الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولأب ثم أخ ونحوه منع موليته من الخروج إن خشي فتنةً أو ضرراً ومن الانفراد].
يقول المؤلف بعدما ذكر مسألة أنه يجوز للمرأة أن تخرج لصلاة الجماعة، وذكر أن بقاءها في المنزل خير لها كما جاء في الحديث: ( وبيوتهن خير لهن ) قال: (ولأب ثم أخ ونحوه منع موليته من الخروج إن خشي فتنةً أو ضرراً ومن الانفراد)، معنى ذلك: أنه ليس للمرأة حق في أن تطلب الخروج متى شاءت وكيفما شاءت، وإنما تخرج بإذن الأب؛ لأن الأب راع ومسئول عن رعيته، وإنما يجوز الخروج كما قلنا بشروط أربعة:
الشرط الأول: ألا يكون هناك تبرج، والشرط الثاني: ألا يكون فيه تعطر، والشرط الثالث: أن يكون هناك مكان يليق بها، والشرط الرابع: ألا تخل بواجب، فلا يسوغ للمرأة أن تخرج للصلاة في المسجد متى شاءت وكيفما شاءت وتترك أولادها؛ لأن ذلك ضرر عليهم، ولأن تربيتها لأولادها واجبة وجوباً عينياً، وطاعتها لزوجها واجبة وجوباً عينياً، وصلاتها في المسجد مستحبة، ولا يسوغ تقديم المستحب على الواجب، ولهذا قال: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) فهنا يقول: ويجوز (لأب ثم أخ ونحوه منع موليته من الخروج إن خشي فتنة أو ضرراً).
فإذا خشي الفتنة عليها أو بها، بها يعني: إذا كانت خرجت متبرجة، أو عليها إذا كان قد خاف عليها، مثل أن يكون بينها وبين المسجد ذئاب بشرية؛ فلا يسوغ له أن يقبل، أو يخشى عليها الضرر سواء كان ضرراً عليها أو ضرراً بسببها، مثل ما قلنا في الشرط الرابع: ألا يكون هناك سبب في ترك واجب.
قال المؤلف رحمه الله: (ومن الانفراد)، لأنها إذا كانت ستصلي في المسجد وحدها؛ فلا يؤمن عليها الفتنة، ولربما دخل عليها ناس من جهة أخرى، ولهذا قلنا: أن يكون هناك مكان يليق بأمثالها.
هذه أربعة شروط ذكرها المؤلف، وبهذا نكون قد انتهينا من باب صلاة الجماعة.
المؤلف رحمه الله عندما ذكر أحكام صلاة الجماعة، وأحكام صلاة الجماعة متعلقة ابتداءً بالمأموم، ويدخل الإمام تبعاً، لما انتهى من هذا الباب؛ شرع فيما هو في الإمام على سبيل الخصوص، وهي مسألة أحق الناس بالإمامة.
والإمامة أنواع: إمامة عامة، وإمامة خاصة، والإمامة الخاصة لا تأخذ أحكام الإمامة العامة التي نحن نسميها الولاية العامة.
ولذلك أخطأ بعض الناس حينما جعلوا كلمة ولي الأمر عامة في كل شيء، والصحيح: أن ولاية الأمر عامة وخاصة، فالخاصة مثل: الأب ولي أمر، وكذلك مدير المدرسة ولي أمر هذه المدرسة، كذلك الحاكم الإداري ولي أمر هذه الإدارة، أما ولاة الأمر في الولاية العامة فإنما هي للإمام السلطان، كالملك والرئيس وغير ذلك، ويخطئ بعض الناس حينما يعطي أحكام الإمامة العظمى للإمامة الصغرى، حتى إن بعضهم يفهم من الولاية العامة أنها هي الولاية الخاصة، وهذا خطأ كبير جداً جداً، ولهذا تجدهم يحتجون أحياناً بحقوق الولي العام للولي الخاص، حتى مدير المدرسة يجعلونه في مقام ولي أمر المسلمين العام وهذا خطأ.
ولي أمر المسلمين العام الذي بينه وبين أهل الإسلام ولاية عامة يجب طاعته في كل ما يقول إذا لم يخالف الكتاب والسنة، كما قال ابن تيمية رحمه الله، أما الولاية الخاصة فهذه تكون ولاية الإنسان في خاصته، فإذا طلب مني شيئاً لا يسوغ لي أن أطالبه أو ربما أرفض ولا آثم بذلك؛ لأنها مسألة عقود، أما الولاية العامة فلا، ربما تأثم في هذا الأمر، وهذا لا بد من بيانه؛ لأنني أجد حتى بعض طلاب العلم يخطئون في ذلك، فمدير الجامعة إذا قال قولاً، قال: أطع ولي أمرك، وهذا خطأ، ولي الأمر هو الملك فقط؛ لأنه صاحب الولاية العامة هو الذي يجب طاعته، وهذه الولاية هي التي جاءت فيها الأحاديث: ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ).
أما الولاية الخاصة فهذا في ولايته، فإذا قال: تعال، وأنت قلت: لن آتي وغيبني، فهذه مسألة ثانية ليس لها شأن في الولاية العامة، وأظن أنها وضحت؛ لأن هذا يخطئ به كثير من الناس، فيجعلون الولاية الخاصة لها أحكام الولاية العامة، وهذا خطأ، الولاية العامة هذه ولاية لها شأنها ولها أحكامها ولها ارتباطاتها، أما الولاية الخاصة فهذه ولاية لها أمور أخرى، ولهذا تجد أحياناً حتى في السفر لا بد من ولي أمر، كما عند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لثلاثة أن يكونوا في فلاة من الأرض إلا ولوا بينهم أميراً )، فهذا ولايته في هذا الأمر، لكن لا يسوغ له أن يأمر بكل شيء والله تبارك وتعالى أعلم.
ومن ذلك: إمامة المسجد، فالإمام له ولايته، بمعنى: أنه لا يحق لأحد من جماعة المسجد أن يفتات على مقامه؛ فيصلي قبل وقت الإقامة، ولأجل حقه في ذلك فهو أولى.
وقد اختلف العلماء في صحة صلاة الجماعة إذا صلوا قبل الوقت المعتاد، كل ذلك لبيان أن لإمام المسجد حقاً في ذلك، وإلا لاختلت الموازين، وإذا خالفنا في الولاية الخاصة وغيرها لم يصلح الحال.
وعلى هذا: فالذي يقدم هو الأقرأ جودةً، وليس المقصود بالأقرأ جودة الذي عنده قراءات، أو المتمكن في التجويد، بل المقصود بالأقرأ: الذي عنده مخارج الحروف ويحسن التجويد الأصلي ويحسن التغني بالقرآن، ولأجل هذا: ربما يقدم حسن الصوت الذي عنده من المخارج على من هو أحسن تجويداً إذا كان لا يحسن الصوت، وهذا هو رأي شيخنا عبد العزيز بن باز ؛ لأن المقصود بالإمامة هو سماع الناس القرآن والتأثر به، ولا يتأتى هذا إلا بإمام يحرك القلوب، وهذا في حال المشاحة، والله أعلم.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (جودةً)؛ لأن المقصود به هو العالم بمخارج الحروف، الذي يؤدي الكلمات بلا لحن، وليس المقصود المتمكن جداً في التجويد؛ بأن يمد الشيء على نسق واحد، فهذا لا يلزم، وقد عنف بعض المهتمين بهذا الباب بعض أئمة الحرم المكي والنبوي بحجة أنهم لا يطبقون نسق التجويد بالمد الطبيعي ومد اللين والمد اللازم، ولا يعطون مخارج الحروف حقها من حيث التجويد من الإدغام بما لا يزيد على حركتين، وكتب في ذلك شيئاً، وهذا إن دل فإنما يدل على أن بعض الذين لهم تخصص في هذا الأمر يغار على تخصصه ليس إلا، وإلا فإن العلماء قديماً وحديثاً يرون أن العبرة بأداء الحروف من غير لحن، وأن تكون على نسق واحد، أما المبالغة في ذلك فإنه لا يلزم والله تبارك وتعالى أعلم.
وإذا كان الفقهاء قد خففوا بمخرج الضاد؛ لأنه يصعب تمييزها لعامة الناس، فخففوا فيها مع أن الضاد ليست كالظاء ومع ذلك خففوا فيها، فإذا كان هذا تخفيف فالتجويد من باب أولى والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (العالم فقه صلاته)، يعني: ليس المقصود بالأقرأ من يحسن قراءة القرآن فقط وهو لا يحسن أداء صلاته؛ لأنه ربما يقع في إشكالات أثناء الصلاة، ولهذا صار الأقرأ العالم بالقراءة، والعالم بأحكام صلاته في الجملة.
ثم استدل المؤلف على ما ذهب إليه: بما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود البدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً ) رواه مسلم .
وعلى هذا: فيكون قوله صلى الله عليه وسلم: ( أقرؤهم لكتاب الله )، هو هل المقصود أعلمهم بكتاب الله؛ لأن القراء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يسمون حفاظ الكتاب والعالمين به أم أن المقصود بالأقرأ هي القراءة من حيث حسن التغني وجودة المخارج؟ معنيان، والأقرب هو المعنى الثاني؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين: (أقرؤكم
ولهذا كان ابن أم عبد عبد الله بن مسعود حسن الصوت وله لحن خاص أخذه عنه تلاميذه، وكذلك أبو موسى وكذلك سالم مولى أبي حذيفة والله أعلم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( ما أذن الله لشيء إذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن )، ومعنى ما أذن يعني: ما استمع.
إذاً المقصود بالعالم بالسنة هو العالم بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، العالم بفهمها، والله أعلم.
ولهذا قال ابن تيمية في القواعد النورانية: أسعد الناس بمعرفة الراجح من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله هم أهل الحديث، ثم قال: وليس أهل الحديث هم المشتغلون بعلم الرجال والتصنيف في ذلك، ولكن أهل الحديث هم الذين يعتمدون على أقوالهم بالسنة كمالك و الشافعي و أحمد و إسحاق و الأوزاعي و أبو محمد بن قدامة ، وهؤلاء كلهم من أهل الحديث.
قال المؤلف رحمه الله: (ويقدم قارئ لا يعرف أحكام صلاته على فقيه أمي)؛ لأن العبرة هنا بأداء أركان الصلاة، ومن المعلوم أن الفاتحة في حق الإمام ركن، فإذا كان فقيهاً لا يؤديها اختلت بذلك الصلاة فيقدم القارئ.
وهذه الاعتبارات مثل: لو اجتمعوا جميعاً، فإنه ينبغي لمن عرف حال غيره أن يقدمه ولا يؤثر نفسه في ذلك، أما الاعتبارات الأخرى، فهذا شأن آخر، مثل أن يتقدم العالم من باب معرفة الناس له، أو من باب التقدير فلا حرج في ذلك والله أعلم.
هذا الحديث جاء بألفاظ مختلفة: جاء مرةً: ( وليؤمكم أكثركم قرآناً )، كما في صحيح البخاري من حديث عمرو بن أبي سلمة عندما جاء الوفد وكان ابن ست أو ابن سبع سنين، قال: فقال صلى الله عليه وسلم: ( وليؤمكم أكثركم قرآناً فنظروا فوجدوا أني أكثرهم قرآناً فأممتهم )، وفي حديث آخر: ( وليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم )، كما في حديث مالك بن الحويرث، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ثم أقدمهم هجرة )، والمؤلف لم يذكر هنا الأقدم هجرة؛ لأن الأقدم هجرة يعني الأول إسلاماً، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم أو أقدمهم سناً، ولم يذكر المؤلف الهجرة، إما لأن الهجرة تقتضي السن أو لأن الهجرة قد انقطعت فلا هجرة بعد الفتح.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ثم أقدمكم هجرة ) دليل على أن الهجرة لها أفضلية خاصة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )، فهذا التقديم يدل على الأفضلية، ولهذا من اجتمع معه القراءة والعلم فإنه يقدم على غيره، فمن رأى أن فلاناً أفضل فيقدمه والله أعلم.
وبعد ذلك: يقدم الأسن، يعني: الأكبر سناً؛ لأنه عايش الحال وعرف أحكام العبادة أكثر من غيره، وهذا في حق من كان كل ما كبر سنه كبر علمه، لكن المشكلة إذا كان كلما كبر نسي العلم، وهذا مع الأسف الشديد كثير في هذا الزمان.
وعلى كل حال: الألسن يقدم إذا اتفقا في القراءة والفقه وهو العلم بالسنة.
وقد كان عمر يجعل سالماً مولى أبي حذيفة أميراً على المدينة أحياناً إذا ذهبوا إلى الغزو، وهذا يدل على أن ثمة أناس من قريش لم يولهم عمر ، فدل ذلك على أن مسألة الإمامة والعلم لا علاقة لها بمثل هذه الاعتبارات، وكونه قرشياً إنما هي في الإمامة العظمى، وأما ما كان لها علاقة في الدين فيقدم الأعلم والأكثر ديانةً، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا شيء.
وأما الأعجمي أو غير العربي مع العربي فقد جاء في ذلك آثار، منها: أن سلمان الفارسي أمر حذيفة و أبا الدرداء أن يتقدموا عليه؛ لأنه ليس بعربي، وهذه الآثار ليست بجيدة، وإن صحت فإنها محمولة على بيان فضل الجنس العربي على غيره، وليست في الصلاة والله أعلم.
وأما حديث: ( قدموا قريشاً ولا تقدموها )، فهذا الحديث تكلم فيه أهل العلم ما بين محسن له ومضعف، والذي يظهر والله أعلم: أن الحديث مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف، ولو صح فليس محمولاً على الإمامة الصغرى وهي الصلاة، ولكن المقصود بها الإمامة العظمى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( الأئمة من قريش )، وأما في الصلاة فلا، وهذه المسألة لا علاقة لها بالصلاة، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (ثم الأقدم هجرة)، والأقدم هجرة يعني الأقدم إسلاماً، وعلى هذا: فالذين دخلوا في الإسلام من وقت قديم أولى ممن دخلوا في الإسلام في حداثتهم، ويقدمون على الأكبر سناً.
ولهذا أحياناً بعض من وصف بالتقوى يستكثر أن يكون غيره قد تقدم، وكأنه يريد بذلك المجازاة على طاعته لله، ولهذا تجدون حتى أحياناً يتأثر الإنسان في المجالس، إذا دخل في المجلس ووجد حليقاً ما ذهب إليه ويسلم عليه، وهذا نوع من المجازاة أو طلب المجازاة، وهذا بلا شك خطأ، فإننا حينما نقوم بالسلام، لم يقل صلى الله عليه وسلم: ويسلم غير العالم على العالم، أو غير الحليق على الحليق أو غير ذلك، بل جعل صلى الله عليه وسلم الناس في هذا الأمر سواسية، حينما جاءت العلاقات الاجتماعية فيما بينهم.
فجعل الداخل أولى بالسلام من الجالس، وجعل القائم يسلم على الجالس، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم العلاقة الذاتية بينهم، مما يدل على أن هذا نوع من تفشي الوئام والمحبة والرحمة فيما بينهم، ولأجل هذا ينبغي للإنسان أن يتواضع، ( وأن يسلم على من عرف ومن لم يعرف )، كما جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .
فالغالب أن العالم بالسنة عنده من التقوى ما تحجزه عن كثير من ترك الواجبات وفعل المنهيات، أما أن يظهر ذلك في الوجه فهذا ليس فيه دلالة على هذا والله أعلم.
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر كلاماً نفيساً قال: ولربما رأيت رجلاً كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير التقشف، ولا أرى القلوب تلهف إليه، وبالمقابل أرى الرجل حسن البزة والهندام وليس هو كثير صلاة وكثير عبادة، وأرى القلوب تهفو إليه وتشرأب الأعناق له؛ فعرفت أن ذلك إنما هو بالسرائر، فالله الله بالسرائر! فمن صلحت سريرته ظهر عبق ريحه للناس، وهذا كلام نفيس منه رحمه الله، وإنما ذكر ذلك عن تجربة وواقع، وهو أن الإنسان ينبغي أن يكون بينه وبين ربه عبادة لا يعلمها أحد، فقد قال عبد الله بن المبارك : كنت أرى مالكاً فأرى أن بينه وبين الله خبيئة من عمل، فوالله ما رفع مالكاً فيما رفعه إلا بخبيئة من عمل، قال الإمام أحمد بعد ذلك: والله ما أرى عبد الله بن المبارك رفعه الله بما رفعه إلا بخبيئة من عمل، وكذلك قيل لـأحمد ، وهذا دليل على أن هذا هو منهاج هدي السلف فبهداهم اقتده.
فمن أراد أن يعرف محبته لربه وصدق توجهه في العلم فلينظر في عبادته وتعلقه بالله في حال سره، فإذا كان حال سره فيه نوع من الخشوع والتأله والمحبة والعبادة أكثر من الظاهر فهذا إن شاء الله على خير، وقد أشار ابن رجب رحمه الله في هذا الباب إلى أنه من كان في الظاهر أحسن حالاً من الباطن؛ بحيث ربما وقع في المحارم في الباطن، يقول: فلا بد أن يفضحه الله ولو في حال الكبر والعياذ بالله، والله! إني حينما أسمع ما يحصل في ليبيا وما يحصل في تونس أو ما يحصل في مصر، إني أقول: إن هذا بسبب خيانة في السر، وأستحضر قول ابن رجب رحمه الله، ولم يكن ذلك إلا حال الكبر، نسأل الله أن يختم لنا بالحسنى وزيادة، وأن يجعلنا من أهل طاعته وأهل الرفادة، وأن يجعلنا من أهل حزبه وطاعته وتقواه.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر