بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.
ومع النداء الثامن والستين في الآية الثالثة والثلاثين من سورة القتال، وهو قول ربنا جل جلاله:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
[محمد:33].
سبب نزول الآية
معاني مفردات الآية
مناسبة الآية لما قبلها
جاءت هذه الآية مقابلة للآية التي قبلها:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ
[محمد:32]، وجه الخطاب إلى المؤمنين بالأمر بطاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، وتجنب ما يبطل الأعمال الصالحة اعتباراً بما حكي من حال المشركين من الصد عن سبيل الله ومشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم، فطاعة الله مقابل الصد عن سبيل الله، وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام مقابل مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم، والنهي عن إبطال الأعمال مقابل بطلان أعمال الذين كفروا.
إن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أمر الله بها هي امتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه من أحكام الدين، أما ما ليس داخلاً تحت التشريع فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها ليست واجبة؛ لكنها من باب الانتصاح والأدب.
أي: أن الأمور الجبلية التي كان يفعلها صلى الله عليه وسلم ككونه يحب من الشراب البارد الحلو، وكونه يكره من الطعام لحم الضب أو ما كان فيه ثوم أو بصل فإن هذا من باب الانتصاح والتأدب لا من باب الوجوب.
التحذير من إبطال الأعمال
في الآية فوائد:
منها: وجوب طاعة الله عز وجل بامتثال أمره واجتناب نهيه وتعظيم شرعه.
ومنها: وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل بسنته وتصديق أخباره.
ومنها: أن العمل الصالح قد يبطل بما يقارنه من عجب أو رياء؛ ولذلك حكى ربنا عن عباده الصالحين بأنهم:
يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
[المؤمنون:60]، خائفون، يعني: يصلون، ويصومون، ويتصدقون، ويذكرون الله ذكراً كثيراً ويسبحونه بكرة وأصيلاً ومع ذلك يخافون ألا يقبل منهم.
ليس في الآية دليل على إحباط الطاعات بالكبائر خلافاً لما قاله المعتزلة.
واستدل بهذه الآية بعض الفقهاء على وجوب إتمام العمل ومنهم المالكية، فإن المالكية يقولون: من شرع في صيام تطوع لا يجوز له أن يفطر اختياراً ولو أفطر فعليه القضاء عملاً بهذه الآية.
فمن دخل في صلاة نافلة يجب عليه إتمامها، ومن دخل في حج تطوع يجب عليه إتمامه.
أسأل الله أن ينفعني وإياكم، وصلى الله على سيدنا محمد. والحمد لله رب العالمين.