إسلام ويب

شرح الورقات [6] - الأمرللشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعد باب الأمر وما يتعلق به من أحكام من أبواب أصول الفقه المهمة، وقد اختلفت أقوال الفقهاء في تعريفه وبيان صيغته ودلالتها في حال تجرده عن القرائن، وكذلك اختلفوا في دلالة الأمر المطلق على التكرار والفور، وكان لكل دليله ومستنده.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وأصحابه أجمعين.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والأمر: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب.

    وصيغته: افعل، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تحمل عليه، إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة، ولا تقتضي التكرار على الصحيح إلا ما دل الدليل على قصد التكرار، ولا تقتضى الفور ].

    ذكر الإمام الجويني هنا ما يتعلق بالأمر، وبين أن الأمر إنما هو طلب الفعل من الأعلى، أي: من المقام الأعلى، وهذا قيد يذكره كثير من النظار أن الأمر يكون هكذا، وهذا معنى ليس له نتيجة لازمة؛ لأنه في حق الشريعة إنما هو كذلك، فإنما هو من الخالق للمخلوق، فهذه صفته.

    ولكنهم يقولون: إنه إذا كان من المساوي لا يسمى أمراً في اللغة، وهذا محل بحث، إنما أمر الشريعة بين.

    وصيغته إما أن تكون بالصيغة الصريحة، وهي: افعل، فقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21] فهذا أمر وهذا أمر، لكن هذا جاء بصيغة الفعل: افعلوا، اعبدوا الله، وهذا جاء بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ * وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:96-97] هذا كله داخل في أمر الله سبحانه وتعالى، فلا يختص بصيغة: افعل، وإن كانت هي الأصل فيه، فكل ما قضت اللغة بأن هذا يراد به الأمر الذي يفيد الوجوب فهو كذلك، بل لك أن تقول: إن هذه الصيغ نص في الوجوب، بخلاف صيغة: افعل، فقوله: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن أبي هريرة: ( إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا )، هذه الصيغ من القرآن والسنة هي نص في الوجوب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183] هذا نص في الوجوب، ولم يقع بصيغة: افعل، بل صيغة: افعل في حقيقتها صيغة مطلقة، وقد اتفق على أن صيغة (افعل) يقع بها من خطاب الشارع ما يكون ندباً، ويقع بها من خطاب الشارع ما يكون إباحة، ويقع بها من خطاب الشارع ما يكون وجوباً، أما الوجوب فظاهر في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21] فهذا على سبيل الوجوب والفرض، وأما ما يكون ندباً فكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( صلوا قبل المغرب ) فإن هذا أمر وهو للندب، وأما ما يكون إباحة فكما في قوله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] وهذا الصيد بالإجماع ليس مشروعاً في النسك، وإنما هو مباح، واختلفوا بعد ذلك، فهذا يفيد أن صيغة (افعل) الأصل فيها الإطلاق، وهذا عند الجمهور من أهل الأصول، وقد سموا هذا الإطلاق: التجرد، فالأصل عندهم إذاً أنها صيغة مطلقة، فإذا اتصل بها التقييد قضى التقييد بأن الأمر للاستحباب أو للإباحة، وحيث لم يقع التقييد انصرفت عند الأكثر من أهل الأصول إلى الوجوب، وهذا هو المبحث الأدق في أحكام الأمر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088527186

    عدد مرات الحفظ

    777139455