الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
اللهم أرنا من فضلك وإنعامك وإجلالك وانقياد طاعتك يا رب العالمين، وأرحنا بعبادتك وطاعتك، وبعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبتي في الله!
سبق أن تكلمنا عن شروط البيع، ووصلنا إلى الشرط السادس: أن يكون المبيع معلوماً عند المتعاقدين، هو ما ذكر المؤلف في قوله: [فصل: ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة وعن بيع الحصاة )].
الملامسة هو أن يقول الرجل: أبيعك هذه الأقمشة كل قماش لمسته فهو لك بمائة ريال، وهو لا يعرف فربما يدخل على أقمشة فاخرة وربما يدخل على أقمشة بسيطة، هذا جهالة في معرفة المبيع، ومن ذلك ما يفعله بعض الصغار حينما يفعلون بيع ساعاتهم أو ما في جيوبهم ويكون فيه غرر، ومن ذلك لعبة التي يتعامل فيها الناس اللعبة التي يدفع ريال واحد أو خمسة ريال ويضع أصبعه على هذه الغطاء فربما يحصل له شيء عظيم وربما يحصل له شيء حقير، تعرفون هذه اللعبة، اللعبة هذه التي يضعونها في بسطات الصبيان.
فهذا لا يجوز بيعه ولكن يجوز شراؤها في الجملة بسعر بسيط، أما أن يكون واحد يعطي ريال أو نصف ريال يقول: اضرب على أحدها فما حصل فهو لك، كما يفعل في بعض الأرياف فهذا عقد باطل لا يجوز؛ لأنه غرر وجهالة.
ومن صور الملامسة صور أخرى مثل أن يُغبي عينيه أو يُغمض عينيه ويقول: متى ما حصل لك شيء من هذا فهو لك بكذا.
وأيضاً المنابذة كأن يقول: انبذ لي أي ثوب فهو لك بكذا، وهو مثل الملامسة، وبعضهم يعرف الملامسة والمنابذة بتعريف واحد، وأرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً يذكر صور بمسميات تعارف الناس عليها في عهده عليه الصلاة والسلام، وإن كانت بعض المسميات هي كلها بمعنى واحد، مثل: الملامسة والمنابذة.
وذهب ابن تيمية إلى أن النهي ينقسم إلى قسمين: ما كان لحق الله فإن النهي يقتضي الفساد، مثل: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع وقت النداء الثاني )، فيقول ابن تيمية : هذا لحق الله فيكون العقد باطلاً.
يقول: والقسم الثاني: ما كان لحق المخلوق فإن العقد هنا موقوف على إجازة المتعاقدين، فـابن تيمية رحمه الله قال: إذا باع شخص على بيع أخيه فإنه يُبطل العقد ويقال: لك أن تشتريه أو لا تشتريه، فإن رضي فالحمد لله، وإلا أبطلناه، قلنا: هذا يجعل الشخص يقول: أنا ما أريد أن أشتري منك ويضطر إلى شراء آخر، قال له ذلك، لكن ما يُبرم العقد مع هذا الشخص، فلنتفرض الاسم أحمد، بدر، عبد الإله، الشيخ أحمد، جاء أحمد وباع سيارته إلى عبد الإله بمائة ألف، فلما أراد عبد الإله أن يدفع النقد الثمن إلى الشيخ أحمد ، جاء بدر إلى عبد الإله وقال: أيش السيارة؟ هذه كامري بمائة ألف، أنا أعطيك كامري مثله وأجمل منها بتسعين ألف، الجمهور يقولون: يأثم بدر، ولكن العقد بين عبد الإله و أحمد صحيح، الحنابلة يقولون: العقد بينهم باطل، ابن تيمية ماذا يقول؟ يقول: هذا النهي لحق المخلوق، طيب ماذا نصنع؟ يقول: يأتي أحمد فيقول: يُبطل العقد الذي بين عبد الإله وبين بدر، وله حق أن يُبطله، ماذا يصنع؟ خلاص، هذا حقك الذي أغضبك، لكنه ما يستطيع أن يُبرم العقد الذي بين أحمد وبين عبد الإله، يأتي عبد الإله ويبحث سيارة أخرى غير بدر ، قال: له أن يبحث عن غير بدر وغير أحمد لكن بدر يُعاقب ألا يُبرم العقد معه.
وهذا التقسيم لـابن تيمية أنكره بعض الأصوليين وقالوا: لم يُسبق ابن تيمية لهذا القول، والواقع أن ابن تيمية سُبق إلى هذا القول كما ذكر ذلك العلائي في كتابه هل النهي يقتضي الفساد أو لا؟ والأقرب والله أعلم هو قول الشافعية والمالكية وقد قواه الإمام ابن رجب في كتابه القواعد، أن النهي إذا كان عائداً على ماهية العقد أو على وصفه الذي لا ينفك عنه، يعني: الشرط الذي لا ينفك عنه، فإن النهي يقتضي الفساد وإلا فإن النهي يقتضي التحريم دون الفساد، هذا الأقرب والله أعلم، وقد ذكره الإمام الشافعي ، وقد بالغ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: إن هذا التقسيم لا يُعرف من قِبل أهل الاعتزال، وأرى أن الشافعي رحمه الله يبعد أن يأخذ فقهه من أهل الاعتزال، يبعد بعداً عظيماً أن يكون الشافعي قد أخذ هذا.
وذهب أبو العباس ابن تيمية رحمه الله إلى أن الثمن إذا كان يمكن معرفته بزمن يسير أو أن يبيع بما يبيعه الناس أو بما ينقطع به السعر قال بجواز ذلك، قال: لأن الإنسان ربما لا يرضى أن يبيع بالمماكسة، والمماكسة هي التي نحن نسميها مكاسرة، المماكسة بعض الناس يماكس يقول: تعال اسمع يا فلان! أنا ما أعرف أماكس، لكن أريدك تبيع لي مثلما بعت على فلان، صح، يقول: أبيعك بمثل ما بعت على زيد، الجمهور يمنعون هذا ويقولون: لأنه جهالة، وذهب ابن تيمية إلى جواز ذلك، قال ابن تيمية : لأنه سوف يبيعه بالسعر مثله، وإذا جاز النكاح بمهر المثل، فلأن يجوز في البيع من باب أولى؛ لأن النكاح فيه الحظر، أما البيع فيُتسامح فيه، وبالتالي فيصح البيع بما ينقطع به الثمن.
ومن أمثلة ذلك في واقعنا: بيع الأسهم يشتري الإنسان قبل فتح السوق يقول: بسعر السوق، ولا لا؟ أحياناً يشوف السعر نفترض مثلاً طُرح بنك البلاد أو ما يشتري يقول: بسعر السوق، وش يسوي بسعر السوق؟ الطلب قليل، فإذا فُتح السوق قبل فتحه بثواني، وإذا شخص مغير الطلب العرض إلى سعر أعلى، وهذا ينبغي أن يتفقه الإنسان في هذا الأمر؛ لأن الناس يتحايلون مهما كان، يتحايلون في هذا الأمر؛ لأنه أحياناً يعرض بسعر السوق فيفاجئ أن السهم نزل، يعني: مثل الشخص هذا يسأل الطريق من باب الاستطراد، يعني: بعض الناس أول ما يطلب في السوق يقول: بسعر السوق، صح، فإن قيل له: إن هذا السهم سوف يرتفع فيذهب بسعر السوق، وإذا شخص يملك أسهماً كثيرة يتلاعب بالسوق، ماذا يصنع؟ قبل أن يفتح السوق هو يريد أن يبيع أو يريد أن يصفي إقفال السهم، نفترض شركة الراجحي مثلاً إقفال السهم ألف وسبعمائة وخمسون، هو عنده يملك أسهم كبيرة، فيعرض بسعر أقل، بألف وستمائة وثمانين، هو الآن يريد أن يشتري فالإنسان إذا شاف قبل فتح السوق ألف وستمائة وثمانين قال: أكيد أن صاحب الأسهم ويريد أن يصفي، فيعرض أسهمه بألف وستمائة وتسعين، قال لك: كأنه زاد، وقبل فتح السوق طلب العرض هذا ألف وستمائة وثمانين يلغيه وإذا هو اشترى كل الأسهم، وهذا نوع من التلاعب والتحايل، وأسأل الله أن يُخسر الذين يصنعون بالمساهمين بهذه الطريقة، وأذكر أن أحد المضاربين فعل هذا بأحد الأسهم فعرض أربعين ألف بهذه الطريقة من سهم معين، لا أريد تسميته، فصار النظام في البنك الراجحي توقف العرض، فوقفت أسهمه، فأراد إلغاء الأمر فلم يستطع فجاء شخص فأخذ كل الأربعين ألفاً وهو قد جمعها بخمسة أشهر، وهذه عقوبة، نسأل الله أن يعاقب كل من يضر بالمساهمين.
هذه شروط البيع المهمة التي هي من الأهمية بمكان ذكرناها ويبقى معرفة الثمن في صور ذكر المؤلف رحمه الله: في بيعتين في بيعة، وغير ذلك من الصور، وسوف نتحدث عنها، وبعد إنهائنا لهذه الشروط السبعة سوف نتحدث عن بعض المسائل المعاصرة التي لها علاقة في هذه الشروط، وكل ما نذكر شرط نتذاكر نحن وإياكم هل هذا الشرط موافق للشروط السبعة؟ وما هي؟ إن شاء الله.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الجواب: عقد الصيانة أحياناً يكون عقداً محرماً، مثال ذلك: عقود الصيانة التي تُجريها بعض العقود وبعض الشركات، فشخص عنده مثلاً مكان كبير فيه مكيفات من نوع lg ، الآن الشركة ما هي؟ lg ، يأتي شركة صيانة يقول: تصونون هذه الأجهزة وإذا حصل خلل ببعض الأجهزة أو قطع غيار فأنتم تضمنونه، صح، هذا كل أكثر عقود الصيانة، هذا عقد باطل، لماذا؟ لأنه له الحق أن يُغير الأشياء التشغيلية مثل الزيت البنزين أو غير ذلك التي تعامل الناس فيها بالغالب، لكن أي خلل في الأجهزة سوف يضطر لشركة الصيانة أن تُبرم أو تصلحه وتغيره قطع غيار هذا عقد باطل ولا فرق، أنت قست بشيء هو مخالف فيه، فعقد الصيانة ينقسم إلى قسمين: إن كان صيانة وتنظيفاً وربطاً والرعاية فهذا لا بأس به وهو من عقد الإجارة مثل الحراسة، وإن كان متضمناً لأي خلل سوف يضطر إلى دفع قطع غيار وهو لم يفرط ولم يتعد فهذا داخل في عقد التأمين المحرم.
الجواب: الخيار إذا كان خيار شرط لابد من تحديده سواء طال الشرط أو لم يطل، وإذا كان له الخيار بلا تحديد زمن فإن عامة الفقهاء أبطلوه إلا قولاً عند الأوزاعي ، وأرى أن في هذا القول غرر؛ لأن معناه أن الإنسان له الخيار أن يرده متى شاء فيكون فيه ضرر، والأقرب والله أعلم أنه له أن يُحدد زمناً ولو طال كما هو مذهب أحمد في رواية عنه.
الجواب: نعم، اللوحات الفنية الرسم باليد أو التماثيل هذه حرام ولا يجوز، وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم والمسألة فيها خلاف.
والمعيار في شرط الإباحة والمنفعة: هو أن المنفعة تكون مباحة ويُنتفع فيها في الغالب، فإذا كانت محرمة وينتفع بها فلا يجوز، وإن كان لا يُنتفع بها وهي مباحة فلا يجوز، فلابد أن تشتمل أمرين: أن تكون مباحة، وأن يُنتفع بها في الغالب، يعني: تُدرك، مثل الآن أنا عندي بيت جاء واحد وقال: أريد عقد منفعة لأجل يوم أسكن فيه، هذا منفعة، ما بعت البيت فإذا كان يمكن إدراكها في الغالب فلا بأس، أما أن أبيعه هذه المنفعة وأنت لا يمكن تدركها فهذا لا يجوز، وهذا مثل بطاقة الاتصال، بطاقة الاتصال لو افترضنا أن هذه البطاقة فيها مائة ريال، وتنتهي بعد يوم، في الغالب أن الإنسان ما يتصل في اليوم بمائة ريال، صح، فهذا لا يمكن إدراكها في الغالب، لكن في أُناس إذا أراد أن يتصل إلى خارج بلاده سوف تكلفه مائة أو أقل أو أكثر، فإذا كانت هذه المنفعة يمكن إدراكها في الغالب، فهذا يجوز وإذا كان لا يمكن فلا يجوز، وهكذا بطاقة سوى أو الاشتراكات في البطاقات السابقة في الإنترنت يقول لك: بعشرة ريالات لمدة ثلاثة أشهر، العشرة ريالات هذه لمدة ثلاثة أشهر فيها ثلاثة ساعات أو عشر ساعات يمكن إدراكها في الغالب، فهذا لا بأس، كل ما أمكن إدراكه في الغالب بسعر فلا بأس، من ذلك مطاعم البوفية المفتوحة هذه، المطاعم المفتوحة يمكن إدراكها في الغالب وهو يحدد سعر الإنسان أكله لنفره يمكن ضبطه في الغالب فلا بأس، وإن كان فيه نوع غرر لكنه للحاجة.
الجواب: هذا لا يجوز، إلا أن يبيعه موصوفاً بالذمة وبزمن محدد، يعني: يقول له: تعال أريد أبيع لك هذه المكيفات من نوع lg عددها كذا لكن بعد ثلاثة أيام، هذا واحد، والثاني: تحديد السعر وهو لا بأس به، أما أن يبيعه ولا يخبره بذلك ثم يذهب فأحياناً يذهب ويجدها أعلى من السعر يقول: والله ما وجدنا بالمستوى المطلوب، يلعب على الإنسان، هذا لا يجوز والعقد باطل، لكن إذا كان فيه تركيب وعنده بعضها وبعضها سوف يضطر فلا بأس، مثل: أجهزة الكمبيوتر، يكون بعض القطع الغيار موجودة ويركبها، لكن بعضها غير موجودة وهو يبيعه بسعر السوق فلا بأس بذلك إن شاء الله؛ لأنه عقد واستخدام.
الجواب: نعم، قلنا: إن الغرر ثلاث أقسام:
فالقسم الأول: الغرر اليسير قلنا: وهو مجمع على جوازه، ومن أمثلة ذلك الحيطان وغير ذلك، ومثل الخلطة التي تكون من الأسمنت فهذه لا يمكن ضبط ماءها قليل أو كثير لكن هذا معفو عنه، وهل التراب كثير أو الإسمنت أكثر، هذا معفو عنه.
القسم الثاني: الغرر الفاحش، وهذا قلنا: مُجمع على تحريمه.
القسم الثالث: الغرر المتوسط، فهذا منعه الشافعية والحنفية وجوزه المالكية والحنابلة بشروط:
الشرط الأول: أن يكون متوسطاً لا فاحشاً.
الثاني: أن يحتاج الناس إلى مثله، فإذا احتاج الناس إليه فإن الحاجة تُقدر بقدرها، وأكثر تعاملات الناس مما يحتاج الناس إليه، يقول ابن تيمية : ومتى احتاج الخلق إلى معاملة ولم يرد من الشارع نص في تحريمها فالأصل تجوزيها، والحاجة قاعدة مظلومة مهضومة في هذا الزمان، فبعضهم يفتحها على مصراعيها ويجوز كل شيء، مثل تجويز شراء الأسهم النقية للحاجة، وأرى أن هذا فيها إشكال، طيب الحاجة لأجل ماذا؟ قالوا: لأجل أننا لا نجد مصارف للناس والناس ما عندهم طريقة، قلنا: هذا حاجة ربما لمن يكون عنده مائة أو خمسين أو ثلاثين، لكن ما حاجة الذي يملك في محفظته مليار لماذا لا يؤسس أو يصحح تعاملات الناس، أي حاجة في ذلك؟ وقسم ثالث أو طرف ثالث هضم فالعبرة بمن حوله فإن كان هو لا يدخل في هذا السوق قال: ما في حاجة، أبد ما في حاجة، والناس ربما يقعون في ورطة، وبسبب عدم فهم تعاملات الناس جعلت بعض التجار لا يسأل أهل العلم؛ لأنهم بعيدون عن تعاملات الناس، هذا القسم الثالث، وأرى أن هذا القسم جدير بالبحث والتأمل.
الجواب: الحل بالتعلم، الحمد لله في كتب تتحدث عن مسائل العقارين وأنا أرى أننا بحاجة إلى دورة وأهيب بالشيخ محمود دورة في المساهمات العقارية لمدة ثلاثة أيام؛ لأن في شباب وإخواننا أهل الخير دخلوا في هذه التجارة وتضرروا وأضروا مع الأسف الشديد، ودخلوا في تجارات وتعاملات محرمة يظنونها في أول وهلة أنها من البر، والحقيقة أن ذلك ضرر بهم.
والتشتت في قراءة كتب الفقه اليوم لعدم ربطها وتطبيق المسائل المعاصرة عليها رغم اختلاف العقود ومعرفة الفرق أو القياس عليه ومعرفة تطور الفقه الإسلامي ومعرفة أصل المسائل المعاصرة.
لكن نقول: الحمد لله، أهم شيء أن نعرف أنه لا توجد مسألة من مسائل الزمان إلا ولها أصل في كتب الفقهاء، الأصل هذا جعلت بعض الفقهاء المعاصرين يحاول جاهداً في تكييف كل مسألة عصرية هل لها أصل في كتب الفقهاء، وأرى أن هذا التكلف لا ينبغي؛ لأننا أحياناً نضطر هل الشركة المساهمة شركة عنان أو شركة مضاربة أو شركة عنان ومضاربة وأحاول أن أبالغ في تكييف هذا، وفي الواقع أن بعض الصور لا يمكن أن تدخل في هذا، لكنني أرى أننا نحاول أن نكيف أي شركة أو أي عقد جديد في القواعد العامة، فالشركات المساهمة مثلها مثل الشركات الجديدة ومثل الشركات التي لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عنها ولا الصحابة فتحدث الناس عنها، فإذا ضُبطت بالضوابط ما لم تكن فيها غرر ولا جهالة ولا ربا والربح مشاع بينهما، وفيه العدل فالأصل أنها شركة ولا يمكن أن أجعل الشركة المساهمة شركة جديدة ليست هي من الشركات التي تحدث الفقهاء عنها لا من قريب ولا من بعيد بحجة أن بعض التعاملات الشكلية تُغير من الواقع، فأرى أن هذا ليس له أساس من الصحة، وسوف نتحدث عنها إن شاء الله بإسهاب.
الجواب: لا، هذا يسميه العلماء كل عمل اُشترط فيه أو كل مبيع اُشترط فيه العمل الموصوف بالذمة فهو ليس سلاماً ولكنه عقد استسلام، والبيوع أربعة: بيع عين وهو البيع المعروف، أو بيع عمل وهو الإجارة، أو بيع موصوف وهو السلم؛ لأن السلم مثل القمح وغيره ليس للإنسان دخل في نفس الحبة، لكن بالوصف، القسم الرابع: بيع عين اشُترط فيها العمل الموصوف، وهذا عقد الاستصناع وأرى أن عقد الاستصناع جائز بلا تسليم رأس المال في مجلس العقد، وبالتالي الخياطة هذه عقد استصناع إذا كان الثوب والقطعة القماش من صاحب الخياطة وإن كان القماش مني فهو إجارة في إصلاح هذا العمل.
الجواب: بيع المعدوم أربعة أقسام:
القسم الأول: معدوم لا يمكن حصوله، وهذا مُجمع عليه، ومعنى لا يمكن حصوله إما قطعاً أو غالباً، مثل الطير الذي شرد وليس له وكر يرجع إليه وهو في بلد آخر، هذا لا يمكن حصوله، هذا مجمع عليه.
القسم الثاني: معدوم وقت إبرام العقد، ويمكن حصوله في المستقبل، هذا كبيع الحمل، هو غير موجود وقت إبرام العقد لكنه يمكن تلد الناقة فيحصل أو لا يحصل، هذا العقد لا يجوز كمعين، ولكن يجوز أن أبيع موصوفاً بالذمة، قال ابن تيمية : ولو باع أو اشترى لبناً موصوفاً في الذمة من هذه الشاة أو البقرة جاز، لكن لو أنني أقول: هذا اللبن الذي في الضرع أريده، هذا معين أو غير معين؟ معين، وهو غير موجود في وقت العقد لكن يمكن أن تحلب الشاة ويقل عن صاع ويمكن يزيد وغير ذلك، فالموصوف بالذمة يقول: هو المعدوم وقت إبرام العقد ويمكن حصوله بعد ذلك، فهذا يجوز السلم فيه ويحرم التعيين، وينبغي حينما يقول: موصوف بالذمة يجوز السلم فيه لكن ليس محدداً من هذه الشاة، أو من هذه البقرة الذي هو الحمل، اللبن ابن تيمية جوزه وعامة الفقهاء يمنعونه، قال ابن تيمية : لأن اللبن مثله مثل ما ذكرناه في الأمس كالجزة، يقول: هذا اللبن هذه الشاة معروف لبنها إذا حلب صاعاً من لبن هذه الشاة كل يوم تدر وتحلب، يقول ابن تيمية : يجوز، هذا جوزه ابن تيمية .
ومن ذلك يجوز أني أقول: أريد لبناً موصوفاً بالذمة من الصافي أو من المراعي؛ لأنه تتحد أجزاؤه في الغالب.
القسم الثالث: معدوم تابع لموجود مثل بيع بعض الثمار التي بدا بعض صلاحها والبعض لم يبد، فالذي لم يبد معدوم ولكننا يجوز أن نبيعه إذا كان تابعاً لموجود، ومن ذلك بيع الجزة كالقثاء وغيره، منعه الجمهور وجوزه ابن تيمية ورواية عن أحمد .
القسم الرابع: معدوم موصوف في الذمة فهذا يجوز بشرط شروط السلم مع تحديد الأجل، وتسليم رأس المال، وأن يكون الوصف منضبطاً.
الجواب: يقول ابن تيمية : أن أهل الخبرة يعرفون نُضج وصلاح ما في باطن الأرض بمعرفة الشجر الظاهر، يقول: والغرر الموجود فيه غرر مغتفر فيجوزه ابن تيمية ، وابن القيم له كلام قوي في إعلام الموقعين عندما تكلم عن الغرر، قال ابن القيم : وما دخل أهل العلم بالغرر، إنما معرفته لأهله، وصدق رحمه الله، فمعرفة الغرر أو عدم اتباعه في بعض التعاملات ينبغي أن تُؤخذ من أهل الفن الذين يعرفون هذا الأمر، فالغرر الذي يُغتفر هو: أن يكون لابد منه، وهو الذي يكون حاجة الناس فيه، والثاني: أنه لو لم يتبايع الناس فيه لوقعوا في ضرر، والثالث: يكون يسيراً جداً، هذا ضوابط المغتفر التي ذكرها أهل العلم.
الحواب: أقول: خذ تأميناً وانظر الشركة المناسبة الجيدة ولا حرج عليك؛ لأنك لم يكن باختيارك.
الجواب: أرى أنه بحاجة ماسة إلى كتابة كثير من الناس إلى وزارة التجارة في شأن هذه المسابقات؛ لأن هذا محرم ولا يجوز، وفيه تلاعب على الناس، مثل المسابقة التي تقول: أرسل رسالة وسوف تحصل على سيارة، هذه الرسالة مبلغها خمسة ريال على أقل تقدير، ونفترض أن مليون شخص أرسل، وقيمة الرسالة خمسة ريال، فسيحصلون على خمسة ملايين، أما مليون ونصف يعني 35% فهي لشركة الاتصالات أو لموبايلي إذا دخلت في هذا العقد، والباقي ثلاثة مليون ونصف، فنصف المليون يشترون به سيارات من ثلاثين ألف، فنقسم خمسمائة ألف على ثلاثين ألف، كان الناتج 16 سيارة وهم هم يعطون باليوم أو بالأسبوع أو بالشهر سيارة؟ بالشهر أو بالأسبوع، لو يعطون باليوم فهم كسبانين، وثلاثة مليون كلها لهم، كل هذا تلاعب ولا يجوز، وهذا من القمار، بعض الناس يقول: ترى خمسة ريال ما هي بضارة، نقول: لا، لو تحصلت على هذه الجائزة يجب عليك أن تبيعها وتأخذ قيمتك لك الحق أن تأخذ قيمتك الخمسة الريال الاتصال وتتصدق في المال كله من باب التخلص وليس من باب الصدقة، قد تقول: أحياناً يقترض يقول لك: اشتري جريدة أو اشتري السلعة، نقول: حتى لو كنت مشترياً أصلاً لهذه الجريدة وحصلت على جائزة فهذه الجائزة إنما تحصلت من أموال المباريات أموال المغامرات أموال المسابقات ولا يجوز في هذا والله أعلم.
الجواب: الجمهور يقولون: لو عندك بالمستودع سيارات وبعت لشخص سيارة موصوفة بالذمة حالاً، يقول الجمهور: يُمنع، كمذهب مالك ورواية عن أحمد يمنعون الموصوف بالذمة الحال، يقول: لوجود الغرر فيه، وابن تيمية يقول: إذا كنت تملكه داخلاً في ضمانك فلا بأس أن تبيع الموصوف في الذمة، وإذا كنت لا تملكه فلا يجوز أن تبيع موصوفاً في الذمة، وقول عند الحنابلة ذكره صاحب كشاف القناع قال: إذا باع موصوفاً في الذمة بلفظ السلم الحال حرُم، وإن كان بلفظ البيع جاز بشرط التسليم، وهذا من باب النظر في ألفاظ العقود والصحيح أن العبرة في العقود بالمعاني والمقاصد لا بالألفاظ والمباني.
الجواب: لا، أنا قلت: أجزاءه متفق عليه عند العلماء لكن قلت: في الأجزاء والقيم الصحيح جوازه.
وأما القيمة في الغالب فلها أثر، فأحياناً تكون السلعة سمينة لكن فيها عيب، وأحياناً تكون ضعيفة لكن كبيرة الظهر، فكل بالقيمة إذا كانت مثل هذا فأرى أنه يجوز وإن كان فيه نوع غرر لكن يحتاج الناس لمثل هذا، وهذه قاعدة الغرر الذي يحتاج الناس إليه.
الجواب: قد يمكن، وابن القيم ذكر هذا القياس ولكن فيه نوع من البعد.
الجواب: قد سُلت عنه، وجاءني بعض الإخوة في مثل هذا، وطريقتها: أن يكون عندك أقساط عند بنك معين هو بنك سي، وبقي عليك تسديد الأقساط سنة أو سنتين، البنك لا يستطيع أن يعطيك أقساطاً ثانية؛ لأنه يكون بيع إما أن تقضي وإما أن ترابي، فهذه المعاملة محرمة وقد ذكر تحريم ذلك الحنابلة والمالكية، فيقول هذا الشخص الذي عليه الأقساط: أنا محتاج قرضاً باقي عندي سنتين فأعطني سيارات ثم أبيعها وأسدد الأقساط الماضية ويبقي الأقساط الجديدة، فهذه محرمة ولا تجوز، فماذا يصنعون؟ يأتي بنك سين ويضع له عميل اسمه راشد، يقول: راشد تعال خل الناس يتعارفون، عليك أنك أي واحد يريد أن يسدد أقساط بنك سين أن تعطيه أقساط بربح عشرة بالمائة على أنها يبيعها ثم يُسدد القسط الثاني ويذهب إلى بنك صاد فيعطيه ليسدده، واضح الآن، هذه إذا كان بنك صاد هو الذي سوف يدفع لبنك سين مطلقاً جائز، لكن لماذا لا يقول بنك صاد: أنا أسدد لك؟ لأن النظام يمنع، فيضع راشد بهذه الطريقة، وأرى أنه لا بأس لكني أكرهه؛ لأنهم يأخذون أرباحاً بمدة أسبوع بربح عشرة بالمائة، وهذا من بيع المضطر وقد نهى الإمام أحمد رحمه الله عن بيع المضطر، يربح بيوم أو أسبوع أكثر من ربح البنك في ثلاث سنوات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر