إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [35]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحيض أمر فطري كتبه الله على بنات آدم، وقد شرع الله له أحكاماً، فأمر الرجل باعتزال موضع الدم من امرأته، وأباح له الاستمتاع بها فيما عدا الجماع، وجعل الطهارة شعار التوابين الأوابين، ولهذا وجب على النساء السؤال والتفقه فيما يتعلق بحالتهن في هذا الباب وغيره.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ وأقله -أي: أقل الحيض- يوم وليلة؛ لقول علي رضي الله عنه، وأكثره -أي: أكثر الحيض- خمسة عشر يوماً بلياليها؛ لقول عطاء : رأيت من تحيض خمسة عشر يوماً، وغالبه -أي: غالب الحيض- ست ليال بأيامها أو سبع ليال بأيامها ].

    المؤلف حينما تحدث عن أقل سن يأتي المرأة فيه الحيض، ذكر أنه تسع سنين، وأكثره خمسون سنة، وذكرنا أن القول الراجح: أنه لا حد لأقله ولا حد لأكثره، وإن كان أقل ما سمع ست سنين، وإذا خرج عن الأمر المعتاد، وهو التسع، فلا بد أن يأتيها على وجه معتاد تعتاده النساء، وهذه هي القاعدة التي ذكرناها: أن العبرة بالوجود، وإذا خرج الحكم عن غالب النساء فلا بد أن يأتيها -هذه المرأة المستفردة عن غالب النساء- على وجه معتاد.

    فإن جاءها على وجه غير معتاد فلا تعول عليه، وتذهب إلى غالب العادة؛ وهي تسع، وقلنا مثل ذلك في الخمسين، فإنه لا حد لأكثره، وإن كان الغالب أنه لا يأتي المرأة وهي ابنة خمسين، ولكنه لو زاد على وجه معتاد، يعني: زاد عن الخمسين؛ كامرأة جاءها الحيض وهي ابنة ستين على وجه معتاد، فإنها تتربص به على أنه حيض، فلو انقطع الدم عن المرأة وهي ابنة أربعين، وبعد عشر سنين نزل منها الدم، فتسأل: هل هذا الدم حيض أم لا؟

    نقول لها: انقطاعه محل توقف، ولهذا لا نعول عليه على أنه دم حيض؛ حتى يأتيك على وجه معتاد.

    فنقول: لا تعولي عليه، فإن انقطع لستة أو لسبعة أيام، ثم عاودها في الشهر الثاني على نفس الوتيرة، قلنا لها: الشهر الذي مضى هو حيض، فإن كنت قد صمت فيه؛ فأعيدي الصوم، ولكن لا تعيدي الصلاة.

    وهذه القاعدة سوف تتكرر معنا في كثير من المسائل، إن حددنا أنه لا عبرة به، إلا إذا جاء على وجه معتاد، فإذا جاء الشهر الثاني وجاء على وجه معتاد علمنا أن الشهر الأول كان حيضاً.

    يقول المؤلف: (وأقله)، أي: أقل الحيض (يوم وليلة)، والذي جعله يقول: (يوم وليلة)، هو أن الحنابلة يقولون: لم نسمع أن الحيض أتى امرأة أقل من يوم وليلة، وعلى هذا فأعيد لكم ما قاله ابن رجب رحمه الله: إن الأئمة متفقون على أنه لم يأت حديث صحيح -لا مرفوع ولا موقوف- في توقيت الحيض، وإنما هو على عادات النساء، يقول ابن رجب : وعلى مثل ذلك سار الشافعي و أحمد و إسحاق .

    واستدل الحنابلة على أن أقل الحيض يوم وليلة، بقول علي رضي الله عنه، وهذا الأثر أخرجه أصحاب المصنفات من طريق عامر الشعبي : أن امرأةً أتت علياً رضي الله عنه، وقد طلقها زوجها، فادعت انتهاء عدتها في شهر، والعدة ثلاثة قروء، فقالت: إن هذه القروء أنهيتها في شهر، فقال علي رضي الله عنه لـشريح : اقض فيها، فقال: إن جاءت ببطانة أهلها ممن يرجى دينه وأمانته يشهد أن عدتها قد انتهت بشهر، وإلا فلا، يعني: فلا يقبل قولها.

    قال علي رضي الله عنه بعد ذلك: قالون، يعني: جيد باللغة الرومية، وهذا الحديث تكلم فيه؛ حيث إن الشعبي لم يسمع من علي رضي الله عنه، هذا من حيث الإسناد، ومن حيث المعنى أي المتن تكلم فيه أيضاً.

    فالحنابلة يقولون: إن أقله يوم وليلة؛ حيث إنها حاضت يوماً وليلة، ثم طهرت ثلاثة عشر يوماً، ثم حاضت يوماً وليلة، ثم طهرت ثلاثاً وعشرين يوماً، ثم حاضت يوماً وليلة، ثم طهرت كم هذه؟

    ثمانية وعشرين يوماً.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088794241

    عدد مرات الحفظ

    779085876