نهى الله عباده المؤمنين أن يكون حالهم كحال بني إسرائيل في أذية الأنبياء، فقد اشتدت أذيتهم على نبي الله موسى وتنوعت صورها، لكن الله برأه مما رموه به، وأعلى مقامه، وما ذلك إلا للمنزلة العلية والمكانة العظيمة التي جعلها الله للأنبياء والرسل، وفي مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى ...)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين. أما بعد:
وسبب نزول هذه الآية قيل: نزلت فيما كان من أمر زينب بنت جحش رضي الله عنها، وتزوجه صلى الله عليه وسلم بها، وما سمع في ذلك من كلام آذاه عليه الصلاة والسلام حيث أرجف المنافقون بقولهم: إن محمداً قد تزوج مطلقة ابنه.
وأيضاً قال ابن عباس رضي الله عنه: من أنواع الأذى التي سلطت على موسى : أن موسى و هارون صعدا جبلاً فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل: أنت قتلته، وكان أشد حباً لنا منك وألين لنا منك، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إسرائيل أنه قد مات، فبرأه الله من ذلك فانطلقوا به فدفنوه.
قال شيخ المفسرين الطبري رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن بني إسرائيل آذوا نبي الله ببعض ما كان يكره أن يؤذى به، فبرأه الله مما آذوه به.
فوائد من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى ...)
هذه الآية فيها فوائد:
الفائدة الأولى: وجوب توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجنب ما يؤذيه، وتلك سنة الصحابة والمسلمين، فلا يجوز لمسلم أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل.
الفائدة الثانية: تأديب المؤمنين وزجرهم عن أن يدخلوا في شيء من الأمور التي تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثالثة: تحريم أذية الأنبياء والمرسلين جميعاً، يعني: مثلما أنه لا يجوز إيذاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فكذلك الشأن في جميع الأنبياء والمرسلين، فلا يجوز إيذاء واحد منهم أو نسبة شيء من النقص إليه.