إسلام ويب

عمدة الفقه - كتاب الحدود [9]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من تمام قيام مصالح الأمة أن يكون لها إمام يسوس أمور دينها ودنياها، ويجب عليها القيام بواجبها تجاهه، فلو خرج عليه أناس لهم منعة بتأويل سائغ فهؤلاء بغاة، فإذا آل الأمر إلى قتالهم وجب عليها معاونة الإمام في ذلك، فإذا قضوا عليهم فلا يقتل جريحهم ولا تسبى نساؤهم، وما أتلف حال قتال أهل البغي فلا ضمان فيه.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم زدنا علماً وعملاً وهدى وتقوى يا رب العالمين، وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [باب قتال أهل البغي: وهم الخارجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه، فعلى المسلمين معونة إمامهم في دفعهم بأسهل ما يندفعون به، فإن آل إلى قتالهم أو تلف مالهم فلا شيء على الدافع، وإن قتل الدافع كان شهيداً. ولا يتبع لهم مدبر، ولا يجهز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا تسبى لهم ذرية، ومن قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه. ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفس أو مال. وما أخذ البغاة حال امتناعهم من زكاة أو جزية أو خراج لم يعد عليهم ولا على الدافع إليهم، ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره].

    قول المؤلف رحمه الله: (باب قتال أهل البغي)، سموا بغاة؛ لأنهم جاروا ومالوا عن الحق، وظلموا وعدلوا عن الحق، والحق هنا هو الحق الأولي وإن كان معهم حق، ولكن حق السابق أولى من حقهم.

    وهذا يفيدك على أن البغاة يجوز إطلاقها على العلماء الذين خرجوا، فـسعيد بن جبير و الشعبي وثلاثون ألفاً أكثرهم من الفقهاء في فتنة ابن الأشعث حينما خرجوا على الحجاج وفازوا بالمعركة الأولى ثم علا صيتهم وارتفع شأنهم وكثر الخطباء في البصرة ومن حولها في نصرة الإمام ابن الأشعث كما يسمونه في خطبهم، ثم دارت معركة بينهم وبين الحجاج مرة ثانية ففازوا عليه، ثم طلب الحجاج من عبد الملك بن مروان أن يمده بجيش في المعركة الثالثة فاستطاع الحجاج أن يستولي عليهم، وقتل منهم صبراً يعني: بالسيف، وهو يأخذ الواحد منهم ويقتله حتى قتل مائة ألف رجل أكثرهم من الفقهاء والمحدثين، انظر الفتن إذا أقبلت لم يعرفها إلا العلماء، وإذا أدبرت عرفها حتى الدهماء، وأصبحت فتنة عظيمة، فسموا بغاة؛ لأنهم خرجوا عن حق إمام سابق عليهم وهو عبد الملك بن مروان .

    وهل عبد الله بن الزبير يُعد من البغاة؟ ذكر ابن كثير رحمه الله أن عبد الله بن الزبير إنما بايعه أهل مكة قبل مبايعة الناس واستتباب الحكم لـيزيد بن معاوية فلا يعد خارجياً، يعني: خارجاً على السلطان.

    والحسين بن علي رضي الله عنه هل يُعد خارجياً أم لا؟ الأقرب والله أعلم أن الحسين لا يعد خارجاً؛ لأن المدينة التي بايع أهلها الحسين لم يكن الحكم لـيزيد فيها، وكان أمير الجيش عبيد الله بن زياد ، وهذا ذكره ابن الوزير في العواصم والقواصم، وأشار إليه ابن تيمية وكذا ابن كثير في البداية والنهاية.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522680

    عدد مرات الحفظ

    777112925