مشاهدينا الكرام! أهلاً ومرحباً بكم في هذا الدرس المبارك: عمدة الفقه، وفي هذا الدرس يسرنا باسمكم جميعاً أن نرحب بشيخنا الكريم الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي ، الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء، نرحب بشيخنا الكريم أجمل ترحيب، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبالإخوة المستمعين والمستمعات.
المقدم: ويمتد ترحيبنا كذلك إلى الإخوة الطلاب في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، وأيضاً نحب أن ننبه حضراتكم بأن هذا الدرس هو مخصص لمراجعة كافة كتاب الحج، الذي تم شرحه في هذا الفصل الدراسي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بهذا العلم الشرعي الطيب.
نترك المجال لشيخنا الكريم ليبتدئ إطلالته المباركة، ثم نستقبل أسئلتكم على هواتف البرنامج التي تظهر أمامكم تباعاً، وأيضاً على موقع الأكاديمية: (www.islamacademy.net) دائماً وأبداً نرحب بأسئلتكم ومشاركاتكم، فأهلاً ومرحباً بكم.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نضَل، أو نزِل أو نزَل، أو أن نظلم أو نظلم، أو أن نجهل أو يجهل علينا، وبعد:
أحبتي الكرام! قد انتهينا في الدرس الماضي من شرحنا لكتاب الحج، وبلا شك أن كتاب الحج من أدق مسائل العبادات، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه، والسبب في ذلك -أن كتاب الحج دقيق- أمور منها:
أولاً: أن طالب العلم أو طالبة العلم لا تكاد تتصور الحج إلا إذا كانت قد حجت المرة تلو المرة، فتصور الحج تصوراً دقيقاً لا بد فيه أن يكون الإنسان قد حج.
وقد أشار ابن تيمية رحمه الله حينما ذكر بعض النقاط التي أخطأ فيها ابن حزم الظاهري في بعض مسائل الحج، فأشار ابن تيمية رحمه الله إلى أن أبا محمد -يعني بذلك ابن حزم - لم يحج، والسبب في ذلك: أن تصور الحج مهما أتي الإنسان من علم فلا بد أن ينقصه بعض الأشياء، بسبب أنه لا يحسن التصور، وذلك لأن الحج فيه مكان، وفيه عبادة في نفس المكان، وفيه بعض الأشياء التي لا يتصورها الإنسان إذا قرأ الأحاديث؛ لأنه ربما تكون بعض الآثار قد اندرثت، فلا يبقى إلا بعض معالمها. كما يقولون: ليس من رأى كمن سمع.
وهذا سبب صعوبة كتاب الحج.
الأمر الثاني لسبب صعوبة كتاب الحج: أن أكثر كتاب الحج آثار عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا ينبغي لطالب العلم -وهذه فائدة من الفوائد التي استفدناها من درسنا في هذا الأمر- أن يهمل آثار الصحابة رضي الله عنهم، بل ينبغي له أن يتأنى ويستعد، فلا يبطل عبادة انتشرت عن أئمة الإسلام وهو يردها بحجة أن ذلك لم يثبت لا بالكتاب ولا بالسنة، ولا شك أننا مأمورون باتباع الكتاب والسنة كما قال تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، لكن الحج فيه قضايا فيها جبران، وفيها نقص واجبات، والصحابة أعلم بالتنزيل، وأدرى بالعلم، وأدق علماً، وأقل تكلفاً، كما أشار إلى ذلك عمر بن عبد العزيز ، وأشار إلى نحوه عبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع وأرضاهم.
الأمر الثالث من أسباب صعوبة الحج: هو كثرة الأقوال، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حج مرة واحدة بعد بعثته عليه الصلاة والسلام، ولهذا أشار سعيد بن جبير ، وقد أشرنا إلى هذا الحديث وقلنا: الحديث في سنده ضعف، لكن لا مانع من الاستشهاد به، وإن كان في سنده خصيف بن عبد الرحمن .
قال سعيد بن جبير : يا ابن عباس ! عجبت بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يختلفون في حجته، وقد علموا أن الرسول لم يحج إلا مرة واحدة، قال: وبما ذاك؟ قال: بإهلاله، فقائل يقول: أهل عند المسجد، وقال يقول: أهل بعد الصلاة، وقائل يقول: أهل بالبيداء، فقال ابن عباس : أنا أخبرك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما صلى الظهر التفت وقال: لبيك عمرة وحجاً، فحفظ قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، فلما ركب ناقته واستوت به أهل بالحج والعمرة جميعاً، فسمعه قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، حتى إذا استوت به على البيداء سمعه قوم فحدثوا بنحو ما سمعوا، فهذا هو السبب؛ لأن هذا من الأسباب التي جعلت بعض أهل العلم يخالف في ذلك، فمثلاً: ابن عمر لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته في بعض المواطن، فأخذ بعض المناسك من الرسول، وبعضها أخذها بالنقل، والنقل بطبيعة الحال ربما يهم الناقل، فيظن أن الرسول أذن أذاناً واحداً، وأقام إقامة واحدة، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حج بمائة ألف حاج، فبالتالي لا بد أن يكون هناك أشياء خفيت على الراوي؛ لأنه ربما لم يسمع مائة ألف، والرسول صلى الله عليه وسلم يذكر العبادة أو يفعلها، و بلال يؤذن، وبالتالي ربما لم يسمع الراوي إقامة النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، فـابن عمر يروي بنحو ما بلغه، وبنحو ما سمعه، فيقول: (وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذاناً واحداً وإقامة واحدة في ليلة جمع يعني في ليلة مزدلفة)، أما جابر فربما كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم فحفظ أكثر ممن لم يحفظ.
الأمر الأول: كما أشار ابن تيمية رحمه الله إليه في مسألة الأذان، فقال: إن سبب الخلاف أحياناً يكون بسبب حديث قد بلغ قوماً من الأئمة ولم يبلغ آخرين، فيحدث هؤلاء بالسنة مما لم يحدث به هؤلاء بسبب أنهم بلغهم من السنة ما لم يبلغ غيرهم.
الأمر الثاني: أن الراوي ربما يبلغه هذا الحديث الذي احتج به قوم آخرون، ولكنه لا يرى أن هذا الحديث حجة يحتج به، وأذكر قصة ابن عباس كما رواها مسلم في مقدمة صحيحه: أن أحد الرواة وهو بشير كان يحدث، وكان عند ابن عباس يروي يقول: حدثنا فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ابن عباس لا يبالي به، ولا يهتم به، فغضب بشير ، فقال: ما لك يا ابن عباس ! إذا حدثت الحديث لم تباله؟ فسكت ابن عباس هذا الحبر وقال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدث الرجل حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، فنسمع ما يقول ونحفظ، فلما ركب الناس الصعب والذلول بدأنا لا نأخذ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما عقلناه، أو كلمة نحو ذلك، وهذا يفيد طالب العلم أنه ينبغي له أن يتحرر من أقوال الناس، بمعنى: أنه لا يجعل أقوال الأئمة دليلاً يستدل به، ولكن يجعلها استرشاداً يسترشد بها للحق وللدليل، والأصل هو الكتاب والسنة.
المقدم: قد ربما يا شيخ! هو يريد الاختصاص، فينسبه إلى الشيخ الذي تعلم عليه.
الشيخ: لا أنا قصدي هو أحياناً ينسف، الآن أنا أذكر أقوال الأئمة، فتجد أنه يقول: هذا القول غريب، بل قال فلان، وأنا لم أتحدث من كيسي، ولا من جعبة لم يعرفها الناس، إنما أخذناه من قول أئمة، فينبغي أن نعرف أن هؤلاء الأئمة الأربعة هم أفضل وأعلم ممن جاء بعدهم في الجملة، ولكن لا يلزم أن يكون أحمد علم كل السنة، أو الشافعي علم كل السنة، أو مالك أو أبو حنيفة علما كل السنة، وقد خفيت عليهم سنة.
فأنا حينما آخذ بقول أبي حنيفة رحمه الله وأترك قول الشافعي ، أو أترك قول أحمد ، أو أترك قول مالك ، فإنما رأيت أن أبا حنيفة اعتمد على حديث، ربما ظهر لي أنه أقوى من استدلال الإمام مالك ، فأنا على خير، والله يقول لرسوله: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام:90].
وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]، ما معنى: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]؟ قال مجاهد رحمه الله وكذلك الحسن البصري كما أشار إلى ذلك أهل التفسير منهم البغوي وغيره: أن هذه الآية فيها لفتة لغوية وأدبية قد تخفى على كثير من الناس، لو سألنا كثيراً من طلبة العلم: ما معنى: اجعلنا للمتقين إماماً؟ لقال: اجعلني إماماً يقتدي بي الناس.
لكن السلف عندهم فهم آخر، قالوا: اجعلنا للمتقين إماماً يعني: اجعلنا مقتدين بالأئمة؛ لأن الإمام الرباني حقاً هو الذي اقتدى بمن سبق من أئمة ربانيين، وبطبيعة الحال إذا اقتدى هذا الإمام الرباني بمن سبقه فقطعاً سوف يأتي اللاحق فيقتدي به.
فيكون قد استفاد فائدتين: الفائدة الأولى: أنه اقتدى بأئمة كبار فلم ينحو منحى الأقوال الشاذة، ولا الأقوال المندثرة، أو أنه يحاول ترويض الواقع المعاصر فيبحث جاهداً عن قول حتى يكيف هذا الواقع الذي ربما يكون واقعاً مخالفاً للدليل من الكتاب والسنة، وهذه نظرة ينبغي أن يفهمها طالب العلم، ينبغي أن يفهم طالب العلم حين تأتي مسألة أن يبعد الأشياء التي تؤثر في نفسه؛ اعتبارات شخصية أو اعتبارات مكانية أو اعتبارات زمانية، ثم يفهم الدليل أو يفهم المسألة مجردة، ثم يأتي بعد ذلك بهذه الأشياء التي ربما تؤثر في الأعراف أو في سد الذرائع وفي غيرها، فالأعراف وسد الذرائع تختلف من بلد إلى بلد، فبلد نشأ على نمط معين في الحفاظ على مبادئ الإسلام وقواعد الدين المرعية التي حفظها الكتاب والسنة وأرشد إليها، هؤلاء ربما يقال: إنه ينبغي أن يمنع عنهم بعض الأشياء خوفاً من الدخول في بعض، لكن بلد منفتح -مع الأخذ بعين الاعتبار أن أصل المسألة مباحة في نفس الأمر- يخاف عليها من الوقوع في شيء هم واقعون في هذا الأمر، فلا يقال: إنهم يمنعون، وهذا ما يعرف بمسألة سد الذرائع، فلا يقال: إننا إذا قلنا: هذا حرام قال: من أين لك هذا؟ هل في الكتاب والسنة أن المسألة الفلانية فيها حرام أم لا؟ مثال على ذلك: النقاب، النقاب هو في أصل التشريع جائز، كما ثبت عن سعيد بن منصور أن عائشة طافت وهي غير محرمة طافت وهي منتقبة، لكن ما هو النقاب الذي كانت عائشة تصنعه؟ الجواب: هو النقاب الذي لا يلفت، وليس فيه تبرج، فإذا صنعت المرأة المسلمة هذا الأمر فالأصل فيه الجواز، فإذا حصل في زمن أن المرأة تتجمل في هذا النقاب؛ بأن تضع مبيضاً تحت حواجبها أو تحت عينيها، وتكحل عينيها قلنا: هذا النقاب حرام، لا أصل النقاب، ولكن هذا النقاب الذي فعل بهذه الطريقة.
هذه مقدمة في مسألة ماذا استفدنا من درسنا للفقه المقارن مع البحث الحديثي لكثير من المسائل التي عرضت في كتاب عمدة الفقه.
الشيخ: هذا سؤال جيد: طالب العلم سواء كان في كتاب الحج أو في غيره من الأبواب الفقهية، أنا أنصح طالب العلم أن يكون عنده كتاب من كتب الفقه المعتمدة، المتون الفقهية، أياً كان هذا المتن، سواءً كان متناً حنفياً أو متناً مالكياً أو متناً شافعياً أو متنا حنبلياً، ولنضرب مثالاً على هذا المتن الذي نحن نشرحه، وهو شرح العمدة، فأرى أن طالب العلم إذا جاء وقت الحج أو جاء وقت الزكاة أو جاء وقت الصيام أو جاء وقت العبادات المعروفة من الصلاة يمسك هذا الباب فيقرأه إلى أن ينتهي الباب مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً وخمساً وستاً وسبعاً وعشراً، حتى يتواطأ لسانه مع كلام أهل العلم، بحيث يعرف لغة الفقهاء، فإذا عرف لغة الفقهاء لهذا المتن، بحيث يستطيع أن يعرف أن الشروط واحد اثنين ثلاثة بشكل مختصر، بعد ذلك يذهب إلى شرح من الشروح الفقهية، وليكن مثلاً شرح بهاء الدين المقدسي أو لشيخنا محمد بن عثيمين في الشرح الممتع، فيقرأ هذا الشرح، فيعرف دليل المؤلف، فإن كان المؤلف ذكر دليلاً فجاء الشيخ الشارح فخالف هذا الحديث فلا بد لطالب العلم أن يعرف ما سبب هذا الضعف، فيعرف أن ضعفه بسبب الحجاج بن أرطأة مثلاً، فيعرف أن الحجاج بن أرطأة ضعيف، بحيث لو جاءه عالم آخر واستدل بهذا الحديث قال: يا شيخ! أين دليلك؟ فإن قال هذا الحديث قال: يا شيخ! الحديث في سنده الحجاج بن أرطأة وقد ضعفه الجمهور، هل عندك دليل غير هذا؟ فيكون عند طالب العلم نوع من سعة الأفق، فطالب العلم إذا استمر على هذه الطريقة يكون قد عرف دليل مؤلف المتن، ودليل الشارح على القول الراجح.
قد يقول طالب: نحن ماذا استفدنا من شرحنا.
نقول: فرق كبير بين دراسة المسائل الفقهية وحفظها، أنا دائماً أقول: التدريس شيء، وحفظ المسائل شيء آخر، طالب العلم لا بد أن يعرف كيف مناقشة الأدلة؛ لأن الملكة الفقهية شيء، وحفظ المسائل شيء آخر، وأذكر أن الأئمة ذكروا في طبقات الحنابلة أن أحد طلاب العلم حفظ كتاب الفروع كله، وكتاب الفروع من أصعب الكتب حتى قراءته صعبة، فيقول: فكانوا يأتون به، فإذا صعبت عليهم مسألة أو شق ذلك عليهم قالوا: يا فلان! تعال، اقرأ لنا ما ذكره ابن مفلح في باب كذا ماذا قال؟ أي كلمة قالوا مثلاً ويصح توجه القبلة فيقول: قال رحمه الله: ويصح، انتهينا، فيكون حافظاً فقط، وهذا لا يكون فقيهاً، قد يكون طالب علم بحيث يدرس الناس ويفقه غيرهم، لكنه لا يكون إماماً يقتدى به، الإمام حقاً الذي يعرف الخلاف كما أشار إلى ذلك ابن عبد البر في كتابه العظيم: جامع بيان العلم وفضله، يقول: لا يكون الفقيه فقيهاً حقاً حتى يعرف الخلاف، والذي يعرف قولاً واحداً تجده يتعصب، والذي يعرف قولين تجد عنده نوعاً من الإدراك، والذي يعرف الأقوال بأدلتها يكون عنده سعة أفق، ويرحم الناس في اختلافاتهم، ونسأل الله أن نكون وإخواننا المسلمين من الذين حملوا العلم وتفقهوا فيه.
الجواب: عامة أهل العلم وهو قول عامة الفقهاء: أنه لا يجوز أن يقدم رمي اليوم الثاني عشر لليوم الحادي عشر، والسائلة رمت في اليوم الثاني عشر قبل طلوع فجر يوم الثاني عشر، وبالتالي هذه المرأة لم يصح رميها، وبالتالي: يكون عليها دم؛ لأنها تركت الرمي، وقد قال ابن عباس كما رواه طاوس عن ابن عباس : من ترك نسكاً فليهرق دماً، وبالتالي نقول: يلزمك أن تذبحي شاة في الحرم وتوزعيها على فقراء الحرم والله أعلم.
الجواب: العلماء رحمهم الله يفرقون بين فدية فعل المحظور، وبين فدية جزاء الصيد، ففدية المحظور: هو أنه مخير بين ثلاثة أشياء، وفدية المحظور إنما يفعلها إذا فعلها عالماً متعمداً، أما الجاهل والناسي فلا.
فالعالم هو الذي يلزمه فدية الأذى، أما الجاهل أو الناسي فإنه لا يلزمه شيء، هذا فدية الأذى، فالرسول صلى الله عليه وسلم خير كعب بن عجرة بين ثلاثة أشياء: بين أن يذبح شاة أو أن يصوم ثلاثة أيام، أو أن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع.
مسألة جزاء الصيد ثبتت في الكتاب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ [المائدة:95]، يقول سبحانه وتعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ [المائدة:95] طعام المسكين هذا يقدر كما فسر ذلك عمر و ابن عباس و علي . وغيرهم قالوا: هذا الطعام يقدر بقيمة هذا الصيد، فإن كانت قيمته مثلاً أربعمائة ريال فإنه يشترى طعاماً بأربعمائة ريال ويطعم، قال: أنا أريد أن أصوم (أو عدل ذلك صياماً)، يعني: هذا الطعام يقسم على نصف صاع، ثم كل نصف صاع يصوم عنه يوماً، هذا هو المراد، فالفرق هو موجود في الكتاب والسنة، ونحن متعبدون على ما في الكتاب والسنة، فإذا جاء التفريق في الكتاب والسنة فلنعلم أن هذا التفريق دقيق وصحيح، والخلل في أنفسنا وفي علمنا.
الجواب: نقول: لا يخلو حال السائل من حالين:
الحالة الأولى: أن يكون قد لبى بالحج أو العمرة من الميقات وهو لابس ثيابه فيكون آثماً للمخالفة، والثاني: أنه قد فعل محظوراً، وهو أنه لبس المخيط، فيقال: لبس المخيط أو لبس الثياب محظور من محظورات الإحرام، وعليه فإن كان قد غطى رأسه ولبس ثيابه فإنه يكون عليه محظوران يعني فديتان: بأن يطعم ستة مساكين للباس، وستة مساكين لغطاء رأسه.
وذهب الجمهور إلى خلاف ذلك، يعني: أن الرأس كله واحد، لكن شيخنا ابن باز وشيخنا محمد بن عثيمين يرون أنها فديتان، وعلى كل حال الأقرب -والله أعلم- أنها فديتان، وهو أحوط.
الحالة الثانية: أنه تجاوز الميقات ولم يلب بالحج أو العمرة إلا بعد تجاوز الميقات، فهنا نقول: قد ترك واجباً، فيلزمه أن يذبح دماً يوزعه على فقراء الحرم لترك الواجب، فترك الواجب لا بد فيه من دم، أما فدية المحظور فهو مخير بين الدم، وبين صيام ثلاثة أيام، وبين إطعام ستة مساكين، وعلى هذا نفترض أنه ترك واجباً أو فعل محظوراً ووكل شخصاً أن يذبح عنه وهو ثقة في الجملة فإنه لا يلزمه أن يذبح إلا بعد أن يعلم بعد ذلك؛ لأن الأصل في المؤمنين الأمانة والصحة.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )، وهذه التولية يقول أهل العلم: هي التولية العامة، التي عليها تعامل عامة الناس، يعني مثل القضاء، مثل الولاية العامة رئاسة وغيرها، فهذا هو المراد بالحديث، قد يقول قائل: نجد في بعض الدول الأوربية تتولى امرأة هذا الأمر، نقول: حقيقة الأمر أن المرأة لم تتول هذا الأمر، وإنما هي نوع من اتخاذ رأي منها وربما يكون سديداً، وقد يكون رأي امرأة يعدل آراء كثيرة، لكن المرأة لا تتفرد بهذا الرأي، فعندها برلمان، وعندها مجلس شيوخ، وعندها مجلس وزراء أو غير ذلك، فهي لم تتفرد بهذا الأمر، لكن المراد بالحديث: ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) أي: أن تكون عليها الولاية الكبرى أو الولاية العامة التي عليها مناط تعامل الناس في القضاء في أموالهم، وفي قصاصهم، وفي غير ذلك، هذا هو المراد.
الجواب: نعم، أولاً: مسألة قطع المرأة والحمار والكلب الأسود للصلاة أمر رباني: أولاً: هذه المسألة ما حكمها؟ نقول: اختلف العلماء في ذلك، فذهب الخطابي إلى أن قول جمهور الفقهاء على أنه لا تقطع المرأة الصلاة ولا غيرها ولا الحمار، وذهب الترمذي ونسبه إلى جمهور الفقهاء إلى أن المرأة تقطع، فهذا يدل على أن المسألة فيها خلاف، على كل حال نقول: الأقرب والله أعلم وهو مذهب الإمام أحمد واختيار ابن تيمية وهو مذهب شيخنا عبد العزيز بن باز ومذهب شيخنا محمد بن عثيمين أن المرأة تقطع الصلاة، لكن هناك فرق بين الاعتراض والقطع وهو إذا مرت المرأة فإنها تبطل الصلاة وهذا القطع، وإذا كانت جالسة فلا بأس وهذا الاعتراض، وإذا سئلنا عن السبب والحكمة في ذلك نقول: الله أعلم.
وأما مسألة: مقارنة المرأة بالحمار أو بالكلب فلا يقصد به تنقيص المرأة، حاشا وكلا، بل المقصود به إثبات الحكم الشرعي ليس إلا، كما أنك تقول: لا يصح طواف المرأة الحائض، ولا يصح طواف المجنون، فهل يقال: لماذا شبهت المرأة بالمجنون؟ لا، فالمقصود: إنما هو إثبات تعداد حصري معين، وليس المقصود تشبيه المرأة بالحمار وغيرها.
الجواب: نقول: الصواب عليكم أن تذبحوا هدياً آخر في الحرم، وتوزعونه على فقراء الحرم؛ لأن الهدي الأول قبل وقته، والله سبحانه وتعالى يقول: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، هذا هو الأقرب، وهو مذهب الإمام أحمد وقول عند مالك رحمه الله، وهو مذهب أهل الحديث، وهو الأقرب والله أعلم للآية الواردة في ذلك.
الجواب: الإهلال ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أنه إعادتها مرة بعد مرة، مثلما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال حينما صلى الظهر قال: ( لبيك عمرة وحجاً )، وعندما استوت به ناقته عند المسجد قال: ( لبيك عمرة وحجاً )، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر ، وحينما استوت به على البيداء قال: ( لبيك عمرة وحجاً )، كما في الصحيحين من حديث أنس ، فهذا لا بأس بتكراره، أما أن يكرر الإهلال خوفاً من الوسوسة فهذا لا يشرع، مثل أن يقول: لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً.
المهم: أنا تكلمت صراحة وخفت أني أجادل في الحج، فما رضوا فقلت: الله لا يسامحكم في نفسي يعني، وجلست طول الوقت وأنا من شدة الغير أقول: الله لا يسامحكم، فهل هذا الشيء يعتبر جدالاً في الحج؟
الشيء الثاني: أني رميت بدلاً عن أختي؛ لأنها لا تستطيع المشي فرميت الساعة الثالثة في الليل وأنا غير مقتنعة بالرمي في ذلك الوقت؟
الجواب: أولاً: ذكرنا أنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا قول صاحب أن مزدلفة فيها مبيت، إنما الوقوف بمزدلفة، كما أشرنا إلى ذلك في شرح طويل في هذا الأمر، وقلنا: إن الأقرب -والله أعلم- أن الإنسان إذا خرج بعد غياب القمر أو بعد منتصف الليل فإنه لا حرج عليه في ذلك، وإنما ترك الأفضلية، وعلى هذا: فالأخت السائلة إنما تركت السنة فقط.
أما قولها: أنها قالت: الله لا يسامحكم فهل هذا يعد جدالاً في الحج؟
نقول: إن المرأة مجتهدة، وإنما رأت أن إنكارها لهؤلاء إنكار من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونقول إن شاء الله: لا يغير من حجك، وليس هذا جدالاً في الحج.
أما مسألة الرمي في الساعة الثالثة وهي غير مطمئنة نقول: لا حرج عليكِ في ذلك؛ لأنكِ فعلتِ ذلك وإن كنتِ غير مطمئنة بأنك مقلدة في هذا الأمر، ولا حرج في ذلك، والشأن في المجتهد أنه يرى خلاف ما يعتقده فيفعله، أما المقلد والعامي فإنه إذا سأل فأفتي ففعل على نحو ما أفتي وإن كان غير مطمئن فإن عمله صحيح.
الجواب: حكم التلبية تقول: إن كثيراً من الناس لا يلبون نقول: نعم، هذا مشاهد كثيراً، ونقول: إن التلبية شعار الحج، وقد ذكر عبد الرحمن بن سابط كما عند ابن أبي شيبة بسند صحيح كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر أنه قال: كانوا يلبون بعد أدبار الصلوات، وإذا علوا نشزاً أو هبطوا وادياً، وإذا التقت الركاب.
الجواب: المتوفى إن كان لم يحج فإن كان قد خلف مالاً فيجب على ورثته أن يسددوا الدين الذي عليه، وبعد بقاء المال بعد تسديد الديون يجب عليهم أن يحجوا عنه؛ لأنه ثابت عليه الحج، وهذا هو قول الشافعية والحنابلة، وهذا هو الراجح، ( لقول المرأة: يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: حجي عنه )، و ( حديث
المسألة الثانية: أنه يكون قد حج، فإذا حج حجة الإسلام فلا يلزم أن يخرج من تركته هذه المسألة الأولى. إلا إن أراد أهله وورثته أن يتبرعوا به، وفي هذا الحال لا بأس في ذلك؛ لأن الحج عن الميت يصح، وهذا قول عامة أهل العلم، بل نقل بعضهم الإجماع على جواز ذلك.
الجواب: إذا كانت السائل ومن معه قصدوا زيارة الأهل وتسنى لهم بعد الزيارة أن يذهبوا إلى العمرة، فيعتمروا من مكانهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان محله دون ذلك فمن حيث أنشأ )، وعلى هذا فيقال للأخت: إنك إذا كنت قد قصدتي زيارة الأهل فلا بأس أن تأخذي عمرة من بيت أهلك الذي في جدة.
الجواب: كل من مر على الميقات ولم يتيقن له أنه يريد الحج أو العمرة لظروف، أو لطارئ أو لغير ذلك فإذا تجاوز الميقات ثم تسنى له ذلك فإنه يحرم بالحج والعمرة من مكانه الذي زال فيه المانع، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث ابن عباس : ( ممن أراد الحج والعمرة )، يعني: ممن عزم على الحج والعمرة، ومن كان شاكاً في هذا الأمر ثم تجاوز الميقات فلا حرج عليه أن يحرم بالحج أو العمرة من المكان الذي زال فيه أو من المكان الذي جزم فيه للحج أو العمرة.
الجواب: لا، الميقات ليس المسجد، وليس الكبري، الميقات هو: الوادي الذي يمر عليه، مثل قرن المنازل مثلاً -السيل- الميقات ليس المسجد الذي وضع في الوادي ليس هو المراد، المراد هو وادي قرن المنازل كله، فلو تجاوزت الكبري، ولو تجاوزت نفس المسجد فما زلت أنت في الوادي، فعلى هذا لا بأس بذلك، فالقصد هو الواجب، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مر من طريق ذي الحليفة قال: ( أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة )، وهو وادي مبارك كبير.
الجواب: نعم، نقول: المرأة التي ذهبت للحج من غير محرم هي آثمة، لكنها إذا كانت في عرفة وأقرت بهذا الذنب واستغفرت ربها، وأنابت إليه واسترجعت، فإن الله يغفر لها ذنوبها ونقول: استمري في حجك، ولا حرج في ذلك، أما أن تتقصدي الذنب، وترين أنكِ لو حصل سفر آخر لذهبت من غير محرم نقول: أنتِ لم تتوبي، ولكنك لو عزمت على هذا الأمر ولم تفعلي بعد ذلك وعزمتِ على ألا تفعلي فنقول: أنتِ تبت إن شاء الله، ولا حرج.
أما المسألة الثانية: هل مغفرة الذنوب في الحج تدخل الصغائر والكبائر أم هي الصغائر؟
ذكر النووي رحمه الله و ابن عبد البر وعامة الفقهاء يقولون: إن هذا في الصغائر، والكبائر إنما بعد التوبة، وهذا الأقرب -والله أعلم-، وإن كان ابن تيمية يخالف في هذا الأمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين على قول الجمهور فقال: ( ما لم تغش كبيرة، وذلك الدهر كله )، وقال في أحاديث العمرة: ( العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )، وقال في رواية: ( ما لم تغش كبيرة ) كما في رواية مسلم ، والله أعلم.
الجواب: معنى سؤال الأخ أنه أحد من عائلة مبلغاً من المال وهذا المال فيه نسبة حرام، فهل يصح حجه؟ نقول: يصح حجك ولا حرج في ذلك لأمور: المال الحرام إنما ينقسم إلى قسمين: حرام لذاته، وحرام لكسبه، حرام لذاته: مثل أن تعلم أن هذه معاملة ربوية فتأخذ هذا المال الربوي فتعمل به، فيكون هذا حرام لذاته أو تأخذ مالاً غصباً أو مالاً مسروقاً فتحج به، فيكون حجك هذا بمال حرام؛ لأن هذا محرم لذاته، كما فصل ذلك ابن تيمية ، فبالتالي لا تصح هذه العبادة بهذا المال الحرام بعينه كالمال المسروق أو المال المغصوب أو المال الذي هو بحق كاسبه المحرم علم أن هذا ربا فيقول حرام عليك.
القسم الثاني: محرم لكسبه، يعني: أنه ليس حراماً لذاته، ولكن للتعامل في هذا الأمر، فهذا له أقسام: القسم الأول: أننا إذا حرمنا هذا المال لكسبه على فاعله فلا بأس أن يعطيه غيره؛ لأنه حرام عليه من جهة، مباح لطرف آخر من جهة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين حينما قال: ( ألم أر البرمة على القدر؟ قالت
الجواب: قلنا: الذي يقول المبيت بمزدلفة هم الحنابلة والشافعية، وأما الحنفية والمالكية فإنهم لا يرون المبيت بمزدلفة، وقلنا: إن المبيت بمزدلفة كما يقول ابن تيمية : حقيقته لم يثبت بهذا اللفظ، لا من الكتاب ولا من السنة، ولا قول أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وبالتالي فهو يسمى الوقوف بمزدلفة، حتى الحنابلة والشافعية لا يرون المبيت في بعض صوره، فلو جاء الشخص بعد غياب القمر إلى مزدلفة جاز له أن يخرج وإذا كان معه ضعفاء، ولا يلزمه المبيت.
فكلمة المبيت ينبغي ألا تقال إلا في منى؛ لأن المبيت بمنى ثبت بالنص قال ابن عمر كما في الصحيحين: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم
الجواب: هذا سؤال جيد، نقول: الواجب على طالب العلم أو على العامي أن يعتمد على ما في الكتاب والسنة، ولكن هؤلاء الأئمة يقربون لك العلم، ولكن لا يجوز للمسلم أن يأخذ قول مالك ، أو قول أحمد ، أو قول الشافعي بالتشهي والهوى، فيقول: من الذي يقول بأنه لا يجوز المبيت بمنى، فنقول: يقول به بعض أهل السلف يقول: أنا آخذ بهذا القول، من الذي يقول بعدم وجوب الرمي، نقول: هذا يقول به فلان، فيأخذ به، نقول: من تتبع رخص العلماء اجتمع فيه الشر كله، ولكن له أن يأخذ بأقوال هؤلاء الأئمة أو ببعض أقوال هؤلاء الأئمة، كل مذهب إذا كان أقرب إلى الدليل فإنه يعتمده، أما أن يأخذ أقوال هؤلاء بالتشهي فلا، فإذا كان الإنسان عامياً فله أن يأخذ بقول مالك أو قول أحمد أو قول الشافعي ؛ لأنه مقلد، ولا حرج في ذلك، أما أن يأخذ بالتشهي ويبحث عن الأيسر فلا.
الجواب: نقول: إذا بحث الإنسان فلم يجد مكاناً أو أنه ذهب مع حملة مخيمها خارج من منى فنقول: لا حرج في ذلك؛ لأنه يصعب أن يكون ثلاثة ملايين كلهم يجلسون في منى، وبالتالي لا حرج على الأخت أن يبقوا في مخيمهم، ولا حاجة إلى الذهاب إلى منى؛ لأنه لا يسع المكان، وأنا أقول: المكان الذي يلزمهم في منى هو المكان الذي يصلح لمثلهم، فالجلوس في الطرقات أو وقوف السيارة في مكان خاطئ أرى أن هذا لا يلزمهم، بل ربما يأثمون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( أعطوا الطريق حقه )، كما في حديث أبي سعيد الخدري عند أهل السنن وغيرهم، فعلى هذا فنقول: إذا لم يجدوا في منى مكاناً صالحاً لمثله فإنه يسقط في حقهم المبيت بمنى، ويبقون في مخيمهم في مزدلفة.
المسألة الثانية: إذا جاءوا من عرفة فإن لهم أن يتجهوا إلى مخيمهم؛ لأنهم في مزدلفة، وبالتالي يكون أمرهم أيسر وأسمح من غيرهم.
الجواب: أنا أقول: إن المرأة من الضعفاء في الجملة، فلها أن توكل، فكيف إذا أحست بدوخة فنقول: توكيل المرأة غيرها أن يرمي عنها لا حرج في ذلك، والله أعلم.
الجواب: مسألة السائق الذي يدفع العربة نقول: إن كان قد حج فإنه إذا نوى في طوافه هذا عن طواف الحج أو طواف العمرة فإنه يجزئه ذلك، ولو نواه -ولم يحج أو لم يعتمر- قربى نفعه ذلك.
المسألة الثانية: السعي بين الصفا والمروة، إن كان قد حج واعتمر ونوى ذلك فإنه ينفعه ذلك، وإذا لم يحج أو يعتمر فإنه لا ينفعه، ولو تقرب؛ لأن الصفا والمروة لا يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى إلا في أثناء حج أو عمرة.
الجواب: طيب، الإنسان إذا اشترط وشق عليه الإكمال فإنه يستفيد من هذه الشروط أمران: الأمر الأول: أنه لا يلزمه المضي في الحج والعمرة، بخلاف من لم يشترط؛ لأن عدم الاشتراط يلزمه أن يتم الحج والعمرة لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فالذي اشترط لا يلزمه الإكمال.
الأمر الثاني: أن الذي اشترط يخلع إحرامه ويذهب، ولا يلزمه هدي؛ لأنه في حكم المحصر، ولا يلزمه؛ لأنه قد اشترط، فالاشتراط يستفاد منه فائدتان: إذا أحل من إحرامه لم يلزمه دم ولا يلزمه أن يعيد عمرته، بل يعتمر مرة ثانية عمرة جديدة مستقلة ليست عمرة لجبر العمرة الأولى، والله أعلم.
الجواب: مسألة استبدال الهدي اختلف العلماء في ذلك، فذهب الحنابلة رحمهم الله إلى جواز استبدال الهدي بهدي أعظم منه، لا بهدي مثله، وسواء كانت الأضحية أو الهدي كلها حكمها واحد، يعني: أنه إذا عينها جاز أن يستبدلها بخير منها، ولا يجوز أن يستبدلها بمثلها أو بأقل، فإذا استبدلها بأقل فإن الأضحية الأولى على حالها، وإذا ذبح الثانية يلزمه أن يذبح الأولى، أما إذا كانت الأضحية الثانية أفضل من الأولى فإنه يجوز استبداله كاستبدال الوقف، وإن كان قد أخرجه لله سبحانه وتعالى، فحينئذ نقول: إذا اشترى أضحية أعظم من الأولى فإنه يجزئه ذلك، والأولى له أن يبيعها أو تكون له لحماً، والله أعلم.
الجواب: نقول: إن كان معه هدي أو كان وجود الهدي ميسوراً، فإن الأولى -خروجاً من الخلاف- أنه لا يتحلل إلا بعد أن يذبح، أما إذا لم يكن معه هدي وأحب أن يصوم فالأقرب -والله أعلم- أنه له أن يتحلل، ويصوم ثلاثة أيام أو عشرة أيام كما أشار إلى ذلك عمر بن الخطاب و عبد الله بن عمر .
الجواب: هو أن يكون وحشياً، برياً، مباحاً، يعني يؤكل، هذه هي الشروط الثلاثة المهمة في هذا الأمر.
الشيخ: والله هذا عاد ينظر في إدارة الأكاديمية هل يلزم أو لا يلزم، أما أنا فلا أعلم في مثل هذا الشيء.
المقدم: لكن يعني من باب العلم والحرص.
الشيخ: أما الحرص والفائدة فأنا أقول:
العلم قيد والكتابة صيده قيد صيودك بالحبال الواثقة
فالعلم مع الحفظ مع التقييد من أعظم ما يثبت فيه العلم، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا الكريم وجزاكم الله خيراً.
مشاهدينا الكرام! ها نحن وإياكم نصل إلى نهاية هذا الدرس المبارك، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم، وأن يفيدنا بما سمعنا من شيخنا الكريم، إلى لقاء متجدد بإذن الله تعالى في يوم الإثنين القادم في مثل هذا الوقت، نترككم دائماً وأبداً في حفظ الله ورعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر