إسلام ويب

عمدة الفقه - كتاب الحج [1]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، ويجب على المسلم، العاقل، البالغ، الحر، المستطيع، واختلف أهل العلم في وجوب العمرة على قولين، الراجح منهما الوجوب.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله, اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الاجتماع اجتماعاً مرحوماً, وألا يجعل منا ولا فينا شقياً ولا مطروداً.

    قال المؤلف رحمه الله: [ يجب الحج والعمرة مرة في العمر على المسلم العاقل البالغ الحر إذا استطاع إليه سبيلاً، والاستطاعة: أن يجد زاداً وراحلة بآلتهما مما يصلح لمثله فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومئونة نفسه وعياله على الدوام. ويشترط للمرأة: وجود محرمها، وهو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو بسبب مباح ].

    يقول المؤلف: (كتاب الحج).

    الحج ثابت فرضه في الكتاب كما قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقوله: (على الناس) تفيد عند علماء الأصول: الوجوب، فهذا وجوب من الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال ابن عباس : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97]، إلى قوله: وَمَنْ كَفَرَ [آل عمران:97] قال: يعني: أعرض.

    وأما السنة: فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج ).

    وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس! إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أفي كل عام؟ قال: لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )، وهذا أمر ثابت ولا إشكال، وإنما الخلاف عند أهل العلم فيمن ترك ذلك تكاسلاً فهل يكفر؟

    عامة السلف والخلف على أن تارك الحج تكاسلاً وتهاوناً لا يكفر، وهذا هو الراجح، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    ونقل عن ابن مسعود وبعض السلف خلاف في ذلك، يعني: بأنه يكفر، ولكن الراجح عدم الكفر.

    إذا ثبت هذا فإن المؤلف يقول: (يجب الحج والعمرة مرة في العمر)، الحج ثابت ولا إشكال، وهل العمرة واجبة؟ ذهب المؤلف رحمه الله إلى أن العمرة واجبة، وهذا هو الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم، وهو مذهب ابن عباس و ابن عمر و جابر و زيد بن ثابت، وقد روى البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم عن ابن عباس أنه قال: إنها لقرينة الحج في كتاب الله، وروى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال: الحج والعمرة فريضتان، وكذلك روي بإسناد حسن -كما يقول الحافظ ابن حجر - عن جابر بن عبد الله ، وروي مثل ذلك عن زيد بن ثابت، فهذا قول الصحابة ولا يعلم عنهم خلاف في ذلك والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    وقد روى الإمام أحمد حديث عمرو بن سالم عن النعمان بن أوس عن أبي رزين رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أباه كان شيخاً لا يستطيع أن يحج، أفأحج عنه؟ قال: حج عن أبيك واعتمر )، قال أحمد : شعبة يجوزه، ولا أعلم حديثاً أصح في وجوب العمرة ولا أجود من هذا الحديث، وهذا يدل على أن الراجح -والله أعلم- أن العمرة واجبة.

    وإذا ثبت وجوبها: فهل هي واجبة على الآفاقي أم هي واجبة على المكي والآفاقي؟ الراجح -والله أعلم- أنها واجبة عليهما جميعاً، ولا تفريق إلا بدليل، ولا دليل مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    إذا ثبت هذا: فإن الحج والعمرة واجبتان، وقد دل على ذلك قول عمر رضي الله عنه حينما قال له الصبي بن معبد: يا أمير المؤمنين! إني وجدت الحج والعمرة مكتوبان علي فأهللت بهما، فقال: هديت لسنة نبيك، فقول عمر: (هديت لسنة نبيك) إقرار منه لقول الصبي بن معبد : (إني وجدت الحج والعمرة مكتوبان علي) فدل على أنه ينبغي للمسلم أن لا يتساهل في العمرة سواءً كان قريباً أم بعيداً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088798702

    عدد مرات الحفظ

    779108772