إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [37]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تختلف المرأة المستحاضة عن غيرها في أحكام الحيض، حيث إن المرأة المستحاضة إذا كان لها عادة في حيضها قبل الاستحاضة فإنها ترجع إلى عادتها، سواء كانت مميزة لدم الحيض من دم الاستحاضة أم لا، وأما إذا نسيت عادتها وكانت مميزة فإنها ترجع إلى تمييزها.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [تجلسه من أول كل مدة علم الحيض فيها وضاع موضعه، وإلا فمن أول كل هلالي كالعالمة بموضعه -أي: موضع الحيض- الناسية لعدده، فتجلس غالب الحيض في موضعه، وإن علمت المستحاضة عدده -أي: عدد أيام حيضها- ونسيت موضعه من الشهر، ولو كان موضعه من الشهر في نصفه جلستها -أي: جلست أيام عادتها- من أوله -أي: أول الوقت الذي كان الحيض يأتيها فيه- كمن -أي: كمبتدئة- لا عادة لها ولا تمييز، فتجلس من أول وقت ابتدائها على ما تقدم ].

    المؤلف رحمه الله حينما تحدث عن المستحاضة المبتدئة، وأنهى الحديث والكلام فيها شرع في المستحاضة المعتادة التي كان لها عادة أو تمييز، أو عادة وتمييز، أو التي نسيت عادتها ولا تمييز لها صالح يمكن أن يصار إليه، فجعل للمستحاضة المبتدئة ثلاثة أحوال، ثم جعل للمستحاضة المعتادة أربعة أحوال، فبين أن المستحاضة المعتادة لها أربعة أحوال:

    الحالة الأولى: المستحاضة التي تعلم عادتها فقط، يعني: ما تعرف إلا أن لها عادة، ومعنى لها عادة: يعني: تعلم أنها تحيض في أول الشهر، أو في وسط الشهر، أو في آخر الشهر ستة أيام، أو سبعة أيام، أو ثمانية أيام، هذه تعلم، وإذا قلنا: مستحاضة، فمعناه أن الدم متواصل معها، ولكنها تعلم عادتها أن أول الشهر كان يأتيها الدم قبل حصول استمرار الدم عندها، مثل أن كانت تعلم أن عندها عادة يأتيها دم الحيض قبل وجود المرض؛ وهو العرق الذي هو سبب الاستحاضة بسبعة أيام أو ثمانية أيام من أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، فهذه نقول عنها: إن لها عادة.

    الحالة الثانية: قال المؤلف: (هي التي لها عادة وتمييز)، ومعنى التمييز: التي تعلم وتميز دمها، فإن رأت الدم الأسود الثخين ذا الرائحة الكريهة علمت أن حيضها قد جاء، وهو الذي يسميه ابن عباس : الدم البحراني، وإن رأت دماً أحمر خفيفاً لا رائحة فيه علمت أن ذلك ليس بالحيض الذي كان يأتيها قبل هذا المرض، وأن هذا هو الاستحاضة وهذه يسميها العلماء مميزة، التي عرفت دمها بمعنى أنها مميزة تمييزاً صالحاً، يعني تستطيع أن تميزه وهو دم أسود وعند الحنابلة لا تقل عن أقل الحيض وهو يوم وليلة، ولم يعبر أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوماً، حينئذ عندها عادة وعندها تمييز، أيهما تقدم؟ المشهور من مذهب الحنابلة وهو مذهب أبي حنيفة خلافاً للشافعية والمالكية أن من لها عادة وتمييز تقدم العادة على التمييز، لما جاء في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وصلي -وفي رواية- فاغسلي عنك الدم وصلي )، فقدر النبي صلى الله عليه وسلم بالأيام، وهذا يصلح أن يكون للعادة لا التمييز، هذه الحالة الثانية.

    الحالة الثالثة: هي التي لها تمييز وليس لها عادة، تقول: أنا لا أعلم عادتي، ولكن أعلم تمييز الدم، فنقول: هل هذا التمييز تمييز صالح؟ والتمييز الصالح على مذهب الحنابلة المراد به أن يكون هذا الدم المميز لا يقل عن يوم وليلة، ولا يزيد عن خمسة عشر يوماً، فإن قالت: نعم، قلنا: إذاً اعتدي بالتمييز، فمتى جاءك هذا الدم المميز تربصتي بالحيض، ومتى فارقك وجب عليك أن تغتسلي وأن تصلي ثم تربصي لكل صلاة، كما سوف يأتي بيانه، وهذه الحالة الثلاثة.

    الحالة الرابعة: هي التي لا عادة لها ولا تمييز، تقول: أنا والله! لا أعلم، مجرد أن يأتيني الدم أترك الصلاة والصوم، ومتى حصل الجفاف ونزلت القصة البيضاء -وهو السائل الفضي الرقيق الذي يأتي عقب الجفاف- فإنني أغتسل وأصلي، ولا أفرق بين ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو خمسة أيام، ولا أرى الدم، أضع الكرسف في مكان الدم، فإذا جف وحصل النقاء ونزلت القصة البيضاء؛ اغتسلت، ولا أميز وهذه هي الحالة الرابعة، التي يسميها العلماء -أي: المرأة التي لا عادة لها ولا تمييز- المتحيرة، والمتحيرة هنا متحيرة في إحدى ثلاث حالات:

    الأولى: إما متحيرة لا تعلم أو نسيت عدد أيام الحيض، ونسيت موضعه، يعني: وقته.

    الثانية: تعلم عدده لكنها نسيت موضعه ووقته.

    الثالثة: علمت موضعه ونسيت عدده، ومعنى العدد مثل أن تعلم أنها كانت تحيض ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو خمسة أيام، لكن لا تعلم موضعها، فهي ليست مثل التي لها عادة بأن تعلم أنها كانت تحيض ثمانية أيام في أول الشهر، فهذه لا تعلم، وتقول: ثلاثة أيام، أو أربعة أيام لكني لا أعلم موضعها، إما أن يأتيني أول الشهر، وإما أن يأتيني وسط الشهر، وإما أن يأتيني آخر الشهر. فهذه نسيت العدد والموضع.

    الثانية من الحالة الرابعة: نسيت الموضع وعلمت العدد، قالت: أنا أعلم أنه يأتيني أربعة أيام، أو سبعة أيام، لكني لا أدري أين موضعه أهو أول الشهر، أو وسطه، أو آخره؟ أهو في العشر الأول، أو العشر الوسطى، أو العشر الأخيرة من الشهر؟ لا أدري، أو تقول: أنا أعلم أنه يأتيني في آخر الشهر، لكن لا أدري أهو في الخمسة عشر الأولى أو في خمسة وعشرين الأخيرة أم في آخر الشهر؟ وهو من خمس وعشرين إلى ثلاثين، هذه نسيت الموضع.

    الحالة الثالثة من الحالة الرابعة: نسيت العدد وعلمت الموضع، تقول: أنا أعلم أنه يأتيني من أول الشهر، لكني لا أدري كم، فهذه أربعة أحوال ذكرها الحنابلة رحمهم الله في المستحاضة المعتادة الذي كان لها عادة أو تمييز، ثم اختلط عليها الأمر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088790707

    عدد مرات الحفظ

    779061304