إسلام ويب

فقه العبادات - الصلاة [15]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • صلاة النبي صلى الله عليه وسلم هي أكمل الصلوات وأفضلها، فينبغي تتبع الأحاديث التي نقلتها لنا، لنعرف الصحيح في صفة خروره إلى السجود وقيامه منه إلى الركعة التالية، وصفة جلوسه بين السجدتين وفي التشهد، وما يقرأ من الأذكار والأدعية، وصفة التحلل من الصلاة وغير ذلك.

    صفة النزول من القيام إلى السجود في الصلاة

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم، وبعد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوتي المشاهدين والمشاهدات!

    أسعد الله مساءكم بكل خير وخيرات، ومسرة وبركات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن تحفهم الملائكة، وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم ربي فيمن عنده في الملأ الأعلى.

    أيها الإخوة والأخوات! كنا قد وصلنا في شرحنا لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما بعد السجدة الثانية، وكنا ذكرنا بعض المسائل وقلنا: نرجئها إن شاء الله إلى حلقة قادمة، ولعلنا نذكرها في هذه الحلقة.

    فمن المسائل أيها الإخوة! مسألة الخرور من القيام إلى السجود، هل يقدم ركبتيه أم يقدم يديه؟

    وهذه المسألة اختلف أهل العلم فيها، والكلام فيها معلوم معروف عند الأئمة رحمهم الله، وبادئ ذي بدء فلا بد من البيان أن الأئمة رحمهم الله اتفقوا على أن الإنسان سواء قدم يديه أو قدم ركبتيه فكل ذلك جائز، وإنما الخلاف في الأفضلية، كما ذكر ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله.

    إذا ثبت هذا فإن جماهير أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا: إن الأفضل في حق المصلي أن يقدم ركبتيه قبل يديه، فإن قدم يديه قبل ركبتيه فجائز، لكن الأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه.

    وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن الأفضل أن يقدم يديه قبل ركبتيه.

    وبالمناسبة فإن كل الأحاديث الواردة في تقديم الركبتين على اليدين، أو الواردة في تقديم اليدين على الركبتين أحاديث لم تصح مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    فأما أحاديث تقديم الركبتين على اليدين فمنها ما رواه شريك القاضي ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه، عن علقمة بن وائل بن حجر ، عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خر قدم ركبتيه قبل يديه )، وهذا الحديث صححه بعض المتأخرين، والراجح أن الحديث ضعيف؛ وذلك لأن شريك بن عبد الله القاضي اختلط حينما تولى القضاء، وتفرد بهذا الحديث، كما ذكر ذلك الإمام البخاري و الدارقطني و أبو داود وغيرهم، وعلى هذا فالحديث لا يصح مرفوعاً.

    وجاء له شاهد من حديث أنس بن مالك ، وفي سنده ضعف، فإن الحديث جاء من طريق رجل يقال له: إسماعيل المكي ، وحديثه ضعيف.

    أما أحاديث تقديم اليدين على الركبتين فمنها ما جاء عند أبي داود وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه ).

    وهذا الحديث يرويه عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن الهاشمي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، وهذا الحديث صححه بعض المتأخرين، وأكثر أهل الحديث على تضعيفه، فإن البخاري رحمه الله ذكره في التاريخ الكبير، وقال: تفرد به عبد العزيز بن محمد ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن ، ولا يصح سماع عبد العزيز عن محمد ، ولا محمد عن أبي الزناد ، فـالبخاري ضعفه من ثلاثة وجوه:

    الأول: تفرد عبد العزيز بن محمد الدراوردي .

    الثاني: أنه لا يعرف سماع عبد العزيز من محمد .

    الثالث: لا يعرف سماع محمد بن عبد الله بن الحسن ، من أبي الزناد .

    فدل ذلك على أن الحديث منقطع.

    ثم إن ابن القيم رحمه الله أشار إلى أن الحديث مقلوب على الرواة، والصحيح في بروك البعير أنه يقدم يديه؛ لأن ركبة البعير في يديه، فقال: ( لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع ركبتيه قبل يديه )؛ لأن ركبة البعير كانت في اليدين في مقدم جسمه، فقال ابن القيم : إن الحديث مقلوب، والصحيح: ( لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع ركبتيه قبل يديه ).

    وأنت ترى أن هذه الأحاديث كلها ضعيفة، لكن أهل العلم قالوا: إن الأقرب تقديم الركبتين؛ لأنه قد صح ذلك عن عمر ، كما روى الطحاوي ، عن إبراهيم النخعي ، عن أصحاب عبد الله بن مسعود : علقمة و الأسود أنهما قالا: حفظنا عن عمر -يعني: ابن الخطاب - أنه كان إذا خر ساجداً قدم ركبتيه قبل يديه، كما يخر البعير، وهذا ثابت عن عمر .

    وأما مالك بن أنس فإنما استدل بفعل ابن عمر ، فقد روى عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه، أنه ( كان يقدم يديه قبل ركبتيه )، والذي يظهر والله أعلم أن عبد الله بن عمر روي عنه من وجهين: روي عنه تقديم الركبتين قبل اليدين، وروي عنه تقديم اليدين قبل الركبتين، وإن كان تقديم اليدين قبل الركبتين أصح عنه.

    والذي يظهر أن ابن عمر إنما صنع ذلك؛ لأنه كان قد كبر سنه، و عبد الله بن عبد الله بن عمر لم يرو عن والده إلا بعدما أسن، وعلى هذا فالراجح والله أعلم أن الأقرب تقديم الركبتين قبل اليدين لفعل عمر رضي الله عنه؛ ولأن هذا هو الأظهر وهو الأقرب من حال المصلي، فإن المصلي لو أراد أن يقدم يديه قبل ركبتيه لكانت حالته على غير الحالة الطبيعية، هذه مسألة.

    من الأذكار المشروعة في الركوع والسجود

    الشيخ: المسألة الأخرى: سبق أن ذكرت لكم أن الإنسان يقول في ركوعه: ( اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعصبي )، وقلت: إن هذا الحديث وارد، ويحتاج إلى التأكد من إسناده، وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك إذا ركع، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين )، وهذا يدل على أن هذا الذكر مشروع في الركوع والسجود.

    جلسة الاستراحة

    الشيخ: إذا ثبت هذا أيها الإخوة والأخوات! فإن من المسائل أيضاً أنه إذا أراد أن يقوم من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية هل يجلس جلسة الاستراحة أم لا يجلس؟

    ومعنى جلسة الاستراحة: أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فإنه يجلس كأنه في التشهد الأول، أو كأنه بين السجدتين، فيفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، فهل هذا وارد أم لا؟

    خلاف بين أهل العلم:

    فذهب الشافعي إلى استحباب ذلك.

    وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم استحبابه، وهو مذهب الحنفية والحنابلة والمالكية، فذهبوا إلى عدم استحباب جلسة الاستراحة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعله لأجل أنه كبر سنه؛ لأن مالك بن الحويرث إنما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره.

    والحديث الوارد في ذلك ما ثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث أنه قال: ( حتى إذا كان في وتر من صلاته جلس صلى الله عليه وسلم جلسةً يسيرة ثم قام )، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذه الفعلة، وقد جلس مالك بن الحويرث أكثر من عشرة أيام، وقال لهم صلى الله عليه وسلم حينما كان مالك بن الحويرث يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك قال: ( لعلكم اشتقتم إلى أهليكم، فقلنا: نعم، قال: اذهبوا إلى أهليكم فعلموهم، وإذا حضرت الصلاة فصلوا كما رأيتموني أصلي، وليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً )، وفي رواية: ( وليؤمكم أكبركم )، فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفعلوا مثل فعله، ولم يقل صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا هذه الجلسة لأنني كبير؛ ولهذا فالذي يظهر والله أعلم هو ما اختاره بعض أهل الحديث؛ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه كان لا يجلس، وروي عنه أنه كان يجلس.

    فالسنة هي أن يفعل ذلك أحياناً وهذا أحياناً، فإن فعلها دائماً فقد خالف السنة التي لم يكن يفعلها، يعني: لم يكن يجلس، وإن داوم على عدم الجلوس فإنه خالف سنة أنه كان يجلس، ولهذا كان الأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة.

    أما المأموم فإذا كان إمامه لم يجلس جلسة الاستراحة؛ فإن الذي يظهر والله أعلم ألا يجلس المأموم لأجل ألا يخالفه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه )، ولعل هذا من الاختلاف.

    فإن الاختلاف ينقسم إلى قسمين: اختلاف في الأفعال الواجبة، واختلاف في الأفعال المستحبة، وكلاهما مقصود، فمن الأفضل ألا يتأخر المأموم عن إمامه، فإن فعل الإمام فلا حرج أن يفعل المأموم ذلك، وإن ترك فلا حرج أن يترك ذلك؛ لأن ذلك إنما هي متابعة في السنة، ومتابعة المأموم إمامه في السنة أفضل إذا كان ذلك موطناً لذلك.

    صفة القيام إلى الركعة الثانية

    الشيخ: ثم إن ثمة مسألة: إذا قام هل يعتمد على الأرض أم يعتمد على صدور قدميه؟

    اختلف العلماء في ذلك، والذي يظهر والله أعلم أنه إنما يعتمد على الأرض إذا جلس جلسة الاستراحة؛ لأن في حديث مالك بن الحويرث : ( ووضع يده على الأرض )، فهذا يدل على أنه يضع يده على الأرض إن كان قد جلس جلسة الاستراحة.

    وإن لم يكن قد جلس جلسة الاستراحة فإن الأفضل في حقه أن يعتمد على صدور قدميه كما صح ذلك عن ابن مسعود ، وروي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر ، ولكنه لا يفرح به، فهو حديث ضعيف، أعني: حديث وائل بن حجر : ( أنه كان إذا نهض إلى الصلاة نهض على صدور قدميه )، فهذا حديث ضعيف، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    وعلى هذا فإذا أراد أن يقوم فإننا نقول: إن كان قد جلس جلسة الاستراحة فيعتمد على يديه، ثم يعتمد بعد ذلك على صدور قدميه وركبتيه، وإن لم يكن جلس فإنما يعتمد على ركبتيه وصدور قدميه كما صح ذلك عن ابن مسعود ، وبذلك تأتلف وتجتمع الأحاديث والآثار، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    ما تخالف فيه الركعة الثانية الركعة الأولى

    الشيخ: ومن المسائل أيها الإخوة! أيضاً: ما قال العلماء رحمهم الله: أنه إذا قام إلى الثانية فإنه يصنع مثل ما صنع في الأولى إلا في ثلاثة أشياء، يعني: إذا قام المصلي إلى الركعة الثانية فإنه يصنع مثل ما كان قد صنع في الركعة الأولى إلا في ثلاثة أشياء:

    الشيء الأول: تكبيرة الإحرام، فإن تكبيرة الإحرام إنما تفعل مرة واحدة، وبالتالي فلا يشرع للمأموم أو الإمام أن يكبر تكبيرةً إذا استتم قائماً؛ لأن تكبيرة الانتقال من سجوده إلى قيامه كافية في ذلك، وإن فعل فإنما ذكر لفظاً مشروعاً في غير محله، وهذا غير مشروع.

    الشيء الأمر الثاني: ألا يستفتح، فإن استفتاح الصلاة إنما هو مشروع في الركعة الأولى، وعلى هذا فلا يشرع للمصلي سواء كان إماماً أو منفرداً أو مأموماً أن يستفتح الصلاة.

    الشيء الثالث: ذهب الحنابلة والحنفية إلى أنه لا يتعوذ، وقالوا: إن التعوذ إنما هو في الركعة الأولى؛ لأن الصلاة تسبيح وتحميد وتكبير، فلم يكن ثمة انقطاع، مثل: لو قرأ الإنسان القرآن ثم ذكر الله ودعا وسبح وهلل إذا مر بآية تسبيح؛ فإنه لا يشرع له أن يقول مرةً ثانية: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فكذلك إذا كبر أو ركع أو سجد؛ لأن ذلك عبادة وهو نوع من التسبيح.

    وذهب الشافعي و ابن حزم وهو اختيار أبي العباس إلى أنه يشرع للإنسان أن يتعوذ في كل ركعة، بل بالغ ابن حزم فقال: واجب عليه أن يتعوذ عند قراءة كل ركعة، ومن المعلوم أن الإنسان يقرأ القرآن في الركعة الثانية والثالثة والرابعة.

    ولكن الراجح هو استحباب أن يتعوذ؛ لقوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98]، وقال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت:36]، فدل ذلك على أن الإنسان يستحب له أن يتعوذ بالله إذا قرأ القرآن، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    مواضع رفع اليدين في الصلاة

    الشيخ: ومن المسائل أيها الإخوة: أنه إذا جلس في التشهد الأول وأراد أن ينهض إلى الثالثة فإنه يستحب له أن يرفع يديه، إما إلى حذو منكبيه، وإما إلى فروع أذنيه، ولم يستحب ذلك الحنابلة؛ لأنه جاء عند البخاري من حديث ابن عمر أنه ذكر ثلاثة مواضع:

    الموضع الأول: عند تكبيرة الإحرام.

    الموضع الثاني: عند الركوع.

    الموضع الثالث: عند الرفع من الركوع.

    ولكن جاء عنه: ( وكان يفعل ذلك إذا قام من الثنتين بعد الجلوس )، وهذا يدل على أن ابن عمر إنما لم يذكر ذلك عند البخاري ؛ لأنه ذكره مختصراً، وعلى هذا فالراجح والله أعلم أنه يرفع في أربعة مواطن.

    وهل يرفع يديه إذا أراد أن يسجد؟ يعني: إذا جلس وهو قائم قال: الله أكبر ثم سجد، فإذا أراد أن يرفع من السجود قال: الله أكبر، فهل يرفع يديه؟

    ذكر بعض أهل العلم أنه يستحب له أن يرفع؛ استدلالاً بحديث: ( أنه كان يرفع يديه في كل خفض ورفع )، من حديث ابن مسعود ، ولكن الحديث ضعيف، والصواب أن الحديث: ( أنه كان يكبر في كل خفض ورفع )، فخلط ذلك الراوي، فبدلاً من أن يقول: (كان يكبر)، قال: (كان يرفع)، ولكن ابن الزبير كان يصنع ذلك، كما روى البيهقي وغيره.

    والراجح والله أعلم أنه لا يستحب فعل ذلك.

    فإن قال قائل: ابن عمر لم يذكر ذلك، و عبد الله بن الزبير فعل ذلك، ألا يقال: بأن المثبت مقدم على النافي؟ فـابن عمر ناف، وغيره مثبت؟

    فالجواب على ذلك أن يقال: ليس كل مثبت مقدماً على النافي على الإطلاق، فإن النافي إن كان قد نفى عن علم فإنه نفيه عن علم يكون بمثابة الإثبات، كما حكى ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله، ولهذا كان يقول ابن عمر : ( ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود )، فهو دليل على أن ابن عمر إنما نفى فعل النبي صلى الله عليه وسلم عن علم، وعلى هذا فالسنة ألا يرفع يديه في سجوده، ولا عند الرفع من السجود، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    موضع التورك وخلاف العلماء فيه

    الشيخ: إذا ثبت هذا فإنه إذا جلس في التشهد الأول مثل: صلاة الفجر، أو صلاة المغرب، أو صلاة العصر، أو العشاء، أو الظهر فإن الراجح في هذه السنة أن يجلس على اليسرى، وينصب اليمنى؛ لقول أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: ( فلما جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى )، وفي حديث عائشة : ( وكان إذا جلس نصب رجله اليمنى، وفرش رجله اليسرى، وجلس عليها )، والحديث رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، هذه هي السنة.

    وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يتورك كما هو مذهب مالك .

    وذهب الشافعي إلى أنه لا يتورك إلا إذا كان في تشهد يعقبه سلام، فـالشافعي لا يرى التورك إلا في تشهد يعقبه سلام، فيتورك عند الشافعي في التشهد الأول في صلاة الفجر، أو في التطوعات التي هي ركعتان.

    أما أبو حنيفة فلا يرى التورك أصلاً، فإنه يرى أن يجلس على اليسرى وينصب اليمنى.

    أما الحنابلة فإنهم قالوا: لا يتورك إلا إذا كان في الصلاة تشهدان، فيتورك في التشهد الثاني، وأما إذا كان في الصلاة تشهد واحد فإن السنة أن يجلس على اليسرى وينصب اليمنى؛ لقول عائشة رضي الله عنها: ( في كل ركعتين التحية، وكان يجلس على رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى )، ولعل مذهب الحنابلة أصح من مذهب مالك ، وأقوى من مذهب الشافعي ، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540132

    عدد مرات الحفظ

    777216228