مذهب الجمهور، فالجمهور يعتبرون نكاح السر على قسمين: إن كان نكاح السر من غير وجود شاهدين فيعتبرونه نكاحاً باطلاً، وإن كان مع وجود الشاهدين فقد اختلفوا إذا طلب الزوج عدم إظهار النكاح مع توفر شروطه، فبعضهم ذكر الجواز، وبعضهم ذكر الكراهة، وبعضهم ذكر التحريم، والأظهر عندهم أنه جائز على الخلاف بين الكراهة من عدمها.
وأما المالكية فالمشهور عندهم أن الرجل إذا تزوج المرأة واشترط عدم إعلان النكاح وعدم إظهاره ولو توفر فيه وجود الشاهدين فإنهم يعتبرون ذلك من نكاح السر، وقد قلنا: إن الراجح والله أعلم هو مذهب الجمهور؛ لأن توفر شروط النكاح شيء، وعدم إظهاره شيء آخر، وبينا أن وجود الشاهدين أولى من الإعلان على الراجح وهو الأحوط، وإن كان عقد النكاح سوف يكون في وقت الدخلة فإنه يكون الإعلان بمثابة الشاهدين وأكثر، وهذا يوجد عند بعض البلاد أنهم يجرون عقد النكاح وقت الدخلة، فهؤلاء الذين يشهدون أن فلاناً تزوج فلانة ودخل بها يكون هذا بمثابة الشهود، لكن الإشكال إذا وجد عقد النكاح سابقاً لوقت الدخلة فهذا هو المشكل عند الجمهور، وليس بمشكل عند مالك.
وكذلك نص الشافعي في (الأم) على جوازه، ونص الحنفية على جوازه على خلاف عند هؤلاء الأئمة في كراهتهم له، أو تجويزهم، لكن المشهور عندهم أن العقد صحيح.
أما الحنابلة فلهم روايتان: المذهب أن الزواج بنية الطلاق محرم، والرواية الثانية اختارها أبو محمد بن قدامة في كتاب المغني أن العقد صحيح بلا تحريم، وقد نقل أبو محمد بن قدامة كلام أبي عمر بن عبد البر في كتاب (التمهيد) أن فقهاء الأمصار وجماهير أهل العلم على صحة عقد النكاح إذا تزوج الرجل المرأة وفي نيته أن يطلقها، ولم يخالف في ذلك إلا الأوزاعي .
أما أبو العباس بن تيمية رحمه الله فالواقع أن له في المسألة روايتين: الرواية الأولى جزم بالجواز، والرواية الثانية التي نقلت عنه قرر فيها مذهب الحنابلة، ولكن ليس فيه جزم أنه يختاره، ومما يدل على أن أبا العباس بن تيمية لا يرى التحريم أنه ألف كتاب (إقامة الدليل على بطلان التحليل)، وذكر هذه المسألة ونقل عن أحمد أنه قال في الزواج بنية الطلاق: هو أخية المتعة، وسبب تأليف ابن تيمية لهذا الكتاب إنما هو رد على بعض أصحاب المالكية وبعض أصحاب الشافعية الذين قالوا: إن الرجل إذا تزوج المرأة ليحللها لزوجها الأول فإنه جائز، إذا لم يكن ثمة شرط في العقد، فألف هذا الكتاب ليبين أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وأراد أن يبين أن الشرط المقترن بالعقد كالشرط السابق عن العقد، فلو كان لـأبي العباس قول واضح بالتحريم لبينه هنا، وهو في هذا الكتاب لم يقطع بتحريم الزواج بنية الطلاق.
أما الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال في إحدى روايتيه: هو أخية المتعة، وهو قول متأخري الحنابلة أنه محرم، ومع خلاف الحنابلة في جوازهم للزواج بنية الطلاق أو تحريمهم له، إلا أن المشهور عندهم في جميع الروايات أن العقد صحيح مع التحريم، لكن القول بأن العقد فاسد لهذه النية لم يظهر صراحة في المذهب، نعم وجدت بعض الأقوال، لكن المشهور في المذهب أن العقد محرم، لكنه صحيح وعلى هذا فيمكن أن نقول: إن عامة أهل العلم على أن عقد النكاح بنية الطلاق من قبل الزوج من غير علم الزوجة أو الولي بهذه النية عقد صحيح، والخلاف عندهم إنما هو في التحريم من عدمه، وعلى هذا فليس بزنا.
وأما المتعة وهي أن يتزوج الرجل المرأة ويشترط أن يبقيها عنده للاستمتاع بها مدة معينة بالقبضة من التمر أو بالمال أو غير ذلك فهو في حكم الزنا، ولهذا قال عمر رضي الله عنه في شأن عمرو بن حريث كما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر قال: لا أوتين بأحد تزوج مثل ذلك إلا أقمت عليه الحد، وليس ثمة حد هنا إلا حد الزاني المحصن أو الجلد إذا لم يكن محصناً.
وقد اختلف العلماء إذا تزوج الرجل المرأة بالمتعة هل يقام عليه حد الزنا أم يعاقب لعدم علمه؟ ولا شك أن معرفة الخلاف من عدمه وبناءً على تجويزه يظن أنه جائز وليس مثل الزنا ولا شك.
الأمر الأول: أن بعض من لا خلاق لهم ربما استغل مثل هذه الأقوال في تصرفات مشينة، وممارسات قبيحة ربما أدت إلى الوقوع في الخنا وهو لا يشعر، بحيث يكون هناك نظام وممارسة مشينة تنسب إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، وهذا هو الواقع مع الأسف الشديد!
ثم إن القول بذلك لا ينبغي أن يكون هو الأصل في عقد النكاح؛ لأن العلماء حينما جوزوا ذلك إنما جوزوه في معالجة حالة أو حادثة، كحال بعض الذين يسافرون ويضطرون، وربما خافوا على أنفسهم الزنا وهو لا يريد أن تكون هذه زوجة وأماً لأولاده، فبدلاً من الوقوع في الزنا يتزوج هذه المرأة زواجاً شرعياً، فهذه الممارسة أخف بكثير من الممارسات التي تجري في بلد هنا أو هناك كما لا يخفى عليكم. ومع احترامنا لأقوال أئمة السلف إلا أنه لا ينبغي إظهار ذلك، إذ إن الممارسات التي نسمعها ونسأل عنها من قبل أصحابها يندى لها الجبين، فلربما تزوج المرأة ولم يتحقق من عدتها من زوجها الأول، فكأن هذه المرأة تجعل هذا النكاح نوعاً من الاستثمار، فلربما طلقها الأول فتزوجت الثاني ولم تنته عدتها من الأول!
الأمر الثاني: أن بعض الأزواج لا يتحرى عن صدق الولي، ففي بعض البلدان تتزوج المرأة بلا ولي بموجب مذهب أبي حنيفة ، فإذا قال لها الزوج: أنا أريد الولي أتت بأي أحد من الناس فقالت: هذا والدي، فبسبب هذا السعار الذي يحصل عند بعض الناس لا يتثبت في هذا الولي هل هو وليها أم لا، وكثيرة هي القصص التي نسمعها ويندى لها الجبين في أن يتزوج الرجل المرأة، وبعد ذلك يتبين أن هذا الولي ليس وليها، وليس أخاها مع الأسف الشديد!
الأمر الثالث: أن وجود مثل هذه الممارسات ظاهرة علنية كانت سبباً في نسبتها إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، ولهذا فإن بعض الطوائف حينما نعيب عليهم القول بالمتعة يقولون: أنتم تقولون بالزواج بنية الطلاق، والسبب في ذلك أنهم عايشوا ممارسات مشينة، ولهذا فإن القول بالزواج بنية الطلاق لا ينبغي إذا كان صاحبها يقول بها، ولا ينبغي أن تكون ظاهرة علنية.
فالمسألة يعتريها بعض الإشكال، ولهذا قلت هذه المقدمة لأجل ألا ينسب إلى مذهب الجمهور بعض الممارسات الخاطئة بهتاناً وكذباً.
الأول: أن شروط العقد قد توفرت، وليس من شروط العقد النية؛ لأن النية محلها القلب، فدل ذلك على صحة العقد.
الثاني: أن هذه النية ليست مستقرة، فكثيراً ما يحصل زواج ثم يعجب الرجل بالمرأة فلا يطلقها، فهذا النوع من النكاح ليس مثل نكاح المتعة الذي بمجرد انتهاء المدة يحصل الافتراق.
الدليل الأول: أن القصود والنيات في العقود معتبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عمر : ( وإنما لكل امرئ ما نوى )، فهذا نوى الإضرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد عند الإمام أحمد وحسنه السيوطي و النووي وغيرهما: ( لا ضرر ولا ضرار ) وعلى هذا فإن المرأة إذا طلقت ربما لا يتزوجها الآخرون، وربما إذا طلقت مرتين أو ثلاثاً قالوا: إن العيب فيها، هذا ناهيك عما يحصل لها من ألم وضرر، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها ).
وقالوا: إن الزوجة لو علمت بهذه النية ورضيت لكانت متعة، وإذا لم تعلم فإنها لا ترضى بذلك أصلاً، فلا ينفك الإنسان عنها، وهذا القول من حيث النظر قوي؛ لأن بعض البلدان إذا طلقت المرأة عزف الناس عنها، وبعض البلدان إذا طلقت المرأة رغب الناس فيها، وهذا في زماننا نحن، وأما في السابق فكان أجدادنا يقولون: إذا طلقت المرأة كثر خطابها، والسبب في ذلك -والله أعلم- هو أن المرأة في السابق كانت تزيد في الإنتاج القومي للأسرة، فقد كان الرجل يتزوج المرأة والثانية والثالثة لكي يزيد في إنتاج الأسرة، يعني: وعندهم زرع، عندهم ماشية، فهذه تحلب وهذه تصنع الجبن، وهذه تحرث، وهذه تحصد، فيكون هناك عمل من قبلهن جميعاً، فيحصل بذلك زيادة في الإنتاج القومي الأسري. أما اليوم فإن المرأة جالسة في بيتها وربما عندها خادمة على راتب الزوج، وقد يضطر الزوج إلى أن يوجد لها سائقاً، ويضطر الزوج أن يوجد لها ألبسة من الماركات العالمية، ناهيك على أنها في العطلة قد تضطر زوجها أن يسافر بها إلى أحد الفنادق، وهذا يسبب عجزاً في الميزانية.
أما قول الجمهور إن هذه النية من قبل الزوج ليست من أخلاق المسلمين، وربما تصل إلى الكراهة أو التحريم لكن العقد صحيح، قالوا: إن المرأة تنكح لأسباب ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة حيث قال: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )، قالوا: وكذلك المرأة تقبل بزواج الرجل لهذه الاعتبارات الأربع بمفهوم المخالفة، لماله ولحسبه ولجماله ولدينه، فأحياناً المرأة تتزوج الرجل لأجل المهر الذي سوف يعطيها، أربعون ألفاً أو ثلاثون ألفاً أو غير ذلك كي تقوم أسرة البنت على سوقها، فيحصل في ذلك نفع.
وأنا أقول: إن بعض الإخوة حينما يأخذ بقول الجمهور لا يكسر شعور الزوجة فقط، بل يكسر شعور الأسرة كلها، فحينما يتزوج المرأة يجعل القمر في إحدى يديها والشمس في الأخرى، فتظن أن هذا هو فارس أحلامها، وهو زوجها في الدنيا والآخرة، ويعطيها من المرغبات فيه، فتقبل الزوجة، فإذا قالت الزوجة له: أريد الأولاد، قال: ليس عندي مانع، ولكن أولاً نبدأ حتى تستقيم العلاقة ثم تحملين، فتتزوج المرأة ظانة أنه سوف يبقيها، وبعد ذلك يطلقها ويتركها، وهذه خيانة بلا شك، فإذا غر الزوج المرأة بمثل هذه التصرفات فهذه خيانة، ولا علاقة لها بأقوال جمهور أهل العلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان ).
أنا ذكرت هذه المسألة لأن هذه ممارسة خاطئة جعلت كثيراً من النساء يتألمن ويقلن: كيف جمهور أهل العلم يقولون بالجواز، وهن لم يفهمن لماذا جوز الفقهاء، والفقهاء جوزوها لأجل توفر الشروط الأربعة، أو الخمسة على الخلاف، أما الممارسات فإنها شيء آخر لا علاقة لها بأصل النكاح، ولا شك أن الممارسات المشينة الخاطئة التي ربما وجدت في بعض البلاد أو بعض الأشخاص أو في بعض الأحوال تدل على حرمة ذلك، بل إن بعضهم أحياناً لا يستجيزها زوجة له، فزوجته أم أولاده يطلب بألا تخرج شيئاً من عينيها، وإذا كان في سيارة ومعه زوجته ومر أحد أقربائه أو أحد زملائه التفت إليها وقال: غطي عينيك، افعلي كذا، اصنعي كذا، تحشمي.
وأما إذا تزوج هذه المرأة في بعض البلاد لا يبالي أن تكون متبرجة، كأن تكون كاشفة عن شعرها أو لابسة بعض الألبسة الفاضحة والعياذ بالله، ومع هذا لا يكترث، بل ربما إذا ذهب هو وزميله ترى زميله، وهذا يرى زوجته والعياذ بالله، مع أنه إذا رجع إلى بلده اشترط لزوجته شروطاً لا تكاد توجد عند الحسن البصري ، وهذا بلا شك دليل على سوء التصرفات والأخلاق عند بعض المسلمين كما قال مالك : وليس هذا من أخلاق المسلمين.
فلأجل إرجاع الزوجة إلى زوجها الأول يأتي هذا التيس المستعار فيتزوجها، فيجلس معها أياماً أو بعض الشهور ثم يطلقها، وأحياناً تطلب الخلع إذا رفض، وإلا تطلب أن يطلقها فيطلقها، وإنما نشأ هذا لأمور:
الأمر الأول: أن يكون زواج الثاني بإذن الزوج الأول.
الأمر الثاني: أن يكون من قبل الزوج الثاني بلا علم من الزوج الأول.
الأمر الثالث: أن يكون برغبة من المرأة ولم يعلم الزوج الثاني بذلك.
فهذه الثلاثة الأحوال مربوطة بزواج الثاني، إما أن يكون زواج هذا المحلل مشروطاً قبل العقد، أو مع العقد، أو بلا شرط، كأن يقول: أنا أتزوجك لأجل أن أرجعك إلى زوجك الأول، هذا شرط وجد وعلم، أو في أثناء العقد قال: والله أنا سأحللها لزوجها الأول، أما إذا وجد الشرط في العقد فهذا محرم ولا يصح العقد إجماعاً، وهو قول الأئمة الأربعة، وعليه يحمل حديث عقبة بن عامر : ( لعن الله المحلل والمحلل له ).
وأما إذا لم يكن ثمة شرط في العقد، إما أن يكون ذكر ذلك قبل العقد، أو لم يذكر ففي هذه الحالة فإن بعض الشافعية وبعض المالكية قالوا: إذا لم يكن هذا الشرط موجوداً في العقد فإن العقد جائز، وقالوا: لأن الشرط السابق قبل العقد ليس كالشرط المقترن بالعقد. وذهب جمهور السلف وجمهور الفقهاء إلى أن الشرط السابق في العقد كالشرط المقترن بالعقد، وأنه داخل في حديث: ( لعن الله المحلل والمحلل له )، وهذا هو اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله، وهو المذهب، وعليه ألف أبو العباس كتابه العظيم (إقامة الدليل على بطلان التحليل) وأنكر أن يكون هذا القول معتبراً عند السلف إذا كان هناك شرط سابق ولو لم يكن مقترناً قال: إن هذا ليس قولاً معروفاً. وأنكر على بعض الشافعية وبعض المالكية، فكأن ابن تيمية يقول: إن الخلاف فيه غير معتبر وأنه حادث، وعليه فيعتبر أن الخلاف شاذ لا يعول عليه، ولا شك أن الشروط السابقة قبل العقد كالشروط المقترنة بالعقد؛ لأن العاقد ما دخل بهذا العقد إلا لأجل الحصول على هذا الشرط، سواء كان هذا الشرط محرماً أو ليس بمحرم، ولا شك أن دخوله هنا نوع تغرير، فلولا وجود هذا الشرط السابق في العقد لما دخل في العقد، فصار بمثابة وجوده مع العقد، وقد أجمع العلماء على أن مثل هذا الشرط إذا كان موجوداً في العقد فإنه محرم.
إذاً: فلا فرق بين أن يكون موجوداً في العقد أو يكون سابقاً عن العقد؛ لأن المشروط شرطاً كالمعروف عرفاً، وهذا هو الراجح والله أعلم.
القسم الأول: وهو أن يتزوج الرجل المرأة بعلم وإرادة الزوج الأول، فيذهب الزوج الذي طلق زوجته آخر ثلاث تطليقات فيقول للرجل: أريدك أن تتزوج زوجتي الأولى، وإذا سألوني عنك سأثني عليك، وأنا أريدك أن تتزوجها وتجلس معها أياماً ثم تطلقها. وأحياناً تجد الزوج هو الذي يعطي الرجل الآخر المهر، ولا شك أن هذا محرم، ولا يجوز للزوج الأول أن يرجع لزوجته الثانية بهذه الطريقة؛ لأنه تواطأ على ذلك، ولا شك أن المواطأة كالمشارطة، كما هو معلوم القاعدة (المواطأة كالمشارطة)، ومثلها كذلك لو تواطأ رجلان على الربا فكأنهما اشترطا عليه، فالمواطأة كالمشارطة، وكذلك هنا إذا تزوج الرجل المرأة بعلم الزوج الأول وإرادته فلا شك أن هذا الزواج باطل، ولا يجوز للزوج الأول أن يراجع زوجته؛ لأنها لم تحل له بعد حتى تذوق عسيلة زوج بنكاح شرعي مقصود، كما قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله.
أما أبو العباس بن تيمية رحمه الله فإنه يرى أن هذه النية محرمة، وأن النيات والقصود معتبرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئ ما نوى ).
وهل لها أن تحل لزوجها الأول؟
الجواب: إن كان الزوج الأول قد علم بنية الزوج الثاني أنه يحللها. فلا يسوغ له أن يدخل في هذا العقد، وإن كان لا يعلم فالأصل فيه الجواز؛ لأنه لم يعلم بذلك، وأما إذا كان يعلم فإنه محرم.
ذهب بعض العلماء إلى أن المرأة إذا تزوجت زوجاً آخر بقصد أن يحللها لزوجها الأول، ثم تطلب الخلع أو تطلب الطلاق، أو يحصل منها نشوز من زوجها الثاني فإن العقد صحيح، وقد ذكره أبو عمر بن عبد البر عن عامة أهل العلم كما في (التمهيد)، واستدلوا بقصة امرأة رفاعة القرظي قالوا: لأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني تزوجت رفاعة القرظي وإني تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنه والله ما معه إلا مثل الهدبة فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لعلك تريدين أن ترجعي إلى
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين لها أن زواجها من رفاعة حرام، مع أنها تريد رفاعة.
فدل ذلك على أن عقد زواج المرأة من الزوج الثاني بنية أن يحللها لزوجها الأول صحيح. إلا أنه قد يقال: إن زواج المرأة بنية الطلاق محرم كما سبق؛ فلماذا حكمتم بصحة عقد المحلل بنية المرأة؟ لأنها قصدت الإضرار بالزوج؛ لأن الزوج سوف يدفع مهراً وسوف يتكلف، وغير ذلك.
فالجواب: لأن الطلاق إنما هو بيد الزوج لا بيد الزوجة، لما روى الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الطلاق لمن أخذ بالساق )، والحديث وإن كان في سنده بعض الضعف إلا أن هذا محل إجماع لأهل العلم أن الطلاق بيد الزوج؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، وكل الآيات في الطلاق إنما الخطاب فيها للزوج وليس للمرأة، ولما روي في الصحيحين من حديث مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خير عائشة ، والتخيير دليل على الطلاق بيد الزوج.
إذاً عقود الأنكحة أربعة: نكاح السر، ونكاح بنية الطلاق، ونكاح التحليل، ونكاح المتعة.
إلا أن هناك خلافاً هل المتعة أبيحت ثم حرمت ثم أبيحت، أم أبيحت ثم حرمت، ثم أبيحت ثم حرمت، أم أبيحت ثم حرمت؟ فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر -والله أعلم- أنها أبيحت في خيبر ثم حرمت، ثم أبيحت في فتح مكة، ثم حرمت، هذا هو الراجح والله أعلم، ومما يدل على هذا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بين أنها أبيحت يوم فتح خيبر، ثم حرمت بعد ذلك، وبدليل ما رواه الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أنه قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فأذن لنا بالاستمتاع من المرأة بالقبضة من التمر أو نحوه )، فهذا دليل على أنه أذن لهم فيه.
قال سبرة الجهني: (فبينما أنا مع ابن عمي إذ خرجت لنا فتاة أو امرأة مثل البكرة العنطنطة) ومعنى البكرة: الناقة الصغيرة، ومعنى العنطنطة: أن رقبتها طويلة، ورجل عنطنط يعني: رقبته طويلة، وامرأة عنطنطة يعني: طويلة الرقبة، (فقلنا لها: هل لك أن يستمتع بك أحدنا؟ قالت: وماذا تبذلان؟ قال: فأخرجت أنا بردتي، وأخرج ابن عمي بردته، وكانت بردة ابن عمي أفضل من بردتي، إلا أني أفضل منه جمالاً، قال: فجعلت تنظر إلى بردتي وبردة ابن عمي، فقال ابن عمي: إن بردة هذا خلق، وأما بردتي فجديد غض) هو الآن يريد ولد عمه ويمدح بردته، فقال سبرة: (فجعلت تقول: إن بردته لا بأس به، قال: فتزوجتها، قال: فلم أخرج منها إلا ومنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله ورسوله قد حرم نكاح المتعة).
فهذا يدل على أن نكاح المتعة أبيح يوم خيبر، ثم حرم، ثم أبيح في فتح مكة، ثم حرم، وقد أجمع العلماء بعد ذلك على تحريمه والله أعلم.
الدليل الأول: قالوا: إن الأصل في عقد النكاح أنه منجز واشتراط أحد الزوجين ما ليس من مقتضاه ولا من مصلحته مخالف لأصل العقد؛ لأنه لا يمكن أن يكون زواجاً يستمتع به وللمرأة فيه شرط، فلو أخل بالشرط لما جاز له أن يستمتع مع أن أصل العقد من لوازمه الاستمتاع.
الدليل الثاني: قالوا: لما جاء من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد رواه البيهقي و ابن أبي شيبة أن عبد الله بن مسعود اشترى من زوجته أمة، قالت: بشرط أنك متى ما أردت بيعها فأنا أحق بها بالشرط، فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر -وهذا هو الشاهد-: لا تستمتع بها وفيها شرط. وهذا حديث صحيح صححه أبو العباس بن تيمية رحمه الله.
قالوا وجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه أنكر الاستمتاع بهذه الأمة؛ لأن فيها شرطاً يخالف مقتضى العقد وهو الاستمتاع، فدل ذلك على أنه لا يصح الشرط مع أصل النكاح الذي يستلزم الاستمتاع.
قالوا: ولأن هذه الشروط باطلة؛ لمخالفتها النكاح.
الدليل الثالث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط)، وهذا الحديث يرويه أبو حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حديث منكر، لكن استدلوا به، وقالوا: فعقد النكاح عقد، هذا مذهب الجمهور، إلا أنهم اختلفوا في صحة العقد مع وجود الشرط، فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة و مالك و الشافعي إلى أن هذه الشروط باطلة والعقد صحيح، فقالوا: كل الشروط الجعلية باطلة والعقد صحيح؛ لأنها لم تخالف مقتضى العقد ولا مصلحته، وأما الظاهرية فإنهم يقولون: إن مثل هذه الشروط باطلة والعقد باطل، والراجح هو مذهب الجمهور، وهو عدم بطلان العقد.
القسم الأول: شروط صحيحة يصح معها العقد.
والقسم الثاني: شروط باطلة يصح معها العقد.
القسم الثالث: شروط باطلة يبطل معها العقد إذا كانت مخالفة لمقتضى العقد. قالوا: فإذا كانت هذه الشروط صحيحة فقد صح معها العقد.
قالوا: ولنا أدلة ذلك: الدليل الأول: أن رجلاً تزوج امرأة واشترطت على ألا يسافر بها، فتزوجها ثم إنه أراد أن يسافر بها فأبت، فذهب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! إني تزوجت امرأتي واشترطت علي ألا أسافر بها، وإني أردت أن أسافر بها بعد ذلك، قال عمر : هي على شرطها، قال الرجل: ماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هي على شرطها، قال: الله أكبر غلبننا النساء -يريد إثارة عمر رضي الله عنه- فقال عمر رضي الله عنه: مقاطع الحقوق عند الشروط. والحديث رواه البيهقي عن سعيد بن منصور و ابن أبي شيبة ، ورواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، ووجه الدلالة منه أن عمر رضي الله عنه أثبت صحة العقد وأثبت شرط المرأة، فدل ذلك على صحة العقد وشرطه.
الدليل الثاني: ما رواه البخاري و مسلم من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج )، وجه الدلالة فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الإيفاء بالشرط، وبين أن الإيفاء بالشرط في عقد النكاح أولى من غيره، فدل ذلك على صحة الشروط الجعلية، وهذا هو اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله.
وهذا يدل على أن الإنسان مهما بلغ من العلم فقد تخفى عليه بعض السنن، والله سبحانه وتعالى أراد ألا تكون العصمة إلا لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولهذا تجدون العالم الكبير قد تخفى عليه بعض المسائل الصغيرة.
والغريب أن بعض طلاب العلم أو بعض الناس حينما تخبره أن الإمام أحمد أخطأ في كذا، أو البخاري أخطأ في كذا فيقول: سبحان الله! هذا دليل على العلم، لكن لا يريدون من طالب العلم أن يخطئ، هذه غرائب، يعني: إذا أخطأ طالب العلم في فتوى استكثروا ذلك منه، ولو قلنا: إن أبا حنيفة أو الشافعي أخطأ في ذلك فلا يجد غضاضة عندهم، لكن كون هذا يخطئ لا، هذه كبيرة، هذا غريب فأحياناً يخطئ طالب العلم في الفتوى، وذا يقول رواه البخاري ولم يروه البخاري ، أو يقول: هذا مذهب أحمد ولا يكون مذهب أحمد ، والخطأ في ذلك يسير يعني: أخطأ في مثله أئمة كبار، فلماذا يستكثر أن يخطئ طالب العلم، والسبب في ذلك أنه أحياناً يكون حسداً من عند أنفسهم.
أقول: إن الحنابلة استدلوا بالحديث الثاني وهو حديث: ( إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج )، وهذا القول أعني به صحة الشروط إذا كانت صحيحة هو الراحج.
القسم الثاني عند الحنابلة: الشروط الباطلة، والعقد معها صحيح، مثال ذلك: أن يتزوج الرجل المرأة على ألا نفقة لها، أو أن يتزوج الرجل المرأة على سكنى ولا بيتوتة لها، مثلاً: عنده زوجة أولى فيتزوج الثانية ويقول: ليس لك ليلة، أو أنا آتيك بالليل فقط، أو آتيك بالنهار فقط، أو آتيك متى ما رغبت، فهذا يسمى في المشهور عند الحنابلة شرطاً باطلاً. وقد اختلف العلماء في حكم اشتراط الرجل أو اشتراط المرأة على زوجها ألا بيتوتة لها ولا نفقة، ولا بد من تحرير محل النزاع في هذه المسألة.
أولاً: إذا تزوج الرجل المرأة من غير شرط، ثم إن المرأة رأت من زوجها نفوراً، فقالت: أبقني ولا ليلة لي، أو أبقني ولا نفقة لي، فيكون هذا الشرط شرطاً تالياً للعقد، فإذا كان ذلك الشرط تالياً للعقد من غير وجوده مع العقد ولا في أثنائه، فإن هذا صحيح عند عامة أهل العلم، واستدلوا بما جاء في الصحيحين من حديث عائشة أن سودة بنت زمعة أراد النبي أن يطلقها فقالت: ( يا رسول الله! اجعل يومي لـ
القسم الثاني: أن يكون الشرط بالعقد أو قبل العقد، وهذا اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب جمهور الفقهاء بما فيهم الحنابلة إلى أنه شرط باطل، أما الجمهور فيرون أن كل الشروط باطلة، والحنابلة يرون أن هذا الشرط باطل؛ لمخالفته لمقتضى العقد؛ لأن الأصل في العقد النفقة والسكنى والبيتوتة، هذا مذهب جمهور الفقهاء من الأئمة الأربعة.
القول الثاني في المسألة: هو رواية عند الإمام أحمد ، واختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله، وهو رأي شيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد بن عثيمين وهو قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي أن مثل هذا الشرط صحيح؛ لأن المرأة أحياناً تكون راعية لوالديها المريضين في بيتها، فتتزوج الرجل بشرط ألا يخرجها من البيت، أو ألا يأتيها كل ليلة، أو أن الرجل يشترط ذلك، فهو حق للمرأة يجوز أن تسقطه في الماضي وأن تطالب به في المستقبل، يعني: لها أن تسقطه، فإذا تزوج الرجل المرأة على ألا نفقة لها ولا بيتوتة فتزوج عند ذلك فليس بمحرم، لكنها لو رغبت بعد ذلك على أن ينفق عليها فيجب عليه أحد أمرين: إما أن يعدل، وإما أن يطلق، فلا يجوز أن يبقيها بمخالفة الشرط؛ لأن إبقاءه في المستقبل حق لله، وإسقاطه في الماضي حق للمخلوق، فحينئذٍ لا بأس أن تسقط المرأة ذلك.
أما لو جلس معها سنة، ثم قالت: أريد أن تجعل لي نفقة، أعطني نفقة السنة الماضية نقول: لا؛ لأنك أسقطتيه، أما المستقبل فلها أن تطالب.
وعلى هذا جوز جمهور المعاصرين ما يسمى بزواج المسيار، وهذا الزواج لم يعرف عند الصحابة، ولا عند التابعين ولا عند العلماء، ولكنه يسمى زواج النهاريات أو الليليات قال الإمام أحمد : زواج النهاريات أو الليليات ليس من الإسلام في شيء، وهو أن يشترط ألا يأتيها إلا في النهار أو لا يأتيها إلا في الليل وهذا هو القول الأول في المسألة.
القول الثاني: هو صحة الشرط: وإن قلنا بجوازه وصحته؛ لأن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج.
إلا أننا نقول: إن هذا التجويز ينبغي أن يكون بشرطين:
الشرط الأول: ألا يكون ذلك هو الأصل؛ لأن الأصل هو أن يكون الزواج زواجاً إسلامياً، بمعنى زواج بقاء السكنى؛ لأن الله يقول: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187]، وفي الاستمتاع: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا [الروم:21]، وهذا بقاء السكنى، وهذا هو الأصل، وحينما نجوز مثل هذه الممارسات فإنما هو لمعالجة بعض الظروف، أحياناً مدرسة كبيرة السن، أو مدرسة عندها أولاد، وهي تريد أن تستمتع بالحلال، فلو أرادت أن تتزوج زواجاً عاماً ما قبلها بعض الأزواج، ربما يكون عمرها خمساً وثلاثين سنة، أو اثنتين وثلاثين سنة، أو أربعين سنة، فتجد أن بعض الأزواج يعزفون عنها، فإذا رضيت بأن تسقط البيتوتة عنها فربما وجدت من يرغب بها، فهذه معالجة وليست هي الأصل.
الشرط الثاني: أننا لو قلنا بجواز ذلك فلا يسوغ أن تجعل القوامة للمرأة؛ لأنه إذا جعلت القوامة للمرأة فصارت خراجة ولاجة أدى إلى فساد عريض، ولهذا يجب على الزوج وإن تزوج المرأة بهذا ألا تخرج إلا بإذنه؛ لأن بعض الأزواج إذا تزوج المرأة يقول لها: أريد أن آتي، قالت: لا، اليوم لا تأتي أنا مشغولة فيقول: ماذا عندك؟ فتقول: ليس لك دخل، أنا مشغولة، وحصل في ذلك فتن وقلاقل والعياذ بالله، فلا بد أن تكون القوامة للرجل بحيث يعرف أين امرأته وأين ذهبت، وإلا صار الحبل على الغارب وهذا خطر عظيم.
ومع هذا فإنه لا ينبغي لأهل العلم وطلبة العلم أن تكون هذه الاستثناءات هي الأصل بحيث يستغل الإعلام ذلك ويقول: انظروا إلى فقهاء الإسلام لا يعطون للمرأة حقها، فعندما أفتى المجمع الفقهي بجواز زواج المسيار تكلمت الصحف وتكلمت النساء وإنكم وإنكم، طيب، الغرب الآن يجوز الزنا والعياذ بالله، والخلان والخلات. لماذا لم ترفع عليهم قضية، وأنتم دائماً تطنطنون حول الغرب، الغرب يجوز الاستمتاع بالمرأة، الآن تذهب إلى البارات والعياذ بالله فتجد لها صاحباً، والخيانات الزوجية أكثر من أن تحصى، يقال: إن (85%) في أمريكا خيانات زوجية، ويعتبرون الخيانات الزوجية مجرد علاقات صداقة، وأنها تحب صديقها وتتكلم معه وتخرج معه، ولو لم تمارس معه العلاقة الجنسية، لكن هذا يعتبرونه خيانة، على كلٍ هذه شنشنة نعرفها من أخزم.
الجواب: لا، لا يلزم الزوج أن يخبر والده بذلك، وإنما المرأة أحياناً تشترط ذلك خوفاً من أن يطلقها، فإذا اشترطت ذلك في العقد فيجب عليه أن يوفي، وإذا كان ذلك قبل العقد فلا يجوز له أن يقصد به الكذب؛ لأن هذا خيانة؛ لأنه خالفها وغرها بذلك، لكن العقد صحيح.
الجواب: هذا سؤال جيد، يعني: بعض الأخوات المسلمات في الغرب تسلم فتريد أن تتزوج، فنحن وإن كنا لا نصحح أن يكون الولي كافراً وغير علم والديها إلا أني أرى أن تخبر والديها ثم تطلب من والدها أن يبرم العقد مع هذا الزوج، فإذا كانت قد تزوجت ولم يعلم الأب بذلك، فربما أصبح هناك نفرة، وكره الإسلام بسبب هذا، فلا بد من التفطن لهذا.
الأمر الثاني: أن المرأة لا بد أن تجعل لها ولياً، وقد تحدث العلماء رحمهم الله إذا أسلمت المرأة في دار الحرب، فهناك في بلاد الغرب أحياناً يجعلون بعض الجهات الإسلامية لها عقودها المستقلة، فيبرم العقد لها المسئول عن هذا المركز، بحيث يكون هو ولي من لا ولي له، (فإذا اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) كما قال صلى الله عليه وسلم، فيكون رئيس المركز أو نائبه هو بمثابة الولي، فإذا لم يكن في هذا البلد مركز إسلامي، أو كان بعيداً، فإن المرأة المسلمة تختار أحد المسلمين ليكون ولياً لها ليبرم العقد مع هذا الزوج.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر