فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى لقاءٍ جديد من لقاءات برنامجكم الإفتائي المباشر يستفتونك ها هو ذا يطل عليكم من جديد، ربما هي الإطلالة الأخيرة في هذا الأسبوع عبر شاشتكم الرسالة.
أرحب بكم وبمتابعتكم وأسئلتكم الثرية التي هي الوقود الحقيقي لمثل هذه الحلقات، أيضاً مرحباً في الوقت ذاته باسمكم وباسم فريق العمل بصاحب الفضيلة ضيف البرنامج، والذي سيتولى مشكوراً مأجوراً التوضيح والبيان لموضوع هذه الحلقة، ومن ثم التكرم بالإجابة عن أسئلتكم واستفساراتكم، أرحب باسمكم وباسم فريق العمل بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أهلا بكم.
الشيخ: حياك الله يا شيخ ناصر ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.
المقدم: حيا الله شيخنا الكريم، وحياكم الله، وحيا الله متابعتكم، والشكر لكم بادئ هذه الحلقة، وكل حلقة على تجشمكم والبقاء معنا طيلة دقائقها، وأرجو أن نمضي وإياكم في هذه الروضة من رياض الجنة، ولننهل أيضاً من المعين العذب لهذه الأمة وهو القرآن والسنة، وأحكام الشريعة الغراء.
مشاهدينا الكرام، مشاهداتي الكريمات! الكثير منكم يلومنا بأننا لا نواكب بعض ما تمر به الأمة، والأمة الآن تمر بموجات برد في شتى أقطارها، مصحوبة بأمطار نسأل الله عز وجل أن ينفع بها، يبدر هنا سؤال من المشاهدين والمشاهدات، هل من إطلالات وإضاءات حول مسائل وأحكام البرد؟
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
إن شدة البرد نوع من فيح جهنم، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشتكت النار إلى ربها، فأذن الله سبحانه وتعالى لها بنفسين: نفس في الشتاء، فهو أشد ما تجدون من الزمهرير ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر )، وهذا يدل على أن الإنسان إذا وجد شدة البرد فعليه أن يسأل الله سبحانه وتعالى العافية والسلامة، وأن يقيه شر هذا البرد.
من المعلوم أن الإنسان قد تخفى عليه كثير من الأحكام التي ربما يعيشها بين الفينة والأخرى، والتي تتعلق بفصل الشتاء، من ذلك المسح على الخفين.
من المعلوم أن المسح على الخفين شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة، بل قال أهل العلم: إن المسح على الخفين من شعائر أهل السنة والجماعة؛ ولذا جعلوها في باب العقائد، ويخطئ كثير من العامة رجالاً كانوا أو نساءً حينما يقع في قلوبهم في المسح على الخفين، ولا ينبغي لهم أن يصنعوا ذلك.
ومن المعلوم أن الحنابلة هم الذين يجوزون لبس الجوارب، والمسح عليهما، وأما الحنفية والمالكية والشافعية فلا يجوزون، والصحيح جواز ذلك، فقد جاء عن صحابة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يمسحون، وفي حديث ثوبان: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جوز المسح على التساخين )، وهذا الحديث وإن كان في سنده ضعف، إلا أن عليه العمل عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
المتصل: أخي عندي سؤالان:
السؤال الأول يتعلق بالوساوس العقائدية التي تجيء للإنسان إذا اشتدت معه، وظل يجاهدها هل تخرج من الملة، فأنا أخاف مثلاً أن أموت شاكاً أو مشركاً، أو أخرج من الملة؟
السؤال الثاني: أنا عندي سلس المذي، فأضع قطعة بلاستيك تمنع وصول البلل إلى الملابس، وأغيرها وقت كل صلاة، لكن أسأل متى أتوضأ إذا أردت أن أبكر للصلاة، ومتى أتوضأ لصلاة الجمعة إذا أردت أن أبكر؟
الجواب: أما ما يتعلق بالوساوس، فإني أتمنى أن يسع قلب من يستمع إليّ من أصحاب الوساوس رجالاً كانوا أو نساءً، أولاً: لنعلم أن مثل هذه الوساوس كلها من نزغات الشيطان، سواء كان الوسواس في النية، أو في الوضوء أو في غيره، فإن ذلك كله من نزغات الشيطان، كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث عثمان بن أبي العاص عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان يفلت عليه في صلاته، حتى يجعله لا يستطيع أن يقرأ، فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك الشيطان يقال له: خنزب )، فهذا يدل على أن هذه الوساوس من الشياطين، فينبغي للإنسان إذا حصل له مثل ذلك بحيث صار يتردد في النية أو غيرها أن ينفث على يساره ثلاثاً فيقول: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله منك، أعوذ بالله منك، أعوذ بالله منك، ثم ينسى، ولا يسترسل مع الشيطان في وساوسه؛ لأنه جاء في الحديث عند أبي داود وإن كان في سنده بعض الكلام: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين ( أن للوضوء شيطان يقال له الولهان )، وأحسن منه أن النبي صلى الله عليه وسلم بين ( أنه يكون في آخر الزمان قوم يعتدون في الطهور والدعاء ).
ومن المعلوم أن بعض الناس مع الأسف الشديد بدأ يبالغ في دعوى التطهر والنظافة، والواقع أن هذا ليس من النظافة، بل هذا من الوساوس، وليعلم الإنسان أن مثل هذه الوساوس دلالة على الإيمان، كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عندما سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ( يا رسول الله! إن أحدنا ليتعاظم أن يتكلم وإن كان ليحب أن يكون حمماً، خير له من أن يتفوه به، قال: أوقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان ).
فأنا أبشر الإخوة الذين يعانون ويبتلون بالوساوس، مثل: من خلق الله؟ أو أن يفعل شيئاً، أو يقول: أنت كافر أو غير ذلك، فإنه مؤمن بإذن الله، ولا يبالي بالوسواس، وينفث على يساره ثلاثاً، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم! معي اتصال من أم عبد الله من الإمارات، اتفضلي.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: زوجي طلقني ثلاث طلقات متفرقات، والطلقة الأخيرة كانت وهو يضربنا وكان غضباناً جداً وفي نفس الوقت للأسف كان شارباً للخمر، فهل تقع الطلقة الثالثة أو لا؟
وبالنسبة للطلقة الثانية كانت قبل سنة وبضعة أشهر تضاربنا، فخرجت الصبح من البيت وهو نائم واتصلت عليه من خارج المنزل، وقلت له: سأذهب إلى الشرطة، وأبلغ عنك أنك تتعاطى الخمر وأدخلك السجن، وستتعطل من دوامك إذا ما طلقتني هذا الوقت، وهذه بالنسبة لي كلها تهديدات حتى يبتعد عن الخمر؛ لأن كل حاجة فيه جيدة إلا للأسف الابتلاء بهذه المعصية.
وبالنسبة للطلقة الأولى، حصلت مشاجرة بيننا، وكان صاحياً وطلبت الطلاق، فوقع منه يمين الطلاق، فأي هذه الطلقات تحسب، وهل تقع الثلاث أو لا؟ وكنت قد سألت دكتوراً من السعودية أفتاني بأن الثلاث لا تقع، أما الأولى والثانية فقال لي: طلاق بدعي، والثالثة لا تقع لأن الزوج في حالة سكر، وأريد أن أتأكد من الأمر؛ لأن هذه الطلقة الثالثة ولا أريد أن أتساهل وأرجع، وتكون حياتي لا ترضي الله تعالى؟
المقدم: نعود إلى الحديث عن الوسواس، ذكرتم أنه صريح الإيمان.
الشيخ: نعم، كون الإنسان يوسوس والشيطان يأتيه دليل على أنه مؤمن، وقد جاء اليهود إلى ابن عباس رضي الله عنه، فقالوا: إن الشيطان يلبس عليكم صلاتكم، وأما نحن فلا، قال ابن عباس رضي الله عنه: وما يفعل الشيطان بقلب خرب، يعني: أن قلوب اليهود خربة، ليست مثل قلوب المؤمنين الذين يوسوس الشيطان لهم.
ومن المعلوم أن الوسوسة هي ضعف في اتخاذ القرار، وأنا أنصح الذين يبتلون بالوساوس أن يأخذوا دورات في اتخاذ القرار؛ لأن عندهم ضعفاً في الإرادة، فإذا غسل يده ثم أراد أن يغسل الأخرى يقول له الشيطان: لم يصل الماء إلى جميع أعضاء الوضوء، وإذا غسل رجله قال: خرج شيء، فهذا كله تردد في النية، وهذا التردد سببه أن الإنسان لم يملك قراراً؛ ولهذا لو أخذ دورات في اتخاذ القرار ربما نفعه بإذن الله سبحانه وتعالى.
ثم إننا لو ابتلينا بالوسوسة فمن سيؤذن لنا؟ ومن سيصلي لنا؟ ومن سيقوم بالقضاء؟ ومن سيقوم بإدارة شئون الحياة؟ ولو بقي الإنسان على وساوسه الباطلة لما استطاع أن يعمر البلاد، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم! هل المقصود بصريح الإيمان هو تلك الوساوس، أو هو ما يجعل الإنسان لا يمكن أن يتفوه بها؟
الشيخ: المقصود أنه لا يتفوه بها؛ لأنه فكر في أمر لا يجوز التفكر فيه، ولا يجوز التلفظ به؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( ذاك صريح الإيمان )، وهو أن انقباض القلب ووخز الضمير دليل على وجود الإيمان، فقد قال الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]، وقال تعالى: مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا [النحل:106]، والذي شرح بالكفر صدره هو الذي يطمئن للوساوس ولا يضيق صدره بها، ويتفوه بها وهو منشرح الصدر، أما الذي يكتمها ويخاف أن يعاقب عليها فهذا يدل على أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ فإذا أحسستم ذلك، فانفثوا على يساركم ثلاثاً، وقولوا: آمنت بالله ورسوله )، وهذا يدل على أن هذه الوساوس موجودة من عهد نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعلاجها؛ ولهذا قال في بعض الروايات: (ثم لينته)، يعني: يترك هذا التفكير، ولا يسترسل فيه؛ لأنه يضره، ولا ينفعه، والله أعلم.
السؤال: هل إذا مت وأنا أجاهد نفسي على هذا، ولا أنطق به إيماناً وصبراً، هل أموت شاكاً، أو مشركاً؟
الجواب: إن الشيطان قد يقول للإنسان أحياناً: انطق الكفر حتى تؤمن بالله، وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فنقول: حتى لو نطق الإنسان لا يضره؛ لأنه مريض؛ ولهذا قال ابن عقيل الحنبلي : أنتم ليس عليكم صلاة؛ لأنكم في حكم المجانين من شدة هذا الأمر، وأنا لا أقول بهذا، لكن ينبغي أن يفتى كل مريض بحسب حالته، ومن المؤسف أن كثيراً ممن ابتلي بمثل هذا قد يتصل عليك، ثم يتصل على الشيخ الآخر، ثم الثالث والرابع، وهو فقط يريد أن يسمع الناس له، وأن يبث شكواه، فإذا ذكر له العلاج قال: لا أستطيع الآن، إذاً: لماذا تشغل المشايخ، وتشغل زوجتك، أو لماذا تشغلي زوجك وأهلك، والإنسان إذا ابتلي بذلك أصبح عالة على أهله وزوجه فكل هذا بسببك أنت؛ لأنك قادر على العلاج، ومن المعلوم أن العلاج لم يكن مرة من المرات لذيذاً، بل لا بد فيه من العلقم والمرارة، ومن الصبر والاصطبار:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني صبرت على شيء أمر من الصبر
ولهذا إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان كما قال علي بن أبي طالب، والله أعلم.
وإن مات وهو يدافع الشك -ولو استمر- فهو مؤمن بإذن الله.
المقدم: الحمد لله.
الجواب: الحقيقة أن سلس المذي لا يكون في الغالب إلا من مرض، لكن أحياناً يفكر الإنسان أو يخطر عليه شيء مثل ما يتعلق الرجل بامرأته، فيظن أنه خرج منه شيء، فبسبب هذه التصرفات ومعالجة مكان البول، ربما يخرج منه شيء فيظنه خرج، وربما وهو يصلي يحس بهذا، وكل هذا لا ينبغي له أن يفكر فيه، فإن الأصل الطهارة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف : ( يأتي الشيطان أحدكم فيسل شعرة من عند دبره، فإذا وجد شيئاً فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، والحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ، ولكن رواه الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف بهذه اللفظة قال: ( فيسل الشيطان شعرة من عند دبره، فيظن أن قد خرج شيء فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، فالأصل هو الطهارة ولا يخرج منها إلا بيقين، والإنسان يأتيه الشيطان؛ لأنه لا يريده أن يخشع أو يقبل على الله سبحانه وتعالى، أو أن تكون له الصلاة نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة؛ فلهذا ينبغي للإنسان أن يدع كل هذه الوساوس، ولا يجوز له أن يعيد الصلاة مرة ثانية بحجة أن صلاته الأولى لم يطمئن فيها.
ومن المعلوم أن بعضهم يبقى يتوضأ ساعة إلا ربعاً، وفي نهاية المدة يتخذ قراره ثم يتوضأ ويخرج، وما المانع أن يتخذ ذلك القرار في أول الأمر، وبالمناسبة اليوم اتصلت عليّ امرأة تقول: إذا أردت أن أقول: الله أكبر للصلاة أشعر أني ما قلتها. قلت لها: أعيدي.. ما فهمت السؤال. قالت: أنا إذا أردت أن أقول: الله أكبر لم أستطع أن أقولها. قلت لها: الآن قلتيها، أنت الآن قلت: الله أكبر، لماذا تقولينها الآن، وفي الصلاة لا تقولينها، إلا أنك تظنين أنك لم تنطقي، وفي الواقع أنك نطقت، ولهذا ينبغي أن يعرف الإنسان أن العلاج بيده هو، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم، أذكر هنا وذكرني حقيقة سؤال إبراهيم سؤال أحد الذين أعرفهم التقيت به في أحد المستوصفات أو المشافي الحكومية أو الأهلية وكان يعالج من سلس المذي بالذات، يبدو أن هذا ثابت عنده، ولا يعاني من شكوك، لكن هذا المرض قد يكون موجوداً عند أفراد من الناس، إن وجد مثل هذا المرض، قد يكون حكم المذي معروفاً صاحب الفضيلة! والناس يتحرجون منه، يعني: إن كان إبراهيم يشك في طهارته وهو مصاب بمرض خروج المذي، فكيف يصنع؟
الشيخ: من المعلوم أن المذي والبول حكمهما واحد، إلا أنه يخفف في المذي فينضح على ثوبه، أما أنه يغسل ذكره فيجب عليه أن يغسل ذكره، وأما البول فلا يلزم إلا إذا كان على ثوبه شيء.
أما مسألة التحفظ، فإنه يخفف فيه، بمعنى: أنه لو وقع على ثيابه الداخلية مثل سراويله الداخلية أثناء الصلاة فلا يلزمه شيء، لكنه يتوضأ عند دخول وقت كل صلاة، أو عند إرادة الصلاة، فما خرج بعد ذلك فلا حرج، وأخونا يسأل: هل يلزم أنه يتوضأ في آخر الصلاة، أو قبل أن يصلي، أو أول الوقت، إذا أذن المؤذن فتوضأت فلا حرج عليك في ذلك، ولو خرج شيء قبل الصلاة؛ لأنك تعتبر في حكم من حدثه دائم، ومن حدثه دائم ذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب عليه أن يتوضأ عند دخول وقت كل صلاة، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم، إلماحة يسيرة: أبنتم أجلّكم الله والمشاهدين عن جانب البول، أنه أخف من المذي، لكن البول يتحفظ منه أيضاً؟
الشيخ: البول يتحفظ منه إذا استطاع، ولا يلزمه أن يغير لكل صلاة؛ لأن هذا من المشقة، والله أعلم.
الجواب: الزوج قد يتعاطى المسكرات، ويتعاطى المخدرات، ويتعاطى الخمر، وربما قام بضربها، فهي مسكينة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإنهن عوان عندكم )؛ لهذا ينبغي للإنسان أنه ينظر إلى واقع المرأة قبل أن يعطي حكماً، المرأة ربما تعيش واقعاً مريراً؛ ولهذا كما يقولون: في بيوت الناس أسرار؛ ولهذا ينبغي في مثل هذه الحالة لـأم عبد الله أن تتصل على أحد من تثق في دينه، وخبرته في مثل هذا الأمر، فتبث له أحزانها وشكواها حتى يعطيها العلاج، أما أن تتصل وتقول: اتصلت على دكتور عندكم مثلما اتصلت على آخر فلا يصلح؛ لأن مثل هذه الإجابات أحياناً تكون بسبب أنه لم يعرف الإنسان حقيقة واقعها حتى يعطيها العلاج، لكن في الجملة إذا ثبت لديك أن زوجك كان يشرب الخمر أو كان يتعاطى الخمر، أو ما زال سكراناً ففي هذه الحالة إذا كنت تعتقدين ذلك، فإن الراجح -والله أعلم- أن السكر لا يقع معه طلاق، هذا هو الذي يظهر والله أعلم، وهو الرواية التي رجع عنها الإمام أحمد .
المقدم: أحسن الله إليكم! إذاً أختي أم عبد الله أحالك الشيخ على مليء، و(من أحيل إلى مليء فليحتل).
أولهما من أخي سالم من ليبيا، سالم أخي الكريم تفضل.
المتصل: ما حكم كفارة اليمين في ساعة الغضب؟
المقدم: معي أيضاً أختي الكريمة أم ملاك من السعودية. تفضلي.
المتصل: بخصوص الزوجة المتوفى عنها زوجها، عندي والدي توفي في بلد عربي يوم الثاني والعشرين من رمضان، ودفن في بلد السودان يوم الرابع والعشرين من رمضان، فتحسب العدة لوالدتي من يوم الثاني والعشرين من رمضان، أو الرابع والعشرين من رمضان، يعني: من يوم الوفاة أو من يوم الدفن؟ هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: قالوا لنا: احسبوا من يوم الوفاة، فحسبنا من يوم اثنين وعشرين من رمضان على أساس أن كل يوم اثنين وعشرين في الشهر ينتهي شهر، وهكذا وقد انتهت أربعة أشهر في يوم اثنين وعشرين من محرم، فأسأل هل الحسبة صحيحة أو غير صحيحة؟ جزاكم الله خيراً، وشكراً لكم.
المقدم: معي أيضاً أخي علي من الأردن.
المتصل: ما حكم صبغ الشعر للرجال والنساء باللون الأسود أو أي لون آخر؟ جزاك الله خيراً.
الجواب: من المعلوم أن الإنسان إذا حلف ألا يفعل شيئاً، فإنه بعد تعقله ورجوعه إلى إدراكه ينبغي أن ينظر؛ هل بقاء اليمين أفضل، أم فعل الكفارة ووقوع الحنث أفضل؟
فإذا علم أن كون الإنسان يحنث ويؤدي كفارته أفضل، فالأولى أن يفعله لما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لأن يلج أحدكم في يمينه آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي أمر الله ) بمعنى: أن كونه يبقى على هذا الأمر الذي ربما يكون فيه قطع الأرحام والمعصية بحجة أنه حلف، فإنه إن يحنث ويفعل هذا الذي حلف عليه أفضل له من أن يبقى على يمينه بحجة أنه حلف على ذلك!
فنحن نقول لأخينا سالم: إذا حلفت في ساعة غضب، ورأيت من المصلحة فعل ما حلفت عليه، فإنك تفعل ذلك وتكفر، ولا حرج عليك بين أن تكفر ثم تفعل، أو تفعل ثم تكفر، كل ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر ، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى : ( وإني لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خير منها إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني )، وفي رواية: ( إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير )، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم، ورد في حديثكم الطيب الحنث، هو مخالفة اليمين، أو مقتضى اليمين.
الشيخ: نعم، الحنث هو فعل ما حلف على ألا يفعله، يعني: مثل لو قلت: والله لا أشرب الماء هذا! فكوني أشرب الماء بعد يميني فإن هذا يسمى حنثاً.
المقدم: طيب، حتى تتضح للإخوة الكرام والأخوات الكريمات.
الجواب: ذهب عامة أهل العلم إلى أن العدة تبدأ من حين الوفاة؛ ولهذا لو أن المرأة لم تعلم بوفاة زوجها حتى مضى على وفاته أربعة أشهرٍ وعشراً، فإنها تنتهي عدتها بمضي هذه المدة، ولا أثر لذلك في نيتها أو علمها، وهذا مذهب عامة أهل العلم، وعلى هذا فإن العبرة بحال الوفاة لا بحال الدفن، ولو قيل: بحال الدفن لربما وقع الإنسان بالبحر، أو اختطف ولا يعرف حاله، فكيف نقول لها: لا تعتدي، بل إنها إذا علمت أنه مات فإنها تبدأ عدتها، وطريقة العدد تحسب ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر هلالية.
المقدم: لنطبق على هذا، اثنين وعشرين رمضان تبدأ؟
الشيخ: نعم من اثنين وعشرين رمضان تبدأ. اثنين وعشرين، ثلاثة وعشرين، أربعة وعشرين، خمسة وعشرين، ستة وعشرين، سبعة وعشرين، ثمانية وعشرين، تسعة وعشرين، إذا كان قد اكتمل الشهر، فإنها تعد تسعة، وإذا لم يكتمل الشهر تكون قد اعتدت ثمانية أيام من رمضان، فتحسب شوالاً شهراً كاملاً، وبعده ذا القعدة شهراً كاملاً، وبعده ذا الحجة شهراً كاملاً، وبعده محرماً شهراً كاملاً، ويومين من صفر.
المقدم: إذا كان لم يتم.
الشيخ: وإذا كان قد تم شهر رمضان فيوماً من صفر، وإذا كان لم يتم فيومين من صفر، والله أعلم.
المقدم: أرجو أن تكون اتضحت أم ملاك!
الجواب: أما تغيير الشيب للرجال والنساء فهو سنة مؤكدة؛ ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم )، فكان من السنة أننا إذا وافقنا أهل الكتاب في أمر جبلي وهو صبغة الشيب، أو أمر تعبدي مثل صيام عاشوراء استحب لنا مخالفتهم في الصفة، فيستحب لنا أن نصوم يوماً قبله أو يوماً بعده في عاشوراء، ويستحب لنا أن نصلي أحياناً في النعال؛ لأن اليهود والنصارى لا يصلون في نعالهم، ويستحب لنا أن نغير الشيب؛ لأن اليهود والنصارى لا يغيرون، وهذا على سبيل الاستحباب؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم، كما عند أهل السنن وأحمد : ( إن أفضل ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ).
وأما صبغ الشعر بالأسود، فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن ذلك مكروه، وأما الحديث الوارد عند مسلم : ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد )، فإن رواية: ( وجنبوه السواد ) الأقرب -والله أعلم- أنها لفظة تفرد بها محمد بن مسلم بن الزبير المكي، والله أعلم.
المتصل: أنا حامل الآن ولي من يوم انقطعت الدورة خمسة أو ستة أيام تقريباً، وأنا مريضة قلب ومريضة صدر، يعني: حتى يوم ولدت آخر ولادة كانت بعملية قيصرية، وأرادوا أن يربطوا لي ولم أرض، وما عندي موانع للحمل، وربي أراد لي الحمل، وسآخذ علاجات، وأنا خائفة لأني حامل، وأحب أن أسقطه وخائفة أن يكون عليّ ذنب، ولم يخبرني الأطباء عن تأثير العلاج الذي أستخدمه على الجنين.
المقدم: معي أيضاً أختي الكريمة أم شهد من السعودية، أختي أم شهد تفضلي.
المتصل: أريد أسأل ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أريد أن أسأل عن صلاة الفجر يوم الجمعة ما حكم قراءة سورة السجدة، و(هل أتى على الإنسان)؟ هل هو واجب على المرأة أن تقرأها أم لا؟
والسؤال الثاني: أخي هداه الله لا يصلي، وقد حان زواجه، وزوجي يقول: لا يجوز أن تجلسي معه، أو أن تحضري زواجه، فكيف أصنع مع أني نصحت وتكلمت وقلت؟ لكن الهداية من عند الله.
المتصل: السؤال الثالث: أخو زوجي ولد وعمره سبعة عشر سنة، هل يجوز أن أكشف وجهي أمامه أو لا يجوز؟
الجواب: من المعلوم أن إسقاط الجنين على حالات:
الحالة الأولى: أن تسقطه المرأة في الأربعين الأولى، فالذي يظهر -والله أعلم- وهو مذهب جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية ورواية عند الإمام أحمد أن ذلك لا يجوز؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، فلا يجوز للمرأة أن تسقطه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا [النساء:11]، فإذا احتاجت المرأة لذلك مثل أن يكون هناك ضرر عليها، ضرر شرعي، أو ضرر مصلحي، فإنها لا بد أن تخبر بذلك الطبيب، فإن قال الطبيب: إن ذلك يضرك، فلا بد أن يوجد طبيبان يخبران أن هذا الحمل يضرها، فحينئذٍ في الأربعين الأولى يجوز لها؛ لأن هذا مصلحة لها، ولم يتخلق الجنين بعد.
الحالة الثانية: أن يكون بعد الأربعين الثانية، أو بعد الثمانين، وهو أن يكون قد تخلق، فعلم أنه حمل حقيقي، فهذا لا يجوز إسقاطه ألبتة؛ لأن ذلك مضرة، إلا إذا ثبت طبياً أن ذلك مضر جداً، فهذا قد صدر قرار من المجامع الفقهية على أن الإجهاض جائز إذا كان بقاء الجنين مضراً، وثبت ذلك طبياً مثل أن يولد الجنين وهو معاق، أو لم يكتمل خلقه، وعرفوا ذلك بناءً على الوسائل الطبية، وأقر ذلك أكثر من اثنين من الأطباء الثقات فحينئذٍ يجوز كما ذكر ذلك الفقهاء، وإلا فالأصل عدم ذلك، والله أعلم.
وعلى هذا فالأخت أم إبراهيم تقول: أنا تعبانة فقط، ولكن هذا لا يدل على جواز ذلك، فلا بد أن يثبت ذلك بشهادة طبيبين فحينئذٍ نقول لها: تسأل ويجوز لها بعد ذلك، أما قبل السؤال فلا يجوز لها، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم! يبدو أيضاً أن مرض القلب يعاني منه الكثير وله علاجات.
الجواب: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فجر الجمعة بسورة (ألم تنزيل السجدة) وكذلك (هل أتى على الإنسان) وهذا من السنة؛ ولهذا جاء عند الطبراني أنه كان يترك أحياناً، والحديث وإن كان في سنده ضعف، لكن ينبغي للإمام أن لا يقرأ دائماً؛ حتى لا يظن ويعتقد الناس أن قراءتها واجبة، بل إنه بلغني -وهذا ما يفعله بعض إخواننا في بعض البلاد العربية- أنهم إذا لم يقرءوا سورة السجدة قرءوا سورة فيها سجدة، وهذا ليس بمشروع، السنة أن يقرأ سورة السجدة وهي: (ألم تنزيل الكتاب) وكذلك يقرأ في الركعة الثانية: (هل أتى على الإنسان) أما أن يقرأ سورة قصيرة فيها سجدة، مثل أن يقرأ: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، فهذا لا يشرع، بل إنه لا يجوز مطلقاً، فإن قصد وجود السجدة فهذا لا يشرع إلا بقراءة هاتين السورتين؛ ولهذا نقول: إنه سنة نتركه أحياناً حتى لا يعتقد وجوب ذلك.
أما المرأة فإذا كان يشق عليها ذلك فإنها تقرأ بما تيسر من القرآن؛ لقول الله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20]، ولا يجب عليها، بل هو سنة، فإن شق ذلك عليها قرأت أي آيات من القرآن شاءت، والله أعلم.
السؤال: أخي! الله يحفظك أريد أن أسأل الشيخ عن مسألة سلس المذي؛ لأنه مستمر معي، وليس هو من الوسوسة؛ لأني راجعت فيه أطباء وتأكدت أن المرض موجود عندي والله يحفظك ويرعاك، فإذا أردت أن أبكر للصلاة فمتى أتوضأ؟
الجواب: بعد الأذان، مجرد أن يؤذن تتوضأ وتنزل ..
المقدم: معذرة يا شيخ! لكن في يوم الجمعة مثلاً؟
الشيخ: حتى يوم الجمعة يجوز لك ذلك، حتى قبل الأذان لا بأس؛ لأن الأقرب -والله أعلم- أن لك أن تتوضأ لدخول وقت الصلاة، ولك أن تتوضأ لفعل الصلاة، وأنت توضأت يوم الجمعة بعد صلاة الفجر لأجل صلاة الجمعة التي هي بعد دخول الوقت، فلا حرج عليك في ذلك.
المتصل: حفظك الله ورعاك يا شيخ! وجزاك الله خيراً.
المقدم: شفاك الله أخي إبراهيم! بالعكس نحن مسرورون باتصالك الله يحييك ويبارك فيك.
المتصل: لو سمحت، أنا عندي بطاقة صراف باسمي، وصديق أخي يستخدمها، ويعطيني بكل شهر مائتي ريال عليها، وأنا أريد أن أعرف هل عليّ ذنب حين آخذ هذا المبلغ، وهو مشارك فيها بأسهم، ولا أعرف هذه الأسهم هل هي حلال أو حرام؟
المقدم: تصورت المسألة يا شيخ؟!
الشيخ: من الذي يضع في الحساب؟
المتصل: هو الذي يستخدم الحساب ويشتغل في الأسهم وليس أنا لكن ببطاقتي.
الشيخ: أنت أخرجت بطاقة أسهم؟
المتصل: لا، بطاقة صراف من بنك عادي، وأعطيته وهو يشتغل بها في الأسهم، وكل شهر يعطيني مائتي ريال على البطاقة.
الشيخ: هذا سعودي أو غير سعودي؟
المتصل: سعودي.
الشيخ: لأنه أخشى أن يكون قد استخدم الحساب الجاري للمضاربة في الأسهم، صح؟
المتصل: ما أدري والله، هو يشتغل بها في الأسهم، ويعطيني كل شهر عليها مائتي ريال، أنا لست عارفة؟
عندي سؤال ثان:
أنا عندي إذاعة القرآن مفتوحة أربعاً وعشرين ساعة، وسمعت الشيخ يقول: لا يجوز أن تكون مفتوحة: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ [الأعراف:204]، وأنا أفتحها في المطبخ أربعاً وعشرين ساعة فهل يجوز لي أو لا؟
المقدم: شكراً لك أم حسين .
شكراً للسائلين جميعاً، شكراً للإخوة الكنترول، شكراً لكم صاحب الفضيلة لتجشمكم والبقاء معنا تسمع أسئلة السائلين، هي تترى ومزدحمة، والكل يريد أن يظفر بإجابات مجملة على الأقل منكم.
الجواب: ينبغي أن نعرف أننا حينما نتحدث عن تارك الصلاة، ونقول: أن ترك الصلاة كفر، لا ينبغي لنا أن نطلق الكفر على ذات الشخص.
ولو ثبت عدم صلاته؛ لأنه ربما يكون تركها تكاسلاً ولم يعلم حكم ذلك، هم يقولون: لم يخبروه، لكن لم يبين له الدليل الشافي، ولم يجلس مع عالم ليبين له الأحكام؛ ولهذا لا يجوز إطلاق الكفر على من ترك الصلاة، مع أنني أقول: إن تارك الصلاة كافر؛ لكن لا يجوز أن نطلق على الشخص الذي ترك الصلاة أنه كافر حتى تقام عليه الحجة وتظهر المحجة، ولا يتأتى ذلك إلا من ولي أمر المسلمين أو من نائبه وهو القاضي الذي يبين له ذلك، أما عامة الناس فالأصل أنه مسلم؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام المنافقين على الأحكام الظاهرة، ولم يأمر نساء المنافقين أن يعتزلن أزواجهن، وهذا يدل على أن المرأة يجوز لها البقاء مع زوجها إذا كان لا يصلي إلا أحياناً، ولكنها إذا أرادت أن تعاقبه، أو أرادت أن يرجع وينوم، فتقول: لا تمسني حتى تصلي من باب العقوبة.
وعلى هذا فإننا نقول للمرأة التي أخوها لا يصلي لك أن تذهبي إلى بيته، ولك أن تناصحيه، فإذا كان يصلي أحياناً ولو في بيته فهو مسلم، كما قال ابن تيمية ، وأما إذا كان يصلي أحياناً ويتركها أحياناً فهذا ما عليه عامة المسلمين اليوم، هذا يقوله ابن تيمية في القرن الثامن، فهذا يدل على أن أخاك هذا ما زال إن شاء الله مسلماً، ولك أن تحضري زواجه، ولربما إن شاء الله بعد زواجه أن يقلع عن هذا الذنب العظيم، ومن المعلوم أن من أعظم الذنب بعد الشرك بالله هو ترك الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة ) كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر ).
الجواب: أولاً: من المعلوم أن البلوغ يحصل للإنسان بأحد أمرين، إما بإنبات الشعر الخشن فوق العانة، وإما بالمني الذي يسميه العلماء الاحتلام، وأما مسألة بلوغ خمس عشرة سنة فإن الذي يظهر والله أعلم أن هذا ليس حداً كافياً، ولكن في الغالب بل عامة الناس لا يبلغ هذا السن إلا وقد بلغ، وعلى هذا فإذا كان أخو زوجك عمره أربع عشرة سنة، فإنك ينبغي أن تحتجبي عنه؛ لأنه مراهق يعرف عورات النساء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( ألا أرى هذا يعرف ما ههنا لا يدخلن عليكن )، فهذا يدل على أن مثل هذا إذا كان يعلم، فإن المرأة تحتجب منه، والله أعلم، أما إن كان عمره سبع عشرة، فهذا لا إشكال.
الجواب: حينما قامت مشكورة هيئة سوق المال بمحاربة الذين يقومون بالتلاعب في أسواق المال، بدأ الإنسان يأخذ أسماء أناس ربما هم غير معروفين، فيضع أسهماً في محافظها، أو يضع مالاً في محافظها، ويقول لها: لك أن تستخدميه بمائتي ريال، ثم يقوم ببيع الأسهم على محفظته، أو بأي شراء على محفظته ليقوم بالتلاعب، وهذا إذا كان كذلك فينبغي أن تسأله، وينبغي أن تذهبي إلى البنك لتأخذي ورقة فيها طباعة ما يسمونه (print) وتنظرين وتخبرين أحداً من أقاربك الذي يعرف ذلك، فقد تكون هذه الأسهم محرمة، أو ربما يكون في هذه الأسهم تلاعب، فلا يجوز للإنسان أن يعين أخاه المسلم على الغش والخداع، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : ( من غشنا فليس منا ).
المقدم: مخالفة النظام إن كانت ثابتة في هذه الحالة، هل أيضاً تعظم من شأنها؟
الشيخ: نعم، وأهم شيء قبل ذلك أكل أموال الناس بالباطل، فلا يجوز للإنسان أن يأكل أموال الناس بالباطل، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين ( أن قوماً يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة، فيقول الله لها: كوني هباءً منثوراً، فقالوا: يا رسول الله! صفهم لنا جلهم لنا -قال في رواية
فهذا يدل على أن أكل أموال الناس بالباطل من أعظم الذنب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يبالي المرء أمن الحلال أخذ أم من الحرام ) فليتق الله امرؤ وكذلك تتق الله امرأة تعين أحد إخوانها المسلمين، على المسلمين جميعاً بأكل أموال الناس بالباطل، والله أعلم.
الجواب: لا حرج في ذلك؛ بل إني أقول: إن إذاعة القرآن الكريم جزاها الله خيراً فيها من المنافع، وفيها من الحسنات ما ينفع الإنسان إن جعلها مفتوحة في البيت، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث أبي موسى : ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت )، ولكن إذا دخلت المطبخ، أو دخلت الغرفة التي فيها القرآن فينبغي لك أن تستمعي ولا تتحدثي؛ لأن ذلك منهي عنه؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204].
وأنا أقول: ينبغي للإنسان ألا يسأل إلا أهل العلم، وينبغي له أن يخاف الله سبحانه وتعالى في أحكامه، وليس معنى الخوف أن يكون الإنسان موسوساً، بل يجب عليه أن يسأل أهل العلم، وإذا عن له مسألة يكتبها في ورقة، ويتصل ويسأل، ومن العجب والغريب أن الإنسان في أمور دنياه تجده يحتاط، من الذي أسأل، وكيف أسأل، وهل هو على علم، ودراية أم لا؟ أما مسائل الدين فينبغي له أن يكون أعظم احتياطاً لدينه، وأبرأ لذمته، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق القائمين على وسائل الإعلام، وعلى القنوات أمثال قناة الرسالة وغيرها لكل خير والذين يبثون ويساعدون الناس على معرفة دينهم، وهذا من أعظم القربات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من سلك طريقاً يبتغي به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة )، وأحسب أن مثل هذه القنوات التي تبث أحكام الشرع تدخل في هذا، والله أعلم.
الشيخ: نحن مشكلتنا أننا إذ حسسنا بالبرد ذهبنا إلى الغرفة ففتحنا أدوات التكييف، وفتحنا الدواليب، وأخذنا ما نستطيع أن ندفئ به أنفسنا، ونعلم أن أناساً ربما لا يجدون بطانيات، ولا يجدوا ثياباً، ولهذا ينبغي للإنسان أن يتحسس عن إخوانه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) فإذا أحس بالبرد، ولبس ما يدفئه فليعلم أن أناساً ما زالوا يحسون بالبرد، ولم يجدوا ما يدفئهم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياهم الحسنة، ومن المعلوم أن الصدقة من أعظم القربات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا وملكان ينزلان، فيقولان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، اللهم أعط ممسكاً تلفاً )، نسأل الله أن يرزقنا وإياهم الفقه في الدين.
المقدم: اللهم آمين، اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعد عليه أمواله التي أنفقها مضاعفة أضعافاً كثيرة، أشكر الله جل وعلا في نهاية هذا اللقاء، كما أشكر أيضاً مرة أخرى صاحب الفضيلة ضيف البرنامج الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء على ما أجاد وأفاد، شكر الله لك.
الشيخ: حياكم الله.
المقدم: شكراً أيضاً لكم مشاهدينا الكرام مشاهداتي الكريمات يا من تتابعونا دوماً، من فريق العمل التي تظهر أسماؤهم بعد قليل، وكلهم يقولون لكم من صميم قلوبهم: إلى الأسبوع القادم إلى السبت من السادسة إلى السابعة بتوقيت مكة المكرمة، وأنتم على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر