إسلام ويب

عمدة الفقه - كتاب الحج [21]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كتاب الحج من أصعب أبواب الفقه العبادي، ويرجع سبب ذلك إلى عدة أمور منها: صعوبة تصور الحج خاصة لمن لم يحج، وكثرة الآثار عن الصحابة في ذلك، وكثرة أقوال العلماء واختلافهم فيه؛ وأسباب الخلاف بين العلماء كثيرة، منها: عدم وصول الدليل لبعض العلماء، أو عدم صحة الحديث عند بعضهم وغير ذلك من الأسباب.
    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين:

    مشاهدينا الكرام! أهلاً ومرحباً بكم في هذا الدرس المبارك: عمدة الفقه، وفي هذا الدرس يسرنا باسمكم جميعاً أن نرحب بشيخنا الكريم الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي ، الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء، نرحب بشيخنا الكريم أجمل ترحيب، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبالإخوة المستمعين والمستمعات.

    المقدم: ويمتد ترحيبنا كذلك إلى الإخوة الطلاب في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، وأيضاً نحب أن ننبه حضراتكم بأن هذا الدرس هو مخصص لمراجعة كافة كتاب الحج، الذي تم شرحه في هذا الفصل الدراسي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بهذا العلم الشرعي الطيب.

    نترك المجال لشيخنا الكريم ليبتدئ إطلالته المباركة، ثم نستقبل أسئلتكم على هواتف البرنامج التي تظهر أمامكم تباعاً، وأيضاً على موقع الأكاديمية: (www.islamacademy.net) دائماً وأبداً نرحب بأسئلتكم ومشاركاتكم، فأهلاً ومرحباً بكم.

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نضَل، أو نزِل أو نزَل، أو أن نظلم أو نظلم، أو أن نجهل أو يجهل علينا، وبعد:

    أحبتي الكرام! قد انتهينا في الدرس الماضي من شرحنا لكتاب الحج، وبلا شك أن كتاب الحج من أدق مسائل العبادات، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه، والسبب في ذلك -أن كتاب الحج دقيق- أمور منها:

    أولاً: أن طالب العلم أو طالبة العلم لا تكاد تتصور الحج إلا إذا كانت قد حجت المرة تلو المرة، فتصور الحج تصوراً دقيقاً لا بد فيه أن يكون الإنسان قد حج.

    وقد أشار ابن تيمية رحمه الله حينما ذكر بعض النقاط التي أخطأ فيها ابن حزم الظاهري في بعض مسائل الحج، فأشار ابن تيمية رحمه الله إلى أن أبا محمد -يعني بذلك ابن حزم - لم يحج، والسبب في ذلك: أن تصور الحج مهما أتي الإنسان من علم فلا بد أن ينقصه بعض الأشياء، بسبب أنه لا يحسن التصور، وذلك لأن الحج فيه مكان، وفيه عبادة في نفس المكان، وفيه بعض الأشياء التي لا يتصورها الإنسان إذا قرأ الأحاديث؛ لأنه ربما تكون بعض الآثار قد اندرثت، فلا يبقى إلا بعض معالمها. كما يقولون: ليس من رأى كمن سمع.

    وهذا سبب صعوبة كتاب الحج.

    الأمر الثاني لسبب صعوبة كتاب الحج: أن أكثر كتاب الحج آثار عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا ينبغي لطالب العلم -وهذه فائدة من الفوائد التي استفدناها من درسنا في هذا الأمر- أن يهمل آثار الصحابة رضي الله عنهم، بل ينبغي له أن يتأنى ويستعد، فلا يبطل عبادة انتشرت عن أئمة الإسلام وهو يردها بحجة أن ذلك لم يثبت لا بالكتاب ولا بالسنة، ولا شك أننا مأمورون باتباع الكتاب والسنة كما قال تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، لكن الحج فيه قضايا فيها جبران، وفيها نقص واجبات، والصحابة أعلم بالتنزيل، وأدرى بالعلم، وأدق علماً، وأقل تكلفاً، كما أشار إلى ذلك عمر بن عبد العزيز ، وأشار إلى نحوه عبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع وأرضاهم.

    الأمر الثالث من أسباب صعوبة الحج: هو كثرة الأقوال، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حج مرة واحدة بعد بعثته عليه الصلاة والسلام، ولهذا أشار سعيد بن جبير ، وقد أشرنا إلى هذا الحديث وقلنا: الحديث في سنده ضعف، لكن لا مانع من الاستشهاد به، وإن كان في سنده خصيف بن عبد الرحمن .

    قال سعيد بن جبير : يا ابن عباس ! عجبت بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يختلفون في حجته، وقد علموا أن الرسول لم يحج إلا مرة واحدة، قال: وبما ذاك؟ قال: بإهلاله، فقائل يقول: أهل عند المسجد، وقال يقول: أهل بعد الصلاة، وقائل يقول: أهل بالبيداء، فقال ابن عباس : أنا أخبرك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما صلى الظهر التفت وقال: لبيك عمرة وحجاً، فحفظ قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، فلما ركب ناقته واستوت به أهل بالحج والعمرة جميعاً، فسمعه قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، حتى إذا استوت به على البيداء سمعه قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، فهذا هو السبب؛ لأن هذا من الأسباب التي جعلت بعض أهل العلم يخالف في ذلك، فمثلاً: ابن عمر لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته في بعض المواطن، فأخذ بعض المناسك من الرسول، وبعضها أخذها بالنقل، والنقل بطبيعة الحال ربما يهم الناقل، فيظن أن الرسول أذن أذاناً واحداً، وأقام إقامة واحدة، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حج بمائة ألف حاج، فبالتالي لا بد أن يكون هناك أشياء خفيت على الراوي؛ لأنه ربما لم يسمع مائة ألف، والرسول صلى الله عليه وسلم يذكر العبادة أو يفعلها، و بلال يؤذن، وبالتالي ربما لم يسمع الراوي إقامة النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، فـابن عمر يروي بنحو ما بلغه، وبنحو ما سمعه، فيقول: (وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذاناً واحداً وإقامة واحدة في ليلة جمع يعني في ليلة مزدلفة)، أما جابر فربما كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم فحفظ أكثر ممن لم يحفظ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088794604

    عدد مرات الحفظ

    779087545